خطبة مختصرة ضوابط اتقاء الفن

عبدالله الجارالله
1432/02/30 - 2011/02/03 22:06PM
ضوابط اتقاء الفتن 1/3/1432هـ
الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيّه، ومبلغ الناس شرعه، وصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد عباد الله: اتقوا الله تعالى، فإن تقوى الله جلّ وعلا هي خير زاد يبلغ إلى رضوان الله، يقول الله تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
عباد الله: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن " رواه أبو داوود وغيره بإسناد صحيح عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه.
عباد الله: وهاهنا يتساءل كثير من الغيورين والصلحاء والنصحاء، ممن يريدون لأنفسهم السلامة ويريدون لأمتهم أمة الإسلام الرفعة والعلو، يتساءلون هنا بما تُنال هذه السعادة، وكيف يُظفَرُ بهذا المقصود العظيم وكيف تُتَقَى الفتُن وكيف يجنَّبُها المرء المسلم، ويسلم من وشررها وأخطارها،
ونقف عباد الله مع نقاط مهمة وأسس عظيمة وضوابطَ قويمة، مستقاة من كتاب الله العزيز وسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يكون للمسلم بمراعاتها والتزامها التخلُّصُ من الفتن بإذن الله تبارك وتعالى.
أول هذه الضوابط العصمة من الفتن تقوى الله جلّ وعلا وملازمة تقواه في السر والعلانية والغيب والشهادة، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ يجعل له مخرجاً، أي من كل فتنة وبلية وشر، في الدنيا والآخرة، ويقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ والعاقبة دائما وأبدا لأهل التقوى في الدنيا والآخرة.
ومن الضوابط المهمة لاجتناب الفتن، لزوم الكتاب والسنة والاعتصام والرجوع في كل أمر إليهما فإن في ذلك سبيل العزّ والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، يقول الله سبحانه (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ويقول عليه الصلاة والسلام : " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، ))، وقد قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله: "السنة سفينة نوح فمن ركبها نجا ومن تركها هلك وغرق". ومن أَمَّرَ السنة على نفسه عباد الله نطق بالحكمة وسلِمَ من الفتنة وحصّل خير الدنيا والآخرة .
ومن الضوابط العظيمة عباد الله لاتقاء الفتن وتجنبها، الرفق والأناة وعدم العجلة وعدم استعجال العواقب والتأمل والنظر في عواقب الأمور، فإن العجلة لا تأتي بخير والأناة فيها الخير والبركة ومن كان عجولا في أموره فإنه لا يأمن على نفسه من الزلل والوقوع في الانحراف والخطل، وأما من كان رفيقا في أموره متأنيا في أهدافه ومقاصده بعيدا عن العجلة والتهور والاندفاع متأملا وناظرا في عواقب الأمور فإنه بإذن الله عز وجلّ يصل إلى العاقبة الحميدة التي يسعد بها في الدنيا والآخرة، وقد جاء عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة"، أي عليكم بالأناة والبعد عن العجلة، قال: "فعليكم بالتُؤَدة فإنك أَن تكون تابعا في الخير، خيرٌ من أن تكون رأسا في الشر".
ومن هذه الضوابط ، لزوم جماعة المسلمين، والبعد عن التفرق والاختلاف، فإن الفرقة شرٌ والجماعة رحمة، الجماعة عباد الله يحصل بها قوة لحمة المسلمين وشدة ارتباطهم وقوة هيبتهم وتحقق اجتماع كلمتهم، ويحصل بها التعاون بينهم على البر والتقوى وعلى ما تكون فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأما الخلاف عباد الله فإنه يجر عليهم شرورا كثيرة وأضرارا عديدة وبلاء لا يحمدون عاقبته يقول عليه الصلاة والسلام: "وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار".
ومن الضوابط العظيمة التي يلزمُ مراعاتها لاتقاء الفتنة واجتناب شرها، الأخذ عن العلماء الراسخين والأئمة المحققين وترك الأخذ عن الأصاغر من الناشئين في طلب العلم والمقلّين في التحصيل او اشد من ذلك الاخذ ممن لا علم لهم بعلوم الشرية منه، يقول عليه الصلاة والسلام: " البركة مع أكابركم " مع الأكابر الذين رسخت أقدامهم في العلم وطالت مدتهم في تحصيله وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله عز وجلّ من العلم والحكمة والرزانة والأناة والنظر في عواقب الأمور فمن كان مُعَوِّلاً على كلمة العلماء المحققين والأئمة الراسخين فإنه بإذن الله يحمد العاقبة في الدنيا والآخرة، ولهذا وجه الله عز وجلّ في محكم تنزيله، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾
ومن الضوابط المهمة عباد الله ، حسنُ الصلة بالله ودعاءه جلّ وعلا فإن الدعاء مفتاح كل خير ، ولاسيما عباد الله سؤال الله تبارك وتعالى أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن والتعوذ به تبارك وتعالى من الفتن كلِّها فإن من استعاذ بالله أعاذه ومن سأل الله أعطاه ومن ناداه تبارك وتعالى أعطاه سُؤله وحقق رجاه فإن الله تبارك وتعالى لا يخيب عبدا دعاه ولا يرد عبدا ناداه وهو القائل عز وجلّ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾
أنسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجنب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ وأن يحفظ على المسلمين أمنهم وأَمانهم وإيمانهم ...أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الثانية
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد عباد الله: اتقوا الله، فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.
عباد الله: إننا جميعا نقرأ في كل يوم وليلة فرضا لازما واجباً على كل مسلم، نقرأ فاتحة الكتاب وفيه قول الله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ ، واجتماعنا عباد الله على هذه القراءة المتكررة في كل يوم وليلة ينبهنا أو يدلنا على أمر عظيم وهو أن اجتماع المسلمين والتحام صفهم واتحاد كلمتهم، إنما يكون بلزوم هذا الصراط المستقيم والاستمساك به والاعتصام به فإن به النجاة والسلامة والرفعة، يقول الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ، فعليكم عباد الله بصراط الله المستقيم، فان من استمسك واعتصم به كان من أهل النجاة والرفعة والسلامة في الدنيا والآخرة.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم اعز السلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك المجاهدين يا ارحم الراحمين اللهم من أرادنا أو أراد ديننا وشعائره أو بلادنا بسوء اللهم رد كيده في نحره اللهم واشغله في نفسه
اللهم أصلح أحوال المسلمين حكاما ومحكومين يارب العالمين اللهم اشفي مرضانا ومرضاهم وفك أسرانا وأسراهم واغفر لموتانا وموتاهم وألف بين قلوبهم يا ارحم الراحمين
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر يا رب العالمين.اللهم فقهنا في دينك اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا ذا الجلال والإكرام
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليها ومولاها
اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين
اللهم وآمنا في أوطاننا وأصلح أامتنا وولاة أمورنا اللهم وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة
اللهم أنت الله، لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا عذاب ولا هدم ولا غرق ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
المشاهدات 4977 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا على ما بذلته في جمع هذه الخطبة الموفقة عسى الله ينفع بها ...