خطبة ( ماذا استفدنا من جائحة كورونا )
خالد الشايع
الخطبة الأولى (ماذا استفدنا من كورونا) 13/10/1441
أما بعد : فيا أيها الناس إن لنا ربا حكيما عليما ، يربي خلقه بما يشاء من قضائه وقدره ، فيبتليهم ليتبين الصادق من الكاذب ، قال سبحانه ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وبشر الصابرين )
عباد الله : الناس يدوكون في هذه الجائحة منذ أشهر ، وقد تعبوا منها كثيرا ، فأصابهم الخوف ، والجوع ، ونقصت الأموال ، والأنفس ، والثمرات ، وهم مأجورون على كل شيء من ورائها ، إذا صبروا واحتسبوا ، وهذا بلاء سيمر كما مر غيره ، وسينجح قوم ويخسر آخرون ، لأنه ابتلاء وامتحان وتربية من الله سبحانه ، فاصبروا وصابروا لتفوزوا مع الفائزين.
عباد الله : ما أعظم الله جل جلاله عندما نتأمل شيئا من قدرته في هذا الفايرس الذي أقلق العالم أجمع ، كيف لو أرانا الله قوته التي لا حد لها ، عياذا بالله من غضبه وأليم عقابه .
إذا تأملنا ذلك جيدا ، علما مدى ضعفنا مهما بلغنا من قوة ، وجهلنا مهما بلغنا من علم ، واحتياجنا له سبحانه مهما كثرت جنودنا وعتادنا .
وإن هذا يدعونا أن لا نتعلق إلا بالله ، ولا نتوكل إلا عليه ، ولا نلجأ إلى إليه .
أين قوى العالم ؟
أين علمهم ومختبراتهم ؟
ووالله إن التأمل جيدا في عظمة الله يجعلنا نحمد الله أن جعلنا عبيدا له ، وفي حزبه ، فنرضى بقدره ، ونسير في قدره على الرضى والتسليم .
تساقطت كل الآلهة ، وتلاشت كل القوى ، وأعلن الجميع العجز والضعف ، وقالوا إن الحكم للسماء يعنون الله جل جلاله .
هل يعي المسلمون الشرف الذي هم فيه ، فيتمسكون به ولا يجرون وراء الغرب وسرابهم .
معاشر المسلمين : إن جائحة كورونا ، تعلمنا معنى قوله تعالى ( كن فيكون ) عمليا على الواقع ، في لحظات تنقلب الدنيا رأسا على عقب ، فتتلاشى كل وسائل التقدم ، فتقف الطائرات ، ووسائل النقل أجمع ، وتغلق المصانع ، وتسقط البورصات ، ويتساوى الفقير والغني ، والضعيف والقوي ، ويهرب الجميع لخنادقهم ، خوفا من فايرس لا يرى بالعين المجردة .
إن النظر الثاقب بعدل وإنصاف ، يجعل الإنسان يعلنها حقيقة بلا شك ، أنه لا إله إلا الله
فلا مدبر للكون ، ولا مصرف للأمور ، إلا هو جل في علاه
اللهم ارزقنا اليقين ، والاستعداد ليوم الرحيل ، أقول قولي هذا ............
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : لقد أصاب الناس ذعر ورهاب من خطر العدوى والبعض وصل إلى حد الوسوسة، وهذا يستدعى أن نتحدث عن نقطتين مهمتين ، الأولى تلك النعمة العظيمة التي كنا نعيشها ثم فقدناها ، وهي أن تذهب وتجيئ وتخالط وتمسك وتحمل وتصافح وتعانق ، بلا خوف .
والآن شعارنا لا مساس ، حتى أقرب الناس لك ، أمك وأباك ، تتواصل معهم بالهاتف ، أو من بعيد ، تشاهد ولا تمس ، خوفا عليهم ، فيا لها من نعمة لم نكن نشعر بها ، ولا نؤدي شكرها .
والثانية مسألة تطبيق الاحترازات الوقائية ، فهي مطلوبة من الجميع ، ولكن لا تتوكل عليها ، ولانظن أنها تمنعنا من العدوى ، فما أنزل هذا البلاء إلا الله ، ولا يرفعه إلا هو جل جلاله ، ولا تنتقل هذه العدوى بنفسها ، ولكن بأمر الله جل جلاله ، وإن الله الذي سلط هذه الجائحة على الناس هو الذي أمرك باتخاذ الأسباب ، وتطبيقها ، ولكن لاتكن ممن يتوكل عليها ، بل توكل على مسبب الأسباب ، وقل إن الذي قدر علينا هذه الجائحة هو الذي أباح لنا فعل الأسباب ، وإن فعل الأسباب من التوكل على الله ، فلا تقل لولا الكمام لأصبت بالعدوى ، ولكن قل لولا أن الله حماني بالكمام لأصبت بالعدوى .
وختاما عباد الله : أقول ليتنا نتحرز من الذنوب تحرزنا من العدوى ، إذا لصحت قلوبنا كما تصح أبداننا ، كم تحت هذه العبارة من حكم لو تأملناها ، لنهرب من الذنوب هروبنا من العدوى ، فهو طريق خلاصنا من هذه الجائحة .
عباد الله : لتكن هذه الجائحة داعية لنا أن نقبل على الله ، وأن نبتهل إليه ونتضرع له أن يرفع عنا هذا الوباء ، وأن نصحح طريقنا إلى الله ، الذي لا غالب له ولا راد لأمره.
قال جل ذكره (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء ..........
Alsha98 Alsha98
تعديل التعليق