(خطبة) وقفات مع حرب أوكرانيا

خالد الشايع
1443/07/30 - 2022/03/03 15:27PM

الخطبة الأولى ( وقفات مع أحداث أوكرانيا )    1/8/1443

أما بعد فيا أيها الناس : إن الله حكيم في أفعاله ، (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) وذلك أن الحكم قد تخفى على البعض ، وإن الله من حكمته قد جعل الأيام تتداول بين الناس ، الفقير يصبح غنيا ، والغني يصبح فقيرا ، والمؤمن كافرا والكافر مؤمنا ، والقوي ضعيفا والضعيف قويا ، وهكذا ، قال تعالى  : ( وتلك الأيام نداولها بين الناس )  

عباد الله : إن الناس في حياتهم ، يعيشون الماديات المحسوسة أكثر من الغيبيات ، إلا من قوي إيمانه ، وعظم توكله على الله ، ونحن نعيش صراعا بين بعض دول الكفر التي طالما ظلمت المسلمين جماعات وأفرادا ، واسترخصوا دماءهم ، فإذا بهم يسقون بنفس الكأس ، فيقتل بعضهم بعضا ، ويظلم بعضهم بعضا ، وإن المسلم لا يستهزئ بأحد ولا يسخر من أحد ، ولكن يحمد الله على ضعف الكفر وتسلط بعضه على بعض ، وانشغالهم بأنفسهم .

وإن المسلم ليقف وقفات مع هذه الأحداث :

فمن تلك الوقفات : مداولة الأيام بين الناس ، فبالأمس روسيا تقاتل في سوريا ، وتقتل الأبرياء ، واليوم تنصب عليها الأسلحة ، وتدار الحرب عليها ، فعلى الظالم تدور الدوائر .

ومنها : أنه إذا وقع قتال بين الدول  الكافرة ، المؤمن يفرح لأنها تضعفهم ، وتشغلهم عن بلاد المسلمين ، ولا نستهزئ بهم ولا نسخر ، بل نحمد الله على ذلك لما في قتالهم من مصالح للمسلمين ، وندعو بالعافية للمسلمين في كل مكان .قال الإمام الذهبي رحمه الله في تاريخه : في سنة 582 هـ وقع خلاف بين الفرنج لعنهم الله ، وتفرقت كلمتهم ، وكان في ذلك سعادة الإسلام .

ومنها : معرفة نوايا الغرب علانية ، وبألسنتهم وتصرفاتهم ، وإلا فهي معروفة كما أخبرنا الله في كتابه ، فهاهم يكيلون بمكيالين ، فنظرتهم تغيرت لما غزت روسيا دولة نصرانية ، وكلامهم اختلف ، وتعاطفهم صريح ، بعكس كلامهم ونظرنهم ، لما حاربت روسيا في سوريا ، ولما حاربت أمريكا في العراق .

فدماء المسلمين رخيصة ، ودماء النصارى واليهود غالية عندهم ، فدل على أن كل الشعارات البراقة التي ينادون بها ، ومزاعم الحرية التي يتشدقون بها تلاشت عند مصالحهم .

ومنها : أن المسلمين يحاربون في كل أنحاء المعمورة وذلك لضعفهم ، ولبعدهم عن دينهم الحق ، ومتى رجع المسلمون لدينهم ، رجعت لهم عزتهم وقوتهم .

ومنها : أن يسعى المسلمون لتقوية صفوفهم وجيوشهم ، ويوحدوا كلمتهم ، ليكونوا يدا واحدة على من عاداهم ، فلا خير في الضعف والخور ، فانظر إلى روسيا ، في زمن التقدم ، لا تبالي بأحد ، وتغزو جارتها ، وتصادر حريتهم ، وتستولي على خيراتهم ، أمام نظر العالم أجمع ، وتهدد كل أحد من أن يتدخل ، وتهدد بالحرب النووية ، والجميع لا يملك إلا الكلام ، ولا يفكروا في الدخول للحرب لنصرة المظلوم كما يقولون ، وهنا يعرف المسلم منزلة القوة .

ومنها : أن الحرب لا خير فيها ، فهي دمار ، واستنزاف للخيرات والموارد ، وذهاب للأرواح.

اللهم ارم الظالمين بالظالمين ، وأخرج المسلمين من بينهم سالمين

أقول قولي هذا ........

الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : إن الله ناصر دينه ، ومعز أولياءه ، ولكن ذلك مشروط بنصر الله ودينه ، كما قال سبحانه ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )

عباد الله : تدور إشاعات بأن حربا عالمية ثالثة ستقع ، ويدب الخوف في قلوب بعض الناس ، ويخافون من المستقبل ، ولمثلهم أقول : أولا تعلمون أن المستقبل بيد الله تعالى ، وأنه مدبر الأمور ، وأن الله قد كتب كل شيء عنده في اللوح المحفوظ ، وأنه لا مبدل لقدره ، وأنه قسم الأرزاق للناس وهم في بطون أمهاتهم ، فعلام الخوف والهلع ، وعلام الركض وراء الإشاعات والمرجفين .

معاشر المؤمنين : توكلوا على الله المدبر لكل شيء ، ولا يقلقكم الخوف والجزع ، فلن تموت نفس قبل يومها ، ولن تموت حتى تستكمل رزقها ، ولن يصيبها إلا ما كتب الله لها .

روى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ) 

أيها الناس : لقد خلق الله الخلق لعبادته ، وتكفل برزقهم ومعاشهم ، فمن توكل على الله كفاه ، ومن استنصر به نصره ، ومن اعتمد عليه أعانه ، فلا تلتفتوا لغيره ، فما يملك غيره إلا الضعف والخور ، والغش والخداع .

اللهم رد المسلمين لدينك ردا جميلا يارب العالمين

المرفقات

1646321275_وقفات مع أحداث أوكرانيا.docx

المشاهدات 2111 | التعليقات 0