خطبة مختصرة: عشر ذي الحجة والاركان الخمسة
عبدالله الجارالله
1431/11/27 - 2010/11/04 14:31PM
عشر ذي الحجة وأركان الإسلام 28/11/1431هـ
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، الَّذِي اخْتَصَّ بَعْضَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ بِالْفَضَائِلِ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ أَفْضَلَهَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا وَرَسُولَنَا مُحَمَّدٌ خَيْرُ الأَنَامِ، وَأفْضَلُ دَاعٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ. ....أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيْكُمْ مَعْشَرَ الإِخْوَةِ الكِرَامِ بِتَقْوَى الْمَلِكِ الْعَلاَّمِ، فَالتَّقْوَى خَيْرُ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الأَيَّامِ .
عِبَادَ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ:
قَدْ أَظَلَّتْكُمْ عَشْرٌ هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ، قَدْرُهَا كَبِيرٌ وَشَأْنُهَا عَظِيمٌ، أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، فَفِي مَقَامِ التَّنْوِيهِ بِمَا فِيهَا مِنَ الأَجْرِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:)وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ([الفجر:1-2].قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:« إِنَّ اللَّيَالِيَ الْعَشْرَ الَّتِي أَقْسَمَ اللهُ بِهَا: هِيَ لَيَالِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ»، عَشْرٌ تَوَاتَرَتْ فَضَائِلُهَا فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلاَ الْجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».
عباد الله:
إِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي الْعَشْرِ الأَوَائِلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ، لاَ يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الأَعْمَالِ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَيَّامِ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْعَشْرَ تَجْمَعُ فِي أَيَّامِهَا أَرْكَانَ الإِسْلاَمِ.
فَأَمَّا رُكْنُ الإِسْلاَمِ الأَوَّلُ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا الْمُعَوَّلُ: فَكَانَ النَّبِيُّ e يُضَحِّي عَمَّنْ شَهِدَ للهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ لِلْعَبِيدِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَه عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا« أَنَّ رَسُولَ اللهِ e كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ: اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ ثَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ: لِمَنْ شَهِدَ للهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ، وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ e». فَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ أَجَلِّ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، لأَنَّهُمَا تَتَضَمَّنَانِ الإِخْلاَصَ لِلْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلاَمِ، وَالْمُتَابَعَةَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَزْكَى السَّلاَمِ، وَهُمَا شَرْطَا قَبُولِ جَمِيعِ أَعْمَالِ الأَنَامِ.
مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ:
أَمَّا الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ وَالدِّينِ: فَهُوَ إِقَامُ الصَّلاَةِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الرُّكْنِ الْمَتِينِ: شُهُودُ صَلاَةِ الْعِيدِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e: « إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا:- أَنْ نُصَلِّيَ؛ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»
فَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ: هِيَ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللهِ، فَاحْذَرْ يَا عَبْدَ اللهِ! أَنْ تُضَيِّعَ عَهْدَ اللهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e:« قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْداً:ـ أَنَّهُ مَنْ جَاءَ يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلاَ عَهْدَ لَهُ عِنْدِي».
أَمَّا الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ وَالدِّينِ: فَهُوَ أَدَاءُ الزَّكَاةِ لِلأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الرُّكْنِ الصَّدَقَاتُ وَالنَّفَقَاتُ الَّتِي تَجُودُ بِهَا النَّفْسُ لاَ سِيَّمَا مَا يُقَدِّمُهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَالذَّبِيحَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ t قَالَ:«كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ r بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ)
فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْكُمْ - مَعْشَرَ الإِخْوَةِ الْكِرَامِ - فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلاَ ظُفْرِهِ شَيْئاً فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ:« إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً».
أَمَّا رَابِعُ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ عباد الله: فَهُوَ فَرِيضَةُ الصِّيَامِ، وَقَدْ كَانَ سَلَفُ الأُمَّةِ يَسْتَحِبُّونَ صِيَامَ هَذِهِ الْعَشْرِ، لِمَا يَرْجُونَ فِيهَا مِنْ عَظِيمِ الأَجْرِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ آكَدُ هَذِهِ الأَيَّامِ، الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ الصِّيَامُ، فَقَدْ جاء في الحديث الذي أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e:« صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ». فَصَوْمُ النَّفْسِ عَنْ مُبَاحَاتِ الرَّفَثِ وَالشَّرَابِ وَالطَّعَامِ: غَايَةٌ إِلَى صَوْمِ النَّفْسِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْفَوَاحِشِ وَالآثَامِ.
فَصُمْ يَوْمَكَ الأَدْنَى لَعَلَّكَ فِي غَدٍ تَفُوزُ بِعِيدِ الْفِطْرِ وَالنَّاسُ صُوَّمُ
أَمَّا الرُّكْنُ الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ: فَهُوَ الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:« سُئِلَ رَسُولُ اللهِ e أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:« الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ».
وغيرها من الأعمال الصالحة من توبة نصوح عن كل ما فعله المسلم ودعاء لله الكريم الوهاب وكذلك الإكثار من ذكر الله و التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار والإكثار من قراءة القران.
وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ لِسُلُوكِ الْهَدْيِ الْقَوِيمِ، وَلُزُومِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَكْرَمَنَا بِمَا فِيهَا مِنَ الفَضْلِ العَظِيمِ، وَالْخَيْرِ الْوَاسِعِ الْعَمِيمِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْغَفُورَ الْحَلِيمَ، لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَحَوْبٍ فَتُوبُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .. أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ؛ فَتَقْوَى اللهِ تَعَالَى مِنْ صَالِحِ الأَعْمَالِ، وَهِيَ خَيْرُ زَادٍ وَذَخِيرَةٍ تُكْتَسَبُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِ.
عِبَادَ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ:
إِنَّ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْعَشْرِ وَكَفَى بِهِ مِنْ فَضْلٍ مُبِينٍ: أَنَّهَا الأَيَّامُ الَّتِي أَكْمَلَ اللهُ تَعَالَى بِهَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهَا نِعْمَتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ،. وَمِنْ فَضَائِلِهَا أَيْضاً:- أَنَّهَا أَيَّامٌ يَجُودُ اللهُ تَعَالَى فِيهَا عَلَى عَبِيدِهِ بِالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ e قَالَ:« مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ؛ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ؟». وَإِنَّ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْعَشْرِ كَذَلِكَ:- أَنَّ فِيهَا عِيدَ الأَضْحَى.
فَالنَّاسُ فِي إِدْرَاكِ فَضَائِلِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ يَتَفَاوَتُونَ، وَفِي اغْتِنَامِ أَيَّامِهَا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يَتَفَاضَلُونَ، )لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ( [الصافات:61] )وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ(
فَالْمُبَادَرَةَ الْمُبَادَرَةَ وَالْعَجَلَ الْعَجَلَ، قَبْلَ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْكُمُ الأَجَلُ،
وَاعْلَمُوا عباد الله أَنَّ مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمْ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، وَأَرْضَاهَا عِنْدَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلاَمِ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ فِي الْجَنَّةِ دَارِ السَّلاَمِ: كَثْرَةَ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ، عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ. فَاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وصحبه والتابعين لهم بإحسان
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وِالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، لَكَ ذَاكِرِينَ، إِلَيْكَ مُخْبِتِينَ أَوَّاهِينَ مُنِيبِينَ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَأَجِبْ دَعْوَتَنَا، وَثَـبِّتْ حُجَّتَنَا، وأهد قُلُوبَنَا، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قُلُوبِنَا، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ، الَّذِي لاَ يَحُولُ وَلاَ يَزُولُ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحِ اللَّهُمَّ وُلاَةَ أُمُورِنَا
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيَمانِ وَلاَ تَجْعَلْ فَي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رحِيمٌ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، الَّذِي اخْتَصَّ بَعْضَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ بِالْفَضَائِلِ الْعِظَامِ، وَجَعَلَ أَفْضَلَهَا عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا وَرَسُولَنَا مُحَمَّدٌ خَيْرُ الأَنَامِ، وَأفْضَلُ دَاعٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ الْكِرَامِ مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ. ....أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيْكُمْ مَعْشَرَ الإِخْوَةِ الكِرَامِ بِتَقْوَى الْمَلِكِ الْعَلاَّمِ، فَالتَّقْوَى خَيْرُ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ الأَيَّامِ .
عِبَادَ اللهِ الْمُؤْمِنِينَ:
قَدْ أَظَلَّتْكُمْ عَشْرٌ هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ، قَدْرُهَا كَبِيرٌ وَشَأْنُهَا عَظِيمٌ، أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى بِهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، فَفِي مَقَامِ التَّنْوِيهِ بِمَا فِيهَا مِنَ الأَجْرِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى:)وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ([الفجر:1-2].قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:« إِنَّ اللَّيَالِيَ الْعَشْرَ الَّتِي أَقْسَمَ اللهُ بِهَا: هِيَ لَيَالِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ»، عَشْرٌ تَوَاتَرَتْ فَضَائِلُهَا فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلاَ الْجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».
عباد الله:
إِنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي الْعَشْرِ الأَوَائِلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ الْحَرَامِ، لاَ يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الأَعْمَالِ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَيَّامِ؛ لأَنَّ هَذِهِ الْعَشْرَ تَجْمَعُ فِي أَيَّامِهَا أَرْكَانَ الإِسْلاَمِ.
فَأَمَّا رُكْنُ الإِسْلاَمِ الأَوَّلُ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا الْمُعَوَّلُ: فَكَانَ النَّبِيُّ e يُضَحِّي عَمَّنْ شَهِدَ للهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ لِلْعَبِيدِ، فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَه عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا« أَنَّ رَسُولَ اللهِ e كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ: اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ ثَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ، فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ: لِمَنْ شَهِدَ للهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلاَغِ، وَذَبَحَ الآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ e». فَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ أَجَلِّ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، لأَنَّهُمَا تَتَضَمَّنَانِ الإِخْلاَصَ لِلْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلاَمِ، وَالْمُتَابَعَةَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَزْكَى السَّلاَمِ، وَهُمَا شَرْطَا قَبُولِ جَمِيعِ أَعْمَالِ الأَنَامِ.
مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ:
أَمَّا الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ وَالدِّينِ: فَهُوَ إِقَامُ الصَّلاَةِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الرُّكْنِ الْمَتِينِ: شُهُودُ صَلاَةِ الْعِيدِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ t، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e: « إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا:- أَنْ نُصَلِّيَ؛ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ»
فَالصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ: هِيَ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللهِ، فَاحْذَرْ يَا عَبْدَ اللهِ! أَنْ تُضَيِّعَ عَهْدَ اللهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e:« قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْداً:ـ أَنَّهُ مَنْ جَاءَ يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلاَ عَهْدَ لَهُ عِنْدِي».
أَمَّا الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ وَالدِّينِ: فَهُوَ أَدَاءُ الزَّكَاةِ لِلأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الرُّكْنِ الصَّدَقَاتُ وَالنَّفَقَاتُ الَّتِي تَجُودُ بِهَا النَّفْسُ لاَ سِيَّمَا مَا يُقَدِّمُهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الأُضْحِيَّةِ وَالذَّبِيحَةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ t قَالَ:«كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ r بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ)
فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْكُمْ - مَعْشَرَ الإِخْوَةِ الْكِرَامِ - فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلاَ ظُفْرِهِ شَيْئاً فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ:« إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً».
أَمَّا رَابِعُ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ عباد الله: فَهُوَ فَرِيضَةُ الصِّيَامِ، وَقَدْ كَانَ سَلَفُ الأُمَّةِ يَسْتَحِبُّونَ صِيَامَ هَذِهِ الْعَشْرِ، لِمَا يَرْجُونَ فِيهَا مِنْ عَظِيمِ الأَجْرِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ آكَدُ هَذِهِ الأَيَّامِ، الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ الصِّيَامُ، فَقَدْ جاء في الحديث الذي أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e:« صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ؛ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ». فَصَوْمُ النَّفْسِ عَنْ مُبَاحَاتِ الرَّفَثِ وَالشَّرَابِ وَالطَّعَامِ: غَايَةٌ إِلَى صَوْمِ النَّفْسِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْفَوَاحِشِ وَالآثَامِ.
فَصُمْ يَوْمَكَ الأَدْنَى لَعَلَّكَ فِي غَدٍ تَفُوزُ بِعِيدِ الْفِطْرِ وَالنَّاسُ صُوَّمُ
أَمَّا الرُّكْنُ الْخَامِسُ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ: فَهُوَ الْحَجُّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:« سُئِلَ رَسُولُ اللهِ e أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:«إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ:« الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ».
وغيرها من الأعمال الصالحة من توبة نصوح عن كل ما فعله المسلم ودعاء لله الكريم الوهاب وكذلك الإكثار من ذكر الله و التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار والإكثار من قراءة القران.
وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ لِسُلُوكِ الْهَدْيِ الْقَوِيمِ، وَلُزُومِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَكْرَمَنَا بِمَا فِيهَا مِنَ الفَضْلِ العَظِيمِ، وَالْخَيْرِ الْوَاسِعِ الْعَمِيمِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْغَفُورَ الْحَلِيمَ، لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَحَوْبٍ فَتُوبُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .. أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ؛ فَتَقْوَى اللهِ تَعَالَى مِنْ صَالِحِ الأَعْمَالِ، وَهِيَ خَيْرُ زَادٍ وَذَخِيرَةٍ تُكْتَسَبُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِ.
وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ذُخْراً يَكُونُ كَصَالِحِ الأَعْمَالِ
إِنَّ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْعَشْرِ وَكَفَى بِهِ مِنْ فَضْلٍ مُبِينٍ: أَنَّهَا الأَيَّامُ الَّتِي أَكْمَلَ اللهُ تَعَالَى بِهَا الدِّينَ، وَأَتَمَّ بِهَا نِعْمَتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ،. وَمِنْ فَضَائِلِهَا أَيْضاً:- أَنَّهَا أَيَّامٌ يَجُودُ اللهُ تَعَالَى فِيهَا عَلَى عَبِيدِهِ بِالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ e قَالَ:« مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يَعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ؛ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ؟». وَإِنَّ مِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الْعَشْرِ كَذَلِكَ:- أَنَّ فِيهَا عِيدَ الأَضْحَى.
فَالنَّاسُ فِي إِدْرَاكِ فَضَائِلِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ يَتَفَاوَتُونَ، وَفِي اغْتِنَامِ أَيَّامِهَا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يَتَفَاضَلُونَ، )لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ( [الصافات:61] )وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ(
فَالْمُبَادَرَةَ الْمُبَادَرَةَ وَالْعَجَلَ الْعَجَلَ، قَبْلَ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْكُمُ الأَجَلُ،
وَاعْلَمُوا عباد الله أَنَّ مِنْ خَيْرِ أَعْمَالِكُمْ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، وَأَرْضَاهَا عِنْدَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلاَمِ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ فِي الْجَنَّةِ دَارِ السَّلاَمِ: كَثْرَةَ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ، عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ الأَنَامِ. فَاللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وصحبه والتابعين لهم بإحسان
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وِالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، لَكَ ذَاكِرِينَ، إِلَيْكَ مُخْبِتِينَ أَوَّاهِينَ مُنِيبِينَ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَأَجِبْ دَعْوَتَنَا، وَثَـبِّتْ حُجَّتَنَا، وأهد قُلُوبَنَا، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قُلُوبِنَا، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ، الَّذِي لاَ يَحُولُ وَلاَ يَزُولُ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحِ اللَّهُمَّ وُلاَةَ أُمُورِنَا
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيَمانِ وَلاَ تَجْعَلْ فَي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رحِيمٌ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.