خطبة 3 شوال 1445 الاستفادة من رمضان والاستمرار بالطاعات مشكولة

محمد الهرف
1445/10/02 - 2024/04/11 08:47AM

اَلْحَمْدِ لِلَّهِ اَلَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِإِتْمَامِ رَمَضَانَ , وَأَعَانَنَا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ , فَلَهُ اَلْحَمْدُ أَوَّلاً وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا , وَنَسْأَلُهُ اَلْقَبُولَ وَالْغُفْرَانَ , وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ , صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . أَمَّا بُعْدٌ : فَاتُّقُوا اَللَّه عِبَادَ اَللَّهِ فتَقْوَى الله رَأْسُ كُلِّ خَيْرٍ ، وَمِفْتَاحُ كُلِّ خَيْرٍ ، وَسَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ،, أَيُّهَا اَلنَّاسُ : لَقَدْ اِنْقَضَى شَهْرُ رَمَضَانَ وَلَمْ تَنْقَضِ آثَارُهُ وَلَمْ تَنْطَفِئْ أَنْوَارُهُ ، فَبَرْكَاتُهُ بَاقِيَةٌ , فَرَمَضَانُ مَدْرَسَةٌ يَتَخَرَّجُ فِيهَا اَلْمُسْلِمُ وَقَدْ مَرَّنَ نَفْسَهُ عَلَى طُرُقِ اِكْتِسَابِ اَلتَّقْوَى , وَالتَّنَقُّلِ بَيْنَ اَلْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ , وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا طِيلَةَ شَهْرِ رَمَضَانَ , حَتَّى أَصْبَحَتْ عَادَةً لَهَا , ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُصْبِحُ طَبْعًا لَا تَسْتَطِيعُ اَلنَّفْسُ مُفَارَقَةَ تِلْكَ اَلْأَعْمَالِ , وَهَكَذَا يَكُونُ اَلتَّرَقِّي بِالنَّفْسِ إِلَى مَرَاتِبِ اَلْكَمَالِ , فَفِي رَمَضَانَ يُحَافِظُ اَلْمُسْلِمُ عَلَى أَحَبِّ اَلْأَعْمَالِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى , وَأَعْلَاهَا , وَهِيَ اَلْفَرَائِضُ وَفِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ : « وَمَا تَقَرَّبَ إِلَى عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اَفْتَرَضَتُ عَلَيْهِ » رَوَاهُ اَلْبُخَارِي . , وَأَعْلَى اَلْفَرَائِضِ بَعْدَ اَلشَّهَادَتَيْنِ اَلصَّلَوَاتُ اَلْخَمْسُ , فَإِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّهَا وَمِنْ مَحَبَّتِهِ لَهَا فَرَضَهَا خَمْسِينَ صَلَاةً , حَتَّى اِسْتَقَرَّتْ فَرِيضَتُهَا إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ بِأَجْرِ خَمْسِينَ صَلَاةً , وَمِنْ أَحَبِّ اَلْأَعْمَالِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ اَلصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا , وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى إِجْلَالِ اَلْمُصَلِّي لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِيَرْضَى عَنْهُ (وَعَجَّلَتْ إِلَيْكَ رَبِّي لِتَرْضَى ), وَفِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَأَلَتُ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَيُّ اَلْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اَللَّهِ ؟ قَالَ : اَلصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَمِنْ مَحَبَّتِهِ لَهَا أَحَبَّ أَمَاكِنَهَا , كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « أَحَبُّ اَلْبِلَاِدِ إِلَى اَللَّهِ مَسَاجِدُهَا ، وَأَبْغَضُ اَلْبِلَادِ إِلَى اَللَّهِ أَسْوَاقُهَا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَاخْتَارَ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ إِمَامًا فِي اَلصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ اِخْتَارَ لِخُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ قَدْرِهَا عِنْدَهُ سَبَحَا نَهْ وَتَعَالَى , ثُمَّ شَرَعَ مَا يَجْبُرُ نَقْصَهَا وَيَسُدُّ خَلَلُهَا , وَهِيَ اَلنَّوَافِلُ مِنْ جِنْسِهَا كَالسُّنَنِ اَلرَّوَاتِبِ ، وَكَذَلِكَ شَرَعَ قِيَامَ اَللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ لِيَنَالَ بِهِ اَلْعَبْدُ اَلدَّرَجَاتِ اَلْعَالِيَةِ , ولِيعَتَادَهُ بَعْدَ رَمَضَانَ وَلَا يَتْرُكُهُ , وَفَرَضَ قِيَامَ اَللَّيْلِ عَلَى نَبِيِّهِ فِي أَوَّلِ اَلْأَمْرِ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ فقالَ تعالى ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) , ثُمَّ جَعَلَهُ مِنْ أَفْضَلِ اَلنَّوَافِلِ فقالَ تعالى ( وَمِنْ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدَ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ) ,

أيُّها المسلمونَ أفَضَّلُ اَلصَّلَاةِ بَعْدَ اَلْفرائضِ صَلَاةُ اَللَّيْلِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ أَيُّ اَلصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ اَلْمَكْتُوبَةِ ، فَقَالَ : ( أَفْضَلُ اَلصَّلَاةِ بَعْدَ اَلصَّلَاةِ اَلْمَكْتُوبَةِ ، اَلصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اَللَّيْلِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ : 2756 . , وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ قِيَامِ اَللَّيْلِ ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ( 16  فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 17 ) أَفَمِنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنَ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ( 18 ) ) , فَقِيَامُ اَللَّيْلِ عبادَ الله ِمِنْ صِفَاتِ اَلْمُؤْمِنِينَ ، وعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما قَالَ كَانَ اَلرَّجُلُ فِي حَيَاةِ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَمَنَّيْتُ أَنَّ أَرَى رَؤيًا أَقُصُّهَا عَلَى اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَكُنْتَ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا وَكُنْتُ أَنَامُ فِي اَلْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَيْتُ فِي اَلنَّوْمِ كَأنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إِلَى اَلنَّارِ فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ اَلْبِئْرِ وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَي ِاَلْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفَتُهُمْ فَجَعَلَتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ اَلنَّارِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ اَلنَّارِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ اَلنَّارِ - قَالَ - فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِي لَنْ تُرَاعَ . فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ ، َفقَصَّتَهَا حَفْصَةُ عَلَى اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ اَلنَّبِيُّ : « نَعِمَ اَلرَّجُلُ عَبْدُ اَللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اَللَّيْلِ » . قَالَ سَالِمٌ ابنه رحمه الله  فَكَانَ عَبْدُ اَللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنَامُ مِنْ اَللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلاً مُتَّفَق عَلَيْهِ ،  فَقِيَامُ اَللَّيْلِ عبادَ الله ِ دَأَبُ اَلصَّالِحِينَ ، وَكَانَ نَبِيُّكُمْ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَة رضيَ الله ُ عنها قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَحَبُّ اَلْأَعْمَالِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ اَلْعَمَلَ لَزِمَتْهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَدَاوِمُوا يَارَعَاكُمُ اَللَّهُ عَلَى قِيَامِ اَللَّيْلِ وَلَا تَتْرُكُوهُ ، فَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : " أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ : صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَرَكْعَتِي اَلضُّحَى ، وَأَنْ أُوَتِّرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ،

عبادَ اللهِ َمِنْ عَلَامَاتِ قَبُولِ اَلْعَمَلِ إِتْبَاعُهُ بِالْعَمَلِ اَلصَّالِحِ , وَمِنْ عَلَامَاتِ تَوْفِيقِ اَلْعَبْدِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى اَلْأَعْمَالِ اَلصَّالِحَةِ , وَلَوْ كَانَتْ يَسِيرَةً , وَقَدْ بُوبْ اَلْإِمَامُ اَلْبُخَارِي رحمهُ اللهُ في صحيحهِ ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ تَرْكِ قِيَامِ اَللَّيْلِ لِمَنْ كَانَ يَقُومُهُ ) أَيْ إِذًا أَشْعَرَ ذَلكَ بِالْإِعْرَاضِ عَنِ اَلْعِبَادَةِ . وَأَوْرَدَ حَدِيثَ عَبْدِ اَللَّهْ بْنْ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا عَبْدَ اَللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اَللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اَللَّيْلِ ) وَلَا تَغْفَلْ أَخِي اَلْمُسْلِمَ عَنْ كِتَابِ اَللَّهِ اَلَّذِي كُنْتَ تَتْلُوهُ لَيْلَ نَهَارَ فِي رَمَضَانَ ، فَاجْعَلْ لَهُ وَقْتًا فِي يَوْمِكَ , وَاجْعَلْ لِقِرَاءَتِكَ مَكَانًا حَتَّى تَتَقَيَّدَ بِقِرَاءَتِهِ وَلَا تَغفَلُ عَنْهُ , وَلَا أَفْضَلَ مِنْ اَلْمَسَاجِدِ وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ اَلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَتَكْسِبُ اَلتَّبْكِيرَ إِلَى اَلصَّلَاةِ , وتَخْتِمُهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ إن شاءَ اللهِ، وَكَذَلِكَ قِرَاءَتُهُ فِي اَللَّيْلِ أَقْرَبُ إِلَى تَدَبُّرِهِ قال تعالى :( وَمِنْ اَللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ) وَلَاتَغفَلْ عَنْ اَلصِّيَامِ فَهَا أَنْتَ قَدْ جَرَّبَتَهُ وَوَجَدَتَ سُهُولَتَهُ , فَصُمْ كُلَّ إثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ , أَوْ صُمْ كُلَّ إثنينِ أو صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، كَمَا أَوْصَى نَبِيُّنَا عليه الصلاةُ والسلامُ أَبَا هُرَيْرَة , عبادَ اللهِ َالْوَتْرَ اَلْوَتَرِ لَا تَتْرُكُونَهُ فَأَقَلُّهُ رَكْعَةٌ , وَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا صلى الله ُ عليه وسلم َ يُصَلِّي مِنْ اَللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً , فِي رَمَضَانَ وَفِي غَيْرِهِ وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى اَلسَّحَرِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ اَلنَّفْسَ تَأَلْفُ اَلشَّيءَ إِذَا اِعْتَادَتْهُ , وَقَدْ اِعْتَدْتُمُ اَلصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَقِرَاءَةَ اَلْقُرْآنِ , فَاسْتَمَرُوَاعَلى هَذِهِ اَلْعَادَةِ اَلْحَسَنَةِ , وَأَبْشِرُوا فَإِنَّ رَبَّكُمْ غَفُورٌ شَكُورٌ , يَشْكُرُ اَلْيَسِيرَ مِنْ اَلطَّاعَةِ ، وَيُثِيبُ عَلَيْهَا اَلْكَثِيرَ، قال تعالى: ( وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنْهَدِينْهَمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اَللَّهَ لَمَعَ اَلْمُحْسِنِينَ ) أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ اَلْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَاسْتَغْفَرُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورْ اَلرَّحِيمِ .

الخطبة الثانية

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى اَلنَّبِيِّ اَلْمُصْطَفَى ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمِنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاقْتَفَى ، أَمَّا بُعْدُ : فَاتَّقَوْا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ  وَاعْمَلُوا لِنَجَاتِكُمْ وَاعْتَبَرُوا بِمَا يَمُرُّ بِكُمْ , فَإِنَّ اَلْمُؤَمَّنَ حَيُّ اَلْقَلْبِ , يَسْتَفِيدُ مِنْ مَرَاحِلِ اَلْحَيَاةِ , وَيَرْجُوا مَحَبَّةَ اَللَّهِ , وَاَلَّذِي يَرْجُوا مَحَبَّةَ اَللَّهِ يَأْتِيهَا مِنْ بَابِهَا وَأَسْبَابِهَا اَلَّتِي شَرَعَهَا اَللَّهُ , وَهُوَ اَلِاقْتِدَاءُ بِرَسُولِ اَللَّهِ قَالَ تَعَالَى ( قَلَّ إِنَّ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحَبِّبكُمْ اَللَّهُ ) وَقدْ كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَلُهُ دِيمَةً , وَقَدْ قَالَ ( أَحَبُّ اَلْأَعْمَالِ إِلَى اَللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) وَإِنَّ أُولَى مَا تُدَاوِمُونَ عَلَيْهِ بَعْدَ رَمَضَانَ هُوَ صَلَاةُ اَلْفَرِيضَةِ فِي وَقْتِهَا , وَالتَّبْكِيرُ إِلَيْهَا , ثُمَّ قِيَامُ اَللَّيْلِ , وَلَا تَنْسَوُا اَلصِّيَامَ , فَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامِ مِنْ شَوَّالٍ صِيَامُ اَلدَّهْرِ، فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ اَلْأَنْصَارِي رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالِ كَانَ كَصِيَامِ اَلدَّهْرِ " . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، أَيْ سَنَةٍ كَامِلَةٍ . وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُصَامَ اَلسِّتَّةَ مُتَوَالِيَةٌ ، فَإِنَّ فَرَّقَهَا أَوْ صامَها آخرَ شَوَّالٍ حَصَلَتْ فَضِيلَةُ اَلْمُتَابَعَةِ ، قَالَ اَلْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ اَلدَّهْرِ ؛ لِأَنَّ اَلْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَالسِّتَّةُ بِشَهْرَيْنِ . وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ قَضَاءِ رَمَضَانَ ,

 عِبَادَ اَللَّهِ لَا يُرْهِقُ اَلْإِنْسَانُ نَفْسَهُ بَلْ يُكَلِّفُهَا مِنْ اَلْعَمَلِ مَا تُطِيقُ فَلَا يَمَلُّ اَللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَتلاوةَ الْقُرْآنِ وماقدَّمنا من أعمالٍ ،وتجاوزْ عن تقصيرِنا  يا رحمنُ ,  وَأَعِنَّا عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَجَنِّبْنَا كُلَّ شَرٍّ وَوَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، ثُمَّ صَلَّوْا وَسَلَّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ . . .

 

المشاهدات 1188 | التعليقات 0