خطبة: مِن أينَ لكَ هذا؟
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: مِن أينَ لكَ هذا؟
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
لقد حَذّرَنا دينُنا الحنيفُ مِن الأَثَرَةِ والجَشَعِ والفسادِ، فإنّها سببٌ لتأخّرِ الأمّةِ وفَشلِ خِططِها ورؤيتِها وتَنميتِهَا، وقد حَاربتْ حكومتُنا الرّشيدةُ الفسادَ، وأَعلنَ وليُّ العهدِ حفظَه اللهُ عن مُلاحقةِ المفسدين، ومُحاسبةِ كلِّ مَن يَتَعَدَّى على المالِ العامِّ للمسلمين. فقد نَهَى اللهُ تعالى عن الفسادِ فقال: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) وقالَ رسولُ اللهُ صلى اللهُ عليه وسلم: إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ - أيْ يَتَصَرَّفونَ بأموالِ المسلمينَ ويَأخُذونَ منها بالباطل - فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ. وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: ما بَالُ العاملِ نَبْعَثُه فيجيءُ فيقولُ: هذا لكم وهذا أُهْدِيَ إِلَيّ، أَلا جَلسَ في بيتِ أُمِّه أو أبيه، فيَنظرَ أَيُهدى له أم لا؟ لقد جاءتْ تَعاليمُ الإسلامِ تَحُثُّ على تَحَرِّي المالِ الحلالِ والكسبِ الطّيِّب، ففيه الخيرُ والبركةُ والسّعادةُ والتّوفيقُ والنّماء، وتُحَذِّرُ مِن المالِ الحرامِ فإنّه مَقْتٌ وسُحْتٌ وسَبَبٌ لرَدِّ الدّعاء، فَلْيَسْتحضرْ كلُّ مَسؤولٍ أنّه سيُسألُ يومًا: مِن أينَ لكَ هذا؟ فأَعِدُّوا للسّؤالِ جَوابًا، وللجوابِ صوابًا، فالسّعيدُ مَن لَقِيَ اللهَ خاليَ البطنِ مِن أموالِ المسلمين، طاهرَ اليدينِ عفيفَ اللّسانِ سليمَ الجَنَان، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وتَجَنّبوا المالَ الحرام، واتركوا المُشتبهاتِ، فمَن تَرَكَ شيئًا للهِ عوّضَه اللهُ خيرًا منه (وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ) وتَواصوا جميعًا على الأمانةِ والنّزاهة، وعلى رَفْضِ الفسادِ والمفسدين، ففي ذلك الخيرُ والرّفعةُ والسَّعَةُ في الدّنيا والآخرة (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشّركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأَنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في غزّةَ وفلسطينَ، وفي كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ عليك باليهودِ ومَن ناصرَهم فإنّهم لا يُعجزونَك، اللهمّ أَنزلْ بهم بأسَك الذي لا يُرَدُّ عن القومِ المجرمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصّالحةَ النّاصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رَشَدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدّعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
دعاء الاستسقاء،،،
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 24/ 5/ 1445هـ