خطبة 22-9-1433

علي محمد خواجي
1433/09/22 - 2012/08/10 01:17AM
الخطبة قبل الأخيرة في رمضان
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي منّ على عباده بمواسم الخيرات، ليغفر لهم بذلك الذنوب ويكفر عنهم السيئات، وليضاعف لهم به الأجور ويرفع الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا وجزيل الهبات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات، أتقى الناس لربه وأخشاهم له في جميع الحالات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ما توالت الشهور والأوقات وسلم تسليما.
أما بعد: فأوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي بتقوى الله؛ فإنها عروة ليس لها انفصام، وجذوة تضيء القلوب والأفهام، وهي خير زاد يُبلِّغ إلى دار السلام، من تحلى بها بلغ أشرف المراتب، وتحقق له أعلى المطالب، وحصل على مأمون العواقب، وكُفي من شرور النوائب.
معاشر المسلمين، هذه أيامُ شهركم تتقلص، ولياليه الشريفةُ تنقضي، شاهدةٌ بما عملتم، وحافظةٌ لما أودعتم، هي لأعمالكم خزائن محفوظة، ينادي ربكم يوم القيامة: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) رواه مسلم.
هذا هو شهركم وهذه نهاياته، كم من مستقبلٍ له لم يستكملهُ، وكم من مؤمل بعود إليه لم يدركهُ، هلا تأملتم الأجل ومسيرَهُ، وهلا تبينتم خداع الأمل وغرورَهُ.
أيها الإخوة، إن كان في النفوس زاجر وإن كان في القلوب واعظ فقد بقيت من أيامه بقية، بقيةٌ وأيُّ بقيةٍ، إنها عشره الأخيرة التي مضى شيء منها، بقيةٌ كان يحتفي بها نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم أيما احتفاء، في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر الأخيرة شمر وجدَّ وشدَّ المئزرَ، هجر فراشه وأيقظ أهله، يطرق الباب على فاطمة وعلي رضي الله عنهما قائلاً: ((ألا تقومان فتصليان؟!)) يطرق الباب وهو يتلو: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [طه:132]، و يتّجه إلى حجرات نسائه آمرًا: ((أيقظوا صواحب الحجر، فرب كاسية في الدنيا عاريةٍ يوم القيامة)) رواه البخاري.
أيها المسلمون، اعرفوا شرف زمانكم، واقدروا أفضل أوقاتكم، وقدموا لأنفسكم، لا تضيِّعوا فرصةً في غير قربة.
إحسانُ الظن ليس بالتمني، ولكنَّ إحسانَ الظن بحسنِ العمل، والرجاءُ في رحمةٍ مع العصيان ضربٌ من الحمق والخذلان، والخوفُ ليس بالبكاءِ ومسحِ الدموع، ولكنَّ الخوفَ بترك ما يُخَافُ منه العقوبةَ.
معاشر الصائمين، هذه العشر الأواخر من رمضان كأني بها واقفة تناديكم فتقول: أنا العشر الأواخر من رمضان، قد حللت بكم فهل عرفتم ماذا يعني قدومي؟! إن أول معنًى لقدومي هو إنذار لكل ذي بصيرة ولب بأن شهركم هذا قد آذن بالرحيل، وحق لكل من أحب هذا الشهر أن يحزن على فراقه لما وجد فيه من لذة العبادة وشفافية القلب وصفاء وارتقاء الروح. أعرفتم معنى الأواخر؟! أي: خاتمة الشهر،
وقد أخبر نبيكم وحبيبكم صلى الله عليه وسلم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]بأن الأعمال بالخواتيم، وذلك فيما أخرجه الإمام البخاري حيث قال: ((إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم)) رواه البخاري.

فعجبًا لقوم من بني الإيمان اجتهدوا في أول الشهر ثم لما اقتربت نهاية الشهر وخاتمته شغلوا بملابس العيد وبحلوى العيد وببرنامج العيد، فما لهم نسوا أن الأعمال بخواتيمها؟!
معاشر المؤمنين، إن من رحمة الله بكم أن اختص العشر من بين سائر ليالي وأيام العام بليلة القدر، أتدرون ما ليلة القدر؟! إنها ليلة اختصها الله من بين ليالي السنة، وشرفها بأن أنزل فيها كتابكم، أنزل فيها قرآنكم الذي بين أيديكم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وأخبركم بذلك في قوله: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [الدخان:3]. وفي هذه الليلة المباركة العظيمة يحدث أمر عظيم، يقول عنه الخبير اللطيف: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [الدخان:4]، أي: في هذا اليلة يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة مقادير العام وما يحدث فيه، وما يكون فيه من الآجال والأرزاق والأحداث، قال بذلك ابن عمر ومجاهد والضحاك وغير واحد من السلف. فعجبًا لعبد تكتب مقاديره وما يحدث له طوال العام وهو في حالة غفلة عن الله، وما أسعد عبدا كان في تلك الليلة مقبلا مناجيا لربه ومولاه.
هذه الليلة أكرمكم الله فيها بالأجر المضاعف العظيم، يقول سبحانه: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [القدر:3]. فما أعظمها من منحة، وما أكرمها من عطية، ليلة واحدة تقومها لله تكون خيرًا لك من عمرك كله، خير لك من ثلاثة وثمانين عامًا وربع العام، فأنت قد لا تعمر حتى تصل الثمانين، وإن وصلت فهل ستنفق عمرك كله في العبادة؟!
عباد الله الصالحين، دعونا نقترب بالمثال أكثر من الواقع، فلو قيل لأحدنا في عمله: لو عملت شهرًا كاملاً متواصلاً سوف تعطى رواتب ثلاث وثمانين عامًا، ألا ينظر إليها بأنها صفقة رابحة؟! ألا يحاول أن يكيف ظروفه ووضعه وحياته ليتفرغ لأداء عمل ذلك الشهر ليحصل على المقابل؟! والمقابل هنا لا يتطلب جهدًا كبيرًا، فربكم لم يطلب منكم إلا عشر ليالي فقط، ويضمن العبد بذلك أنه قام ليلة القدر، وأنه قد حصل ـ بإذن الله ـ على أجر يزيد على عبادة ثلاث وثمانين عامًا، أفلستم معي بأنها صفقة رابحة من الكريم سبحانه؟! وليس هذا فقط ولكن استمعوا معي إلى ما أخبركم به نبيكم وحبيبكم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]بقوله: ((من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) رواه البخاري.
الله أكبر، ليلة واحدة تقومها يغفر لك ما فعلت من ذنوب وخطايا طوال عمرك الذي مضى، فأين أصحاب القلوب الحية الذين استشعروا كثرة ذنوبهم وعظيم خطاياهم من هذا العرض الرباني السخي؟! وما أشد غبن من فرط في ترصد هذه الليلة وقيامها.
أيها الأحبة في الله، إن هذا الأجر العظيم لا يلزمه أن يعرف المرء أي ليلة هي ليلة القدر، فمن قام ليالي العشر كاملة فهو بالتأكيد قد قام ليلة القدر، ويحصل أجر القيام لمن قام مع الإمام حتى ينصرف، لحديث أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: ((إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) رواه الترمذي. لكن البلية يوم أن يقوم عباد مع الإمام القيام الأول ثم هم بين القيامين يرتكبون المنكرات والمعاصي من تدخين ونظر في القنوات ونحوها، ثم يعودون مرة أخرى ليقفوا خلف الإمام في القيام الثاني حتى إذا انتهى القيام الثاني وعادوا لمنازلهم وفي الثلث الأخير من الليل ذلك الوقت الفاضل يعودون لمنكراتهم والعياذ بالله.



ومن الناس من يدخل عليه عدوه مدخلاً عجيبًا ليفوت عليه هذا الأجر العظيم؛ بحيث إنه يقوم الليلة الأولى من ليالي العشر ثم يقنعه بأنها هي ليلة القدر، فيتكاسل المسكين ويجلس أو ينشغل عن قيام بقية العشر، وقد تكون ليلة القدر أمامه فيخسر ويحرم من هذا الأجر العظيم. وقد رجح أهل العلم جمعًا بين النصوص أن ليلة القدر هي ليلة متنقلة في العشر الأواخر من رمضان، وهي في ليالي الوتر آكد.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبلغني وإياكم تلك الليلة، وأن يوفقنا لقيامها، وأن يتقبل منا ومنكم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [سورة القدر].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.














الخطبة الثانية
الحمد لله أهل الحمد والشكر والإحسان والبر، أحمده سبحانه فضَّل شهر رمضان وخص أيام العشر، وعظم فيها ليلة القدر، وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، نعمه تجل عن الحصر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أكرم رسول نزل عليه أشرف ذكر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحشر.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا للعشر الأواخر من رمضان قدرها، ولكم في نبيكم وقدوتكم أسوة حسنة، فقد كان صلوات ربي وسلامه عليه شديد التحري لهذه الليلة وهو من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقد كان يتفرغ لها تفرغًا تامًا؛ حيث كان يعتزل أهله وبيته ويعتكف في المسجد، وقد اعتكف مرة من شدة تحريه شهر رمضان كاملا، فقد أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]خطيبا صبيحة عشرين من رمضان، فقال: ((من كان اعتكف مع النبي [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]فليرجع؛ فإني أريت ليلة القدر وإني نسيتها، وإنها في العشر الأواخر في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء))، وكان سقف المسجد جريد النخل، وما نرى في السماء شيئًا، فجاءت قزعة فأمطرنا، فصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته تصديق رؤياه. وها هي زوجه الحبيبة أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تحكي لنا حاله بقولها: كان النبي صلى الله عليه وسلم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله. فأقبلوا على ربكم، وأحيوا ليلكم، وأيقظوا أهلكم؛ تأسّيا بسنة نبيكم. وقدِّموا لأنفسكم، وجِدُّوا وتضرعوا، تقول عائشة أمُ المؤمنين رضي الله عنها: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال قولي: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) رواه الترمذي وصححه الألباني.
نعم أيها الأخوة، الدعاءَ الدعاءَ، عُجُّوا في عشركم هذه بالدعاء؛ فقد قال ربكم عز شأنه: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [البقرة:186]. أتعلمون من هؤلاء العباد؟! إن الخلائق كُلَّهم عبادُ الله، و لكنَّ هؤلاء عبادٌ مخصوصون، إنهم عُبّاد الدعاء، عُبادُ الإجابة، إنهم السائلون المتضرعون مع عظم رجاءٍ وفي رغبة وإلحاح، [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG].
إنَّ للدعاءِ ـ أيها الإخوةُ ـ شأنًا عجيبًا و أثرًا عظيمًا في حسن العاقبة وصلاحِ الحال و المآل والتوفيقِ في الأعمال والبركةِ في الأرزاق. أرأيتم هذا الموفق الذي يلجأ إلى الله في كل حالاته ويفزعُ إليه في جميع حاجاته؟! يدعو ويُدعى له، نال حظه من الدعاء بنفسه وبغيره، والداه الشغوفانِ وأبناؤه البررةُ والناس من حوله كلهم يحيطونه بدعواتهم، أحبه مولاه فوضع له القبول، فحسن منه الخُلُق، وزان منه العمل، فامتدت له الأيدي وارتفعت له الألسن تدعو له وتحوطه، ملحوظٌ من الله بالعناية والتسديد وإصلاح الشأن مع التوفيق. أين هذا من محرومٍ مخذولٍ لم يذق حلاوة المناجاة، يستنكف عن عبادة ربه ويستكبر عن دعاء مولاه، محرومٌ سدَّ على نفسه باب الرحمة، واكتسى بحجب الغفلة.
أيها الإخوة، إن نزعَ حلاوةِ المناجاةِ من القلب أشدُّ ألوان العقوبات والحرمان، ألم يستعذ النبي صلى الله عليه وسلم [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]من قلب لا يخشع وعين لا تدمع ودعاء لا يسمع؟!
إن أهل الدعاء الموفقين حين يعُجون إلى ربهم بالدعاء يعلمون أن جميع الأبواب قد توصد في وجوههم إلا بابًا واحدًا هو بابُ السماء، باب مفتوح لا يغلق أبدًا، فتحه من لا يرد داعيًا ولا يُخيِّب راجيًا، فهو غياثُ المستغيثين وناصر المستنصرين ومجيب الداعين.
أيها المجتهدون، يجتمع في هذه الأيام أوقات فاضلة وأحوال شريفة: العشرُ الأخيرة، جوفُ الليل من رمضان، والأسحارُ من رمضان، دبُرُ الأذان والمكتوبات، أحوالُ السجود، وتلاوةُ القرآن، مجامعُ المسلمين في مجالس الخير والذكر، كلها تجتمع في أيامكم هذه، فأين المتنافسون في هذه العبادة العظيمة؟! ألظّوا بالدعاء رحمكم الله، لا تسأموا ولا تعجزوا، ولا تستبطئوا الإجابة، فيعقوب عليه السلام فقد ولده الأولَ ثم فقد الثاني في مددٍ متطاولة، مازاده ذلك بربه إلا تعلقًا: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [يوسف:83]، ونبي الله زكريا عليه السلام كبرت سنة واشتعل بالشيب رأسه، ولم يزل عظيم الرجاء في ربه حتى قال محققًا: [IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيًّا[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] [مريم:4]. لا تستبطىء الإجابة يا عبد الله؛ فربك يحب تضرعَك و يحب صبرَك ويحب رضاك بأقداره، رضًا بلا قنوط، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي)) متفق عليه.
أيها المسلمون، أيامكم هذه من أعظم الأيام فضلاً وأكثرِها أجرًا، تصفو فيها لذيذ المناجاة، وتسكب فيها غزير العبرات، كم لله فيها من عتيق من النار، وكم فيها من منقطع قد وصلته توبته. المغبون من انصرف عن طاعة الله، والمحروم من حُرِم رحمة الله، والمأسوف عليه من فاتت عليه فُرص الشهر وفرط في فضل العشر، وخاب رجاؤه في ليلة القدر، مغبونٌ من لم يرفع يديه بدعوة، ولم تذرفْ عينُه بدمعة، ولم يخشع قلبه لله لحظة.فاحرصوا عباد الله على قيام كل العشر لتظفروا بمشيئة الله بليلة القدر وتفوزوا بعظيم الأجر
تقبل الله منّا ومنكم صالحَ الأعمال، وجعلنا وإيّاكم وإخوانَنا المسلمين مِن عتقائه من النّار، إنّه سميع مجيب.
ألا وصلوا عباد الله على خير الورى فقد أمركم بذلك المولى جل وعلا (إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يارب العالمين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ،وأذل الشرك والمشركين ،ودمر أعداء الدين،اللهم ألف بين قلوب المسلمين ،ووحد صفوفهم وأصلح قادتهم واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين
اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ووفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله:اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
المشاهدات 1775 | التعليقات 0