خطبة : ( وابك على خطيئتك )

عبدالله البصري
1436/05/08 - 2015/02/27 04:38AM
وابك على خطيئتك 8 / 5 / 1436
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوى اللهِ ، فَاتَّقُوهُ ـ تَعَالى ـ وَارجُوا رَحمَتَهُ وَخَافُوا عَذَابَهُ ، وَاقْدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ وَاخشَوا أَلِيمَ عِقَابِهِ " وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثم تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، في أَزمِنَةِ تَسَارُعِ الأَحدَاثِ وَتَوَالي المُستَجِدَّاتِ ، وَتَكَاثُرِ القَضَايَا وَتَنَوُّعِ المُشكِلاتِ ، مَعَ تَعَدُّدِ المَصنُوعَاتِ وَالمُختَرَعَاتِ ، وَالتَّكَالُبِ على المُغرِيَاتِ وَالمُلهِيَاتِ ، إِذْ ذَاكَ يُصبِحُ مِن غَيرِ المُستَنكَرِ وَإِن كَانَ قَرِيبًا مِنَ المُنكَرِ ، أَن تَستَرسِلَ النُّفُوسُ في مُتَابَعَةِ مَا لا تَنفَعُهَا مُتَابَعَتُهُ ، وَتَستَلِذَّ الخَوضَ فِيمَا لا يُفِيدُهَا الخَوضُ فِيهِ ، وَتُقَطِّعَ الوَقتَ فِيمَا لا تَملِكُ تَغيِيرَهُ ، بَل وَلا تُبَالِيَ بِالمُسَارَعَةِ في تَتَبُّعِ العَوَراتِ ، وَالاشتِغَالِ بِالعَثَرَاتِ وَالسَّقَطَاتِ ، وَالانصِرَافِ إِلى النَّقدِ الجَارِحِ الهَادِمِ ، وَالغَفلَةِ عَنِ العَمَلِ الجَادِّ البَنَّاءِ . وَالسَّعِيدُ الحَمِيدُ ـ يَا عِبَادَ اللهِ ـ مَن عَلِمَ أَنَّ العُمُرَ قَصِيرٌ ، وَتَيَقَّنَ أَنَّ الرَّحِيلَ سَرِيعٌ ، وَأَنَّهُ لا يَهتَمُّ بِالصَّغَائِرِ إِلاَّ الصِّغَارُ ، وَلا يُفَتِّشُ عَنِ المَسَاوِئِ إِلاَّ البَطَّالُونَ الفَارِغُونَ ، وَأَنَّهُ مَا شَغَلَ أَحَدٌ نَفسَهُ بما لا يُفِيدُ ، إِلاَّ عَظُمَ انصِرَافُهَا عَمَّا يُفِيدُ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ وَتَفَكَّرَ مُتَفَكِّرٌ ، لَعَلِمَ أَنَّ كَثِيرًا مِن مُشكِلاتِ الأُمَّةِ وَمَآسِيهَا ، وَغَالِبَ آلامِ النَّاسِ وَأَوجَاعِهَا ، وَمَنشَأَ ضِيقِ صُدُورِهَا وَتَكَدُّرِ نُفُوسِهَا ، هُوَ المُبَالَغَةُ في الاشتِغَالِ بشُؤُونِ السِّيَاسَةِ وَكَثرَةُ مُتَابَعَتِهَا ، وَشِدَّةُ الاهتِمَامِ بِقَضَايَا الاقتِصَادِ وَالانصِرَافُ إِلَيهَا ، وَنَقدُ هَذَا وَذَمُّ ذَاكَ ، وَشَكوَى فُلانٍ وَالقَدحُ في عَلاَّنٍ ، مَعَ الذُّهُولِ عَن أَلَدِّ الأَعدَاءِ ، وَالغَفلَةِ عَن أَكبَرِ مَصادِرِ الشَقَاءِ ، أَلا وَهُوَ تِلكَ النُّفُوسُ الضَّعِيفَةُ الهَزِيلَةُ ، الَّتِي لم تُزَكَّ بما أَرَادَهُ اللهُ ، بَل دُسِّيَت وَدُنِّسَت بِمُخَالَفَةِ أَمرِهِ وَالوُقُوعِ فيما نَهى عَنهُ ، وَالسَّيرِ في مُشتَهَيَاتِهَا وَالاندِفَاعِ مَعَ مُبتَغَيَاتِهَا ، أَجَل ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ عَامَّةَ الصَّلاحِ وَبِدَايَةَ الإِصلاحِ ، لا يَكُونُ إِلاَّ بِإِصلاحِ النُّفُوسِ مِن دَاخِلِهَا ، وَإِلزَامِهَا مَوَارِدِ الحَقِّ وَالهُدَى ، وَالبُعدِ بها عَن مَوَاطِنِ البَاطِلِ وَالرَّدَى ، وَعَلَى ضِدِّ ذَلِكَ يَكُونُ الفَسَادُ وَالإِفسَادُ ، يَعرِفُ ذَلِكَ وَيَتَيَقَّنَ مِنهُ مَن تَأَمَّلَ قَولَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " مِن حُسنِ إسلامِ المَرءِ تَركُهُ ما لا يَعنِيهِ "
إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ لَيُبَيِّنُ أَنَّ تَركَ مَا لا يَعنِي المَرءَ وَلا يَخُصُّهُ ، لا تَقوَى عَلَيهِ إِلاَّ القُلُوبُ السَّلِيمَةُ وَالنُّفُوسُ الزَّاكِيَةُ ، الَّتي تَنطَوِي صُدُورُ أَصحَابِهَا عَلَى الصَّفَاءِ ، وَلا تَحمِلُ غَيرَ الطُّهرِ وَالنَّقَاءِ .
عِبَادَ اللهِ ، إِنَّ العَبدَ الَّذِي حَسُنَ إِسلامُهُ ، لا يَشتَغِلُ بما لا يَعنِيهِ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَفعَالِ ، فَضلاً عَن أَن يُفتَتَنَ بما لا يَعنِيهِ مِنَ المُحَرَّمَاتِ وَالمُشتَبِهَاتِ ، أَو يَتَعَلَّقَ بِالمَكرُوهَاتِ وَفُضُولِ المُبَاحَاتِ ، الَّتِي لا تَندَفِعُ بها عَنهُ ضَرُورَةٌ ، ولا تَحصُلُ لَهُ بها حَاجَةٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ ضَيَاعٌ لِوَقتِهِ وَتَبدِيدٌ لِجُهدِهِ . أَلا وَإِنَّ مِن أَولى ما يَجِبُ عَلَى المَرءِ اجتِنَابُهُ مِمَّا لا يَعنِيهِ ، شَهوَةَ الكَلامِ وَإِطلاقِ الأَلسِنَةِ ، وَفُضُولَ التَنَصُّتِ وَالاستِمَاعِ وَالتَّتَبُّعِ ، فَكَم مِن خَائِضِينَ فِيمَا لا يَعنِيهِم ، وَمُتَكَلَّمِينَ فِيمَا لا يَنفَعُهُم ، وَمُستَمِعِينَ إِلى أُمُورٍ قَد طَهَّرَ اللهُ منها أَيدِيَهُم وَأَرجُلَهُم ، فَأَبَوا إِلاَّ أنْ يَلُوكُوهَا بِأَلسِنَتِهِم وَيَفتَحُوا لها آذَانَهُم ، غَافِلِينَ أَو مُتَغَافِلِينَ عَن أَنَّ مُوبِقَاتِ الأَسمَاعِ وَالأَلسِنَةِ ، قَد تَكُونُ أَعظَمَ مِن مُوبِقَاتِ الأَيدِي وَالأَرجُلِ ، وَأَنَّ صَلاحَ الأَلسِنَةِ وَاستِقَامَتَهَا صَلاحٌ لِلقُلُوبِ وَاستِقَامَةٌ لَهَا ، فَفِي الصَّحِيحَينِ قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ العَبدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيها يَزِلُّ بها في النَّارِ أَبعَدَ مِمَّا بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ "
وَرَوَى أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَنهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أَنَّهُ قَالَ : " وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم ؟! "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَولاً سَدِيدًا . يُصلِحْ لَكُم أَعمَالَكُم وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم "
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " لا يَستَقِيمُ إِيمَانُ عَبدٍ حَتَّى يَستَقِيمَ قَلبُهُ ، وَلا يَستَقِيمُ قَلبُهُ حَتَّى يَستَقِيمَ لِسَانُهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ رَفَعَهُ قَالَ : " إِذَا أَصبَحَ ابنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ ـ أَيْ تَخضَعُ لَهُ ـ فَتَقُولُ : اتَّقِ اللهَ فِينَا ؛ فَإِنَّمَا نَحنُ بِكَ ، فَإِنِ استَقَمتَ استَقَمنَا ، وَإِنِ اعوَجَجتَ اعوجَجنَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَدِ اتَّسَعَ مَيدَانُ الكَلِمَةِ في هَذَا الزَّمَانِ وَتَنَوَّعَتْ وَسَائِلُهَا ، وَتَعَدَّدَت مَصَادِرُها وَعَظُمَ أَثَرُها وَخَطَرُها ، فَصَارَ مِنهَا المَسمُوعُ وَالمَكتُوبُ وَالمُشَاهَدُ ، وَالمُبَالَغُ فِيهِ وَالمَكذُوبُ وَالمُلَفَّقُ ، في صُحُفٍ وَمَجَلاَّتٍ ، وَإِذَاعَاتٍ وَقَنَوَاتٍ ، وَبَرَامِجِ تَوَاصُلٍ وَشَبَكَاتِ معلوماتٍ ، في فُضُولِ كَلامٍ وَلَغوِ حَدِيثٍ ، وَخَوضٍ في أَعرَاضِ النَّاسِ وَتَتَبُّعٍ لِعَورَاتِهِم ، وَاشتِغَالٍ بِعُيُوبِهِم وَفَرَحٍ بِسَقَطَاتِهِم ، وَتَلَذُّذٍ بِإِشَاعَةِ مَثَالِبِهِم وَنَشرِ مَعَايِبِهِم .
وَيَا للهِ ، كَم أَدَّى الجَهلُ بِعَظِيمِ الجُرمِ بِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ، إِلى التَوَسُّعِ في السُّؤَالِ عَن أَحوَالِ النَّاسِ وَأَخبَارِهِم ، وَاهتِمَامٍ غَيرِ لائِقٍ بِدَوَاخِلِ أُمُورِهِم وَالخَاصِّ مِن شُؤُونِهِم ، مِن غَيرِ دَاعٍ صَحِيحٍ وَلا سَبَبٍ مَشرُوعٍ ، وَأَعظَمُ مِن ذَلِكَ وَأَسوَأُ ، مَا يَحصُلُ مِن عَدَدٍ مِن ضِعَافِ الدِّينِ وَقَلِيلِي المَروءَةِ ، مِن خَوضٍ في أَعرَاضِ أَهلِ الخَيرِ وَالصَّلاحِ ، وَتَنَاوُشٍ لأَهلِ الكَفَافِ وَالعَفَافِ ، وَتَحرِيشٍ خَفِيٍّ وَجَلِيٍّ ، وَغَمزٍ وَهَمزٍ وَلَمزٍ ، وَاتِّهَامٍ لِلعَقَائِدِ وَاعتِدَاءٍ عَلَى النِّيَّاتِ وَالمَقَاصِدِ .
وَمِنَ الاشتِغَالِ بما لا يَعنِي : تَكَلُّمُ المَرءِ فِيما لا يُحسِنُهُ ولا يُتْقِنُه ، وَتَعَرُّضُهُ لما لا يَعلَمُه وَلا يُحكِمُهُ ، مِمَّا لَيسَ دَاخِلاً في تَخَصُّصِهِ وَلا تَصِلُ إِلَيهِ خِبرَتُهُ ، وَأَسوَأُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ وَأَفدَحُهُ وَأَشنَعُهُ ، التَّعَرُّضُ لأُصُولٍ وَثَوَابِتَ قَد اتَّفَقَت عَلَيهَا كَلِمَةُ الرَّاسِخِينَ مِن أَهلِ العِلمِ ، وَادِّعَاءُ أَنَّها مِن مَسَائِلِ الخِلافِ ، لا لِفَضلِ عِلمٍ عِندَ صَاحِبِهَا أَو مَزِيدِ بَحثٍ وَتَحقِيقٍ وَتَدقِيقٍ ، وَلَكِنْ حُبًّا لِلظُّهُورِ وَالبُرُوزِ وَالتَّصَدُّرِ وَصَرفِ الأَنظَارِ ، وَرَغبَةً في الغَلَبَةِ وَالانتِصَارِ لِلنَّفسِ وَالتَّعَالُمِ ، أَوِ اندِفَاعًا مَعَ إِملاءَاتٍ شَيطَانِيَّةٍ في التَّعالي وَانتِقَاصِ الآخَرِينَ وَالحَطِّ مِن أَقدَارِهِم ، وَيَزدَادُ الأَمرُ بَلاءً إِذَا قَادَ إِلى جِدَالٍ وَمُشَاكَسَاتٍ وَمُلاسَنَاتٍ ، وَتَوَسُّعٍ في الظُّنُونِ وَالاتِّهَامَاتِ ، وَنَشرٍ لِقَالَةِ السُّوءِ وَبَثٍّ لِلأَكَاذِيبِ وَالشَّائِعَاتِ ، وَتَلفِيقٍ لِلأَخبَارِ وَافتِرَاءٍ لِلكَذِبِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ في اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ . ثَانِيَ عِطفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُ في الدُّنيَا خِزيٌ وَنُذِيقُهُ يَومَ القِيَامَةِ عَذَابَ الحَرِيقِ . ذَلِكَ بما قَدَّمَت يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الاشتِغَالَ بما لا يَعنِي ، يُورِثُ قِلَّةَ التَّوفِيقِ وَفَسَادَ الرَّأيِ ، وَخَفَاءَ الحَقِّ وَقَسوَةَ القَلبِ ، وَمَحقَ بَرَكَةِ العُمرِ وَحِرمَانَ لَذَّةَ العِلمِ ، وَقِلَّةَ الوَرَعِ وَسُوءَ العَمَلِ ، وَالمُشتَغِلُ بما لا يَعنِيهِ ، لا تَرَاهُ إِلاَّ ضَعِيفَ الصِّلَةِ بِاللهِ ، مُتَثَاقِلاً عَنِ الطَّاعَةِ ، جَاهِلاً بما يُصلِحُ شَأنَهُ ، مُقَصِّرًا فِيما يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ ، مُنصَرِفًا عَن مَعَالي الأُمُورِ إِلى سَوَاقِطِها ، مُفَرِّطًا في أَمَانَتِهِ ، غَافِلاً عَن مَسؤُولِيَّتِهِ ، مُستَسلِمًا لِعَجزِهِ وَكَسَلِهِ ، وَ" المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ " وَ" كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ "
فَاتَّقِ اللهَ ـ يَا عَبدَ اللهِ ـ فَإِنَّ المَسؤُولِيَّاتِ أَكثَرُ مِن أَن يَتَّسِعَ لها عُمُرُكَ القَصِيرُ ، وَعُمُرُكَ أَقصَرُ مِن أَن يُصرَفَ فِيمَا لا يَعنِيكَ ، وَتَركُ مَا لا يَعنِيكَ حِفظٌ لِلدِّينِ وَزَكَاءٌ لِلنَّفسِ وَتَربِيَةٌ عَلَى الجِدِّ ، فَلا تُضَيِّعْ نَفِيسَ أَنفَاسِكَ وَلا دَقِيقَ دَقَّاتِ قَلبِكَ " وَلاَ تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً "
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " لا خَيرَ في كَثِيرٍ مِن نَجوَاهُم إِلاَّ مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو إِصلاَحٍ بَينَ النَّاسِ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ ابتِغَاءَ مَرضَاةِ اللهِ فَسَوفَ نُؤتِيهِ أَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَمَن أَرَادَ صَلاحَ نَفسِهِ وَسَلامَةَ صَدرِهِ ، وَنُورَ قَلبِهِ وَرَاحَةَ بَالِهِ ، وَاستِجمَاعَ نَيِّتِهِ وَسَلامَةَ طَوِيَّتِهِ ؛ فَلْيَشتَغِلْ بِعَيبِ نَفسِهِ ، وَلْيَبكِ عَلَى خَطِيئَتِهِ ، وَلْيَتَجَنَّبْ عُيُوبَ النَّاسِ وَمَثَالِبَهُم . وَلا يَعني ذَلِكَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَن يَعِيشَ المَرءُ في مَعزِلٍ عَمَّا حَولَهُ وَيَترُكَ النَّصِيحَةَ ، أَو يُقَصِّرَ في وَاجِبِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، أَو يَنكُصَ عَنِ المُسَاهَمَةِ في إِصلاحِ النَّاسِ وَدِلالَتِهِم عَلَى الخَيرِ وَأَطرِهِم عَلَى الحَقِّ ، وَلَكِنَّ المَقصُودَ أَنَّهُ مَتى كَانَت مُخَالَطَةُ المُسلِمِ لِلنَّاسِ وَاشتِغَالُهُ بِأَحوَالِهِم ضَارَّةً لَهُ في عَقِيدَتِهِ أَو مُفسِدَةً لأَخلاقِهِ ، أَو مُؤَدِّيَةً بِهِ إِلى الذُّهُولِ عَن إِصلاحِ شَأنِهِ ، فَلْيَتَقَلَّلْ حِينَئِذٍ مِنَ الاشتِغَالِ بما لا يَعنِيهِ مِن شُؤُونِ الآخَرِينَ ، وَلْيَسعَ لإِصلاحِ نَفسِهِ وَحِمَايَتِهَا مِمَّا يَضُرُّهَا ، فَعَن عُقبَةَ بنِ عَامٍرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : " أَمسِكْ عَلَيكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعكَ بَيتُكَ ، وَابكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ وَمَيِّزُوا بَينَ مَا يَعنِيكُم وَمَا لا يَعنِيكُم ؛ وَسَلُوا اللهَ أَن يَهدِيَكُم لما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ ؛ فَإِنَّهُ ـ تَعَالى ـ يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ .
المرفقات

وابك على خطيئتك.doc

وابك على خطيئتك.doc

وابك على خطيئتك.pdf

وابك على خطيئتك.pdf

المشاهدات 3684 | التعليقات 4

"لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل "

جزاك الله خيراً شيخنا المبارك ونفع بعلمك وقلمك ..


جزاك الله خير على ما تقدم وتنفع اخونك الخطباء


جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا شيخ عبد الله ونفع بك