خطبة .موعظة

عبدالوهاب بن محمد المعبأ
1438/08/15 - 2017/05/11 23:24PM
خطبة الجمعة
موعظة
إعداد وترتيب
عبدالوهاب المعبأ16شعبان 1438هـ
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هدى للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، هدى به من الضلالة، وذكر به من الغفلة, وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي كان خلقه القرآن، صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، ولا تكونوا ممن استولت عليهم الغفلة، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله والدار الآخرة، وغرتهم الأماني الباطلة، والآمال الخادعة؛ حتى غدوا وليس لهم همٌّ إلا في لذات الدنيا وشهواتها، فكيف حصلت حصّلوها، ومن أيّ وجه لاحت أخذوها، وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا لم يؤثروا عليه ثواباً من الله ورضواناً، (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) [الروم:7].
أما بعدإن الله سبحانه وتعالى خَلَق الخلْق، وبَعثَ إليهم النبيين والمرسلين، وأنزل معهم الكتبَ مبشرين للطائعين، ومنذرين للعصاة والمعاندين، ومذكِّرين للناسين والغافلين، وكان آخرَهم محمدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أرسله إلى الثقلين الإنس والجن، فذكَّر بعد نسيان، وأيقظ بعد غفلة، دون إكراهٍ أو إجبار، {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} (ق: 45). {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (الغاشية: 21، 22).
فلماذا كفَرَ الكافرون، وأشركَ المشركون، ونافق المنافقون؟
لماذا تكبَّرَ المتكبِّرون، وعصى العُصاة، وعاندَ المعاندون؟
لماذا وقع القتلُ من القتلة، وسكِرَ السكارى، وزنى الزناة؟
لماذا خرج الخوارج، وابتدع المبتدعة، وشعوذ المشعوذون؟
ولماذا سبَّ السابُّون، وفَضح الفاضحون، ولعن اللاعنون؟
ولماذا نقض عهودَهم الناقضون، وكَذَبَ الكذّابون، وخان الخائنون؟؟!!
والجواب: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (الزمر: 67).
فما ذاك إلاَّ عن غفلتهم عن عظمة الله العظيم، وقدرة الله القدير، ومُلكِ مالكِ يوم الدين، غفَلوا عن دين الله، وغفلوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغفلوا عن يوم الجزاء والحساب، يوم الثواب والعقاب.
عباد الله، ونحن نسير في دروب الحياة، ونتقلب على هذه الأرض، كم نحن بحاجة إلى وقفة روحانيةٍ نجدِّدُ فيها الإيمان في القلوب، ونزيل عنها غبار الغفلة والذنوب!.
عباد الله: ونحن في غفلة الحياة، كثيرًا ما نفاجأ باتصال أو رسالة أو غير ذلك أن فلانًا مات، وقد كان في كامل صحته وعافيته، وذلك مصداق حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مِن اقتراب الساعة أن يرى الهلالُ قُبُلاً فيقال لليلتين، وأن تُتَّخذ المساجد طرقاً، وأن يظهر موت الفجأة" رواه الطبراني وحسَّنه الألباني.
فعجبًا لنا! كيف نتجرأ على الله وأرواحنا بيده؟ وكيف نستغفل رقابته والموت بأمره؟.

وقد روي أن ملك الموت دخل على داود عليه السلام فقال: من أنت؟ فقال ملك الموت: أنا مَن لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرشوة، قال: فإذًا أنت ملك الموت؟! قال: نعم، قال: أتيتني ولم أستعدَّ بعد؟! قال: يا داود، أين فلان قريبك؟ أين فلان جارك؟ قال: مات، قال: أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد؟!.

هُوَ المــــَوْتُ مَا مِنْهُ مَلَاذٌ وَمَهْرَبُ *** مَتَى حَطَّ ذا عن نَعْشِهِ ذاك يركَبُ
نؤمِّلُ آمالاً و نرجُو نِتَاجَها *** وعلَّ الرَّدَى عَمَّا نُرَجِّيهِ أقْرَبُ
إلى الله نشكو قسوةً في قُلُوبِنَا *** وفِي كُلِّ يومٍ واعِظُ الموتِ ينْدبُ

تعالَوا بنا اليوم نؤمنْ ساعة، تعالوا بنا اليوم نجلس مع أنفسنا جلسة تزكية ومصارحة، نقلب فيها بعض الصفحات، ونستلهم شيئاً من العظات، لعل الله تعالى أن يجمعنا في غرفات الجنات.
تَزَوَّدْ مِن الدنيا فإنَّكَ لا تدْرِي *** إذا جَنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجْرِ
فكَمْ مِنْ صَحيحٍ ماتَ مِن غيرِ عِلَّةٍ *** وكَمْ مِن سقيمٍ عاش حيناً من الدَّهْرِ
وكمْ من صِغارٍ يُرتَجى طولُ عُمْرِهم *** وقَدْ أُدخِلَتْ أجسادُهم ظُلمةَ القبرِ
وكم من عروسٍ زيَّنُوها لزوجِها *** وقد نُسِجَتْ أكفانُها وهْيَ لا تَدْرِي

أيها المسلمون: أيها المسلمات: وصية محمد -صلى الله عليه وسلم-: "أكْثِروا من ذكر هادم اللَّذَّات، فما ذكره أحد في ضيقٍ من العيش إلا وسَّعَه، ولا سَعَةٍ إلا ضيَّقَها". كلام مختصر وجيز، قد جمع التذكرة، وأبلغ في الموعظة.

وقد قيل: مَن أكثر ذكر الموت أُكْرِمَ بثلاثة: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة؛ ومن نسي الموت عوجل بثلاثة: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل بالعبادة.

واعلموا أن تذكّر الموت لا يعني كثرةَ الحزن وطول النحيب مع الإقامة على التفريط، إن تذكرنا للموت يجب أن يقترن بخوفنا من سوء الخاتمة.

والأعمال بالخواتيم، كما في حديث ابن مسعود المتفق عليه، يقول الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: "فوالله الذي لا إله غيره! إن أحدكم لَيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها". فياليت شعري! كيف تكون خاتمتنا؟ وبم يختم الله أعمارنا وأعمالنا؟.

لما حضرت محمدَ بن المنكدر الوفاة بكى، قيل له: ما يُبكيك؟ قال: والله ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته، ولكن أخاف أني أتيت شيئًا حسبته هينًا وهو عند الله عظيم.
عباد الله وقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا في الناس فقال لهم: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء -وحقّ لها أن تئطَّ-، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجدا، والله! لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرُش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله".

فخفض الناس رؤؤسهم، وكبُّوا وجوههم، وأخذوا يبكون، حتى سُمع لهم خنينٌ وضجيج من البكاء. إنها موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، وارتعدت منها الفرائص.

عباد الله: لو نظرنا في أنفسنا، وتأملنا في أحوالنا؛ لوجدنا -إلا من رحم الله منا- أننا غرقنا في دنيانا، وتبعنا شهواتنا وملذاتنا، وغرتنا زخارف الدنيا، وبهارجها، فصارت أعمالنا للدنيا، وتفكيرنا في الدنيا، وذهابنا وإيابنا وغدونا ورواحنا، هو من أجل الدنيا، وصارت الدنيا هي الأصل عندنا، والآخرة هي الفرع.

ألهتنا الدنيا عن أداء صلواتنا، وحالت بيننا وبين القيام بعباداتنا، وأوقعتنا في ارتكاب المحارم، وفعل الفواحش، وأكل الحرام، طمعاً في متاعها الزائل، وغرورها الذاهب، يقول الله -تبارك وتعالى- محذراً لنا من غرورها، وداعياً إيانا إلى الانتباه من الوقوع في مفاتنها وشباكها: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[فاطر: 5].

فيا من قطَعْتَ صلتك بالمساجد، ماذا تقول إذا بلغت الروح الحلقوم؟ ويا مَن أنشأت أولادك على الفساد، وجلبت لهم ما يسيء إلى القيم والاعتقاد، ويا مَن أدمنت الخمور والحرام ، ووقعت في الزنا وهتك الحرمات، ويا مَن ظلَمْتَ العباد وسعيت بالفساد، هل ستوفق للنطق بالشهادتين عند الموت أم سيُحال بينك وبينها كما فعل بغيرك؟! (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَـاعِهِم مّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكّ مُّرِيبِ) [سبأ:54].

يا هاتِكَ الحرمات لا تفعَل، يا واقعًا في الفواحشِ أما تستحي وتخجَل؟! يا مبارزًا مولاكَ بالخطايا تمهَّل، فالكلام مكتوب، والقولُ محسوب، (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار:10-12]، اللهم إنا نشكو إليك غفلتنا، ونتوب إليك مما فعلته أيدينا، وارتكبته أنفسنا، ونستغفرك مما علمنا من خطايانا ومالم نعلم.
والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
تفكَّرْ في مشيبِكَ والمآبِ *** ودفنِك بعد عِزِّكَ في الترابِ
إذا وافيتَ قبراً أنت فيه *** تُقيم به إلى يوم الحسابِ
خُلِقْتَ من التراب فعُدتَّ حياً *** وعُلِّمْتَ الفصيحَ من الخطابِ
وعُدتَّ إلى التراب فصِرْتَ فيه *** كأنَّكَ ما خرجْتَ مِن التُّرَابِ
تذكر إذا ارتجف قلبك، وازداد فزعك، واندهش عقلك، وحانت ساعتك؛ فيا له من موقف ما أعظمه! ومنظر ما أفظعه! ويوم ما أهوله! (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُون * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون:99-100].
إننا –والله- نخاف على أنفسنا أن يدركها الأجل، ونحن على هذه الأحوال السيئة، أو يأتينا الموت من دون توبة، أو يحال بيننا وبين الرجوع والأوبة، أو تخذلنا أعمالنا وسيئاتنا في لحظات الوداع الأخيرة لهذه الحياة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)[الحشر: 18-20].

ويقول سبحانه وتعال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المنافقون: 9-11].
دخل يزيد الرقاشي الزاهد الواعظ على عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين -رحمه الله- فقال له عمر: "عِظْنِي يا يزيد؟ قال: اعلم يا أمير المؤمنين، أنك أول خليفة تموت، فبكى عمر، ثم قال: "زدني يا يزيد؟" قال: يا أمير المؤمنين، ليس بينك وبين آدم إلا أبٌ مَيِّت، فبكى عمر، وقال: "زدني يا يزيد؟" قال: يا أمير المؤمنين، ليس بين الجنة والنار منزلة، فسقط عمر مغشيًا عليه -رحمه الله-.

ويحكى أن ميمون بن مهران لقي الحسن البصري، المعروف بزهده وورعه، فقال له ميمون: "قد كنت أحب لقاءك فعظني؟ فقرأ عليه الحسن البصري -رحمه الله- قول الله -سبحانه وتعالى-: (أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)[الشعراء: 205-207]. فقال: عليك السلام أبا سعيد، لقد وعظت فأحسنت الموعظة".
وعندما مرض الإمام الشافعي -رحمه الله- مرَض الموت قالوا له: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: أصبحت عن الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقًا، ولسوء عملي ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله تعالى وارِدًا؛ ولا أدري روحي تصير إلى الجنة فأُهَنّيها، أم إلى النار فأُعَزّيها؟ ثم أنشد يقول:
ولمــَّا قسا قلبي وضاقتْ مَذاهبِي *** جعلتُ رجائي نحوَ عفْوِكَ سُلّمًا
تعاظَمَني ذنبي فلمــَّا قرنتُه *** بعفْوِكَ ربِّي كان عفوُكَ أعْظَمًا
عباد الله: علينا جميعاً: أن نحاسب أنفسنا قبل الحساب، وأن نتوب إلى الله من ذنوبنا، ونستغفره منها، قبل غلق الباب، وأن نصحح وضعنا، ونؤدي فرائضنا، ونقوم بواجباتنا قبل أن نتمنى أن نفعل ذلك فيقال لنا: هيهات هيهات
وهناك حديث يهز المشاعر الايمانية والله لو سمع قلبك هذا الحديث والله لتقطع الما ودما
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة" متفق عليه.

عباد الله هل امنا ان الله مطلع على كل اعمالنا لماذا نغفل هل نحن اشقياء حتى اصبنا بداء الغفلة لذا كلنا نعرف ذنوبنا، ونعرف معاصينا، ونعرف السيئات التي نمارسها ونفعلها، ونكثر منها وندمنها، فما علينا إلا أن نقبل على الله، وننطرح بين يدي الله، ونسأله العفو والغفران، والصفح والأمان، والمغفرة والإحسان، وتوبة تجلوا أنوارها ظلمات الإساءة والعصيان، فإن ربنا رحيم غفور كريم، يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه: (وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) [هود: 90].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[التحريم: 8].

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللهَ -تعالى- يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".
فتب إلى الله -يا عبد الله- قبل أن تنتقل من الدور إلى القبور، ودَعْ عنك التفريط والزلل ما دمت في فسحة من الأجل، واعمل اليوم عملا صالحا ما دمت في دار المهلة والعمل، وحاسب نفسك قبل أن تأتيك الأهوال، ويشتد بك النكال، (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ) [آل عمران:30]،
عباد الله: تفكروا في الدنيا وسرعة زوالها، واستعدوا للآخرة وأهوالها؛ فكل يوم يمر علينا يدنينا من الأجل، ويقربنا من الله -عز وجل-، وخيرنا من طال عمره وحسن عمله، وشرنا من طال عمره وساء عمله.
عباد الله: إن ربنا -سبحانه وتعالى- ينادينا ليتوب علينا، ينادينا ليغفر لنا، ينادينا ليبدل سيئاتنا حسنات، فيقول لنا:هل من مستغفر فأغفر له وذلك كل يوم في الثلث الاخير من اليوم
أخوكم عبدالوهاب المعبأ
773027648
المشاهدات 1618 | التعليقات 0