خطبة يوم التأسيس 1445
حسين بن حمزة حسين
عِبَادَ اللهِ: الْحَمْدُ للهِ عَلَى ما مَنَّ بِهِ وَتَفَضَّلَ، وَما أَنْعَمَ بِهِ وَأَجْزَلَ، فَقَدْ تأسست دولتُنا العظيمة على كتاب الله وسنة رسول الله على فهم السلف الصالح الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان من الرّعيل الأوّل الأئمةِ الفضلاء والعلماءِ الأجلاء ومن سار على هديهم ومنهجهم جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا ومنهم شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أحد أركان مؤسسي هذه الدولة العظيمة ومشايخنا رحمهم الله ابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم كثير، ونحن سائرون على ما ساروا عليه غير مغيّرين ولا مبدّلين.
إخوة الإيمان: قامت دولتُنا دولة التوحيد، والتي نتفيأ ضلال نِعَمها الوفيرة بفضل الله عند أول لقاء لمؤسس هذه الدولة العظيمة الأمير محمد بنُ سعودٍ بالشَّيخِ مُحمَّدٍ بنِ عبدِ الوَهابِ رَحِمَهما اللهُ تعالى في الدرعيةِ في بيتِ الشيخ أَحمدَ بنِ سُويلمٍ، حيث قالَ الأميرُ للشَّيخِ: (أبشرْ ببلادٍ خيرٍ من بلادِك، وأبشرْ بالعِزِّ والمَنَعةِ)، فقالَ لَهُ الشَّيخُ محمد بن عبدالوهّاب: (وأنا أبشُّرُك بالعزِّ والتَّمكينِ؛ وهذه كلمةُ لا إلهَ إلا اللهُ، من تمسَّكَ بها وعَملَ بها ونصرَها؛ مَلَكَ بها البِلادَ والعِبادَ، وهي كلمةُ التَّوحيدِ، وأولُ ما دعتْ إليه الرُّسلُ من أولِهم إلى آخرِهم، وأنتَ ترى نجداً وأقطارَها أَطبقتْ على الشِّركِ والجَهلِ والفُرقةِ وقِتالِ بعضِهم لبعضٍ؛ فأرجو أن تكونَ إماماً يَجتمعُ عليه المسلمونَ وذريَّتَك من بَعدِك)إهـ، ومِن هُنا كَانَ التَّأسيسُ، وبِهَذا اللِّقاءِ التاريخي قَامَتْ الدَّولةُ السُّعوديةُ تحتَ شِعارِ: (لا إلهَ إلا اللهُ، مُحمدٌ رَسولُ اللهِ)، تُطبِّقُ شَرعَ اللهِ، وتحْكُم بكتاب الله، وتَقتفي سُنَّةَ رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، وتَأمرُ بالمَعروفِ وتنهى عن المُنكرِ، وتَنشرُ العقيدةَ الصَّحيحةَ، وتُحاربُ البِدعَ المُحدَثةَ، فتحقَّقَ وعدُ اللهِ لها بالتمكين في الأرض: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
إخوة الإيمان: لنتيقّن نحن أهل هذا الوطن الغالي مواطنين ومقيمين، أننا على جادّة الحق، دولةً ودستوراً وشعباً حكاماً ومحكومين، والواجب علينا أن نحافظ على وطننا ونجتمع مع ولاة أمورنا لُحمة واحدة صفاً واحداً على كل من تسوّل له نفسه المساس بأمننا ووحدة صفنا كائناً من كان.
ومما لا يجعل أدنى شك بأنفسنا بأن من يريد العداء لهذه الدولة فهو عدو لله ولرسوله وللمسلمين كافّة، فأنقل لكم مقتطفات من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية والمنشور على الإنترنت يقرأه القاصي والداني والمعمول به حتى الآن بحيث لا يجعل مكاناً للشك بأن دولتنا هي الدولة الوحيدة في العالم القائمة على تحكيم شرع الله ونصرة دين الله:
تنصّ المادة الأولى في الدستور : المملكة العربية السعودية، دولةٌ عربيةٌ إسلامية، ذاتُ سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستُورها كتابُ الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض .
المادة السابعة: يَستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة. (مَن مِن الدول على وجه الأرض تعلن هذا الدستور).
المادة الثالثة والعشرون: تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله.
المادة الثالثة والثلاثون: تنشئُ الدولةُ القواتَ المسلحة، وتجُهزها من أجل الدفاع عن العقيدة، والحرمين الشريفين، والمجتمع، والوطن
المادة الخامسة والأربعون: مصدرُ الإفتاء في المملكة العربية السعودية، كتابُ الله تعالى، وسنةُ رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبين النظام ترتيب هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء واختصاصاتها.
المادة السادسة والأربعون: القضاءُ سلطةٌ مستقلة، ولا سلطان على القضاةِ في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية.
المادة الثامنة والأربعون: تُطبّق المحاكمُ على القضايا المعروضة أمامها أحكامَ الشريعةِ الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة.
المادة الخمسون: المَلكُ أو من ينيبه معنيون بتنفيذ الأحكام القضائية
إخوة الإيمان: نحن نعيش في أعظم دولةٍ المملكة العربية السعودية حفظها الله هي بلادُ التوحيدِ والسنةِ بل معقلُ الإسلام الأخير الذي يجب علينا المحافظةَ عليه وبذلٌ الغالي والنفيس لحفظ أمنه واستقراره.
أَقولُ مَا تَسمعونَ، وأَستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمُسلمينَ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، فاستغفروهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ
الخطبة الثانية :
الحمدُ للهِ الذي له مَا في السَّمواتِ والأرضِ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له العزيزُ الوَّهابُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه أفضلَ من تَابَ إلى اللهِ وأنابَ، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه والتابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ المآبِ وسلمَ تسليماً كثيراً، أما بَعدُ :
إخوة الإيمان: أنقل لكم بعض أقوال علمائنا الأجلاء عن هذه الدولة وحكامها:
قال الإمام بن باز رحمه الله : السعوديةُ أفضلُ دولةٍ سلفيةٍ من ألف سنة، لا يوجد دولة بعد القرون المفضلة نشرت التوحيد والعقيدة السلفية أفضل من السعودية، السعودية بلاد الحرمين ومأرز التوحيد ومنطلق الدعوة السلفية، العداء للدولة السعودية عداء للدين، وقال : إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والراشدين لم يشهد التزاما تاماً بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة ودافعت عنها إهـ
قال الشيخ صالح بن فوزان لفوزان حفظه الله :
نحن - ولله الحمد - في هذه البلاد جماعةٌ واحدة، وعلى عقيدةٍ واحدة، ودينٍ واحد، وقبلةٍ واحدة، وأمتُنا واحدة، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونحكُم بشريعة الله، فالمحاكم الشرعيةُ مفتوحةٌ للحُكم بين الناس في كل المنازعات لا في الأحوال الشخصية فقط، كما في البلاد الأخرى. ونحن - ولله الحمد - نُدرّس العلومَ الشرعية في مدارسنا وفي مساجدنا، فنحن جماعةٌ واحدة من الراعي إلى الرعية، بلادنا - والحمد لله - تختلف عن البلدان الأخرى بما حباها الله من الخير من الدعوة إلى التوحيد وزوال الشرك، ومن قيام حكومةٍ إسلامية تحكم الشريعة من عهد الإمام المجدّد : محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إلى وقتنا هذا - والحمد لله، لا نقول : إنها كاملة من كل وجه لكن هي - والحمد لله - لا تزال قائمة على الخير فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة للحدود وحكم بما أنزل الله، المحاكم الشرعية قائمةٌ، والمواريث والفرائض على ما شرع الله لا يتدخل فيها أحد بخلاف البلاد الأخرى، إننا - والحمد لله - نرى من حكومة هذه البلاد قياماً بالواجب نحو الإسلام وتحكيماً لشريعته ولو وجد بعض النقص في ذلك ونرجو الله أن يصلحه، ونحن - ولله الحمد - على ثقة من ولاة أمرنا وعلى ثقة من المنهج الذي نسير عليه، وليس معنى هذا أننا قد كمُلنا وأنّ ليس عندنا نقص ولا تقصير، بل عندنا نقص، ولكن نحن في سبيل إصلاحه وعلاجه - إن شاء الله - بالطرق الشرعية ، وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم وُجد من يسرق ووُجد من يزني ووجد من يشرب الخمر، وكان النبيّ يقيم عليهم الحدود ونحن - ولله الحمد - تقام عندنا الحدود على من تبيّن وثبَت عليه ما يوجب الحد، ونقيم القصاص في القتلى هذا - ولله الحمد – خير، ولو كان هناك نقْص، النقْص لا بد منه؛ لأنه من طبيعة البشر، ونرجو الله تعالى أن يصلح أحوالنا ويعيننا على أنفسنا وأن يسدد خطانا وأن يٌكمّل نقصنا بعفوه.إهـ
إخوة الإيمان : قال الشيخ بن باز رحمه الله ومن مذهب أهل السنة والجماعة: الدُّعاء لولاة أُمور المسلمين وحُكَّامهم بالتوفيق والهداية والصلاح في النيَّة والعمل، وأن يمنحهم الله البطانة الصالحة التي تُعينهم على الخير وتُذكِّرهم به، وهذا حقٌّ على كُلِّ مسلمٍ في كُلِّ مكانٍ، في هذه البلاد وفي غيرها.. فكلُّ مسلم في دولته عليه أن يسأل الله لها التوفيق والهداية، وينصح لها ويُعينها على الخير، ويسأل الله لها التوفيق والسداد) انتهى.
فنسأل الله أن يحفظ على هذه البلاد عقيدتها وقيادتها وأمنها وآمانها واستقرارها ، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، لكل خير وأن ينصر به دينه وكتابه وسنة نبيه وعباده المؤمنين، وأن يجعله مباركاً مسدداً في أقواله وأعماله، وأن يوفق ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن ينصر به دينه إنه سميع عليم، اللَّهُمَّ اجعل هذا البلدَ آمناً مطمئناً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمينَ، وأصلحْ اللهمَّ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك واتَّبعَ رضاكَ يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ وفقْ وليَ أمرِنا لهُداكَ، واجعلْ عملَه في رِضاكَ، وارزقْه بطانةً صالحةً تدلُّه على الخيرِ وتحثُه عليه يا سميعَ الدُّعاءِ، اللهمَّ احفظْ بلادَ الحرمينِ من كلِّ سوءٍ ومكروهٍ، واحفظْ اللهمَّ لها أمنَها وإيمانَها، وسِلمَها وإسلامَها، ورغدَ عيشِها وسِعةَ رزقِها وسائرَ بلادِ المُسلمينَ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم أحقن دماء إخواننا في السودان وولّ عليهم خيارهم، واجمع كلمتهم على الحق المبين، اللهمَّ كُنْ لإخوانِنَا في غَزةَ وَفلسطينَ، اللهمَّ احفَظهُم مِن بَينِ أَيديهم وَمِنْ خَلفِهم، وَعن أَيمَانِهم، وَعَن شَمائلِهم، وَمنْ فَوقِهم، ونَعوذُ بِكَ أَن يُغتَالوا مِن تَحتِهم، اللهمَّ اربط عَلى قُلوبِهم وانصُرهُم نَصراً عَزيزاً، ثَبِّتْ اللهمَّ خُطوتَهم، ووحدّْ كلمتَهم، وسددْ رميتَهم، وقوِّ شوكتَهم، وأعلِ رايتَهم، وانصرْهم على عدوِّكَ وعدوِهم يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ مُنزلَ الكِتابِ وَهَازمَ الأحزابِ، وَمُنشئَ السَّحابِ، اهزمْ اليَهودَ والنصارى والرافضة الصفويين ورُدَّهُم خَائبينَ، مَخذولينَ، اللهمَّ زَلزِلهُم واقذِفْ الرَّعبَ في قُلوبِهم، اللهمَّ استجِبْ دُعاءَنا وَفَرِّحْ قُلوبَنا بِنُصرةِ المسلمينَ يَا ربَّ العَالمينَ.