خطبة مميزة لعيد الفطر 1432 تحذر من محبطات الأعمال

أبو عبد الرحمن
1432/09/29 - 2011/08/29 09:01AM
الخطبة الأولى


الله أكبر(9مرات) الله أكبر الله أكبر لا إلهَ إلا الله،والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. الله أكبر كَبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعهمبإحسان إلى يوم الدين أمَّابَعد: فأُوصيكم ـ أيّها الناسُ ـ ونفسِي بتقوى الله عزّ وجلّ ، فيا أيها المؤمنون اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، فإنها خير ما يقدم به العبد على ربه تعالى قال الله تعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾.


الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، العيد جزءٌ من نِظام أمَّة الإسلام، يصِل ماضيَها بحاضِرِها وقريبَها بِبعيدها، ويربط أفراحها بشرائعها وابتهاجَها بشعائرها، والفرح بالعيد من سنَن المرسلين، وإظهارُ السرور في الأعياد من شعائر الدين، ولقد أظهر نبيُّكم محمّد صلى الله عليه وسلم الفرحَ والسرور بالأعياد في شرعِه وفعله، وأذِن للمسلمين بأن يفرَحوا، وأقرَّ الفرحين على فرحهم،تقول عائشة رضي الله عنها: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بدفَّين بغناءِ بُعاث، فاضطجع على الفراش وتسجّى بثوبه وحوّل وجهه إلى الجدار، وجاء أبو بكر فانتَهَرهما، فكشَف النبيّ وجهه وقال: ((دَعهما يا أبابكر، إن لكلِّ قوم عيدًا، وهذا عيدُنا))،كما أذن للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في المسجد في يوم عيد وخيرُ الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم لكن مع الحذر من الاختلاط والتبرج و المعازف المحرمة أو الإسراف وإضاعة المال والخيلاء والتفاخر ,
أيها المسلمون، إن الأعياد من شعائر الإسلام التي يتميز بها المسلمون عن أعياد المشركين، فلا يجوز للمسلم أن يحتفل بأعياد المشركين من يهود ونصارى ومجوس وغيرهم ولا أن يقلدهم ويتشبه بهم بإقامتها حتى ولو سميت بأسماء حديثة كالأعياد الوطنية ولا أن يهنئ المشركين بها بإجماع العلماء، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾، قال أبو العالية وابن سيرين وطاووس وكثير من السلف: "أي: لا يشهدون أعياد المشركين". ولما دخل النبي المدينة وجد أهلها يحتفلون بيومين من أعياد الجاهلية، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((إن الله أبدلكم بهما يومين خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى)).

الله أكبر كَبيرًا،والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
أمةَ الإسلام، عيدكم مبارك،وعيدكم بإذن الله سعيدٌ، فكم عندكم ما تفرَحون به، فرحٌ بفضل الله ورحمتِه، وفرح بالهدَى والتوفيق يومَ ضلَّت فئام من البشَر عن صراط الله المستقيم، فرحٌ يوم هداكم واجتبَاكم،﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ﴾، فرح في كمالِ العِدّة، وفرحٌ بالفِطر، ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة بلقاءربه)).
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد.
عباد الله مما يجدر التذكير به عند ختام الأعمال الصالحة الحذر مما يحبط العمل ويبطل السعي ويبدد الجهد ولذا فإن الله تعالى أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله ونهاهم عن إبطال أعمالهم بمعصية الله ورسوله فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾. قال أبو جعفر الطبري رحمه الله عند هذه الآية: ولاتبطلوا بمعصيتكم إياهما (أي الله ورسوله ) وكفركم بربكم ثواب أعمالكم فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح. أيها المؤمنون الصائمون القائمون المتصدقون لقد كثر التحذير في الكتاب والسنة من محبطات الأجور ومبطلات الأعمال ومن أخطرها: الارتداد عن دين الله، والكفر بعد الإيمان، فإنه أعظم ما يبطل الأعمال ويحبطها بالكلية قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾وقال تعالى عن أعمال الكفار والمكذبين: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ والآيات في هذا المعنى كثيرة في كتاب الله تعالى، دالة على أن كل من كفر أو ارتد عن دينه ومات على ذلك فقد حبط عمله وبطل سعيه ومآله إلى جهنم وبئس المصير.



أيها الإخوة الكرام إن الارتداد عن دين الله تعالى والعياذ بالله والكفر بالله جل وعلا يكون بأمور عديدة منها:


الشرك بالله تعالى في عبادته سبحانه أو ربوبيته تعالى ذكره أو أسمائه وصفاته عز وجل قال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ فالشرك يا عباد الله يحبط العمل بالكلية فلا تنفع معه حسنة كما قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾.


ولتقرير هذه الحقيقة وهي أن الشرك يحبط العمل خاطب الله سبحانه نبيه ورسوله الذي عصمه من الوقوع في الكبائر فضلاً عن التلطخ بأرض الشرك فقال تعالى مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.


أيها الناس إن الشرك بالله تعالى في ألوهيته أو ربوبيته أو أسمائه أو صفاته، أمر خطير عظيم خافه أولو العزم من الرسل وخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه رضي الله عنهم فاحذروا الشرك عباد الله ولا يظنن أحدكم أنه بمنأى عن الشرك أو في أمان من الوقوع فيه فإن هذا خطأ وضلال قال تعالى: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾.أيها المؤمنون إن الشرك الذي يحبط العمل بالكلية هو أن تجعل لله نداً وهو خلقك وذلك بأن تصرف العبادة أو نوعاً منها لغير الله تعالى كأن تحب غير الله كمحبة الله أو تخشاه كخشية الله أو أشد أو تعظم غير الله أو تتوكل على غيره أو تدعو غيره أو تذبح لغيره أو تنذر لغيره أو تطيع غيره في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله تعالى. ومن الشرك المحبط للعمل اعتقاد العبد النفع والضر بغير الله تعالى وأن غيره سبحانه قادر على جلب المنافع ودفع المضار استقلالاً. ومن الشرك أيضاً جحد شيء من أسمائه وصفاته نعوذ بالله من ذلك.


عباد الله إن مما تحصل به الردة المبطلة للأعمال عدم اعتقاد كفر الكفار أو الشك في كفرهم أو تصحيح مذهبهم أو اعتقاد جواز التدين بغير دين الإسلام قال الله تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)) رواه مسلم. فكل من لم يكفر الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم أو شك في كفرهم أو اعتقد صحة ما هم عليه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من ذلك.


ومما تحصل به الردة المحبطة للأعمال بغض شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾. فمن كره تحريم الربا أو الزنا أو الخمر أو وجوب الصلاة مثلاً فقد حبط عمله وكفر بالله تعالى. أيها المؤمنون الصائمون القائمون المتصدقون ومما يحصل به الارتداد عن دين الله الاستهزاء بشيء من دين الله تعالى أو ثوابه أو عقابه أو ما يتعلق بذلك قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ ومن يحضره ولا ينكر أو لا يترك المكان فهو شريك: ﴿وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ ومنها جحد شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. ومنها سب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه الأمور مما تحصل به الردة والكفر بالله تعالى نعوذ بالله من ذلك.




الله أكبر كَبيرًا،والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.


أيها المؤمنون الصائمون القائمون المتصدقون إن مما يحبط أعمال العاملين ويخيب سعيهم الرياء في العمل وهو أن يطلب العبد بعمله ثناء الناس ومدحهم وذكرهم قال الله تعالى في حق المرائين بنفاقهم: ﴿كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾. وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ماله؟ قال: لاشيء له. فأعاده عليه ثلاثاً كل ذلك يقول: لاشيء له. ثم قال: ((إن الله لا يقبل من العمل إلا ماكان خالصاً وابتغي به وجهه)) رواه أبو داود والنسائي وهذا يفيد أن العمل الذي لا يبتغى به وجه الله تعالى حابط باطل لا ينفع صاحبه، فكل من عمل عملاً طلب فيه غير وجه الله تعالى فإن عمله مردود عليه وليس له عند الله فيه من خلاق.

أيها المؤمنون الصائمون القائمون المتصدقون إن مما يحبط العمل ويجعله هباء منثوراً انتهاك حرمات الله تعالى في الخلوات فعن ثوبان مرفوعاً: ((لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً يجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً. قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا، جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل ما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)) رواه ابن ماجه بسند صحيح. أعاذنا الله وإياكم من ذلك ، واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الله أكبر (7مرات) الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.




الحمدُ لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لاشريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا مزيدا



أما بعد : فإن مما يبطل العمل أيضا أيها المؤمنون المن بالطاعات والأذى قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾. فمَنْ مَنَّ بصدقته وطاعته فقد حبط عمله وخاب سعيه وأوجب ذلك عقوبته فعن أبي ذر مرفوعاً: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)) كررها ثلاثاً قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: ((المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) رواه مسلم. أيها المؤمنون الصائمون القائمون المتصدقون و من المحبطات المفسدات للأعمال الصالحات يوم القيامة ظلم الآخرين والتعدي عليهم، فكل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه ، فمن كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلل منه اليوم قبل غدٍ، قبل أن يكون الحساب والقصاص بالحسنات والسيئات. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أومن شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".رواه البخاري . وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؛ قال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فُنِيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". رواه مسلم. أي غبن يقع فيه مثل هذا عندما يتقاسم غرماؤه حسناته وهم المحتقرون عنده المبغوضون لديه ، ويلقون عليه خطاياهم ، التي كان يعيرهم ببعضها في الدنيا، ومن الظلم والتعدي المحبط للعمل إيذاء الجيران باللسان فكيف بغيره فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رجل يا رسول الله إن فلانة فذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار قال يا رسول الله فإن فلانة فذكر من قلة صيامها وصلاتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي بلسانها جيرانها قال هي في الجنة) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وصححه الحافظان العراقي والذهبي، ومن محبطات أجر الصيام خاصة قول الزور والعمل به عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري وأبوداود واللفظ له قال في فتح الباري : المراد رد الصوم المتلبس بالزور وقبول السالم منه والمراد بقول الزور : الكذب ، والجهل : السفه ، والعمل به أي : بمقتضاه .






الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.




عباد الله إن مما يحبط العمل ترك الصلاة المفروضة فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)) رواه مسلم. وفي المسند قال صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على كفر تارك الصلاة فعن عبد الله بن شقيق رحمه الله قال: "كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة". رواه الترمذي بسندصالح. وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ترك صلاة العصر حبط عمله)). فهذه النصوص أيها المؤمنون تفيد أن ترك الصلاة من محبطات الأعمال قال ابن القيم رحمه الله عند كلامه على الحديث الأخير: والذي يظهر في الحديث – والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم – أن الترك نوعان: ترك كلي لا يصليها أبداً فهذا يحبط العمل جميعه، وترك معين في يوم معين فهذا يحبط عمل ذلك اليوم فالحبوط العام في مقابلة الترك العام والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين، فعلى هذا أيها المؤمنون من ترك صلاة من الصلوات في يوم من الأيام كأن يترك صلاة الفجر من يوم أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فإن عمله ذلك اليوم حابط باطل ولو كان أمثال الجبال أما من ترك الصلاة بالكلية فهذا كافر مرتد كل عمله باطل حابط نعوذ بالله من الخذلان. أيها المؤمنون إن مما يحبط العمل ويفسد السعي التألي على الله تعالى المصاحب للعجب فعن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: ((من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان؟ قد غفرت لفلان وأحبطت عملك))أخرجه مسلم. وكم هي مفاجأة غير سارة لأولئك ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ * إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ *﴾.




أيها المؤمنون ذكر أهل العلم رحمهم الله أن التعامل بالربا مما يحبط العمل واستدلوا لذلك بما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أخبرت بأن زيد بن أرقم باع عبداً بثمانمائة نسيئة واشتراه بستمائة نقداً قالت للتي أخبرتها: أبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب.قال في المغني : إن الظاهر أنها لا تقول مثل هذا التغليظ وتقدم عليه إلا بتوقيف. سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجرى ذلك مجرى روايتها عنه. فاتقوا الله عباد الله ولا تبطلوا أعمالكم .


الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.



وبعد أيّها المسلِمون، فابتهِجوا بعيدِكم، فالعيد فرحةٌومناسبة لاطِّراح التكلّف واستجمامِ القوى المجهَدَة في دروبِ الحياة. العيدُ يومُالأطفال بالفَرَح، ويومُ الفقراء بالمواساة، ويوم القربى بالتَّراحم، ويومُ النّاس جميعًا بالتسامُح والتزاور، ويومُ الأصدقاء بتشدِيدِ أواصِرِ الحبِّ والمودَّة. بَشاشةٌ تخالِط القلوبَ، وانشراحٌ يملأُ الصّدور. سِرُّ العيدِ فيما يَغشَى النفوسَ مِن رحمةٍ وبِرٍّ وابتِهاج. يومُ العيد تأنَس بوالدَيكَ وتُباسِط أهلَك وتقرُّ عيناك بأبنائِك وتهشّ لإخوانك وأحبابِك. لقد حلَّ العيدُ بساحَتِكم فابتَسِموا،وافتَحوا أبوابَ الأمل، فلا يذوقُ طعمَ العيد ويعيش بهجتَه قلبٌ تأكُلُه الأحقادُ أو نَفس تستبطِن الغشَّ أو صدرٌ يجيش بالضَّغائن. مِن مظاهر الإحسانِ بعد رمضانَاستدامةُ العَبد على النَّهج المستقيمِ ومداومَةُ الطاعة وإتباعُ الحسنة الحسنة،فذلك من قَبول الطاعَات. وقد ندَبكم نبيُّكم محمّد بأن تُتبِعوا رمضانَ بستٍّ من شوّال، فمن فعَل ذلك فكأنما صامَ الدّهرَ كلَّه.معشر النساء، اتقين الله،﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ﴾، أقمن الصلاة، آتين الزكاة، أطعن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أطعن أزواجكن بالمعروف، كنَّ من الصالحات القانتات،ابتعدن عن مواطن الفتنةوالاختلاط، احذرن الألبسة المخالفة لشرع الله التي تظهر الزينة، أو تتضمّن تشبهاًبالكافرات، أوتعوُّدًا على ترك الحياء وإظهار الفتنة.


ألا فاهنَؤوا بعيدِكم، والزَموا حدودَ ربِّكم،وصوموا عن المحارِم كلَّ دهركم؛ تكن لكم أعياد في الأرضِ وأعيادٌ في السَّماء.


تقبَّل الله منَّا ومِنكم الصيامَ والقيامَ وسائرَ الطاعات.


الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر و لله الحمد.


ثم أعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه ...وعنا معهم... اللهم أعز الإسلام ... اللهم رحمتك .. اللهم أنج عبادك .اللهم رحمتك بإخواننا المستضعفين والمشردين في كل مكان.. اللهم أفرغ على إخواننا المجاهدين..اللهم أحسن عاقبتنا ...اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الشرك والزيغ والفساد وانشر رحمتك على العباداللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والتبرج والسفور والانحلال والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها ومابطن اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا .عباد الله إن الله يأمربالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والبغي والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله الجليل العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.







مقتبسة مجموعة من خطب للمشايخ




صالح بن حميد و خالد المصلح وسماحة المفتي وأسامة خياط




ومقالات وغيرها
المشاهدات 3886 | التعليقات 0