خطبة مسجد قباء 1 صفر 1442هـ

المساجد الثلاثة
1442/02/03 - 2020/09/20 01:32AM

خطبة مسجد قباء بعنوان: (نعم الله تعالى على بلاد الحرمين)، فضيلة الشيخ: (سليمان الرحيلي)

المشاهدات 1835 | التعليقات 4

ملف الخطبة:

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/364504/attachment/%d9%86%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d9%8a%d9%86

https://khutabaa.com/forums/رد/364504/attachment/%d9%86%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d9%8a%d9%86

https://khutabaa.com/forums/رد/364504/attachment/%d9%86%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d9%8a%d9%86-2

https://khutabaa.com/forums/رد/364504/attachment/%d9%86%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a8%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%85%d9%8a%d9%86-2


نص الخطبة

الخطبة الأولى:

الحمد لله الحمد لله المبدئ المعيد، الفعّال لما يريد، أنعم علينا بنعمة التوحيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً لمن حققها الجنة والمزيد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أشرف الرسل وخير العبيد r صلاةً وتسليمًا يتكرر ويزيد، ورضي الله عن آله وأصحابه أهل الجماعة والتقى والرأي الرشيد.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، فإن أجسادكم ضعيفة على النار لا تقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واشكروا الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، عباد الله، عباد الله، إن حب الإنسان لبلاده مستقرٌ طبعًا، وملتفتٌ إليه شرعًا، فمما ركزه الله في طبائع الناس أن الإنسان يحب بلاده، واذا غاب عنها يحنُّ إليها ويتوجع، ويشتاق إليها ويحب أن يرجع، فها هم صحابة رسول الله r هاجروا من مكة إلى المدينة؛ فرارًا بدينهم، وطاعةً لربهم وديانة، ومع ذلك كانوا إذا تذكروا مكة يأنون، وإليها يشتاقون، وينشدون الأشعار فيها، حتى قال نبينا r: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد"، وكان رسولنا r يحب المدينة، وكان إذا كان في سفر فرجع، فرأى جدرات المدينة أوضع راحلته، وحرك دابته مسرعًا إليها من حبه إليها، وقد التفت الشرع إلى هذه الحقيقة، فرتّب عليها أحكام، ومن ذلك يا عباد الله: أن من عقوبة الزاني البكر أن يغرّب عن بلاده عامًا، ونص بعض الفقهاء على أن المسلم إذا كان واجدًا لما يوصله إلى مكة غير أنه لا يجد ما يعيده إلى بلاده لا يجب عليه الحج ولا تجب عليه العمرة، قالوا: لأن فراق الوطن شديد والشريعة لا تأتي بمثله.

عباد الله عباد الله: إذا كان الناس يحبون بلدانهم، فنحن أهل هذا البلد من المواطنين والمقيمين أحق وأحرى بأن نحب هذه البلاد، فإنها بلادنا، ومصدر أرزاقنا، وحباها الله U بمَيْزات عظام، ونعمٍ كبار.

وكيف لا يكون ذلك كذلك؟ وهي دولةٌ تحُكّم شرع الله، وتعمل بشرع الله، ينص نظامها الأساسي للحكم على أن مرجعها كتاب الله وسنة رسول الله r، وأنه لا سلطان على القضاء إلا لكتاب الله وسنة رسول الله r، وعلى أنها دولةٌ إسلامية تحمي عقيدة الإسلام، وتدعو إليه، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وهي -بحمد الله- تعين الدعاة إلى الحق والسنة في كل مكان، لا تبتغي بذلك إلا وجه الله I.

كيف لا يكون ذلك كذلك يا عباد الله؟ وقد أنعم الله علينا في هذه البلاد بالولاية الشرعية، فحكامنا -بحمد الله- شرعيون لهم في أعناقنا بيعة لا نخلعها، ونفي بها، ونسمع ونطيع لهم في غير معصية الله، وبهذا نبرأ من حال أهل الجاهلية، يقول النبي r: "من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية"، وفي رواية: "ومن مات وليس له إمامة وجماعة مات ميتةً جاهلية"، وحكامنا -بحمد الله- منا، أخلاقهم كأخلاقنا، ويعبدون ربنا كما نعبده، يدعون لنا وندعو لهم، ويقيمون فينا الصلاة، ويأمروننا بالصلاة، ويقيمون رجال الحسبة يأخذون على أيدي من لا يؤدون الصلاة، وقد قال نبينا r: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، ويلعنونكم وتلعنونهم"، قالوا: أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال r: "لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة".

وكيف لا يكون ذلك كذلك يا عباد الله؟ وفي بلادنا أشرف بقاع الأرض وأحبها الى الله I، فأحب البقاع إلى الله المساجد، وفي بلادنا المسجد الحرام وهو أفضل المساجد، ومسجد النبي r وهو ثاني المساجد، ومسجد قباء وهو رابع المساجد، ففي بلادنا أشرف بقاع الأرض، وبلادنا -بحمد الله- تشرف بخدمة الحرمين الشريفين وخدمة مسجد قباء وخدمة بيوت الله U، فبحمد الله تنعم الحرمان الشريفان في ظل هذه الدولة بما لم يسبق في التاريخ ولم يره الناس، وذاك فضل الله علينا وعلى بلادنا.

كيف لا يكون ذلك كذلك؟ وبلادنا تضم قبر رسول الله r، وقبور كبار الصحابة، وقبور كثيرٍ من الأئمة، والعلماء الربانيين، والناس الصالحين، وهذه القبور مكرمةٌ -بحمد الله- لا يقام عندها شركٌ بالله، ولا تقام عندها راية بدعة، وذاك فضلٌ عظيم من الله علينا وعلى الناس.

كيف لا يكون ذلك كذلك؟ وبلادنا تخدم القرآن الكريم وقد انشأت مجمعًا لخدمة القرآن الكريم وطباعته، وتوزيعه على المسلمين، وانشأت مجمعاً لخدمة سنة الحبيب المصطفى r، وانشأت مجمعًا لخدمة اللغة العربية.

كيف لا يكون ذلك كذلك يا عباد الله؟ وفي بلادنا العلماء الربانيون الذين يعلّمون التوحيد ويقررونه، ويعظمون السنة وينشرونها، ويعلّمون العلم الصحيح، وعلى فتاواهم نور الحق ظاهر.

عباد الله عباد الله: إن بلادنا هذه كانت ممزقة مفرقة، معدمةً فقيرة، لا تكاد تجد فيها أمنًا، من كان عنده شيء من المال فيها يسافر إلى البلدان ليتاجر هناك، ومن كانت عنده همّة في العلم يسافر إلى البلدان ليطلب العلم، حتى من الله على البلاد والعباد بالملك المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله U- وآزره رجالٌ مخلصون، فأنعم الله علينا بنعمة توحيد البلاد على التوحيد، فقامت الجماعة، وقامت الإمامة، وتبدل الخوف أمنًا، وصار الناس يعيشون في بلادنا في أمنٍ تام، يخرج الواحد منا من بيته وقد ترك نسائه في بيته لا يخاف الاعتداء عليهن، قد يغيب أيامًا لا يخاف الاعتداء عليهن، يسافر الواحد منا بسيارته المسافات الطويلة ومعه أمه ومعه أخته ومعه زوجته وهو آمنٌ مطمئن لا يخاف الاعتداء، بل إن الحجاج يا عباد الله أصبحوا يأتون الى هذه البلاد في رحلةٍ آمنة، فبعد أن كان الحج همًّا، وكان الحاج إذا غادر بلاده يودع وداع المفارق، وإذا عاد إلى بلاده يستقبل استقبال المولود؛ لقلة الأمن في ذلك الزمان، صار الحجاج يأتون إلى الحج آمنين مطمئنين، ويعيشون في نعيم وراحة واطمئنان، وبدّل الله الجوع رزقًا رغيدًا، وربنا I يقول: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنًاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ًٔاۚ) [النور: 55]، وربنا I يقول: (وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءً فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنًا) [آل عمران: 103]، ورسولنا r يقول: "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب"، ورسولنا r يقول: "عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".

ألا فاتقوا الله عباد الله، واعرفوا نعم الله عليكم واذكروها، وتدارسوها وتذاكروها، وعلّموها وانشروها، واحمدوا الله عليها واشكروها، وربكم I وعدكم بالمزيد إن شكرتم على النعم: (وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ) [إبراهيم: 7].

أقول ما تسمعون، واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد، فيا عباد الله: إن بلادكم هذه محسودةٌ ومعاداة، يحسدها الأشرار على ما وهبها الله من النعم، ويعاديها أهل الشر على ما فيها من الحق، وفي هذا الزمان -يا عباد الله- يستعملون الوسائل الالكترونية؛ لغزوكم في بلدانكم، فينشئون المواقع الكاذبة، والأسماء المزورة بأسماء أهل هذه البلاد، ينشرون فيها الأكاذيب، ويضخمون الأخطاء، لا يريدون -يا عباد الله- إلا أن يضربوا أمنكم، ويفسدوا لحمتكم، ويذهبوا خير بلادكم، تآزر أعداؤكم عليكم، واعلموا -رحمكم الله- أن من أعظم الجهاد في سبيل الله: الدفاع عن بلاد الحرمين الشريفين، ومن أحلى الرباط وأعذبه وأجلاه وأعلاه: الرباط على حدود بلادنا عمومًا، وعلى حدود بلادنا الجنوبية خصوصًا؛ حيث يقوم رجالنا الأشاوس في وجه المشروع الفارسي؛ لتدمير التوحيد، وتدمير بلاد التوحيد -أخزى الله أولئك الأعداء، ونصر جنودنا، وحفظهم ومكن لهم-، ونبينا r يقول: "رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها"، ويقول r: "رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يومٍ في ما سواه من المنازل"، ويقول r: "رباط يومٍ وليلة خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتّان"، فهنيئًا -عباد الله- هنيئًا -عباد الله- للمرابطين على ثغور بلادنا الداخلية والخارجية، الحسيّة والمعنويّة، هنيئًا لرجال الأمن، هنيئًا لرجال الصحة، هنيئًا للموظفين، هنيئًا للعاملين المقيمين، هنيئًا للتجار الصادقين، هنيئًا للعلماء الربانيين، فإنهم إن صدقوا وأخلصوا في حمايتي هذه البلاد لهم نصيبٌ من الرباط في سبيل الله، وأنت -يا عبدالله- أنت -يا عبدالله- إذا لم تستطع أن تدافع عن بلاد الحرمين فلا أقل من أن تدعو لحكامها ولجيشها ولها بالحفظ والحماية، لا أقل -يا عبدالله-  من ألا تكون ثغرةً يدخل منها الأعداء لتحقيق مآربهم في بلادنا، لا أقل -يا عبدالله- من أن تعلم أولادك حب هذه البلاد، ونعم الله U على هذه البلاد، وأن تجتهد في تحصينهم من الأفكار المنحرفة والجماعات المتطرفة. ألا فاتقوا الله -عباد الله- وسلوا الله المزيد من نعمه.

 

عباد الله عباد الله: (إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا) [الأحزاب: 56]، فأكثروا -يا عباد الله- من الصلاة والسلام على رسولكم r في سائر أيامكم، وخصوا ليلة الجمعة ويوم الجمعة بمزيد من الصلاة والتسليم عليه، فإن نبيكم r قال: "إن يوم الجمعة من خير أيامكم، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه الصعقة، وفيه النفخة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ"، فاللهم صل على نبينا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وارض عنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين، اللهم ارض عن من صلى في هذا المسجد هذه الجمعة. اللهم ارض عن من صلى في هذا المسجد هذه الجمعة. اللهم ارض على من صلى الجمعة في هذا المسجد -يا رب العالمين- وعلى سائر المسلمين.

إلهنا إلهنا إنا عباد ضعفاء أذنبنا وأسرفنا وأكثرنا جئنا بيتًا من بيوتك، نؤدي فريضة من فرائضك، نرجو رحمتك ومغفرتك، اللهم فاغفر لنا وارحمنا، اللهم فاغفر لنا وارحمنا، اللهم فاغفر لنا وارحمنا، اللهم إن لكل واحدٍ منا سؤلًا فاعطه سؤله وزده من فضلك يا رب العالمين. اللهم من كان مشتاقًا لأهله فاجمعه بهم يا رب العالمين. ومن كان مدينًا فاقض عنه الدين يا رب العالمين. ومن كان مريضًا أو كان له مريض فاشفه يا رب العالمين. اللهم وفق ولاة أمرنا إلى ما تحب وترضى، اللهم زدهم حبًّا لنا وزدنا حبًّا لهم، وزد جماعتنا قوة يا رب العالمين. (رَبَّنَآ ءَاتِنَا فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ) [البقرة: 201].

والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا وسلم.

 


جزاك الله خيرا

نأمل مواصلة أرسال نص الخطب


حياكم الله
وجزاكم الله خيرا
وبإذن الله نواصل إرسال الخطب النصية 
ونسأل الله العون والتوفيق