خطبة : ( وما النصر إلا من عند الله )

عبدالله البصري
1445/03/27 - 2023/10/12 16:28PM

وما النصر إلا من عند الله    28/ 3/ 1445

 

الخطبة الأولى :

 
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَالمُسلِمُ يَتَأَمَّلُ في أَوضَاعِ العَالَمِ مِن حَولِهِ ، وَيَقرَأُ التَّأرِيخَ عَلَى مَدَى عُقُودٍ طَوِيلَةٍ ، يَرَى أَنَّ المُسلِمِينَ وَخَاصَّةً في القُرُونِ المُتَأَخِّرَةِ ، كَانُوا وَمَا زَالُوا ، يُعَانُونَ مِنِ ابتِلاءَاتٍ وَشَدَائِدَ وَبَأسَاءَ وَضَرَّاءَ ، استَضعَفَهُم أَعدَاؤُهُم وَاحتَلُّوا بُلدَانَهُم ، وَنَهَبُوا ثَرَوَاتِهَا وَسَرَقُوا خَيرَاتِهَا ، ثم لَمَّا خَرَجُوا مِنهَا بَعدَ جِهَادِ أَهلِهَا وَمُقَاوَمَتِهِم لاحتِلالِهِم ، لم يَشَأْ أُولَئِكَ الأَعدَاءُ أَن يَترُكُوهَا آمِنَةً مُطمَئِنَّةً ، حَتى شَغَلُوهَا بِالفِتَنِ وَالقَلاقِلِ وَالمُشكِلاتِ المُتَوَالِيَةِ ، الَّتي مِن أَسوَأِ نَتَائِجِهَا القَتلُ وَالتَّروِيعُ وَالإِفقَارُ وَالتَّجوِيعُ ، فَلا تَكَادُ حَربٌ تَضَعُ أَوزَارَهَا في نَاحِيَةٍ حَتى تَقُومَ في أُخرَى ، وَلا مُشكِلَةٌ تُحَلُّ في مَوضِعٍ إِلاَّ وَتُعقَدَ حِبَالُ أُخرَى في مَوضِعٍ آخَرَ ، وَمَا زَالَت وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَالقَنَوَاتُ ، تَنقُلُ لَنَا مَشَاهِدَ مِن هُنَا وَمِن هُنَاكَ ، قَتلٌ وَتَعذِيبٌ وَدِمَاءٌ وَأَشلاءٌ ، وَإِهَانَةٌ لِلشُّيُوخِ وَالعَجَائِزِ وَالضُّعَفَاءِ ، وَاستِضعَافٌ لِلأَقوِيَاءِ وَهَتكٌ لأَعرَاضِ النِّسَاءِ ، وَتَدمِيرٌ وَتَهجِيرٌ وَتَغيِيرٌ وَتَغرِيرٌ ، في مَشَاهِدَ تَقشَعِرُّ لَهَا الأَبدَانُ ، وَتُستَدَرُّ بِهَا دُمُوعُ الأَشِدَّاءِ مِنَ الرِّجَالِ قَبلَ الرُّحَمَاءِ ، يَرَاهَا العَالَمُ المُتَحَضِّرُ وَيَسمَعُهَا بِالصَّوتِ وَالصُّورَةِ ، لَكِنَّ الكُفَّارَ عَلَى مُختَلِفِ أَديَانِهِم وَمَذَاهِبِهِم ، كَانُوا وَمَا زَالُوا أَعدَاءً مُنَابِذِينَ لِلمُؤمِنِينَ " لا يَرقُبُونَ في مُؤمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ المُعتَدُونَ "

وَيَتَسَاءَلُ المُؤمِنُونَ كَمَا تَسَاءَلَ أَسلافُهُم : " مَتَى نَصرُ اللهِ " لِيَجِيءَ الرَّدُّ مِنَ اللهِ تَعَالى مُبَاشَرَةً وَبِاختِصَارٍ : " أَلا إِنَّ نَصرَ اللهِ قَرِيبٌ " وَمَعَ أَنَّ استِبطَاءَ النَّصرِ وَتَعَجُّلَ الفَرَجِ نَزعَةٌ بَشَرِيَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ ، إِلاَّ أَنَّ المُؤمِنَ يُعَالِجُ ذَلِكَ بِحُسنِ الظَّنِّ بِاللهِ ، وَتَلَمُّسِ الحِكَمِ البَالِغَةِ وَتَأَمُّلِ عَظِيمِ الغَايَاتِ مِن وَرَاءِ الابتِلاءَاتِ ، لأَنَّ اللهَ تَعَالى عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، لا يُمكِنُ أَن يَكُونَ في الكَونِ شَيءٌ إِلاَّ بِأَمرِهِ وَتَقدِيرِهِ ، وَهُوَ تَعَالى أَحكَمُ وَأَعلَمُ ، وَأَرحَمُ بِالمُؤمِنِينَ مِن أَن يُقَدِّرَ عَلَيهِم إِلاَّ مَا هُوَ خَيرٌ لَهُم ، وَمِن أَن يَجعَلَ الغَلَبَةَ دَائِمًا لِعَدُوِّهِم عَلَيهِم ، غَيرَ أَنَّهُم يَجِبُ أَن يَكُونُوا عَلَى عِلمٍ وَدِرَايَةٍ ، أَنَّ لِلنَّصرِ أَسبَابًا لا يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِهَا ، وَالأَيَّامُ دُوَلٌ وَاللَّيَالي غَيرُ مَأمُونَةٍ ، وَالدُّنيَا تَتَقَلَّبُ وَالأَحوَالُ تَتَحَوَّلُ .

وَلَقَد تَبَيَّنَ مِن خِلالِ الأَحدَاثِ الَّتي جَرَت وَتَعَدَّدَت وَتَنَوَّعَت ، أَنَّ أَهَمَّ أَسبَابِ النَّصرِ الَّتي يَجِبُ عَلَى مَن كَانَ في حَربٍ وَيُرِيدُ كَسبَهَا ، أَو مَن كَانَ في أَمنٍ وَيُرِيدُ المُحَافَظَةَ عَلَيهِ ، تَحقِيقُ التَّوحِيدِ وَتَصفِيَةُ العَقِيدَةِ ، وَوُضُوحُ الغَايِةِ وَاستِبَانَةُ السَّبِيلِ ، فَمَهمَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يُرِيدُ الخَيرَ بِمُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ ، أَو زَعَمَ مَن زَعَمَ أَنَّهُ يُرِيدُ صَلاحَهَا وَرُقِيَّهَا وَتَقَدُّمَهَا ، فَإِنَّ مُلِمَّاتِ الدُّنيَا وَمَصَائِبَهَا تَفضَحُ كَثِيرًا مِنَ المُتَظَاهِرِينَ بِإِرَادَةِ الخَيرِ ، وَتَكشِفُ كَذِبَ المُرَدِّدِينَ لِلشِّعَارَاتِ الجَوفَاءِ ، فَيَنَفَضُّونَ عِندَ أَدنى مُصَابٍ يُصِيبُ الأُمَّةَ وَيَتَفَرَّقُونَ ، وَيُسلِمُونَهَا لِلعَدُوِّ وَيَبتَعِدُونَ عَنهَا ، إِنْ لم يَكُونُوا جُنُودًا في صُفُوفِ أَعدَائِهَا وَحَربًا عَلَيهَا ، وَحِينَئِذٍ لا يَبقَى إِلاَّ مَن يَطلُبُونَ النَّصرَ مِن عِندِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ ، مُحَقِّقِينَ لِلتَّوحِيدِ ، مُتَوَكِّلِينَ عَلَى العَزِيزِ الحَمِيدِ ، مُعتَقِدِينَ أَنَّهُ لا نَصرَ إِلاَّ مِن عِندِ اللهِ القَائِلِ " إِنْ يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُم وَإِنْ يَخذُلْكُم فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ "

وَالحُرُوبُ وَالفِتَنُ وَالقَلاقِلُ الَّتي تُؤذِي النَّاسَ وَتُضَيِّقُ صُدُورَهُم ، وَقَد تُصِيبُ بَعضَهُم بِشَيءٍ مِمَّا يُشبِهُ اليَأسَ وَالقُنُوطَ ، فَإِنَّهَا تُمَيِّزُ الصُّفُوفَ ، وَتَكشِفُ العَدُوَّ مِنَ الصَّدِيقِ ، وَيَتَبَيَّنُ بِهَا الطَّيِّبُ مِنَ الخَبِيثِ ، فَلا يَختَلِطُ بَعدَهَا حَابِلٌ بِنَابِلٍ ، وَلا يَلتَبِسُ حَقٌّ بِبَاطِلٍ ، وَلا يَبرُزُ عُلَمَاءُ سُوءٍ وُصُولِيُّونَ ، وَلا يَبقَى زُعَمَاءُ انتِفَاعٍ سِيَاسِيُّونَ ، بَل تَنزِلُ الأَقدَارُ بِأَحدَاثٍ عِظَامٍ ، فَتُمِيطُ اللِّثَامَ عَن وُجُوهِ اللِّئَامِ ، وَيَعرِفُ النَّاسُ عَدُوَّهُم الحَقِيقِيَّ ، وَيَتَيَقَّنُونَ أَنَّ المَعرَكَةَ مَعرَكَةُ عَقِيدَةٍ ، وَأَنَّهُ لَيسَ ثَمَّ إِلاَّ مُعَسكَرُ كُفرٍ وَنِفَاقٍ وَفُسُوقٍ وَعِصيَانٍ ، في مُوَاجَهَةِ مُعَسكَرِ إِسلامٍ وَأَهلِ سُنَّةٍ وَمُرِيدِينَ لِلنَّصرِ أَوِ الشَّهَادَةِ ، وَتِلكَ حِكمَةٌ جَلِيلَةٌ ، وَنِعمَةٌ عَظِيمَةٌ امتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَى المُؤمِنِينَ مُنذُ القِدَمِ ، وَمَا زَالَت تَتَجَدَّدُ عَلَيهِم كُلَّ حِينٍ لِيَكُونُوا عَلَى عِلمٍ وَيَقِينٍ ، قَالَ سُبحَانَهُ : " مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُم عَلَيهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ " وَقَالَ تَعَالى : " لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجعَلَ الخَبِيثَ بَعضَهُ عَلَى بَعضٍ فَيَركُمَهُ جَمِيعًا فَيَجعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ " وَقَدِ انكَشَفَ لِلمُسلِمِينَ في أَحدَاثٍ مَضَت وَأُخرَى مَا زَالَت تَتَوَالى ، أَنَّ كَثِيرًا مِمَّن يَدَّعُونَ الإِسلامَ ، أَنَّهُم في الحَقِيقَةِ أَعدَاءٌ لِلإِسلامِ وَلِلمُسلِمِينَ ، فَقَدِ انكَشَفَ النُّصَيرِيَّةُ الحَاقِدُونَ ، المُتَسَتِّرُونَ خَلفَ شِعَارَاتِ القَومِيَّةِ وَالبَعثِيَّةِ ، وَانكَشَفَ الرَّافِضَةُ المُوَالُونَ لِليَهُودِ وَإِن كَانُوا يُرَدِّدُونَ شِعَارَاتِ التَّهدِيدِ لَهُم وَالوَعِيدِ ، وَانكَشَفَ الصُّوفِيَّةُ المُتَخَاذِلُونَ ، المُمِيتُونَ لِلسُّنَنِ المُحيُونَ لِلبِدَعِ ، المُصطَفُّونَ مَعَ الكَافِرِ البَاغِي حِفَاظًا عَلَى زَوَايَاهُم الَّتي يَأكُلُونَ فِيهَا أَموَالَ العَامَّةِ وَيُضَلِّلُونَهُم وَيُحَذِّرُونَهُم مِن دُعَاةِ السُّنَّةِ ، وَانكَشَفَ عُلَمَاءُ السُّوءِ الَّذِينَ ظَلُّوا يُسَوِّغُونَ لأَخطَاءِ الأَنظِمَةِ البَاغِيَةِ ، وَيَبِيعُونَ دِينَهُم بِدُنيَا غَيرِهِمُ الفَانِيَةِ ، وَانكَشَفَ العِلمَانِيُّونَ وَاللِّيبرَالِيُّونَ وَالمُنَافِقُونَ ، الَّذِينَ يُتَاجِرُونَ بِالشِّعَارَاتِ الوَطَنِيَّةِ ، فَتَارَةً يُرَونَ مَعَ الأَنظِمَةِ الحَاكِمَةِ ، وَتَارَةً يَكُونُونَ مَعَ الأَحزَابِ المُعَارِضَةِ " مُذَبذَبِينَ بَينَ ذَلِكَ لا إِلى هَؤُلاءِ وَلا إِلى هَؤُلاءِ وَمَن يُضلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً "

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ سُنَّةَ الابتِلاءِ مَاضِيَةٌ ، تُستَخرَجُ بِهَا مَكنُونَاتُ الصُّدُورِ الغَامِضَةُ ، وَتُجَلَّى بِهَا حَقَائِقُ النُّفُوسِ الخَافِيَةُ ، وَيُستَنبَطُ بِهَا إِيمَانُ المُؤمِنِينَ وَيَظهَرُ بِهَا كُفرُ الكَافِرِينَ ، أَجَلْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لِنَستَيقِنْ وَلْنَستَبشِرْ ، وَلْنَعلَمْ أَنَّهُ مَهمَا اشتَدَّت بِإِخوَانِنَا الخُطُوبُ وَتَوَالَت عَلَيهِمُ المِحَنُ ، وَحَتى وَإِن قُتِلَ مِنَ المُسلِمِينَ مَن قُتِلَ وَعُذِّبَ مَن عُذِّبَ وَأُوذِيَ في سِبِيلِ دِينِهِ مَن أُوذِيَ ، فَشَأنُ المُسلِمِ المُدَافِعِ عَن دِينِهِ وَنَفسِهِ وَعِرضِهِ ، إِمَّا النَّصرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ ، وَهُمَا حُسنَيَانِ لَن يَخسَرَ مَن نَالَ إِحدَاهُمَا " ذَلِكَ وَلَو يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنهُم وَلَكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمَالَهُم . سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم . وَيُدخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُم " " قُل لَن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَولانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ . قُل هَل تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحدَى الحُسنَيَينِ وَنَحنُ نَتَرَبَّصُ بِكُم أَن يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِن عِندِهِ أَو بِأَيدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُتَرَبِّصُونَ "

 

الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَمَن أَرَادَ الأَمنَ وَالاطمِئنَانَ وَالنَّصرَ عَلَى عَدُوِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، فَلْيَنصُرِ اللهَ تَعَالى بِطَاعَتِهِ وَفِعلِ أَوَامِرِهِ وَاجتِنَابِ نَوَاهِيهِ ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ شَرطُ النَّصرِ الَّذِي قَد أَعلَنَهُ اللهُ تَعَالى لِعِبَادِهِ في كِتَابِهِ ، وَوَعَدَ مَن حَقَّقَهُ بِأَن يَنصُرَهُ وَأَن يُثَبِّتَهُ ، وَأَن يَجعَلَ التَّعَاسَةَ وَالضَّلالَ مِن نَصِيبِ مَن عَادَاهُ ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدَامَكُم . وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم " أَلا فَافحَصُوا أَحوَالَكُم ، وَتَعَاهَدُوا قُلُوبَكُم وَأَعمَالَكُم ، وَثِقُوا بِنَصرِ اللهِ لِعِبَادِهِ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ وَفي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ التَّرَدُّدِ وَالشَّكِّ أَوِ الارتِيَابِ ، أَوِ اعتِقَادِ أَنَّ النَّصرَ لَيسَ إِلاَّ بِالانتِصَارِ في المَعَارِكِ وَالظُّهُورِ التَّامِّ عَلَى الأَعدَاءِ وَغَلَبَتِهِم وَقَهرِهِم ، فَوَعدُ اللهِ لا يُخلَفُ ، وَنَصرُهُ لا يَتَخَلَّفُ ، وَالنَّصرُ أَنوَاعٌ كَثِيرَةٌ ، قَد يَكُونُ بِالعِزِّ وَالتَّمكِينِ لِلمُؤمِنِينَ ، وَإِهلاكِ الكُفَّارِ المُعَانِدِينَ وَالطُّغَاةِ المُلحِدِينَ ، وَقَد يَكُونُ بِثَبَاتِ المُؤمِنِينَ عَلَى دِينِهِم وَتَمَسُّكِهِم بِعَقِيدَتِهِم وَبَيعِهِم نُفُوسَهُم في سَبِيلِ اللهِ ، وَقَد يَكُونُ نَصرَ حُجَّةٍ وَظُهُورٍ لِلحَقِّ ، قَالَ تَعَالى : " وَتِلكَ حُجَّتُنَا آتَينَاهَا إِبرَاهِيمَ عَلَى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجَاتٍ مَن نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ حَتى يَأتِيَهُم أَمرُ اللهِ وَهُم ظَاهِرُونَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَأَمَّا أَلَدُّ أَعدَاءِ أُمَّةِ الإِسلامِ ، وَمٌوقِدُو الحُرُوبَ ضِدَّهَا وَهُمُ اليَهُودُ ، فَالنَّصرُ عَلَيهِم قَادِمٌ لا مَحَالَةَ ، وَقَد قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسلِمُونَ اليَهُودَ فَيَقتُلُهُمُ المُسلِمُونَ ، حَتَّى يَختَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وَرَاءِ الحَجَرِ وَالشَّجَرِ ، فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ : يَا مُسلِمُ يَا عَبدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلفي فَتَعَالَ فَاقتُلْهُ ، إِلاَّ الغَرقَدَ فَإِنَّهُ مِن شَجَرِ اليَهُودِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .

المرفقات

1697117278_وما النصر إلا من عند الله.docx

1697117279_وما النصر إلا من عند الله.pdf

المشاهدات 3957 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا