خطبتي عن تربية الأبنــــــاء.
علي الفضلي
1431/06/22 - 2010/06/05 14:59PM
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين أما بعد :
أيها المسلمون :
إن أبناءنا أمانة في أعناقنا ، ونحن مساءلون عنهم يوم القيامة، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال :
(( كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ، وهي مسؤولة عن رعيتها ..)الحديث.
أبناؤنا أفْلاذ أكبادنا ، وقرة عيوننا ، هم رجال الغد الذين يحمى بهم حياض الإسلام ، أمرنا الله تبارك وتعالى بتربيتهم التربية الصالحة ، وأن ننشئهم النشأة القويمة ، قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }.
روى ابن جرير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال في معنى الآية :
"اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، فذالكم وقايتهم من النار"اهـ.
وروى عبد الرزاق و غيره أن عليا –رضي الله عنه –قال في معنى هذه الآية :
"علّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم"اهـ.
فلا تهملوا تربية أبنائكم الذين هم فِلَذ أكبادكم ، ولا تتساهلوا فيها فتلقوا بهم في النار التي وقودها الناس والحجارة ، يقول الله عز وجل :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم}.
يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الذي في المسند وغيره عن ابن عمرو –رضي الله عنهما- قال عليه الصلاة و السلام :
( كفى بالمرء إثما أن يُضيّع من يقوت).
أيها الإخوة :
اعلموا أن رأس التربية وأصلها الذي ينبغي أن نعلمه أبناءنا و نساءنا هو الذي بُعثت من أجله الرسل جميعا ألا وهو التوحيد ، كلمة لا إله إلا الله ، عبادة الله وحده لا شريك له .
إن تعليم هذا الأمر هو ديدن الرسل جميعا والصالحين المصلحين.
هذا رسولنا –صلى الله عليه وسلم – يُسطّر لنا سبيل الهدى الذي ينبغي لنا أن نحرص على تعليمه لأبنائنا ، ها هو رسول الله –صلى الله عليه وسلم – يعلم ابن عباس الغلام –رضي الله عنه وعن أبيه- و هذا في حقيقته تعليم لكل مسلم على مرّ الأزمان والدهور ، أخرج أحمد والترمذي عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال :
(كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فقال يا غلام:
" احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف").
إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ، توحيد ، لا تسل ملَكا ، ولا جنيا ، ولا رسولا ، ولا صالحا ، ولا قبرا ، ولا وثنا ، ولا شجرا ، بل سل الله تعالى ، واستعن به وحده القادر على كل شيء ، السميع البصير العليم القوي الجبار ؛ وهكذا ينبغي أن نُؤصّل التوحيد في أبنائنا ؛ هذا يعقوب عليه الصلاة والسلام حينما حضرته الوفاة ماذا قال لأبنائه؟ وبماذا أوصاهم ؟!
أأوصاهم بالمال أم أوصاهم بزخرف الدنيا ؟!!
بل أوصاهم بالتوحيد ، عبادة الله وحده لا شريك له ، قال تعالى مصورا تلك الوصية يوم وفاته –عليه الصلاة والسلام - :
{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون }.
فأوصاهم بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له .
وهذا العبد الصالح لقمان يُعلم ابنه العقيدة الصحيحة المبنية على التوحيد ، ويحذره من الشرك الذي هو سبب لخلود العبد في النار يوم القيامة ، قال تعالى :
{ وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم }.
وهكذا ينبغي لنا أن نتأسى بهؤلاء الصالحين البررة من الأنبياء والمرسلين ومَنْ دونهم ، فنؤصل التوحيد في قلوب أبنائنا ، ونعرّفهم على معبودهم بصفاته العُلا وأسمائه الحسنى التي بلغت في الحسن غايتها .
نعلم أبناءنا أنّ الله تعالى له العلو المطلق سبحانه وتعالى فوق سبع سموات ، مستو على عرشه ، ليس داخلا في مخلوق من مخلوقاته ، ولا مخلوق من مخلوقاته داخلا فيه سبحانه ، قال تعالى :
{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ..}.
وقال تعالى :
{ الرحمن على العرش استوى }.
ولما جيء بجارية إلى النبي –صلى الله عليه و سلم- لكي تعتق كما في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي سألها رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قائلا :
(أين الله؟) فقالت: "في السماء" ، أي: على السماء ، قال : (من أنا؟) قالت : "أنت رسول الله" ، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة).
فجعل النبي –صلى الله عليه و سلم – معرفةَ أنّ الله تعالى فوق سبع سموات إيمانا.
و هكذا نحرص على تربية أبنائنا العقيدة الصحيحة ، ثم نتدرج في تعليمهم أركان الإسلام وأصول الإيمان .
فنعلمهم الصلاة وهي أهم ركن في الإسلام بعد كلمة التوحيد، قال تعالى :
{ وأْمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }.
نأمرهم بها لسبع سنين ونضربهم عليها لعشر ، كما أمر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم – حيث قال :
{مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ،وفرقوا بينهم في المضاجع}رواه أحمد و أبو داود وصححه الألباني في الإرواء .
ومعنى : "..لسبع ، ...لعشر" أي : إذا أتموا السبع وأتموا العشر:
قال العلامة العثيمين في (الشرح الممتع) :
((قوله: «لِسَبْعٍ» ، أي: لتمامها لا لبلوغها، فلا يُؤْمَرُ إلا إذا دخل الثامنةَ؛ وإذا كنَّا نأمره بالصَّلاة فإنَّنا نأمره بلوازم الصَّلاة من الطَّهارة؛ وغيرها من الواجبات، ويستلزم تعليمَه ذلك.
قوله: «ويُضْرَبُ عليها لعَشرٍ» ، أي: على الصَّلاة، «لعشرٍ» أي: لتمام عشرٍ ليفعلها، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتَّرك، فنضربه حتى يصلِّي، في كلِّ وقت، والضَّرب باليد أو الثوب أو العصا، أو غير ذلك، ويُشْتَرطُ فيه ألاَّ يكون ضرباً مُبرِّحاً؛ لأنَّ المقصود تأديبُه لا تعذيبُه)). اهـ.
ولا ينبغي لنا أن نتجاوز هذا التوجيه النبوي في تربية أبنائنا في مثل هذا الركن العظيم وهو الصلاة ، فإذا أتموا السبع نأمرهم ونحثهم فقط على الصلاة ، ولا نضربهم عليها في هذه السن ، وإنما نحثهم ونرغبهم أحيانا بشيء من الحلوى والهدايا ؛ هكذا يوجهنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ويعلمنا كيف نربي أبناءنا ، إنّ ضربهم في هذه السن أعني السابعة يفسدهم ويُكرّه الصلاة في قلوبهم ، وإنما نأخذ بتربية النبي –صلى الله عليه وسلم - ، فعند العاشرة إن أهملوا الصلاة ضربناهم عليها ضربا غير مبرح ، لكن يقيد هذا الضرب بما إذا كان نافعا ،
قال الشيخ العلامة العثيمين في " لقاءات الباب المفتوح " :
(وكذلك قوله: (اضربوهم عليها لعشر) الأمر للوجوب، لكن يقيد بما إذا كان الضرب نافعا؛ لأنه أحيانا تضرب الصبي ولكن ما ينتفع بالضرب، ما يزداد إلا صياحا وعويلا ولا يستفيد، ثم إن المراد بالضرب الضرب غير المبرح، الضرب السهل الذي يحصل به الإصلاح ولا يحصل به الضرر)اهـ.
وهكذا نتدرج بهذا الأسلوب الرائع الذي علمه رسول الله –صلى الله عليه و سلم - .
وكم من الآباء فَقَدَ ولده بعد أن أهمله ، وأهمل تربيته ، لا يأمره لا ينهاه ، ولا يؤدبه ، ثم بعد ذلك صاح الوالد : الولد يعقني ! ، الولد يعصيني ، الولد لا يصلي !
على نفسها جنت براقش ، يداك أوكتا وفوك نفخ ، فعلى نفسك جنيت أيها الوالد .
فعلى الآباء أن يعتنوا بتربية أبنائهم منذ نعومة الأظفار ، وهكذا على الأم أن تعين الأب على تربية الأبناء.
ومن تمام التربية للأبناء ، -وهو أمر هام جدا- التنبه لأوقات فراغ أبنائهم ، لأن الفراغ – حتما ولابد – له انعكاسات إما سلبية وإما إيجابية ،وكم من الناس مغبون في وقته لا يعرف قيمته ، تضيع أوقاته هباء منثورا ، وقد جاء في الصحيح عن ابن عباس –رضي الله عنهما – أن رسول الله –صلى الله عليه و سلم – قال :
(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ).
وهذا يعتمد-بعد توفيق الله تعالى- على التربية والتوجيه من قبل الأسرة ، فإن الأسرة تتحمل العبء الأكبر في توجيه أبنائها التوجيه الصحيح ، فالأسرة الصالحة الواعية تحرص على تعليم أبنائها التعليم الشرعي باستغلال أوقات فراغهم وأوقات العطلات ، فيحمل الأب على عاتقه تسجيل أبنائه وبناته في دورات وحلقات تعليم القرآن وحفظه ، ويحرص على ذلك ، وكذا يحرص على مراكز تحفيظ السنة النبوية والتفقه في الحديث النبوي ، فإنه كما قال عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين- :
(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).
إن كنت أيها الوالد تريد الأجر في الدنيا والآخرة عَلّم ولدك الفقه في الدين ، ألا تريد بعد موتك أن يجري لك الأجر ، ويُغفرَ لك الذنب ، وتُرفع لك الدرجات ، علّم ولدك العلم الشرعي ، أخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم - :
(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث :
صدقة جارية ،أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ).
و أخيرا-عبادَ الله- اقرأوا هذا الحديث الذي رواه مسلم من حديث معقل بن يسار –رضي الله عنه- قال: قال عليه الصلاة والسلام :
(ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة).
اللهم وفقنا لتربية أبنائنا التربية الصالحة التي ترضيك عنا.
والحمد لله رب العالمين.
أيها المسلمون :
إن أبناءنا أمانة في أعناقنا ، ونحن مساءلون عنهم يوم القيامة، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال :
(( كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ، وهي مسؤولة عن رعيتها ..)الحديث.
أبناؤنا أفْلاذ أكبادنا ، وقرة عيوننا ، هم رجال الغد الذين يحمى بهم حياض الإسلام ، أمرنا الله تبارك وتعالى بتربيتهم التربية الصالحة ، وأن ننشئهم النشأة القويمة ، قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }.
روى ابن جرير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال في معنى الآية :
"اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، فذالكم وقايتهم من النار"اهـ.
وروى عبد الرزاق و غيره أن عليا –رضي الله عنه –قال في معنى هذه الآية :
"علّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم"اهـ.
فلا تهملوا تربية أبنائكم الذين هم فِلَذ أكبادكم ، ولا تتساهلوا فيها فتلقوا بهم في النار التي وقودها الناس والحجارة ، يقول الله عز وجل :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم}.
يقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الذي في المسند وغيره عن ابن عمرو –رضي الله عنهما- قال عليه الصلاة و السلام :
( كفى بالمرء إثما أن يُضيّع من يقوت).
أيها الإخوة :
اعلموا أن رأس التربية وأصلها الذي ينبغي أن نعلمه أبناءنا و نساءنا هو الذي بُعثت من أجله الرسل جميعا ألا وهو التوحيد ، كلمة لا إله إلا الله ، عبادة الله وحده لا شريك له .
إن تعليم هذا الأمر هو ديدن الرسل جميعا والصالحين المصلحين.
هذا رسولنا –صلى الله عليه وسلم – يُسطّر لنا سبيل الهدى الذي ينبغي لنا أن نحرص على تعليمه لأبنائنا ، ها هو رسول الله –صلى الله عليه وسلم – يعلم ابن عباس الغلام –رضي الله عنه وعن أبيه- و هذا في حقيقته تعليم لكل مسلم على مرّ الأزمان والدهور ، أخرج أحمد والترمذي عن ابن عباس –رضي الله عنهما – قال :
(كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فقال يا غلام:
" احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف").
إذا سألت فاسأل الله ، و إذا استعنت فاستعن بالله ، توحيد ، لا تسل ملَكا ، ولا جنيا ، ولا رسولا ، ولا صالحا ، ولا قبرا ، ولا وثنا ، ولا شجرا ، بل سل الله تعالى ، واستعن به وحده القادر على كل شيء ، السميع البصير العليم القوي الجبار ؛ وهكذا ينبغي أن نُؤصّل التوحيد في أبنائنا ؛ هذا يعقوب عليه الصلاة والسلام حينما حضرته الوفاة ماذا قال لأبنائه؟ وبماذا أوصاهم ؟!
أأوصاهم بالمال أم أوصاهم بزخرف الدنيا ؟!!
بل أوصاهم بالتوحيد ، عبادة الله وحده لا شريك له ، قال تعالى مصورا تلك الوصية يوم وفاته –عليه الصلاة والسلام - :
{ أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون }.
فأوصاهم بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له .
وهذا العبد الصالح لقمان يُعلم ابنه العقيدة الصحيحة المبنية على التوحيد ، ويحذره من الشرك الذي هو سبب لخلود العبد في النار يوم القيامة ، قال تعالى :
{ وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم }.
وهكذا ينبغي لنا أن نتأسى بهؤلاء الصالحين البررة من الأنبياء والمرسلين ومَنْ دونهم ، فنؤصل التوحيد في قلوب أبنائنا ، ونعرّفهم على معبودهم بصفاته العُلا وأسمائه الحسنى التي بلغت في الحسن غايتها .
نعلم أبناءنا أنّ الله تعالى له العلو المطلق سبحانه وتعالى فوق سبع سموات ، مستو على عرشه ، ليس داخلا في مخلوق من مخلوقاته ، ولا مخلوق من مخلوقاته داخلا فيه سبحانه ، قال تعالى :
{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ..}.
وقال تعالى :
{ الرحمن على العرش استوى }.
ولما جيء بجارية إلى النبي –صلى الله عليه و سلم- لكي تعتق كما في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي سألها رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قائلا :
(أين الله؟) فقالت: "في السماء" ، أي: على السماء ، قال : (من أنا؟) قالت : "أنت رسول الله" ، قال: (أعتقها فإنها مؤمنة).
فجعل النبي –صلى الله عليه و سلم – معرفةَ أنّ الله تعالى فوق سبع سموات إيمانا.
و هكذا نحرص على تربية أبنائنا العقيدة الصحيحة ، ثم نتدرج في تعليمهم أركان الإسلام وأصول الإيمان .
فنعلمهم الصلاة وهي أهم ركن في الإسلام بعد كلمة التوحيد، قال تعالى :
{ وأْمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }.
نأمرهم بها لسبع سنين ونضربهم عليها لعشر ، كما أمر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم – حيث قال :
{مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ،وفرقوا بينهم في المضاجع}رواه أحمد و أبو داود وصححه الألباني في الإرواء .
ومعنى : "..لسبع ، ...لعشر" أي : إذا أتموا السبع وأتموا العشر:
قال العلامة العثيمين في (الشرح الممتع) :
((قوله: «لِسَبْعٍ» ، أي: لتمامها لا لبلوغها، فلا يُؤْمَرُ إلا إذا دخل الثامنةَ؛ وإذا كنَّا نأمره بالصَّلاة فإنَّنا نأمره بلوازم الصَّلاة من الطَّهارة؛ وغيرها من الواجبات، ويستلزم تعليمَه ذلك.
قوله: «ويُضْرَبُ عليها لعَشرٍ» ، أي: على الصَّلاة، «لعشرٍ» أي: لتمام عشرٍ ليفعلها، ولا يكون ذلك إلاَّ بالتَّرك، فنضربه حتى يصلِّي، في كلِّ وقت، والضَّرب باليد أو الثوب أو العصا، أو غير ذلك، ويُشْتَرطُ فيه ألاَّ يكون ضرباً مُبرِّحاً؛ لأنَّ المقصود تأديبُه لا تعذيبُه)). اهـ.
ولا ينبغي لنا أن نتجاوز هذا التوجيه النبوي في تربية أبنائنا في مثل هذا الركن العظيم وهو الصلاة ، فإذا أتموا السبع نأمرهم ونحثهم فقط على الصلاة ، ولا نضربهم عليها في هذه السن ، وإنما نحثهم ونرغبهم أحيانا بشيء من الحلوى والهدايا ؛ هكذا يوجهنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ويعلمنا كيف نربي أبناءنا ، إنّ ضربهم في هذه السن أعني السابعة يفسدهم ويُكرّه الصلاة في قلوبهم ، وإنما نأخذ بتربية النبي –صلى الله عليه وسلم - ، فعند العاشرة إن أهملوا الصلاة ضربناهم عليها ضربا غير مبرح ، لكن يقيد هذا الضرب بما إذا كان نافعا ،
قال الشيخ العلامة العثيمين في " لقاءات الباب المفتوح " :
(وكذلك قوله: (اضربوهم عليها لعشر) الأمر للوجوب، لكن يقيد بما إذا كان الضرب نافعا؛ لأنه أحيانا تضرب الصبي ولكن ما ينتفع بالضرب، ما يزداد إلا صياحا وعويلا ولا يستفيد، ثم إن المراد بالضرب الضرب غير المبرح، الضرب السهل الذي يحصل به الإصلاح ولا يحصل به الضرر)اهـ.
وهكذا نتدرج بهذا الأسلوب الرائع الذي علمه رسول الله –صلى الله عليه و سلم - .
وكم من الآباء فَقَدَ ولده بعد أن أهمله ، وأهمل تربيته ، لا يأمره لا ينهاه ، ولا يؤدبه ، ثم بعد ذلك صاح الوالد : الولد يعقني ! ، الولد يعصيني ، الولد لا يصلي !
على نفسها جنت براقش ، يداك أوكتا وفوك نفخ ، فعلى نفسك جنيت أيها الوالد .
فعلى الآباء أن يعتنوا بتربية أبنائهم منذ نعومة الأظفار ، وهكذا على الأم أن تعين الأب على تربية الأبناء.
ومن تمام التربية للأبناء ، -وهو أمر هام جدا- التنبه لأوقات فراغ أبنائهم ، لأن الفراغ – حتما ولابد – له انعكاسات إما سلبية وإما إيجابية ،وكم من الناس مغبون في وقته لا يعرف قيمته ، تضيع أوقاته هباء منثورا ، وقد جاء في الصحيح عن ابن عباس –رضي الله عنهما – أن رسول الله –صلى الله عليه و سلم – قال :
(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ).
وهذا يعتمد-بعد توفيق الله تعالى- على التربية والتوجيه من قبل الأسرة ، فإن الأسرة تتحمل العبء الأكبر في توجيه أبنائها التوجيه الصحيح ، فالأسرة الصالحة الواعية تحرص على تعليم أبنائها التعليم الشرعي باستغلال أوقات فراغهم وأوقات العطلات ، فيحمل الأب على عاتقه تسجيل أبنائه وبناته في دورات وحلقات تعليم القرآن وحفظه ، ويحرص على ذلك ، وكذا يحرص على مراكز تحفيظ السنة النبوية والتفقه في الحديث النبوي ، فإنه كما قال عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين- :
(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).
إن كنت أيها الوالد تريد الأجر في الدنيا والآخرة عَلّم ولدك الفقه في الدين ، ألا تريد بعد موتك أن يجري لك الأجر ، ويُغفرَ لك الذنب ، وتُرفع لك الدرجات ، علّم ولدك العلم الشرعي ، أخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه و سلم - :
(إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث :
صدقة جارية ،أو علم يُنتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ).
و أخيرا-عبادَ الله- اقرأوا هذا الحديث الذي رواه مسلم من حديث معقل بن يسار –رضي الله عنه- قال: قال عليه الصلاة والسلام :
(ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة).
اللهم وفقنا لتربية أبنائنا التربية الصالحة التي ترضيك عنا.
والحمد لله رب العالمين.
المشاهدات 4560 | التعليقات 3
خطبتي جمعة الموافق 15-6-2012 بعنوان: تربية الأبناء :
مباشر:
https://archive.org/download/QtbaaJomoaaTurbiyatAlabnaa/15-6-2012.mp3
الاستماع:
http://archive.org/details/QtbaaJomoaaTurbiyatAlabnaa
خطبة جمعة :
بعنوان:
( تربية الأبناء ).
https://www.youtube.com/watch?v=H7mZ28CHAFg&feature=youtu.be
علي الفضلي
http://www.gulfup.com/do.php?id=3903494
تعديل التعليق