خطبة مختصرة في التحذير من احتقار الناس

صالح الخليفة
1443/01/16 - 2021/08/24 04:26AM

الحمد لله اللطيف الخبير، ذي الفضل الواسع والخير الكثير، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن على نهج الحق يسير.

أما بعد: فاتقوا الله ربَّكم، واحرصوا على طهارة قلوبكم كما تحرصون على طهارة أبدانكم، واعلموا أن هذه المضغة إذا صلَحت صلَح العمل كلُّه، وإذا فسدت فسد العمل كلُّه.

عباد الله: إن الناظرَ في أحوال الناس لا يخفى عليه وجودَ خصلةٍ من خصال الشرِّ البغيضةِ في قلوبهم، تجدُها عند الكبير، ويربَّى عليها الصغير، والكثيرُ يغفَل عنها وعن خطرها، تلكم هي احتقارُ الناس، وتهوينُهم والتقليلُ من شأنهم.

وانظر إلى تعامل بعضنا صغارًا وكبارًا مع الخدم والعمالة على سبيل المثال، لتعرفَ أن القلوبَ قد بُليت بهذه الخصلة المذمومة.

إن احتقارَ المسلم لأخيه المسلمِ محرم، سواءٌ كان احتقاره لأجل لونه، أو لحسبه ونسبه، أو لبلده، أو لعمله ووضعه الاجتماعي، أو لغير ذلك مما يتفاضل فيه الناس.

فكلُّ ذلك مذموم، قال ﷺ: (بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم).

يعني: يكفيه من الشرِّ وجودَ هذه الخصلة فيه، وهي احتقارُ أخيه المسلم، فإنه إنما يحقر أخاه المسلمَ في الغالب لتكبُّره عليه، ولذا جاء في الحديث أن الكِبر هو (بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس).

وبَطَرُ الحق هو دفعُه وردُّه، وغمْطُ الناس هو احتقارُهم، وذلك من علامات الكِبر.

والكِبر من أعظم خصال الشر، قال ﷺ: (لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كِبر).

وهل الإنسان يختار لونه؟ أو نسبه؟ أو بلده؟ أو ماله ووضعه الاجتماعي؟ فعلام يفخرُ أحدُنا على إخوانه بشيءٍ ليس له فيه اختيار، وإنما هو فضلٌ آتاه إياه الملكُ الجبار، سبحانه وبحمده يخلقُ ما يشاء ويختار.

ولئن تفاضلَ الناسُ فيما بينهم بأحسابهم وأنسابهم، وجمالهم ومالهم، فإن التفاضلَ بينهم عند رب الناس بحسب ما في قلوبهم وما قدَّموه من أعمالهم، نعم يا عباد الله إن التفاضلَ عند رب الناس بحسب ما في قلوبهم وما قدَّموه من أعمالهم، قال ﷺ: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).

والكرامةُ عند الله عزوجل تُنال بالتقوى والعمل الصالح، قال سبحانه: (يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لتعارفوا إن أكرمَكم عند الله أتقاكم إن اللهَ عليمٌ خبير).

فإياك أيها المؤمن واحتقارَ أحدٍ من المسلمين، فلا تدري لعل من احتقرته خيرٌ وأحبُّ إلى الله عزوجل من أمثالك، واستمع إلى هذه القصة التي تؤكد لك هذا المعنى:

مرَّ رجلٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حَرِيٌّ إن خطَبَ أن يُنْكَح، وإن شَفَعَ أن يُشَفَّع، وإن قال أن يُسْتَمَع. فسكت صلى الله عليه وسلم.

ثم مرَّ رجلٌ من فقراء المسلمين، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حَرِيٌّ إن خَطَبَ أن لا يُنْكَح، وإن شَفَعَ أن لا يُشَفَّع، وإن قال أن لا يُسْتَمَع، فقال عليه الصلاة والسلام: (هذا خيرٌ من مِلْءِ الأرضِ مِثْلَ هذا).

والشاعرُ يقول:

فَلا تَحْقِرَنَّ خَلْقًا مِنَ النَّاسِ عَلَّهُ ... وَليُّ إِلَهِ الْعَالَمِينَ وَمَا تَدْرِي

فَذُو الْقَدْرِ عِنْدَ اللهِ خَافٍ عَنِ الْوَرَى ... كَمَا خَفِيَتْ عَنْ عِلْمِهِمْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ

اللهم بارك لنا في الكتاب والسنة، وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

 


 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وإمام المرسلين، أما بعد:

فإن الله عز وجل بحكمته وعِلْمِه فضَّل بعضَ البشر على بعض، سبحانه وبحمده يُعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، لا مانعَ لما أعطى ولا مُعطيَ لما منع.

فمن فضَّله الله بشيءٍ من حسبٍ أو نسب، أو مالٍ أو جمال، أو غيرِ ذلك مما يتفاضل فيه الناس، فليتق اللهَ سبحانه، وليشكره على فضله، وليتواضع لعباد الله، وليحذر أن يحتقرَ أحدًا بأمرٍ ليس له فيه اختيار، فإن الإنسانَ لا يختارُ لونه ولا نسبه ولا بلده.

وتذكروا يا عباد الله أن المسلمَ أخو المسلم، وكلُّنا بنو آدم، وآدمُ من تراب، ولا فضلَ لأحد على أحد إلا بالتقوى.

ثم صلوا وسلموا على رسول الله، فمن صلى عليه صلاةً صلى الله عليه عشرًا.

المرفقات

1629779165_التحذير من احتقار الناس.docx

المشاهدات 4639 | التعليقات 1

اجمل خطبة