(خطبة) وقفات مع لقاح كورونا
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( وقفات مع لقاح الكورونا ) 17/5/1442
أما بعد فيا أيها الناس : إن من رحمة الله ، ما فتح لهم من العلوم خصوصا في مجال الطب ، وهم مع كل ما وصلوا إليه من الثورة العلمية ، كما قال سبحانه ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ، وكلما زاد علمهم واكتشافاتهم ، كلما زاد يقينهم بعظيم جهلهم بخلق الله وتصريفه ، وعلموا أن الله سبحانه قد أبدع في صنعه ، وأعجز في خلقه ، فكل من تأمل في خلق الله وصنعه ، عرف أنه الإله الحق المبين .
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
ولقد قال سبحانه ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
ومن تفكر في نفسه وكيف ركب الله خلقه ، وما أودع الله فيه من أسرار قدرته ، زاد إيمانه وعلم عظيم فضل الله عليه ونعمته .
عباد الله : إن مما يزيد الإنسان يقينا بوحدانية الله ، هو اضطرار العبد لربه ، وأنه لا ينجيه مما حل به إلا هو سبحانه ، كما كان حال الكفار إذا ركبوا في الفلك ، كانوا إذا ركبوا في الفلك ، ولعب بهم الموج قالوا لبعضهم إنه لا ينجيكم مما أنتم فيه إلا أن تخلصوا لله وحده الدعاء ، فإذا نجوا ورجعوا للبر رجعوا لشركهم كما قال الله عنهم ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ، فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون )
وهذه حال كثير من الخلق ، لا يعرفون الله إلا في الشدة ، ولهذا يخذلون عند الشدائد ، ولقد وصى المصطفى صلى الله عليه وسلم ابن عباس ، بقوله ( تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة )
وقد قال سبحانه عن حال الإنسان ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)
فإذا احتاج فزع إلى ربه .
والله جل وعلى ينعم على العبد ، ويحلم عليه ، ولكنه يذكره إذا أعرض ببعض البلايا ، التي تدعوه على الرجوع لخالقه الذي لا صلاح ولا نجاح له إلا به جل في علاه .
وإن البلايا التي تنزل على الخلق ، فتكون مذكرة للمؤمن ، رادة له إلى الصواب ، وعقوبة على الكافر ومستحق العقوبة من المسلمين ، ومن جملة البلايا التي نزلت على الناس ، تلك الأوبئة التي تتنوع في كل فترة ، ولكن للأسف أن بعض الخلق ينشغل عن الحكمة التي من أجلها نزل البلاء بما لا فائدة فيه ،كمن يقول إن هذا البلاء مؤامرة ، وآخر يقول بسبب الأطعمة ، وثالث يقول حرب بين الدول ، وكل هذا رجم بالغيب ، وإن كانت المحصلة واحدة ، وهي أنه نزل البلاء من الله وبقدره ، أيا كان سبب حدوثه ، فما هو موقف المؤمن منه ؟
والجواب سبق ذكره ، لنرجع لربنا ولنتذكر فضله وعفوه ، ولنستغفر من ذنوبنا ، ولنعلم أنه كلما عظم البلاء ،كلما دل على عظم الإعراض من الناس .
اللهم ارحم ضعفنا وارفع عنا البلاء يارب العالمين ، أقول قولي هذا .....
الخطبة الثانية
أما بعد يا أيها الناس : إن الله سبحانه يبتلى العباد ليرفعهم ، ويمنعهم ليعطيهم ، ولما سلط الله الكورونا على الخلق ، لم يكن ذلك منه ليهلك الخلق ، فهو أرحم بهم من أمهاتهم ، ولكن لحكم عظيمة علمها من علمها وجهلها من جهلها ، ولما شاء الله رفع الوباء ، يسر لهم معرفة علاجه ، فتم الوصول لعدة لقاحات تقضي على المرض بنسبة كبيرة ولله الحمد ، لتعود الحياة طبيعية كما كانت ، فمدة الامتحان قد انقضت ، مع كثير من الأثر الذي خلفته ، ولكن نردد دائما ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
وإن مما يذكر فينشر ، ويفتخر به على الملأ ، ذلك الدور الرائد لدولتنا المباركة في المحافظة على صحة المواطنين والمقيمين ، وعلاجهم مجانا ، بل و من أول الدول في إحضار اللقاحات ، والبدء في توزيعها ، غير أني أنبه لأمر مهم لنفسي ولإخواني ، إياكم أن تكونوا بوقا ينقل الإشاعات بلا علم ولا روية ، ولا تتكلموا فيما لا علم لكم به ، فنلحظ انتشار الشائعات التي تحذر من اللقاحات ، وإذا نظرت إلى من يتناقلها تجدهم عوام الناس وممن لا علم لهم بذلك ، ولله الحمد أن الأمر اختياري فمن شاء أخذ اللقاح ومن شاء تركه ، ولكن لا تثير الرعب بين الناس بلا علم ، فهؤلاء كبار الدولة وساستها قد أخذوه ، ومن شاء أخذه بسهولة ويسر ، ومن شاء تركه ، وكل ذلك لا ينافي التوكل على الله ، بل هو من فعل السبب ، وفعل السبب من التوكل على الله .
اللهم ارحم ضعفنا ، واغفر ذنبا ، وتوفنا مع الأبرار ...