خطبة مختصرة: حتى يصدر الرعاء (بتصرف) + حملة كوني حرة

طلال شنيف الصبحي
1438/07/15 - 2017/04/12 23:42PM
حتى يُصدرَ الرعاءُ 11 / 7 / 1438ه
هذه الخطبة نقلتها بتصرف يسير فيها من خطبة الشيخ علي بن عقيل السهيمي حفظه الله وأضفت إليها شيئاً يسيراً عن حملة ( كوني حرة ).
الحمد لله الذي خلق فسوى ، وقدر فهدى، وأخرج المرعى،فجعله غثاءً أحوى،خلق الخلق فأكمل،وقضى الأمر فأحكم، فمن أذعن كان من النار أسلم،ومن طغى وبغى فلنفسه كان أظلم، أحمد ربي وأشكره،وأستعينه وأستغفره والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته..)
عباد الله:أتاه يركضُ ليُخبِرَهُ بنبأٍ قد عمّ،وبخبرٍ قد طمّ، الملأُ قد اجتمعوا،فتمالؤوا واتفقوا،على إباحةِ دمِهِ،وإطاحةِ رأسِهِ، أتاهُ ساعيًا،بقدميه راكضًا،وإليه راجيًا، يا موسى إني لك ناصحٌ،وإليك بائحٌ،أن تخرجَ من هذه الأرضَ، وتنجوَ من ذلك الفضَّ.فخرج موسى فزعًا،خائفًا مترقبًا،قالَ اللهُ تعالى في حالِهِ وشأنِهِ،(فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).توجَّهَ موسى عليهِ الصلاة والسلامُ،من مصرَ إلى مدين،فارًّا من فرعونَ ومَلَإِه،وقد كان يتلفَّتُ في ذهابه خوفًا من القوم،فوصلَ إلى مدينَ،ووجد ماءً أمامَه،واستوقفه منظرٌ عَجِبَ منه،رعاءَ الشاءِ متزاحمين على بئرٍ أمامهم، يسقون أغنامَهُم، وعلى ناحِيَةٍ أخرى،امرأتين تذودان أغنامهما،بعُسرٍ ومشقةٍ،غنمةٌ تخرجُ من هنا،وأخرى من هناك،فيُمسِكان بها لئلّا تُزاحم الرجال،تذودان تُكفكفان،تمنعان أغنامهما عن ورود الماءِ،كُلُّ ذلك حتى لا تختلطَ أغنامُهُما بأغنامِ الرجال،فيزاحمان الرجال،العفّةُ والحياءُ قد كملا في تلكَ المرأتين،عَجِبَ موسى عليه الصلاة والسلامُ من ذلكَ الموقفِ،فما ملكَ نفسَهُ،ذهب إليهما،فسألهما قائلًا:ما خطبُكُما،قالتا:لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ،لا نَسقي أغنامنا،حتى يفرغَ القومُ،وإن كُنّا في حاجةٍ لذلك،فمُحالٌ أن نختلطَ بالرجالِ،ومُحالٌ أن نخرمَ حياءنا،ومُحالٌ أن نُزاحمَهم،فما كان من موسى عليه الصلاة والسلامُ،إلّا أنْ ساندَهما،فسقى لهما،ثم ذهبَ موسى عليه الصلاة والسلامُ لظِلِّ شجرةٍ،فدعا ربه(ربِّ إنّي لما أنزلت إليَّ من خَيرٍ فقير) ربِّ نعمُك عليّ كثيرة،وفضلُك واسعٌ عميم،إلّا أنّني فقيرٌ إليك،محتاجٌ إليك،فأكرمني بمزيدِ فضلك،وكرمِ عطائك،فإنما أنا عبدٌ من عبيدك،أستمطرُ رحمتَك وفضلَك ورزقَك.فمكثَ موسى عليهِ الصلاة والسلامُ،تحتَ ظلّ الشجرةِ يناجي ربه،إذ أتته إحدى المرأتين،قال الله تعالى عنها،واصفًا حالها،(فجاءته إحداهما تمشي على استحياء..) تمشي والحياءُ يخالطُها،يصاحبُها،ليست صخّابةً جريئةً،بل من رآها علمَ عفّتها،وعلمَ حياءها،مِن مِشيتِها،لم تُخرجْ زينتَها،ولم تضربْ برجلِها،ولم تُقارعِ الرجلَ في قِوَامتِه،ولم تنازعِ الرجلَ مكانتَه،فخاطبتْ موسى عليه الصلاة والسلامُ،خطابًا واضحًا جليًا،خطابًا لا رعونةَ فيه،ولا لين قولٍ وتزلفٍ،قالت(إن أبي يدعوك)الذي جعلني آتيك،هو دعوةُ أبي لك،فلستُ أنا من دعاك،ولا من طلبَ خطابَك،ثم ذكرتْ سببَ الدعوةِ،فقالت: (ليجزيك أجرَ ما سقيتَ لنا)إنه خطابٌ واضحٌ،حتى لا يميل القلبُ أيّ ميلٍ خاطئ،إنّها تُخاطب أطهر رجلٍ،ولكنّ باب الفتنةِ إذا كُسر،لا يعرف الأطهر من الأبعد،فلذلك كان الحرصُ واجبًا.
فقام موسى عليه الصلاة والسلامُ،ليقولَ للمرأةِ،سأتقدَّمُكِ، وكوني من ورائي،فإن كان الطريق في الميمنة أو المشأمة، فاقذفي بحجرٍ تجاه الطريق الصحيح،فتقدم موسى عليه الصلاة والسلامُ،وتأخرتِ المرأةُ خلفه،لتقذفَ بالحجرِ تجاه الطريقِ الصحيحِ،وهكذا وصلَ موسى عليه الصلاة والسلامُ عند أبي المرأتين.وصلَ موسى عليه الصلاة والسلامُ لبُغيتِه،وأكمل مسيرتَه،وبلَّغَ رسالةَ ربِّه،إلّا أنّ اللهَ تعالى،خلّدَ ذكْرَ المرأتين في كتابِه،لكمالِ عِفَّتِهِما،ولكمالِ حيائهما،فذكر اللهُ امتناعَهُما عن مُخالطَةِ الرجالِ،وحياءَ المرأةِ المُرسَلةِ في مِشيتِها،وعفةَ المرأةِ في السؤال،وطُهرَ موسى عليه الصلاة والسلامُ في التعاملِ مع النساءِ،لتكونَ القصةُ منهاجًا لنا،ولنسائنا،في العفةِ والطُهرِ والحياءِ.
لا تعجبَنَّ أخي المبارك،من أنّ الطاهرَ والطاهرةَ قدْ يُطردون،ومن مكانِهِم يُهَجّرون،وبالعارِ يوصمون،فيصبحُ الطهرُ تُهمةً يُقذف بها العفيفُ والعفيفةُ،لا تعجَبَنَّ من ذلك،فلقد طُردَ لوطٌ عليه الصلاة والسلامُ وبناتُه من القرية،وهجِّروا،وأوذوا،وقال كبيرهم(أخرجوهم، أخرجوهم من قريتكم)ما العلّة (إنّهم أُناسٌ يتطهرون)وذلك حينما تنتكسُ الفطرَ،وتنقلبُ الموازين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ* فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ*فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)بارك الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
عباد الله: إن أعظمَ ما قامتْ بهِ الشريعةُ، أنْ حررتِ المرأةَ من رقِّ الجاهليةِ إلى حريةِ الإسلامِ، فحررتْها من الوأدِ والعضلِ،وحررتْها من القهرِ والطردِ،وجعلتِ القوامةَ في الرجلِ ليصونَها ويقومَ على شؤونِها، فبذلك فُضّلَ لا بغيرها،وأعداءَ الإسلام تُقلقهم تلك التوجيهاتُ السامية،وتقضّ مضاجعهم هذه التعليمات الهادفة،حينذاك ضاقوا من ذلك ذرعاً،فراحوا بكلِّ وسيلة وسعوا بكل طريقة ليحرّروها من تعاليم دينها وقيم أخلاقها،تارةً باسم تحرير المرأة،وتارةً باسم الحرية والمساواة،وتارةً باسم الرقي والتقدم الكاذب.
واسمعوا ماذا يقولون وعلى ماذا يخططون:(كوني حرة) تمردي كوني حرة بلا قيود,حلقي برقتك خارج سجون الظلام والعبودية,خُلقتي حرة كي تطيري مثل العصفور في السماء عالياً وفي كل بقاع الأرض,لا أن تسجني في قفص..كوني حرة) مصطلحاتٌ ظاهرها الرحمة والخير،وباطنُها شرٌّ يُبنى على قلبِ القيم،وعكس المفاهيم,لذا فهُم بأنفسهم وبمن انجرّ خلفهم في حديث لا يكلّ عن المرأة وشؤونها وحقّها وحقوقها،كما يتصوّرون وكما يزعمون،مما يحمل بلاءً تختلف الفضائل في ضجَّته،وتذوب الأخلاق في أزِمّته.
دعواتٌ تهدف لتحرير المسلمة من دينها والمروق من إسلامها،مبادئُ تصادم الفطرةَ وتنابذ القيمَ الإيمانية.دعواتٌ وحملات مغرضة من قنوات مشبوهة تنبثق من مبادئَ مُهلكةٍ ومقاييسَ فاسدة وحضاراتٍ منتنة،تزيِّن الشرورَ والفساد بأسماء برّاقة ومصطلحات خادعة.وللأسف تجد من أبناء وبنات المسلمين من في فكره عِوَجٌ وفي نظره خلل ينادي بأعلى صوتٍ بتلك الدعوات،ويتحمّس لتلك الأفكار المضلِّلة والتوجُّهات المنحرفة،بل ويلهج سعياً لتحقيقها وتفعيلها.
ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين,بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.فقد انقلبوا صاغرين واعتذروا خائبين.وهذا شأن أهل الفسق من قديم الزمان:يعتذرون إليكم! فقال الله عز وجل في شأنهم(فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)
المرفقات

1حتى يُصدر الرعاء.docx

1حتى يُصدر الرعاء.docx

المشاهدات 747 | التعليقات 0