خطبة من أصول أهل السنة وجوب السمع والطاعة

حسين بن حمزة حسين
1446/09/15 - 2025/03/15 15:42PM
إخوة الإيمان: أكمل اللهُ تعالى الدّين، ونظّم حياة أتباعِه بما يضْمنُ أمْنهم وعزّهم والتّمكين، قال تعالى ( اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا)، فمن نعمة الله تعالى على عباده، أن جمَعَهم على هذا  الدين الحنيف، وألّف بين قلوبهم، وجعلهم إخواناً متحابّين، وأخبر الله تعالى أنه لا تنتظم حياةَ الناس ومصالحَهم، إلا بطاعتهم لِلهِ ولرسوله، ثم لولاة أمرهم وهم الأمراء والعلماء، وحرّم الخروج عليهم، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)، فقد أمر الله بطاعته وطاعة رسوله، وأمر بطاعة أولي الأمر، فإنه لا يستقيم أمر الناس في دينهم ودنياهم بعد طاعتهم لله ورسوله إلا بطاعتهم والانقياد لولاة أمرهم في غير معصية الله، فالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف، وعدم معصيتهم والخروج عليهم بل وحمايتهم، يُمثل أصلاً من أصول أهل السنة والجماعة، ومنهجاً سار عليه السلف الصالح، جاء في سنن الدارمي، أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة). إخوة الإيمان:  إنّ لأولياء الأمور حقوقَاً واجبةً على كل مواطن يعيش على هذا الوطن، لا يسعُ أحداً التنصُّلُ منها أو الخروج عليها البتّة، بل ويجب الوفاء بها وحمايتها، وإنّ من أعظمها السمع والطاعة في غير معصية لله، قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَةً)) رَواهُ مُسْلِمٌ، وقال صلى الله عليه وسلّم ( السمعُ والطاعةُ حقٌّ على المرْءِ فيما أحَبَّ أوْ كرِهَ ما لمْ يُؤْمَرْ بِمعصيةٍ ، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمْعَ عليه ولا طاعةَ ) متفقٌ عليه، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ: إنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمع وَأُطِيعَ، وإنْ كانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأطْرَافِ) رواه مسلم ، والمرادُ بالسمع قبولُ كلامِهِ، والمرادُ بالطاعةِ امتثالُ أوامرهِ ونواهيه، بل أمرنا ديننا بالصبر على أولياء الأمور حتى إذا ظلموا وجاروا، وحرّم الخروج عليهم، حاشا أمراءنا وولاة أمورنا الظلم والجور والحمد لله، فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا، فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا، فَمَاتَ عَلَيهِ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) متفقٌ عليهِ، وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم ( أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهِ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ تَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ )رَواهُ مُسْلِمْ، فالواجب على المؤمن السمع والطاعة في المعروف، وأن يكون مع الجماعة، وأن يحذر الفرقةَ والاختلافَ؛ لأنَّ ذلك يُسبب الشرَّ والفساد والنزاع والفرقة والخلاف واختلال الأمن وضياع الأعراض والحقوق وهدر الدماء وانتشار السلب والنهب وفساد الدنيا والدين.   إخوة الإيمان: إنّ من أعظم الذنوب والكبائر والآثام، الخروجِ عَلَى الحكام بأي مسمى كان، بالجهاد أو بالثورات أو الانقلابات أوْ باسم إسقاطِ الحاكم، كما نسمع كثيرا من أجهزة الإعلام في البلاد المجاورة، أو غير ذلك، بل هو خُبث وخيانة ونذالة لأكثر الناس معروفاً عليك، ويتبنّى الخيانة في هذا الزمان وفي كل زمان الخوارج، ورؤوس الخوارج هذا الزمان فرقة جماعة الإخوان المفلسين وأخبثهمٍ فرقة السرورية، وفرقة جماعة التبليغ والرافضة- أعزكم الله -ومن انتمى إليهم، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، فكل من ينتمي إليهم أو يرضى بمنهجهم خائناً لدينه وأهله ووطنه، الخوارج شرار الخلق، كلاب أهل النار، يدعون أهل الأوثان، ويقتلون أهل الإسلام، يجب قتالهم وردعهم، وخروجهم خيانة عظمى يستحق صاحبها القتل تعزيراً، فعنْ عبادةَ بن الصامتِ رَضِي للَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَايَعَنَ رسولَ اللّه عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكَرَهِنَا، وَعَسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأْثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ»، قَالَ: (( إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ )) متفقٌ عليهِ، وعن عَرْفَجَة بِنِ شُريحِ رَضِ لِلَّه عَنْهُ قَالَ: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم يقولُ: ((مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَىٰ رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ)) رَواهُ مُسْلِمٌ، اللهم احفظ لنا ديننا وأمننا ووطننا، واحفظ لنا ولاة أمورنا على الحق المبين. أقول ما تسمعون الخطبة الثانية: قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : الخروج على ولي الأمر يُعَد كبيرة تستحق قتل صاحبها ولو كان مسلماً؛ عقوبة وتعزيراً وردعاً لأمثاله، هذا من باب دفع الشر الأعظم الذي يحصل ضد المسلمين بالشر الأقل الذي هو قتل هذا الشخص؛ لما في ذلك من القضاء على دابر الفتنة، إن كان مسلماً يُقتل ولو كان مسلماً؛ لأنه يريد شق عصا الطاعة، وتفريق الجماعة، والإخلال بالأمن، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرّق جماعتكم؛ فاقتلوه) فلم يقل النبيّ صلى الله عليه وسلم اسكتوا عنه، بل قال: (اقتلوه). وأخبث وأخطر الخوارج، الخوارج القعدية، وهم كما قال ابن حجر رحمه الله: " المحرّضون على الخروج على الحكام وإن لم يخرجوا، وقد سماهم أهل العلم بـ(القعدية)"، الذين يزينون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك. يقول ابن كثير رحمه الله "الخوارج القعدية شر من الخوارج الذين خرجوا على الأمة وولي أمرها بالسلاح" إخوة الإيمان: اعرِفُوا رعاكُمُ اللَّهُ لولاةِ أمرِكُمْ حقَّهمْ واجتهدُوا في الدّعاءِ لهمْ بالتوفيقِ والصّلاح والإعانةِ، وانظرُوا في حالِ البلادِ الَّتِي لمْ تقُمْ بحقوقِ ولاتِهَا فخرجُوا عليهِمْ ونازعوهُمْ ملكَهُمْ كيفَ عمّتْهَا الفوضَىٰ وجرَىٰ فيهَا منَ الفسادِ في الدّينِ والدّنيا ما لا يعلمُهُ إلّا اللَّهُ،
المشاهدات 100 | التعليقات 0