خطبة مختصرة عن الاشهر الحرم

تركي العتيبي
1444/11/04 - 2023/05/24 23:36PM

 

أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-؛ فإن تقواه أفضل مكتَسَب، وطاعته أعلى نَسَب؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الْحَدِيدِ: 28].

 

أمةَ الإسلامِ: لقد فضَّل اللهُ -تعالى- بعضَ خَلْقه على بعض اصطفاءً منه واختيارا، وتشريفا وتكريما؛ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)[الْقَصَصِ: 68]؛ فاختار سبحانه من الأمكنة مكة والمدينة، وبارك حول بيت المقدس، واختار من الأزمنة أوقاتا وأياما وشهورا يفيض فيها على عباده بكرمه وفضله، بما لا يفيض في غيرها، فالسعيد مَن اغتنمها بزيادة الطاعات والقربات، وتعرض فيها للنفحات والبركات، وإن مما اختصه الله -تعالى- من الأزمنة الأشهر الحرم التي نص عليها في كتابه، وحرَّمها يوم خلق السموات والأرض، فقال عز من قائل: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التَّوْبَةِ: 36]، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إن الله اختص من الأشهر أربعة أشهر، جعلهن حراما، وعظَّم حرماتهن، وجعل الذنب فيها أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم، وهذه الأشهر الحرم بيَّنَها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته العظيمة في حجة الوداع فقال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب شهر مُضَرَ، الذي بين جمادى وشعبان" (رواه الشيخان).

فيا معاشر المؤمنين: إذا كان احترام الأشهر الحرم أمرا ظاهرا متوارَثًا عند أهل الجاهلية أفلا يكون حَرِيًّا بالمسلم الذي هداه الله -تعالى-، ورضي بالله رَبًّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا ورسولا، أفلا يكون حَرِيًّا به أن يعظِّم ما عظَّمه الله ورسوله؟ فيحجز نفسه عن الذنوب والعصيان، وينأى بها عن أسباب الإثم والعدوان، وأن يترفع عن دوافع الهوى ومزالق الشيطان.

 

ولئن كان ظلم النفس محرَّمًا في كل حين فهو في الأشهر الحرم أشدُّ حرمةً؛ لأنه جامع بين الجرأة على الله -تعالى- بارتكاب الذنوب والخطايا وامتهان حرمة ما حرمه الله وعظمه.

 

وإن من أعظم ظلم النفس الإشراك بالله -تعالى-، كما قال لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لُقْمَانَ: 13]، فالإشراك بالله -تعالى- هو أعظم خطيئة، وهو الذي لا يغفره الله -تعالى- لصاحبه إن مات عليه، (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)[النِّسَاءِ: 48]، ومع عظمة اقتراف الشرك فإن الجُرْمَ يعظُم حينما يعلم ويقر المشرك أن الذي خلقه هو الله -جل جلاله-، وتقدست أسماؤه، (ففي الصحيحين) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "سألتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ الذنبِ أعظمُ عند الله؟ قال: أن تجعل لله نِدًّا وهو خَلَقَكَ".

 

ومِن ظُلم النفس -يا عباد الله- تركُ واجبٍ أمَرَ اللهُ به، أو فِعْلُ محرَّمٍ يُوبِقُ الإنسانُ فيه نفسَه، ويتعدى فيه حدود خالقه، (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)[الطَّلَاقِ: 1].

بارك الله لي ولكم في القران العظيم ....

الخطبة 2 

أَيُّهَا الاخوة : لَقَدْ جَعَلَ اللهُ الزَّمَانَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ؛ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ وَهِيَ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُوالْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ  ، وَشَهْرٌ مُفْرَدٌ وَهُوَ :  رَجَبٌ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ.

فَهَذِهِ الشُّهُورُ الْأَرْبَعَةُ مُحْتَرَمَاتٌ مُعَظَّمَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، خَصَّهُنَّ اللهُ تَعَالَى بِالنَّهْيِ عَنْ ظُلْمِ النَّفْسِ فِيهِنَّ، فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: ﴿إِنَّ عِدَّةَالشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36].

فَنَهَانَا رَبُّنَا تَعَالَى أَنْ نَظْلِمَ فِيهِنَّ أَنْفُسَنَا، وَالنَّهْيُ عَنْ ظُلْمِ النَّفْسِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمَانِ !

لَكِنَّ لِهَذِهِ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ خُصُوصِيَّةً؛ يَكُونُ ظُلْمُ النَّفْسِ فِيهَا أَشَدَّ، وَلِذَلِكَ نَهَى اللهُ عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا بِخُصُوصِهَا، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»

[رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

فابتعدوا ياعباد الله  عن الظلم والمعاصي في كل وقت وحين وفي هذه الاشهر الحرم خاصة واطيعوا ربكم وانيبوا اليه 

ثم صلو وسلمو ......

المشاهدات 1446 | التعليقات 0