خطبة مختصرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

طلال شنيف الصبحي
1438/03/30 - 2016/12/29 14:50PM
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 1 / 4 / 1438 ه
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك، جعلتنا مسلمين، وأكملت لنا بفضلك معالم الدين، وشرفتنا فجعلتنا من أمة سيد المرسلين. وأشهد أن لا إله إلا الله؛ إله الأولين والآخرين. وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، اصطفاه ربه لحمل رسالته، وتأدية أمانته، فبلغَّ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى "يا أيها الذين ءامنوا اتقوا حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "
عباد الله: كنز عظيم من كنوز الخيراتِ وباب واسعٌ من أبواب المبرّات، طالما غفل عنه المشمرون وتهاون به الجفاة البخيلون، هذا الكنز وهذا الباب ـ يا عباد الله ـ هو الصلاة على النبيّ ، فكم فيها من فضائل، وكم عني بشأنها السابقون الأوائل، قال ابن كثير في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ "المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عبادَه بمنزلة عبده ونبيه وحبيبه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمَر تعالى أهل العالم السفليّ بالصلاة عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين" يا عبد الله، إذا أردت أن يصلّي الله عليك عشر صلوات فصلّ على النبي واحدة، فقد صح عنه أنه قال: ((من صلّى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرًا)) رواه مسلم. وإذا أردت أن يصلّي الله عليك وملائكته سبعين صلاة فصلِّ على النبيّ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (من صلّى على رسول الله صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة، فليُقِلّ من ذلك أو يُكثر) رواه أحمد. وإذا أردت أن تصلّي عليك الملائكة فأدِم الصلاة على النبيّ، فقد صح عنه أنه قال: ((ما من عبد يصلي عليّ إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو يكثر)). وإذا أردت أن تُكتب لك عشرُ حسنات وتُمحى عنك عشرُ سيئات وتُرفع لك عشر درجات ويُصلّي الله عليك عشرًا فصلِّ على النبيّ، فقد صح عنه أنه قال:((من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحُطّ عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات)) رواه أحمد والنسائي، وفي رواية: ((كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورُدّ عليه مثلها)). وإذا أردتَ أن يُكفى همّك ويغفر لك ذنبك فصلِّ على النبيّ ، فقد صح عن أبيّ رضي الله عنه أنه قال للنبي : إني أكثِر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ((ما شئت))، قال: قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خير))، قال: قلت: الثلث؟ قال: ((ما شئت، فما زدت فهو خير))، قال: قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت، فما زدت خير لك))، قال: قلت: الثلثين؟ قال: ((ما شئت، فما زدت خير لك))، قال: قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذًا يكفى همّك ويغفر لك ذنبك)) رواه الترمذي والحاكم في مستدركه.
عباد الله، إن الصلاة على النبيّ سبب لنيل شفاعته يوم القيامة، صحّ عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال:((من صلى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة))، وصحّ عنه أنه قال:((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) رواه مسلم. والصلاة على النبي سبب لعرض اسم المصلّي على النبيّ ،فقد صح عن النبي أنه قال:((أكثروا من الصلاة عليّ، فإن الله وكّل لي ملكا عند قبري، فإذا صلى عليّ رجل من أمتي قال الملك: يا محمد، إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة))،وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله:((لاَ تَجعَلُوا قَبري عيدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُم تَبلُغُنِي حَيثُ كُنتُم)) كما أن الصلاة على النبي طهرة من لغو المجالس، فقد صح عنه قوله:((ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي إلا قاموا عن أنتن من جيفة))،وقال:((ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ـ أي: نقص وتبعة وحسرة ـ،فإن شاء عذبهم،وإن شاء غفر لهم))،وفي رواية:((ما قعد قوم مقعدًا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب)).والدعاء محجوب لا يُقبل حتى يصلّي العبد على نبيه ،فقد روي مرفوعا عن علي  أنه قال:((كل دعاء محجوب حتى يصلّى على النبي)).والبخيل من ذكر النبي عنده فلم يصلّ عليه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: خرجت ذات يوم، فأتيت رسول الله فقال:((ألا أخبركم بأبخل الناس))؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:((من ذكرت عنده فلم يصلّ علي، فذلك أبخل الناس)) وإن أفضل الأيام صلاةً عليه هو يوم الجمعة، فعن أوس بن أوس قال: قال رسولُ الله : ((إنَّ مِن أفضَلِ أيَّامِكُم الجُمُعَة، فَأكثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاة فيه، فَإنَّ صَلاَتَكُم مَعرُوضَةٌ عَلَي))، قال: قالوا: يا رسول الله، وكَيفَ تُعرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيكَ وَقد أرَمتَ؟! قال: يقولُ: بَلِيتَ ـ أي: صرت رميمًا ـ ، قال: ((إنَّ الله حَرَّمَ عَلَى الأرضِ أجسَادَ الأنبِيَاءِ))
عباد الله، لقد وردت صيغ كثيرة ثابتة عن النبي في أداء هذه الصلاة عليه، فمن تلك الصيغ ما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).ومن الصيغ الثابتة أيضا قوله :(اللهم صلِ على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد)).وأيضا قوله عليه الصلاة والسلام:(اللهم صلِ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) اللهم ارزقنا حبك وحب رسولك ،واجعل اللهم حبك وحب رسولك أحب إلينا من المال والأهل والولد، وارزقنا مرافقته في الجنان تفضلاً منك وإحساناً.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين
الخطبة الثانية
عباد الله، ذكر ابن القيم في كتابه القيم جلاء الأفهام بعض المواضع التي يحسن بالمسلم ويستحب له فيها صلاته على النبي ، فمن المواضع التي يستحب الصلاة فيها على النبي الصلاة عليه في آخر التشهد وعند آخر القنوت، وفي صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية، وفي الخطب والعيدين والاستسقاء، وعند إجابة المؤذن، وعند الإقامة والدعاء، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الاجتماع في المجلس وقبل التفرق منه، وعند ذكره وحال الوقوف عند قبره، وعند قيام الرجل من نوم الليل، ويوم الجمعة وليلتها، وعند الهمّ والشدائد وطلب المغفرة، وعند كتابة اسمه وإلقاء الدروس والتعليم والتذكير، وكل موطن يُجتمع فيه لذكر الله... إلى غير ذلك مما ذكره رحمه الله. وبعد: عباد الله، فقد سمعتم فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والآثار المترتبة عليها، وسمعتم الصيغ الثابتة عن النبي وبعض المواضع التي يستحب للمسلم الصلاة فيها على نبيه ،فاعرفوا لنبيكم حقه، وإياكم أن تكونوا من البخلاء والمحرومين، وأكثروا من الصلاة والسلام على خير الأنام، فقد أمركم بذلك رب العالمين فقال جلا وعلا: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً .
المرفقات

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم111.docx

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم111.docx

المشاهدات 1878 | التعليقات 0