خطبة مشكلة عن قوله تعالى ( وهو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا )

وهو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا

الخطبة الأولى:

الْـحَمْدُ لِلَّـهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.   أَمَّا بَعْدُ : فأوصيكم ونفسي ...

عن ابْنِ عَبَّاسٍ y قَالَ :"أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِمِ أَخْبِرْنَا عَنِ الرَّعْدِ، مَا هُوَ؟ قَالَ : مَلَكٌ مْنَ الْـمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّـهُ، فَقَالُوا : فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ؟ قَالَ : زَجْرُهُ بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ، قَالُوا : صَدَقْتَ". أحمد وغيره .

عباد الله : آيَاتُ الرَّبِّ -جَلَّ جَلَالُهُ- فِي خَلْقِهِ كَثِيرَةٌ، وَحَاجَةُ الْـخَلْقِ إِلَيْهِ عَظِيمَةٌ.

لَا يَنْفَكُّ الْـخَلْقُ عَنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ.  وَلَوْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ عَنْهُمْ لَهَلَكُوا (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْـحَيَّ مِنَ الـْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْـحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّـهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) وَمِنْ رِزْقِهِ عَزَّ وَجَلَّ : إِنْزَالُ الْغَيْثِ الَّذِي يُغِيثُ اللَّـهُ تَعَالَى بِهِ الْعِبَادَ وَيُحْيِي الْبِلَادَ.

وَالْغَيْثُ وَمَا يُصَاحِبُهُ مِنَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ تَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ الْـخَالِقِ سُبْحَانَهُ؛ وَلِذَا جَاءَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى إِثْبَاتِ الْخَالِقِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ. (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) إِنَّ مَا يَكُونُ فِي مُقَدِّمَاتِ الْغَيْثِ وَمَا يُصَاحِبُهُ مِنَ الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ يَطْمَعُ فِيهِ الْبَشَرُ وَيَخَافُونَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ.

يَخَافُونَ أَنْ يَكُونَ مُقَدِّمَةَ عَذَابٍ وَهَلَاكٍ، وَيَطْمَعُونَ فِي مَا يَحْوِيهِ مِنَ الْغَيْثِ وَالرَّحْمَةِ، وَالرَّعْدُ وَالْبَرْقُ جُنْدٌ مِنْ جُنْدِ اللَّـهِ تَعَالَى يُسَخِّرُهُ اللَّـهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ شَاءَ، فَيَجْعَلُهُ سَبَبَ رَحْمَةٍ أَوْ مُقَدِّمَةَ عَذَابٍ.

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْـمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّـهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)

قَالَ الطَّبَرِيُّ : "وَمَعْنَى قَوْلِهِ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) : وَيُعَظِّمُ اللَّـهَ الرَّعْدُ وَيُمَجِّدُهُ فَيُثْنِي عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ، وَيُنَزِّهُهُ مِمَّا أَضَافَ إِلَيْهِ أَهْلُ الشِّرْكِ بِهِ، وَمِمَّا وَصَفُوهُ بِهِ مِنَ اتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ تَعَالَى رَبُّنَا وَتَقَدَّسَ".

 وعنه r: "إِنَّ اللَّـهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمَنْطِقِ وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ ". أحمد .

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ:"وَالْـمُرَادُ -وَاللَّـهُ أَعْلَمُ -أَنَّ نُطْقَهَا الرَّعْدُ وَضَحِكَهَا الْبَرْقُ" ثُمَّ نَقَلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ :"يَبْعَثُ اللَّـهُ الْغَيْثَ فَلَا أَحَسَنَ مِنْهُ مَضْحَكًا وَلَا آنَسَ مِنْهُ مَنْطِقًا، فَضَحِكُهُ الْبَرْقُ وَمَنْطِقُهُ الرَّعْدُ"

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْـحَدِيثِ يَقُولُونُ : الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَجْرُهُ لَهَا تَسْبِيحًا؛ لِقَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) وَالرَّعْدُ لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ إِلَّا بِذَلِكَ الصَّوْتِ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَسْبِيحَهُ...". ا.هـ

وقال شيخ الإسلام:" وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَقْوَالٌ لَا تُخَالِفُ ذَلِكَ. كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ السَّحَابِ بِسَبَبِ انْضِغَاطِ الْـهَوَاءِ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا لَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ...، وَالْـمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تُحَرِّكُ السَّحَابَ وَتَنْقُلُهُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ ...

فَالرَّعْدُ إذًا : صَوْتٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ ، وَكَذَلِكَ الْبَرْقُ قَدْ قِيلَ: لَمَعَانُ الْـمَاءِ أَوْ لَمَعَانُ النَّارِ ... ولَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ اللَّامِعُ مِخْرَاقًا بِيَدِ الْـمَلَكِ ، فَإِنَّ النَّارَ الَّتِي تَلْمَعُ بِيَدِ الْـمَلَكِ كَالْمِخْرَاقِ ..." بتصرف واختصار

عباد الله: الْوَاجِبُ عَلَى الْـمُسْلِمِ أَنْ يَفْرَقَ إِذَا أَبْصَرَ تَغَيُّرَ الْأَحْوَالِ الْـجَوِّيَّةِ خَشْيَةَ الْعَذَابِ، فَإِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ رَحْمَةٌ بِمَا أَنْزَلَ اللَّـهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْغَيْثِ فَلْيَفْرَحْ بِالرَّحْمَةِ، وَلْيَشْكُرِ الْـمُنْعِمَ عَلَى النِّعْمَةِ، وَلْيَلْحَظْ حِينَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَسَمَاعِ الرَّعْدِ، وَرُؤْيَةِ الْبَرْقِ : قُدْرَةَ الْـخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَعَظَمَتَهُ، وَقُوَّتَهُ، وَكَثْرَةَ جُنْدِهِ، وَعَظِيمَ صُنْعِهِ، وَحُسْنَ تَدْبِيرِهِ لِمَخْلُوقَاتِهِ.

فعن عائشةَ رضي الله عنها أنها قالت:  يَا رَسُولَ اللَّـهِ : أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمـَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ، فَقَالَ: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) م.

وَعَنْها t أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ r "كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقٍ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ تَرَكَ عَمَلَهُ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ، فَإِنْ كَشَفَهُ اللَّـهُ حَمِدَ اللَّـهَ، وَإِنْ مَطَرَتْ قَالَ : اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا"  أَبُو دَاوُدَ .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:" أَخَذَتِ النَّاسَ الرِّيحُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ حَوْلَهُ : مَا الرِّيحُ؟ فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَيْهِ شَيْئًا فَبَلَغَنِي الَّذِي سَأَلَ عَنْهُ؛ فَاسْتَحْثَثْتُ رَاحِلَتِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْـمُؤْمِنِينَ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ سَأَلْتَ عَنِ الرِّيحِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّـهِ r يَقُولُ : الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ؛ فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّـهَ مِنْ خَيْرِهَا وَعُوذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ -رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ-كَانُوا إِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ وَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ يَلْحَظُونَ قُدْرَةَ اللَّـهِ تَعَالَى وَيُسَبِّحُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ ويخافونَ أن تكونَ عذاباً.

 فعن عَبْدِ اللَّـهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْـحَدِيثَ وَقَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْـمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمـُفْرَدِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ y: "أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّـهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّـهِ الْعَظِيمِ". ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ .

وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : "قُلْتُ لِابْنِ طَاوُسٍ : مَا كَانَ أَبُوكَ يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ؟ قَالَ : كَانَ يَقُولُ سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) " رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.

(اللَّـهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَـمُبْلِسِينَ)

بَارَكَ اللَّـهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.

 

 

 

 

 

 

الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

  الْـحَمْدُ لِلَّـه ....أَمَّا بَعْدُ :فتأملوا في نشوءِ السحاب (اللَّـهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ ) فيبين تعالى كيف يخلقُ السحابَ الذي ينزل منه الماء، فقال تَعَالَى: اللّـَهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً إِمَّا من البحر كما ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، أَوْ مِمَّا يَشَاءُ اللَّـهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ أَيْ يَمُدُّهُ فَيُكَثِّرُهُ وَيُنَمِّيهِ، وَيَجْعَلُ مِنَ الْقَلِيلِ كثير، ينشئ سحابةً تُرى فِي رَأْيِ الْعَيْنِ مِثْلَ التُّرْسِ، ثُمَّ يَبْسُطُهَا حَتَّى تَمْلَأَ أَرْجَاءَ الْأُفُقِ، وَتَارَةً يَأْتِي السَّحَابُ من نحو البحر ثقالاً مملوءةً ...)

ومن التأملات: أن تتأملَ في ضخامةِ في هذه السحب، وقد أقسم الله بها فقال (فالحاملات وقرا)، ولك أن تتأملَ أن المترَ المكعبَ من الماءِ يزنُ طُناً ، فكم من الأطنانِ في هذه السحبِ الجاريةِ التي تُساقُ بأمرِ اللـهِ وقدرتِه .

ومن التأملات : أن كلَّ قطرةٍ من هذا الأمطار فهي معلومةٌ مكيلةٌ عند الله تعالى ، فعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: ««ما أنْزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّماءِ كَفًّا مِن ماءٍ إلّا بِمِكْيالٍ ولا كَفًّا مِن رِيحٍ إلّا بِمِكْيالٍ .."

وجاء في سؤال اليهود للنبيr (فأَخْبِرْنا مَن صاحِبُكَ قال : جِبريلُ عليهِ السلامُ قالوا : جبريلُ ذاك الذي يَنزلُ بالحربِ والقتالِ والعذابِ عَدُوُّنا لو قلتَ ميكائيلَ الذي ينزلُ بالرحمةِ والنباتِ والقَطْرِ...)

عباد الله: عندَ نُزُولِ الأَمطَارِ هُناكَ تَهَوُّراتٌ وأَخطارٌ تَقعُ مِن بعض الناس دَافِعُها التَّهوُّرُ وحُبُّ المُغَامَرَةِ كالسُّرعَةِ في قيادة السياراتِ والدخولِ في الشعابِ والأوديةِ ممَّا يَنتُجُ عنه خُطورة ٌبَالِغَةٌ ، فيا مُسلِمونَ خُذوا حِذركم وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ...

واجتنبوا مسبباتِ الهلاكِ قال e: ( تَكْثُرُ الصَّوَاعِقُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَتَّى يُقَالَ: مَنْ صُعِقَ اللَّيْلَةَ) أحمد وغيره . 

ألا فاتقوا الله عباد الله وأطيعوا ربكم فيما أمركم ، فعنه  rقَالَ : "قَالَ رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ : لَوْ أَنَّ عِبَادِي أَطَاعُونِي لَأَسْقَيْتُهُمُ الْـمَطَرَ بِاللَّيْلِ، وَأَطْلَعْتُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ، وَلَمَا أَسْمَعْتُهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ) .

اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ونعوذ بك منك لا نحصي ثناء عليك ... ثم صلوا ...

 

المرفقات

1669825232_وهو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا.docx

1669825232_وهو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا.pdf

المشاهدات 736 | التعليقات 0