خطبة : ( من أخطاء المصلين )

عبدالله البصري
1440/06/23 - 2019/02/28 21:59PM
من أخطاء المصلين    23 / 6 / 1440
 
 
الخطبة الأولى :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، صِلَةُ العَبدِ بِرَبِّهِ صَلاتُهُ ، وَبِقَدرِ تَقوِيَةِ هَذِهِ الصِّلَةِ يَكُونُ تَوفِيقُهُ وَتَيسِيرُ أُمُورِهِ ، وَنَجَاحُهُ وَفَلاحُهُ في دُنيَاهُ وَأُخرَاهُ ، وَعَلَى قَدرِ ضَعفِهَا يُخذَلُ العَبدُ وَلا يُعَانُ ، وَيَبُوءُ بِالخَيبَةِ وَالخُسرَانِ ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ صَلاتُهُ ؛ فَإِنَّ صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ ، وَإِن فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ " رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَإِنَّهُ لا تَقوِيَةَ لِهَذِهِ الصِّلَةِ وَلا تَجوِيدَ لَهَا ، إِلاَّ بِالإِتيَانِ بِهَا كَمَا جَاءَت مِن عِندِ اللهِ عَن طَرِيقِ رَسُولِهِ المُبَلِّغِ عَنهُ ، وَالَّذِي لا نَجَاةَ إِلاَّ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ ، وَالتَّمَسُّكِ بِهَديِهِ وَالسَّيرِ عَلَى طَرِيقَتِهِ ، كَيفَ وَقَد خَصَّ الصَّلاةَ بِمَزِيدِ اهتِمَامٍ ، وَأَمَرَ أَن يُؤتَى بِهَا كَمَا جَاءَ بها هُوَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَقَالَ : " صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي " رَوَاهُ البُخَارِيُّ ، وَعِندَ مُسلِمٍ عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَأَى في أَصحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُم : " تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بي ، وَلْيَأتَمَّ بِكُم مَن بَعدَكُم ... " وَهَذَا الحَدِيثُ وَإِن كَانَ حَثًّا لَهُم عَلَى عَدَمِ التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّلاةِ ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ أَيضًا حَثًّا لَهُم عَلَى نَقلِ صِفَةِ صَلاتِهِ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لأُمَّتِهِ مِن بَعدِهِ ؛ وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى المُسلِمِ أَن يَتَعَرَّفَ صِفَةَ صَلاةِ النَّبيِّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَأَن يَتَفَقَّهَ فِيهَا ، فَيَعرِفَ أَقوَالَهَا وَأَفعَالَهَا ، وَحَرَكَاتِهَا وَهَيئَاتِهَا ، وَيُمَيِّزَ أَركَانَهَا وَوَاجِبَاتِهَا ، وَسُنَنَهَا وَمُستَحَبَّاتِهَا ، وَمُبطِلاتِها وَمَكرُوهَاتِها ، لِئَلاَّ يَقَعَ فِيمَا يَقَعُ النَّاسُ فِيهِ مِن أَخطَاءٍ وَمُخَالَفَاتٍ ، مَا كَانَ لَهُم أَن يَقَعُوا فِيهَا لَو أَنَّهُم حَرِصُوا عَلَى التَّفَقُّهِ في صَلاتِهِم وَالسُّؤَالِ عَن أَحكَامِهَا ، وَاستَفَادُوا مِن تَنبِيهَاتِ النَّاصِحِينَ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الكَلامُ في مُخَالَفَاتِ الصَّلاةِ وَأَخطَاءِ المُصَلِّينَ يَطُولُ ، وَالمُتَتَبِّعُ لِلوَاقِعِ يَرَى مِنهَا كَثِيرًا وَلِلأَسَفِ ، مِمَّا قَد يُبطِلُ بَعضُهُ الصَّلاةَ ، وَيُنقِصُ بَعضُهُ الأَجرَ ، مِن ذَلِكَ صَلاةُ بَعضِهِم جَالِسًا كُلَّ صَلاتِهِ ، وَهُوَ يَقدِرُ عَلَى القِيَامِ في بَعضِ أَجزَائِهَا ، يَأتي أَحَدُهُم يَمشِي عَلَى رِجلَيهِ حَتَّى يَقِفَ في الصَّفِّ ، ثم لا يُكَبِّرُ لِصَلاتِهِ حَتَّى يَجلِسَ عَلَى كُرسِيِّ ، ثم يَبقَى جَالِسًا طُولَ صَلاتِهِ ، وَهَذَا خَطَأٌ كَبِيرٌ ، إِذْ إِنَّ تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ في صَلاةِ الفَرِيضَةِ ، يَجِبُ أَن تَكُونَ مِن قِيَامٍ ، وَلا يَصِحُّ أَن يَأتِيَ بِهَا المُصَلِّي مِن جُلُوسٍ وَهُوَ يَستَطِيعُ أَن يُكَبِّرَ قَائِمًا ، وَهَذَا الَّذِي جَاءَ يَمشِي عَلَى رِجلَيهِ حَتَّى وَقَفَ في الصَّفِّ ، لا شَكَّ أَنَّهُ يَستَطِيعُ أَن يُكَبِّرَ وَهُوَ وَاقِفٌ ، وَمِن ثَمَّ وَجَبَ عَلَيهِ أَن يَنتَبِهَ لِذَلِكَ وَلا يَتَهَاوَنَ بِهِ ، ثم إِنِ استَطَاعَ أَن يَركَعَ أَيضًا وَهُوَ وَاقِفٌ وَجَبَ عَلَيهِ ذَلِكَ ، وَلَهُ بَعدَ ذَلِكَ إِن لم يَستَطِعِ السُّجُودَ وَالجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ عَلَى الأَرضِ أَن يَجلِسَ عَلَى كُرسِيِّهِ . وَمِنَ الأَخطَاءِ في تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ أَيضًا ، مَا يَقَعُ فِيهِ بَعضُ المَسبُوقِينَ ، حِينَ يَأتي وَالإِمَامُ رَاكِعٌ ، فَيَستَعجِلُ خَوفَ فَوتِ الرَّكعَةِ ، فَيَنحَني رَاكِعًا مُبَاشَرَةً مِن حِينِ وُقُوفِهِ في الصَّفِّ ، وَيُكَبِّرُ في أَثنَاءِ ذَلِكَ ، وَكَانَ الوَاجِبُ عَلَيهِ أَن يُكَبِّرَ تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثم يَركَعَ مُكَبِّرًا لِلرُّكُوعِ ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالمَسبُوقِينَ أَيضًا ، أَنَّ أَحَدَهُم يَستَعجِلُ فَيَقُومُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِن صَلاتِهِ قَبلَ تَسلِيمِ الإِمَامِ التَّسلِيمَةَ الثَّانِيَةَ ، وَهَذِهِ المَسأَلَةُ وَإِن كَانَت مَحَلَّ خِلافٍ بَينَ أَهلِ العِلمِ ، إِلاَّ أَنَّهُ يَنبَغِي لِلمُصَلِّي أَن يَحتَاطَ لِصَلاتِهِ ، فَلا يَخرُجَ مِنهَا إِلاَّ بَعدَ انقِضَائِهَا بِيَقِينٍ ، وَتَسلِيمِ الإِمَامِ التَّسلِيمَةَ الثَّانِيَةَ ، وَمِن أَخطَاءِ المَسبُوقِينَ أَيضًا وَخَاصَّةً الشَّبَابَ ، أَنَّ أَحَدَهُم يَنقُرُ مَا يَقضِي مِن صَلاتِهِ نَقرًا ، وَيَستَعجِلُ فِيهَا استِعجَالاً شَدِيدًا ، حَتى لَيَكَادُ أَحَدُهُم أَن يَقضِيَ رَكعَتَهُ الفَائِتَةَ وَالإِمَامُ لم يَلتَفِتْ إِلى المَأمُومِينَ بَعدُ ، وَمِثلُ هَذَا عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ ، وَحَرِيٌّ أَلاَّ تُقبَلَ صَلاتُهُ ، وَأَلاَّ يَنظُرَ اللهُ إِلَيهِ نَظَرَ رَحمَةٍ وَتَوفِيقٍ ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لا تُجزِئُ صَلاةُ الرَّجُلِ حَتى يُقِيمَ ظَهرَهُ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " لا يَنظُرُ اللهُ إِلى عَبدٍ لا يُقِيمُ صُلبَهُ بَينَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ : صَحِيحٌ لِغَيرِهِ . وَمِنَ الأَخطَاءِ القَرِيبَةِ مِن هَذَا مُسَابَقَةُ الإِمَامِ في الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ ، وَهُوَ خَطَأٌ شَنِيعٌ جَاءَ التَّحذِيرُ مِنهُ بِتَصوِيرِهِ بِأَشنَعِ الصُّوَرِ ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " أَمَا يَخشَى أَحَدُكُم إِذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِن رُكُوعٍ أَو سُجُودٍ قَبلَ الإِمَامِ أَن يَجعَلَ اللهُ رَأسَهُ رَأسَ حِمَارٍ ، أَو يَجعَلَ اللهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَمِنَ الأَخطَاءِ الإِسرَاعُ في المَشيِ حِينَ الذَّهَابِ إِلى المَسجِدِ ، وَخَاصَّةً حِينَ سَمَاعِ الإِقَامَةِ أَوِ الدُّخُولِ وَالإِمَامُ رَاكِعٌ ، حِرصًا عَلَى إِدرَاكِ الرَّكعَةِ ، وَهَذَا خِلافُ مَا وَجَّهَ إِلَيهِ النَّبيُّ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ عَن أَبي قَتَادَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : بَينَمَا نَحنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ : " مَا شَأنُكُم ؟ " قَالُوا : استَعجَلْنَا إِلى الصَّلاةِ . قَالَ : " فَلا تَفعَلُوا ، إِذَا أَتَيتُم الصَّلاةَ فَعَلَيكُم بِالسَّكِينَةِ ، فَمَا أَدرَكتُم فَصَلُّوا ، وَمَا فَاتَكُم فَأَتِمُّوا " وَمِنَ الأَخطَاءِ الَّتي تَتَنَاقَضُ فِيهَا فِئتَانِ مِنَ المُصَلِّينَ ، أَن تَرَى مَن يَقرَأُ في نَفسِهِ دُونَ تَحرِيكٍ لِلِسَانِهِ أَو شَفَتَيهِ ، وَآخَرَ يَرفَعُ صَوتَهُ في قِرَاءَتِهِ وَفي تَسبِيحِهِ وَدُعَائِهِ ، حَتى يَلِجَّ المَسجِدُ بِصَوتِهِ ، وَيَشغَلَ كَثِيرًا مِمَّن حَولَهُ عَن صَلاتِهِم ، فَلا يَكَادُوا يَفقَهُونَ مِنها شَيئًا ، وَكِلا الأَمرَينِ خَطَأٌ ، فَالقِرَاءَةُ في النَّفسِ دُونَ تَحرِيكٍ لِلِّسَانِ وَالشَّفَتَينِ لا تُسمَّى قِرَاءَةً ، وَلا تَتَحَقَّقُ بِهَا غَايَةٌ ، بَل وَلا تُجزِئُ صَاحِبَهَا ، فَالوَاجِبُ أَن يُحَرِّكَ لِسَانَهُ وَشَفَتَيهِ بما يَقرَؤُهُ مِن قُرآنٍ وَمَا يَأتي بِهِ مِن تَسبِيحٍ أَو دُعَاءٍ ، لَكِنَّ السُّنَّةَ لَهُ المُخَافَتَةُ بِذَلِكَ ، وَالاكتِفَاءُ بِإِسمَاعِ نَفسِهِ ، وَعَدَمُ رَفعِ الصَّوتِ حتى يَشغَلَ المُصَلِّينَ عَمَّا هُم فِيهِ ، عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيٍّ – رَضِيَ اللهُ عنهُ – قَالَ : اعتَكَفَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في المَسجِدِ ، فَسَمِعَهُم يَجهَرُونَ بِالقِرَاءَةِ وَهُوَ في قُبَّةٍ لَهُ ؛ فَكَشَفَ السُّتُورَ وَقَالَ : " أَلا إِنَّ كُلَّكُم مُنَاجٍ رَبَّهُ ؛ فَلا يُؤذِيَنَّ بَعضُكُم بَعضًا ، وَلا يَرفَعَنَّ بَعضُكُم عَلَى بَعضٍ بِالقِرَاءَةِ " أَو قَالَ : " في الصَّلاةِ " أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَأَسوَأُ مِن رَفعِ الصَّوتِ بِالقِرَاءَةِ ، رَفعُ الصَّوتِ بِالعُطَاسِ أَوِ التَّثَاؤُبِ إِذَا عَرَضَ لِلمُصَلِّي في أَثنَاءِ صَلاتِهِ ، وَالأَدَبُ وَالسُّنَّةُ أَن يَخفِضَ المَرءُ صَوتَهُ بِذَلِكَ ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُم فَلْيَرُدَّهُ مَا استَطَاعَ ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُم إِذَا قَالَ : هَا ضَحِكَ مِنهُ الشَّيطَانُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ . وَمِن أَخطَاءِ المُصَلِّينَ عَدَمُ التَّرَاصِّ في الصَّفِّ ، وَعَدَمُ إِكمَالِ الصُّفُوفِ وَإِتمَامِهَا الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ ، وَكُلُّ هَذَا مِن عَبَثِ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ، لِيُفسِدَ عَلَى المُصَلِّينَ صَلاتَهُم أَو لِيُنقِصَ ثَوَابَهَا وَيَذهَبَ بِأَجرِهَا ، بَل وَلِيُخَالِفَ بَينَ قُلُوبِ المُسلِمِينَ وَيُفَرِّقَ وِحدَتَهُم ، وَيُضعِفَ عَلاقَتَهُم بِبَعضِهِم ، عَنِ ابنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " أَقِيمُوا الصُّفُوفَ ، وَحَاذُوا بَينَ المَنَاكِبِ ، وَسُدُّوا الخَلَلَ ، وَلِينُوا بِأَيدِي إِخوَانِكُم ، وَلا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيطَانِ ، وَمَن وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللهُ ، وَمَن قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " سَوُّوا صُفُوفَكُم ؛ فَإِنَّ تَسوِيَةَ الصَّفِّ مِن تَمَامِ الصَّلاةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لَو يَعلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثم لم يَجِدُوا إِلاَّ أَن يَستَهِمُوا عَلَيهِ لاستَهَمُوا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَعَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَأتي نَاحِيَةَ الصَّفِّ وَيُسَوِّي بَينَ صُدُورِ القَومِ وَمَنَاكِبِهِم وَيَقُولُ : " لا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُم ، إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ " رَوَاهُ ابنُ خُزَيمَةَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لَتُسَوُنَّ صُفُوفَكُم أَو لُيَخَالِفَنَّ اللهُ بَينَ وُجُوهِكُم " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " رُصُّوا صُفُوفَكُم ، وَقَارِبُوا بَينَهَا ، وَحَاذُوا بِالأَعنَاقِ ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَى الشَّيطَانَ يَدخُلُ مِن خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الحَذَفُ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَالحَذَفُ نَوعٌ مِنَ الغَنَمِ صِغَارٌ . وَعَن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ : " أَلا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ " فَقُلنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكَيفَ تَصُفُّ المَلائِكَةُ عِندَ رَبِّهَا ؟ قَالَ : " يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ، وَيَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَمِنَ مُخَالَفَاتِ الصَّلاةِ الَّتي قَد تُبطِلُهَا العَبَثُ بِاليَدَينِ أَوِ القَدَمَينِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ السَّاعَةِ أَو غَيرِهَا ، وَكَثرَةُ الحَرَكَةِ وَعَدَمُ الطُّمَأنِينَةِ ، وَالوَاجِبُ عَلَى المُسلِمِ إِذَا قَامَ إِلى صَلاتِهِ أَن يَستَحضِرَ أَنَّهُ بَينَ يَدَي رَبِّهِ وَخَالِقِهِ ، فَيَكُونَ لِذَلِكَ خَاشِعًا مُطمَئِنًّا ؛ وَلْيَعلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِن أَسبَابِ الفَلاحِ كَمَا قَالَ – تَعَالى - : " قَد أَفلَحَ المُؤمِنُونَ . الَّذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَحفَظْ صَلاتَنَا مِمَّا يُبطِلُهَا أَو يَذهَبُ بِأَجرِهَا ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ في تَحصِيلِ الأَجرِ بِقَدرِ حِفظِهِم لِصَلاتِهِم وَالإِتيَانِ بِهَا كَامِلَةً ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ العَبدَ لَيُصَلِّي الصَّلاةَ مَا يُكتَبُ لَهُ مِنهَا إِلاَّ عُشرُهَا ، تُسعُهَا ، ثُمنُهَا ، سُبعُهَا ، سُدسُهَا ، خُمسُهَا ، رُبعُهَا ، ثُلثُهَا ، نِصفُهَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ ...
 
 
الخطبة الثانية :
 
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاحرِصُوا عَلَى إِتمَامِ صَلاتِكُم وَالخُشُوعِ فِيهَا كُلِّهَا ، فَفي الصَّحِيحَينِ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ المَسجِدَ وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ في نَاحِيَةِ المَسجِدِ ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " وَعَلَيكَ السَّلام ، اِرجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ " فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " وَعَلَيكَ السَّلامُ ، اِرجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لم تُصَلِّ " فَقَالَ في الثَّالِثَةِ أَو في الَّتي بَعدَهَا : عَلِّمْني يَا رَسُولَ اللهِ . فَقَالَ : " إِذَا قُمْتَ إِلى الصَّلاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ ، ثُمَّ استَقبِلِ القِبلَةَ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرآنِ ، ثُمَّ اركَعْ حَتَّى تَطمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارفَعْ حَتَّى تَستَوِيَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسجُدْ حَتَّى تَطمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارفَعْ حَتَّى تَطمَئِنَّ جَالِسًا ، ثُمَّ اسجُدْ حَتَّى تَطمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارفَعْ حَتَّى تَطمَئِنَّ جَالِسًا " وَفي رِوَايَةٍ : " ثُمَّ ارفَعْ حَتَّى تَستَوِيَ قَائِمًا ، ثمَّ افعَلْ ذَلِكَ في صَلاتِكَ كُلِّهَا "
المرفقات

أخطاء-المصلين

أخطاء-المصلين

أخطاء-المصلين-2

أخطاء-المصلين-2

المشاهدات 2042 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا