خطبة 2 لصفر ... بعض البدع المتعلقة بشهر صفر

جابر السيد الحناوي
1431/02/09 - 2010/01/24 20:48PM
[align=center]
[glint]بسم الله الرحمن الرحيم [/glint]
[motr]بعض البدع المرتبطة بشهرصفر[/motr]
[/align]
.......
أما بعد :

عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ "( [1] )


هذا الحديث رواه الشيخان واللفظ للبخارى ، وفى بَاب الْجُذَامِ زاد البخارى : " وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الأَسَدِ". ( [2] )وفى بَاب لا عَدْوَى زاد مسلم : " وَلا نَوْءَ وَلا غُولَ وَلا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ". ( [3] )


فى هذا الحديث يلفت رسولُ الله صلي الله عليه وسلم نظر المؤمنين إلى بعض من بقايا الجاهلية المنتشرة بين المسلمين ، والتي يعتقد البعض أنها سبب النوازل والمصائب التي تنزل بالإنسان ، والتي ساعد على وجودها محاكاتهم لغيرهم ، وتقليدهم لهم تقليدا أعمي ، وبسبب جهلهم بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف .


وقد اشتمل هذا الحديث بزياداته على جملة ألفاظ هى : العدوى والطيرة والهامة والصفر والنوء والغول ، وفى الخطبة السابقة تناولنا موضوع الطيرة ، واليوم ــ بمشيئة الله سبحانه وتعالينلقى الضوء على بقية ألفاظ الحديث.


ولما كنا مازلنا نعيش هذه الأيام فى ظل شهر صفر، فلنبدأ باللفظة التى ترتبط مباشرة بهذا الشهر وهى الصـفر ، ثم نعرج على بقية ألفاظ الحديث ؛ نعرف معناها ، ومفهومها فى الجاهلية ، ثم ُنتبع ذلك بعرض للمفاهيم التى يمكن أن نخرج بها منه ؟


" لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ "

الصـفر :

قيل فى الصفر كلام كثير ؛ فقد قيل: الصفر: حية تكون فى البطن ، تصيب الماشية والناس ، وهى أعدى من الجرب عند العرب .


و قيل دود فى الجوف فربما عض الكبد أو الضلع ، فقتل صاحبه.


وقيل : هو وجع فى البطن يأتى من الجوع ، ومن اجتماع الماء الذى يكون منه الاسـتسـقاء.


ولكن أحسن ما قيل فيه أنه ما كانوا يفعلونه فى الجاهلية من النسىء ، فإنهم كانوا يعتبرون أربعة من الشهور حرما ، وكانوا يسمونها بالأشهر الحرم ، لاعتقادهم حرمة القتال فيها ، وهى : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ولما كان تحريم القتال فى ثلاثة شهور متواليات شاقا على قوم ألفوا الحروب واتخذوها وسيلة للتعيش ، سَـنُّوا النسيء الذى هو تأخير حرمة شهر المحرم إلى شهر صـفر ، فكانوا يجتمعون فى الموسم بعد انقضاء الحجفينسئون حرمة المحرم !لى صفر ويسمون المنسوء باسم الأصل ، وهكذا باقى الشهور ، فتتغير أسماء الشهور كلها.


لطيفة : ولما حج النبىصلي الله عليه وسلمحجـة الوداع فى السنة العاشرة من الهجرة ، كانت الشهور قد وافقت أسماءها الحقيقية ، فخطب النبى صلي الله عليه وسلم خطبته المشهورة التى قال فيها : " إن الزمان قد استدار كهيئتة يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، و المحرم ، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان "( [4] )والمراد من استدارة الزمان أى عودة حساب الشهور إلى ما كان عليه بعد أن كان قد تغير عند العرب بسبب النسيء فى الأشهر.

قوله " ... لا صَفَرَ " :

قيل المراد بقوله صلي الله عليه وسلم : "... لا صَفَرَ " الشهر المعروف فإن العرب كما مر بنا كانت تحرمه وتستحل المحرم فجاء الإسلام برد ذلك .


وسـمي صفرا ، لأنهم كانوا كما قلنا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوه صفرا من المتاع والمال ، أي خلوا منهما. ( [5] )


وقيل إن العرب كانت تتشاءم بقدوم هذا الشهر؛ لأنه يأتي بعد الأشهر الثلاثة الحرم " ذي القعدة ، وذي الحجة ، والمحرم " فيعتقدون أن صفرا يحل الشؤم فيه بحلول القتال والقتل ، فكان أهل الجاهلية يتشاءمون بدخول صفر ؛ لما يتوهمون فيه من كثرة النوازل والفتن ،والحقيقة أن الذنب ذنب البشـر وليس ذنب الشهر ، فجاء الإسلام يبين أنه لا شؤم في هذه الأشـياء ، ولهذا ورد الشرع الإسلامى بإبطال كل ذلك وضحـده ، فقال القرآن الكريم : " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْر ..." ( [6] ) وقال النبى صلي الله عليه وسلم : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ "

ومن البدع التي تتعلق بشهر صفرأن بعض الناس يعتقد أن يوم الأربعاء الأخير من صفر هو أنحس أيام العام :

ومن العجب أنهم ينسبون ذلك إلى الدين الذي أوصاهم بإبطال عقائد الجاهلية ، فتكون هذه النسبة ضلالة مضاعفة ، إذ يستندون في ذلك إلى حديث موضوع ينسبونه زورا لابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " آخر أربعاء في الشهر يومُ نحس مستمر" وقد نص الأئمة على أن هذا حديث موضوع. ( [7] )


وقد اتفق العلماء علي أن اعتقاد نحس هذا الشهرأو بعضه ، اعتقاد باطل في نظر الإسلام ، وأنه من بقايا الجاهلية التي أنقذنا الله منها بنعمة الإسلام ، فقد أبطل الإسلام عوائد الجاهلية فزالت من عقول جمهور المؤمنين ، وبقيت بقاياها في عقول الجهلة من البعيدين عن تعاليم الإسلام ، فلصقت تلك العقائد بالمسلمين شيئا فشيئا مع تخييم الجهل بالدين بينهم.

وقد اخترع بعض الجهلة صلاة تصلى صباح يوم الأربعاء الأخير من صفر:

من أربع ركعات متواليات ، ويدعى عقب الصلاة بدعاء معين ، وهي بدعة وضلالة فى آن واحد ، إذ لا تُتَلقى الصلوات ذوات الهيئات الخاصة إلا من قبل المشرع ، ولم يرد في هذه الصلاة من جهة الشرع أثر قوي ولا ضعيف ، فهى موضوعة ، وليست من قبيل مطلق النوافل ، لأنها غير جارية على صفات الصلوات النوافل ، فليحذر المسلمون من فعلها ، ونعوذ بالله من علم لا بنفع وهوى متبع. ( [8] )

ومن بقايا الجاهلية المتعلقة بالتشـاؤم بشهر صفر:

أن كثيرا من الناس يتجنب السفر فيه اقتباسا من حـذر الجاهلية السفر فيه ، بل ويجتنب فيه البعض ابتداء الأعمال خشية ان لا تكون مباركة.

وعلى الجانب الآخر نجد البعض يقول : " صفر الخير" تفاؤلاً :

يرد ما يقع فى نفسه من اعتقاد التشاؤم فيه ، وهذه لوثة جاهلية من نفس لم يصـقـلها التوحيد بنوره ، كما قال فيهم العلامة بكر عبد الله أبو زيد. ( [9] )


وفي هذا أيضا قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :


" والأزمنة لا دخل لها في التأثير ، وفي تقدير الله عز وجل ، فصفر كغيره من الأزمنة يُقـْدر فيه الخير والشر، وبعض الناس إذا انتهى من شيء في صفر أرّخ ذلك وقال : انتهى في صفر الخير، وهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة ، والجهل بالجهل ، فهو ليس شهر خير ولا شهر شر ، وأما شهر رمضان ، وقولنا : إنه شهر خير، فالمراد بالخير العبادة ، ولاشك أنه شهر خير، وقولهم : رجب المعظم ؛ فبناء على أنه من الأشهر الحرم"( [10] )


وقال الإمام مالك : " الأيام كلها أيام الله ، وإنما يفضُل بعضُ الأيام بعضَها بما جعل الله لها من الفضل فيما أخبر به رسول الله صلي الله عليه وسلم .


" لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ "

قوله :"... وَلا هَامَةَ ": الهامة بتخفيف الميم ، وفي المقصود بها أقوال :

الأول : ما كانت تزعمه العرب فى الجاهلية من أنه إذا قتل الرجل ، ولم يؤخذ بثأره ، خرجت من رأسه هامة - وهى دودة - فتدور حول قبره ، وتقول : " اسقونى اسقونى " فإن أخذ بثأره ذهبت وإلا بقيت ، ومنهم من كان يزعم أنها تدور حول قبره سبعة أيام ، ثم تذهب .


الثانى : قيل : الهامة : طائر من طير الليل ، قيل : هي البومة وكانوا يتشاءمون بها ، إذ وقعت على بيت أحدهم ، رآها ناعية له نفسه أو بعض أهله .


والثالث : قيل هى ما كانوا يزعمونة من أن الميت إذا مات ، صارت روحه هامة تطير ، ويسمون ذلك الطائر الصدى ، وهــذا شبيه باعتقاد أهل التناسخ فى أن أرواح الموتى تنتقل إلى أجساد حيوانات من غير بعث ولا نشور.


قلت : والرابع : قريب من الأول والثالث وهو ما يزعمه بعض الجهلاء من أهل مصر أن الميت إذا مات ، ولكن في حادثة كحريق أو قتل مثلا ، جاءت روحه ليلا تمثل آخر مشهد من حياته في مكان الحادثة مدة ثم تذهب ، ويسمونها " عفريت فلان " الميت في الحادثة .


ويجوز أن يكون المراد الجميع ، والجميع كلها أوهام فاسدة أبطلها الإسلام وكذبها ، فبين النبي صلي الله عليه وسلم إبطال ذلك ، وضلالة الجاهلية فيما تعتقده .

قوله في رواية مسلم : " ... ولا نوء":

كان أهل الجاهلية إذا نزل بهم مطر، نسبوه إلى الكواكب ( الأبراج ) فقالوا كما جاء فى حديث.زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : " هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ" ( [11] )


فبين رسول الله صلي الله عليه وسلم أن من قال : " مطرنا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا " أن هذا إيمان بالكوكب وكفر بالله ، وأما المرء المسلم فيرد الأمرَ كلَّه لله فيقول : " مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ " فيكون مؤمنا بالله كافرا بالكوكب

وقوله في روايته أيضا : " ... ولا غول":

قال صاحب معارج القبول ( [12] ) : وأما الغول فهي واحد الغيلان وهي من شر شياطين الجن وسحرتهم ، والنفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية فيهم من الضر والنفع ، وكانوا يخافونهم خوفا شديدا ويستعينون ببعضهم على بعض كما قال سبحانه وتعالي : " وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً " ( [13] ) بمعنى : زاد الإنسُ الجنَّ جرأةً عليهم وشرا وطغيانا ، وزادهم الجن إخافة وخبلاً وكفراناً ، وقانا الله عز وجل من الاستعاذة بالمخلوقين ، ورزقنا الاستعانة به وحده.


" لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ"

" لاَ عَدْوَى ... ":

العدوى: عبارة عن انتقال المرض أو سرايته من المريض إلى من يقاربه من الأصحاء ، أي من المريض إلى الصحيح ، فيمرض بذلك الصحيح وكانت العرب فى الجاهلية تعتقد أن الأمراض المعديه تعدى بطبعها من غير إضافة إلى اللهومن غيرتقديره عز وجل فجاء الإسلام بإبطال هذه العقيدة.


فقوله صلي الله عليه وسلم: " لاَ عَدْوَى ..." مقصود ذلك ومعناه : نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبيعتها لا بفعل الله سبحانه وتعالي .


والعدوى كما تكون في الأمراض الحسية تكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية ، ومن ذلك ما أخبر به صلي الله عليه وسلم من أن جليس السوء كنافخ الكير " إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة " ( [14] )فقولهصلي الله عليه وسلم : "لا عدوى" : يشـمل الحسية والمعنوية ، وإن كانت في الحسـية أظهر.


وقد تبادر إلى بعض الأذهان أخذا من ظاهر الحديث الذى معنا أن هناك تعارضا بينه وبين ما نصح به النبىصلي الله عليه وسلم من التحرز من الأمراض المعدية وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها ، حتى لقد قال بعض المتحاملين على أهل الحديث : إنهم قد رووا أحاديث متناقضة ، يبطل بعضها بعضا ، ويعارض أحدها الآخر ، فرووا حديث : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ " و نظائره ، ثم رووا حديث :" ... وَلا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ " وأحاديث المجذوم " وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الأَسَدِ" وغيرها ، وزعموا أن كل هذه الأحاديث مختلفة ، لا يشبه بعضها بعضا ؛ لأن فيها ما يدل على إبطال العدوى وفيها ما يفيد حصولها ، هكذا زعموا ، وخاب ظنهم .


فقد أفاض الشراح فى التوفيق بين حديث : " لاَ عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ " وبين ما تُخُيِّل أنه يعارضه من الأحاديث الأخرى ، وراحوا يطنبون فى ذكر الطرق والمسالك التى تدفع ذلك التعارض وتجمع بين الأحاديث .


فالخَطْبُ سهل ، والأمر هين ، إذ أنه ليس هناك تعارض البتة بين الأحاديث ؛ فإن قولهصلي الله عليه وسلم : " لاَ عَدْوَى ... الخ " إنما يكون المعنى المراد به هو نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تعدى بطبعها لا بفعل الله تعالى ، وأما حديث : " ... وَلا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ "وحديث : " وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الأَسَدِ" فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره ، فنفى في الحديث الأول العدوى بطبعها ، ولم ينف حصول الضررعند ذلك بقدر الله تعالى وفعله ، وأرشد في الثاني والثالث إلى الاحتراز مما يحصل عنده الضرر بفعل الله وإرادته وقدره.


ولقد روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنهقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لا عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلا هَامَةَ " فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ إِبِلِي تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَأْتِي الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا ؟ فَقَالَ صلي الله عليه وسلم : " فَمَنْ أَعْدَى الأَْوَّلَ ؟ " ( [15] )


فهذا نص صريح فى أن المرض والعاهة لا تعدي بطبيعتها بل بفعل الله تعالى وتقديره ، ومع ذلك فقد ثبت عنه صلي الله عليه وسلمأنه نصح بالتحرز من الأمراض المعدية ، وأرشد الأصحاء إلى مجانبة أهلها فقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه :عن أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّصلي الله عليه وسل




أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا "( [16] )

وعَنْ أمنا عَائِشَةَ رضي الله عنهاأنها سَألَتُ رَسُولَ اللَّهِصلي الله عليه وسلمعن الطَّاعُونِ فَأَخْبَرصلي الله عليه وسلم : " أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ، لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُصِيبُهُ إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجـْرِ شَـهِيدٍ " ( [17] )


وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهعَنْ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " ( [18] )


و هكذا يَسِـن رسـولُ الله صلي الله عليه وسلم أول نظام للحجـر الصحى فى العالم بمحاصرة المرض فى موطنه ، حتى يمنع انتقاله إلى مناطق أخرى ، بل وجعل الحافز لعدم الفرار منه أجر شهيد ، فهو بذلك نظام إسلامى للحجر الصحى يكافئ الملتزمين به ، لم يُتَوصل إليه حتى الآن فيما يدّعون من حضارة ، وبمفهوم المخالفة فإن في الفرار منه تسخط على قضاء الله وارتياب في قدره ، وسوء ظن بالله عز وجل ، فأين المهرب من الله تعالى؟ وأين المفــر؟ لا ملجأ من الله إلا إليه.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .


(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )






[1] البخارى حديث رقم 5316

[2] صحيح البخاري 17 / 476

[3] صحيح مسلم 11 / 249

[4] صحيح البخاري 14 / 223

[5]المناهي اللفطية ص343

[6] التوبة من الآية 37

[7]المناهي اللفظية ص ه 34

[8]المصدر السابقق ص 346

[9]المرجع السابق

[10]القول المفيد في شرح كتاب التوحمد ص 451 ، 452

[11] صحيح البخارى 4/149

[12] مختصر معارج القبول 1 / 304

[13] الجـن 6

[14] صحيح مسلم 13 / 73

[15] صحيح البخارى 17/488

[16] صحيح البخارى 18/2

[17] صحيح البخارى 11/293

[18] صحيح البخارى 9/417
المرفقات

16.doc

16.doc

المشاهدات 2735 | التعليقات 0