خطبة مختصرة عن نهاية العام

طلال شنيف الصبحي
1437/12/28 - 2016/09/29 16:41PM
وقفة مع نهاية العام 28 / 12/ 1437 ه
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، والحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا. أما بعد، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل: يٰأيها ٱلذين ءامنوا ٱتقوا ٱلله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
عباد الله: يتعاقب الزمان ويقلب الله الليل والنهار, وتمر الأيام سراعا والسنين تباعا, عمر يمضي ولذات تنقضي, وشمس تشرق وتغرب, تقربنا من الآخرة وتباعدنا من الدنيا,وكذا الدنيا سريعة الزوال لا تبقى فيها لذة, ولا تدوم فيها سعادة. تذهب بك جوارحك إلى سوق الغدو والرواح، في المساء وفي الصباح، فتبيعك بأبخس الأثمان وأزهدها، أو بأغلى الأثمان وأرفعها، فإما أعتقتك، أو أهلتك، عن ‏ ‏أبي مالك الأشعري قال: ‏قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((‏الطهور ‏شطر ‏الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ‏أو تملأ ‏‏ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس ‏يغدو ‏فبايع نفسه فمعتقها، أو موبقها)). رواه مسلم عباد الله: ما أسرع تصرم الأيام، وانقضاء الشهور والأعوام، كيف مضى عام بهذه السرعة؟ كنا بالأمس في أول العام، ونحن اليوم في منتهاه، هل ذهبت بركة الأوقات فلم نشعر بتصرمها؟! أم أننا قد أدركنا علامة من علامات الساعة؟! تكون السنة فيها كالشهر؟ أم أنها نعمة من نعم الله على عباده، قد وسع لهم في الرزق، وعافاهم في البدن، وأنعم عليهم بالأمن؛ فلم يشعروا بمضي الأوقات، ولا بتعاقب الليل والنهار؟! عن عبيد الله بن محصن الأنصاري _ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.فهل يشعر بمضي الساعات من سلم من الأسقام؟ وهل يحس بمرور الأيام من كفي هم الرزق؟ وهل يحس بانقضاء الشهور من أمن في ماله ونفسه وعرضه؟ كم من المسلمين يفقدون إحدى هذه الخصال أو كلها، فكيف تكون أيامهم، وكيف تمر بهم الساعات، وعلى أي شيء تنقضي الشهور؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك, وحياتك قبل موتك, وفراغك قبل شغلك, وصحتك قبل مرضك, وغناك قبل فقرك)) وكان ابن عمر يقول: )اذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك( رواه البخاري. قال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟! يوشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الفضيل: أتعرف تفسيره؛ تقول: إنا لله و إنا إليه راجعون!! فمن علم أنه لله عبد، وأنه إليه راجع؛ فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف؛ فليعلم أنه مسئول، فليعد للسؤال جوابا.فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة. قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي، أخذت بما مضى وما بقي، والأعمال بالخواتيم. عباد الله: ذهبت سنة كاملة بساعاتها، وأيامها، وشهورها، فكم عملنا فيها من أعمال قد نسيناها، لكنها عند الله محفوظة، وفي صحائف الأعمال مرصودة، وغدا سنوفاها، يوم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون {يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد} بارك الله
الخطبة الثانية:
عباد الله: عام تولى وانصرم، بين مولود ومفقود، وباك وضاحك، كم استبشرنا فيه بمولود فرح به أهله وأقاربه، فمن مهن ومن مهدي، ملأ عليهم بيتهم، وغمرهم بالفرحة والأنس، فهم به فرحون، وعليه خائفون، وبتربيته قائمون.
وكم ودعنا فيه من أحبة، و فقدنا فيه من أعزة، أسلمناهم إلى الردى والبلى، وتركناهم في مكان موحش مظلم،
عام تولى وانصرم بما فيه من اللذائذ والآلام، عبث فيه العابثون، وتلذذ فيه بالشهوات اللاهون، وأخذوا من الدنيا ما يشاؤون. وأجاد فيه المخلصون، وتصبروا عن فعل المحرمات، ونهوا النفس عن ارتكاب المنكرات، وخافوا من يوم عبوس قمطرير، ترتج له الأرض، وتتفطر من هوله السموات. أما الصالحون فادخروا أجل الحسنات، وأما المبطلون فكنزوا أقبح السيئات، فسوف يرى كل بضاعته يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون، وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون}.الطائع تحمل مشقة الطاعة، وصبر على القيام بأمر الله، وصبر عن الحرام، وصبر على قضاء الله وقدره؛ فأين هو اليوم من ذلك التعب والمشقة؟ زال التعب، وذهبت المشقة، وبقي الأجر والفرح والراحة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور (34) الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} والعاصي الذي ركب هواه، وفعل الحرام، وتلذذ بالآثام، أين هو اليوم من تلك اللذة؟! هل يشعر بها؟ هل يستمتع بها؟ ذهبت اللذة والمتعة، وجاء الألم والشقاء {وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب} الطائع طلب الراحة بتعب جسده في طاعة الله فوجدها. والعاصي طلب الراحة في معصية الله فما وجدها، وإنما وجد التعب والنصب والحزن.إذا دعتك اللذة والشهوة إلى المعصية فتذكر ما يأتي بعدها من الحسرة والندامة، اللهم إنا نستغفرك من جميع الذنوب والخطايا ونتوب إليك، اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله،

المرفقات

نهاية العام 1435هـ.docx

نهاية العام 1435هـ.docx

المشاهدات 7056 | التعليقات 0