خطبة مختصرة / العشر الأواخر

د. عبدالعزيز الشهراني
1442/09/17 - 2021/04/29 10:13AM
معشر الصائمين ، هذه أيام شهركم تتقلص، ولياليه الشريفة تتقضَّى، تتقلص و تتقضى شاهدة بما عملتم، وحافظة لما أودعتم، هي لأعمالكم خزائن محصنة، ومستودعات محفوظة، كما قال الله : يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ ) ينادي ربكم كما جاء في الحديث القدسي في صحيح مسلم : ((يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) هذا هو شهركم، وهذه هي نهاياته، كم من مستقبل له لم يستكمله… وكم من مؤمل بعود إليه لم يدركه. أيها الإخوة، إن كان في النفوس زاجر، وإن كان في القلوب واعظ، فقد بقيت من أيامه بقيةٌ. بقية وأي بقية، إنها العشر الأخيرة. بقية كان يحتفي بها نبيكم محمد أيما احتفاء. في العشرين قبلها كان يخلطها بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شمر وجد وشد المئزر وهجر فراشه، وأيقظ أهله ). أيها المسلمون، اعرفوا شرف زمانكم، واقدروا أفضل أوقاتكم، وقدموا لأنفسكم لا تضيعوا فرصة في غير قربة. قدموا لأنفسكم وجدوا وتضرعوا. تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كما عند أحمد وغيره : يا رسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول فيها ؟ قال قولي: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى))  نعم أيها الإخوة: الدعاء الدعاء. عُجُّوا في عشركم هذه بالدعاء. فقد قال ربكم عز شأنه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ، إن للدعاء ـ شأنا عجيبا، وأثرا عظيما في حسن العاقبة، وصلاح الحال والمآل والتوفيق في الأعمال والبركة في الأرزاق. عباد الله: إن أهل الدعاء الموفقين حين يعُجُّون إلى ربهم بالدعاء، يعلمون أن جميع الأبواب قد توصد في وجوههم إلا بابا واحدا هو باب السماء. باب مفتوح لا يغلق أبدا، فتحه من لا يرد داعيا ولا يخيب راجيا. فهو غياث المستغيثين، وناصر المستنصرين، ومجيب الداعين.  أيها المجتهدون، يجتمع في أيامك القادمة أوقات فاضلة وأحوال شريفة. العشر الأخيرة، جوف الليل من رمضان، والأسحار من رمضان، دبر الأذان والمكتوبات، أحوال السجود، وتلاوة القرآن، كلها تجتمع في أيامكم القادمة . فأين المتنافسون ؟ فاجتهدوا عباد الله فقد فاز والله من شمّر واجتهد وعلى الله توكل واعتمد .    

الخطبة الثانية

أيها الصائمون: أمامكم في عشركم ليلة القدر هي خير من ألف شهر قال الله تعالى ( وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) فأخبر الله من فضائلها أنها خير من ألف شهر أي أفضل من عبادة ألف شهر تأملوا العدد عباد الله خير من عبادة ألف شهر ليس فيه ليلة القدر كما رجحه ابن جرير وابن كثير فمن قامها فقد حصل له ثواب أعظم من ثواب من تعبد أكثر من ثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر ولهذا قال السعدي رحمه الله قوله تعالى : خير من ألف شهر أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، ففي هذه الليلة من البركات مالا يخطر على , ففي هذه الليلة تنزل الرحمة والمغفرة والعتق من النار وتقسم تقدر في ليلة القدر الآرزاق والآجال لعام كامل فهي ليلة القدر من الشرف والتقدير فاستقبلها بطاعة الرحمن. عباد الله: نحن في أيام شريفة ونحن في آخرها فورب السماء والآرض أن من يتكاسل عن الخير والواجبات ويقع في المعاصي والآثام ولم يقدر هذه الأيام حق قدرها إنه لمحروم غاية الحرمان.
المشاهدات 1923 | التعليقات 0