خطبة مختصرة (موعظة)

أبو عبد السلام الروقي
1445/11/02 - 2024/05/10 17:22PM

(موعظة مختصرة)

الحمدُ لله، الحمدُ لله كريمِ الوصفِ عليِّ الذات، شادَ بقُدرتِه هذا الملَكُوتَ وقهَرَت عزَّتُه جميعَ الكائِنات، جعلَ لبداياتِهم نهايات، ولكلِّ مُفتَتحٍ في كونِه خواتِيمَ، ولكل غُرَّةٍ مآلات، فالإنسانُ إلى رُفات، وفي خاتمة الدَّهر تكونُ الأرضُ جميعًا قبضَتُه والسماواتُ بيَمينِه مطوِيَّات.

أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له ربُّ البريَّات، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثَه ربُّه بآخر الشرائِعِ وخاتمةِ الرسالات، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه ومَن اتَّبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى

(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

إِنَّ الْحُزْنَ عَلَى الدُّنْيَا طَوِيلٌ، وَالْمَوْتَ مِنَ الْإِنْسَانِ قَرِيبٌ، وَلِلنَّقْصِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْهُ نَصِيبٌ، وَلِلْبَلَاءِ فِي جِسْمِهِ دَبِيبٌ، فَبَادِروا قَبْلَ أَنْ تُنَادَو بِالرَّحِيلِ.

واعلموا رحمكم الله أنَّكم لم تُخْلَقُوا عبَثًا، ولن تُتْرَكُوا سُدًى، وإنَّ لكم معادًا يَنْزِلُ الله فيه للفصل بينَ عبادِه، فقد خابَ وخسِرَ من خرج مِن رحمة الله التي وَسِعَتْ كُلِّ شيءٍ، وحُرِمَ جَنَّةً عَرْضُها السَّماواتُ والأرضُ. أَلَا تَرَوْنَ أنكم في أسلاب الهالكين، وسَيرِثها بعدَكم الباقون؟ كذلك حتَّى تُرَدَّ إلى خَيرِ الوارِثين. وفي كُلِّ يوم تُشيِّعونَ غاديًا ورائحًا إلى الله قد قَضَى نَحْبَه، وانْقَضَى أجلُه، فتودِّعُونَه وتَدَعُونَه في صَدْعٍ من الأرضِ غير موسَّدٍ ولا مُمهَّدٍ، قد خَلَعَ الأسبابَ، وفارَقَ الأحبابَ، وسَكَنَ التُّرابَ، وواجَهَ الحِسابَ، غنيًّا عمَّا خَلَّفَ، فقيرًا إلى ما أَسْلَفَ؛ فاتَّقُوا الله عبادَ الله قبلَ نُزولِ الموتِ وانقضاءِ مَوَاقِيتِه، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.

﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾

وكل يوم ينقضي، يُبعِد عن الدنيا والدُّور، ويُقرِّب من الآخرة والقبور

﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

ووالله لتموتُنَّ كما تنامون، ولتُبعثُنَّ كما تستيقظون، ولتُجزَوُنَّ بما كنتم تعملون، فجنة للمطيعين، ونار للعاصين؛ فالزَموا طريق النجاة: ﴿ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾ [الأنعام: 104]، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]، ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ﴾ [يونس: 108]، ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِه ﴾ [النساء: 111]، ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ [النمل: 40]، و﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]، ولن تُعذر بتقصير الآخَرين، ولا بانحراف المنحرِفين، ولا بخذلان المخذِّلين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، إنه كان للأوابين غفورا.

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 أما بعد:

فاتقوا الله رحمكم الله، وتوبوا إليه واستغفِروه، وأنيِبُوا إليه

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا ۝ يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾

﴿كُلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَإِنَّما تُوَفَّونَ أُجورَكُم يَومَ القِيامَةِ فَمَن زُحزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدخِلَ الجَنَّةَ فَقَد فازَ وَمَا الحَياةُ الدُّنيا إِلّا مَتاعُ الغُرورِ﴾

رحم الله عبدا عمل لساعة الموت، رحم الله عبدا عمل لما بعد الموت، رحم الله عبدا نظر لنفسه قبل نزول الموت.

هذا وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبد الله، فقد أمرَكم بذلك ربُّكم فقال في محكم تنزيله، وهو الصادق في قيله

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ على عبدك محمد، الرسول المصطفى، والنبي المجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة، وأصحاب الشجرة، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأَذِلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمّر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، اللهم أعذنا من الفتن ما ظهَر منها وما بطَن.

اللهم اغفِر ذنوبنا، واستُر عيوبنا، ونفِّسْ كروبنا، وعافِ مبتلانا، واشفِ مرضانا، وارحَم موتانا

﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾

المرفقات

1715351586_خطبة مختصرة.docx

المشاهدات 700 | التعليقات 0