خطبة: مرحبًا بالشّتاء

وليد بن محمد العباد
1444/05/22 - 2022/12/16 01:19AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: مرحبًا بالشّتاء

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

إنّ تَعَاقُبَ الليالي والأيّام، وتَتَابعَ الفصولِ والأعوام، آيةٌ من آياتِ اللهِ الباهرات، التي تَحملُ في طيّاتِها العِبَرَ والعِظَات، وها نحنُ في مطلعِ فصلِ الشّتاء، وفيه الكثيرُ من المصالحِ والمرابح، والتي من أجلِها كانَ يَفرحُ بقدومِه السّلفُ الصّالح، كانَ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه إذا دخلَ الشّتاءُ يقول: مرحبًا بالشّتاء؛ تَتَنزّلُ فيه البَرَكة، ويَطولُ فيه الليلُ للقيام، ويَقصُرُ فيه النّهارُ للصّيام. تلك همّتُهم وذلك فرحُهم، مرحبًا بالشّتاءِ للقيام، مرحبًا بالشّتاءِ للصّيام، مرحبًا بالشّتاءِ لإطعامِ الطّعام، مرحبًا بالشّتاءِ لصلةِ الأرحام، مرحبًا بالشّتاءِ لرعايةِ المساكينِ والأراملِ والأيتام، مرحبًا بالشّتاءِ لإغاثةِ الملهوفِ وإعانةِ ذوي الحاجات، مرحبًا بالشّتاءِ لبَذْلِ المالِ واللباسِ والصّدقات، مرحبًا بالشّتاءِ للصّبرِ والمصابرةِ والمجاهدةِ في كثرةِ الطّاعات، مرحبًا بالشّتاءِ لإسباغِ الوضوءِ على المكارهِ والمسارعةِ للجُمَعِ والجماعات، مرحبًا بالشّتاءِ للتّضرُّعِ عندَ الجَدْبِ والضّرّاء، مرحبًا بالشّتاءِ للفرحِ برحمةِ اللهِ عندَ نزولِ المطرِ وكثرةِ الذّكْرِ والدّعاء، مرحبًا بالشّتاءِ لتَذَكِّرِ حالِ إخوانِنا الفقراء، مرحبًا بالشّتاءِ لشُكرِ اللهِ على ما نحنُ فيه من الخيرِ والعافيةِ والنّعماء، مرحبًا بالشّتاءِ لتلاوةِ القرآن، مرحبًا بالشّتاءِ لزيادةِ الإيمان، مرحبًا بالشّتاءِ لاستغلالِه فيما يُزكّي القلوبَ ويُهَذِّبُ النّفوسَ، ولعمارتِه بما يُرضي الرّحمنَ ويَدْحَرُ الشّيطان، فما أشرَفَها من هِمَم، وما أسماها من غايات، فتَشَبَّهوا إنْ لم تكونوا مثلَهم * إنّ التَّشبَّهَ بالكرامِ فلاحُ، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وجاهدوا أنفسَكم في أيّامِ وليالي الشّتاءِ الباردةِ على الأعمالِ الصّالحات، مُعتبرينَ بما يُقَدِّرُه اللهُ فيه وما يُجريه من رياحٍ وتقلّبات، ومُستعيذينَ من شدّةِ بَرْدِه الذي يُعَذَّبُ في النّارِ بأضعافِه الكفّارُ والعصاة، فما ذلك البَرْدُ إلا نَفَسٌ من أنفاسِ جهنّم، يقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: فَما وَجَدْتُمْ مِن بَرْدٍ أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ. نسألُ اللهَ تعالى أنْ يُجيرَنا منها ووالدِينا والمسلمين، وأنْ يَرزقَنا نعيمَ الجنّة (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأُصلي وأُسلّمُ على خاتمِ النّبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله

اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

اللَّهُمَّ وَفِّقْنا لِتَدَارُكِ بَقايَا الأَعْمَارِ، والتَزَوُّدِ مِنَ العملِ الصّالحِ والاِسْتِكْثَارِ، والتّوبةِ من الذّنوبِ والأوزار، اللهمّ اغفرْ للمسلمينَ والمسلمات، وأَلِّفْ بينَ قلوبِهم وأصلحْ ذاتَ بينِهم واهدهم سُبُلَ السّلام، وجنّبْهم الفواحشَ والآثام، وأخرجْهم من الظّلماتِ إلى النّور، ورُدَّهم جميعًا إليك ردًّا جميلًا، اللهمّ الطُفْ بإخوانِنا الذينَ لا يَجدونَ ما يَقيهم من بَرْدِ الشّتاء، اللهمّ ارحمْ ضعفَهم، وأَطعمْ جائعَهم، واكسُ عاريَهم، وأَنزلْ الدِّفْءَ والسّكينةَ عليهم، اللهمّ هَيِّءْ لهم بلطفِك ما يَسترُهم ويُؤويهم، وأّعِذْهم بقدرتِك من كلِّ ما يَضُرُّهم ويّؤذيهم، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. وأقمِ الصلاةَ إنّ الصلاةَ تَنهى عن الفحشاءِ والمنكر، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 22/ 5/ 1444هـ 

المشاهدات 620 | التعليقات 0