خطبة: ماتَ رسولُ الله
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: ماتَ رسولُ الله
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النّبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله
رجعَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ إلى المدينةِ من حَجّةِ الوداعِ، في السّنةِ العاشرةِ للهجرةِ، وقد ودّعَ فيها النّاسَ فقالَ: لَعَلِّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا. ونزلَ عليه قولُه تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ولم يعشْ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بعدَ هذه الآيةِ غيرَ ثلاثةِ أشهرٍ. ولمّا نزلتْ سورةُ النّصر (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) عرفَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ أنّه قربُ أجلِه وأنّ نفسَه قد نُعيتْ له. وفي مطلعِ شهرِ ربيعٍ الأول، زارَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ مقبرةَ البقيعِ واستغفرَ لأهلِها، ثمّ انصرفَ وقد بدتْ عليه علاماتُ التّعبِ والإعياء، وأخذَه صُداعٌ شديدٌ في رأسِه، واتَّقدتْ عليه الحرارةُ والحمّى، حتى إنّهم يَجِدونَ سَوْرَتَها فوقَ العصابةِ التي يَعصِبُ بها رأسَه. ولمّا ثقلَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ واشتدَّ وجعُه استأذنَ أزواجَه في أنْ يُمرَّضَ في بيتِ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، فأَذِنَّ له، وكانت رضيَ اللهُ عنها في تلك الأيامِ تَرقيه بالمعوذاتِ وتمسحُ عليه بيدِه رجاءَ بركتِها، قالت رضيَ اللهُ عنها: ما رأيتُ رجلاً أشدَّ عليه الوجعُ من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. وقالَ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: دخلتُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ وهو يوعكُ وعكاً شديداً فمسستُه بيدي، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنّك لتوعكُ وعكاً شديداً! فقالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: أجل، إنّي أوعكُ كما يوعكُ رجلانِ منكم، فقلتُ: ذلك أنّ لك أجرين؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ: أجل، ثمّ قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ما من مسلمٍ يُصيبُه أذىً من مرضٍ فما سواه إلا حطَّ اللهُ به سيئاتِه كما تَحُطُّ الشّجرةُ ورقَها. ثمّ أرادَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أن يَخرجَ فيخطبَ في النّاسِ ويعظَهم فأغميَ عليه من شدّةِ المرضِ فلمّا أفاقَ قالَ صُبُّوا عليَّ سبعَ قربٍ من آبارٍ شتّى حتى أخرجَ إلى النّاسِ فأعهدَ إليهم ففعلوا، فخرجَ إلى النّاسِ وهو بينَ عليٍّ والعبّاس، عاصبًا رأسَه تَخُطُّ قدماه في الأرض، حتى جلسَ على المنبر، فاجتمعَ إليه الصّحابةُ رضوانُ اللهِ عليهم ينظرونَ إليه وقد هدَّه التّعبُ والمرض، فقالَ صلى اللهُ عليه وسلمَ: لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنّصارى اتّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد، لا تتّخذوا قبري وثنًا يُعبدُ. ثمّ عرضَ نفسَه للقصاصِ فقالَ: من كنتُ جلدتُ له ظهرًا فهذا ظهري فليَسْتَقِدْ منه، ومن كنتُ شتمتُ له عرضًا فهذا عرضي فليَسْتَقِدْ منه، ثمّ قالَ: إنّ عبدًا خيّرَه اللهُ أنْ يؤتيَه اللهُ من زهرةِ الدّنيا ما شاءَ وبينَ ما عندَه فاختارَ ما عندَه. فعلمَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه أنّه يَنعى نفسَه فبكى وقالَ: فديناك بآبائِنا وأمّهاتِنا يا رسولَ الله، وكانَ أعلمَ الصّحابةِ بمرادِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. وفي يومِ الخميسِ اشتدَّ به الوجعُ فخرجَ إلى أصحابِه والحمّى قد تخوّنتْ جسمَه الشّريف، فصلى بهم المغرب، وعندَ العشاءِ ثقلَ به المرضُ فلم يستطعِ الخروجَ إلى المسجدِ فقالَ أصلى النّاس؟ قالوا لا يا رسولَ اللهِ هم ينتظرونك، قالَ ضعوا لي ماءً في المِخضبِ ففعلوا، فاغتسلَ فذهبَ ليَنُوءَ فأغميَ عليه ثمّ أفاقَ فقالَ أصلى النّاسُ؟ قالوا لا يا رسولَ اللهِ هم ينتظرونك، فقالَ ضعوا لي ماءً في المِخضبِ فاغتسلَ الثّانيةَ ثمّ ذهبَ لينوءَ فأغميَ عليه، ثمّ استيقظَ فقالَ أصلى النّاسُ؟ قالوا لا يا رسولَ اللهِ هم ينتظرونك ثمّ اغتسلَ فأغميَ عليه الثّالثةَ ثمّ أفاقَ فقالَ مُرُوا أبا بكرٍ فليُصلِّ بالنّاس، فصلى بهم أبو بكرٍ بقيّةَ الأيّام، وعاشَ النّاسُ في تلك الأيامِ في همٍّ وحزنٍ وقلقٍ وهمْ لا يطيقونَ أن يروا رسولَ اللهِ تصيبُه شوكةٌ فما دونَها فكيف بهم وهم يرونَه يشتدُّ به المرضُ ويزدادُ يومًا بعدَ يومٍ ويتمنّونَ لو يفتدونَه بأنفسِهم وأموالِهم وأولادِهم والنّاسِ أجمعين، وفي يومِ الأحدِ أعتقَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ غلمانَه وتصدّقَ بسبعةِ دنانيرَ كانت موجودةً عندَه، وفي فجرِ يومِ الاثنينِ آخرِ يومٍ من حياتِه صلى اللهُ عليه وسلمَ وبينَما الصّحبُ الكرامُ صفوفًا خلفَ الصّديقِ رضيَ اللهُ عنه في صلاةِ الفجر لم يَفْجأْهم إلا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ كشفَ سترةَ حجرتِه فجعلَ ينظرُ إليهم فسرّه منظرُهم ثمّ تبسّمَ يضحكُ كأنّ وجهَه ورقةُ مُصحفٍ أو كأنّه القمرُ إذا اكتملَ بدرُه، فلمّا رآه المسلمونَ همّوا أنْ يُفتنوا في صلاتِهم فرحًا برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ واستبشارًا برؤيتِه وتبسّمِه، فأشارَ إليهم بيدِه أنْ أتمّوا صلاتَكم ثمّ دخلَ الحجرةَ وأرخى السّترَ فاطمأنّتْ نفوسُ المؤمنينَ وسكنتْ قلوبُهم وظنّوا أنّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ قد عادَ إلى صحّتِه وتشافى من مرضِه ولم يعلموا أنّ هذه هي النّظرةُ الأخيرةُ وهي نظرةُ الوداعِ وأنّه لن يخرجَ من هذه الحجرةِ إليهم بعدَها أبدًا، فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ وصلوا عليه وسلّموا تسليمًا.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ وحدَه والصّلاةُ والسّلامُ على من لا نبيَّ بعدَه وعلى آلِه وصحبِه أمّا بعدُ عبادَ الله
ولمّا ارتفعَ الضّحى من يومِ الاثنينِ، بدأَ الوجعُ يشتدُّ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ، فلمّا رأتْ فاطمةُ الكربَ الشّديدَ الذي يتغشّى أباها قالت: وا كربَ أبتاه فقالَ لها: ليس على أبيك كربٌ بعدَ اليوم، ثمّ دعا بالحسنِ والحسينِ فقبَّلَهما وأوصى بهما خيرًا، ودعا أزواجَه فوعظَهنَّ وذكَّرَهنّ. ثمّ بدأَ الاحتضارُ برسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ وليس عندَه إلا عائشةُ رضيَ اللهُ عنها، وقد وضعَ رأسَه الشّريفَ بينَ سحرِها ونحرِها، وكانَ آخرُ ما أوصى به أمّتَه الصّلاةَ الصّلاةَ وما ملكتْ أيمانُكم، ثمّ جعلَ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُدخلُ يدَه في ركوةٍ فيها ماءٌ فيمسحُ بها وجهَه ويقولُ: لا إلهَ إلا الله، إنّ للموتِ لسكرات، اللهمّ هوّنْ عليَّ سكراتِ الموت، ثمّ اشتدّتْ عليه السّكراتُ وعظمَ عليه النّزعُ فعرقَ جبينُه ورفعَ يدَه وأشارَ بسبّابتِه وشخصَ ببصرِه وتحرّكتْ شفتاه، فأصغتْ إليه عائشةُ رضيَ اللهُ عنها فسمعتْه يقولُ: مع الذينَ أنعمَ اللهُ عليهم من النّبيّينَ والصّديقينَ والشّهداءِ والصّالحينَ، اللهمّ اغفرْ لي وارحمْني وأَلحقْني بالرّفيقِ الأعلى، اللهمّ الرّفيقَ الأعلى، ثمّ مالتْ يدُه ولحقَ بالرّفيقِ الأعلى. تقولُ عائشةُ فلم أدْرِ ما أفعل، فما كانَ منّي غيرَ أنْ فتحتُ البابَ الذي يُطلُّ على المسجدِ وقلتُ: ماتَ رسولُ اللهِ، ماتَ رسولُ الله. فضجَّ المسجدُ بالبكاءِ وهم من شدّةِ وقعِ الخبرِ بينَ مصدّقٍ ومكذّب. وجاءت ابنتُه فاطمةُ فاكبّتْ عليه وأخذتْ تنادي بحسرةٍ وألمٍ: يا أبتاه أجابَ ربًّا دعاه، يا أبتاه جنّةُ الفردوسِ مأواه، يا أبتاه إلى جبريلَ ننعاه، وتسرّبَ هذا النّبأُ الفادحُ إلى المدينةِ بسرعةٍ هائلةٍ فاضطربَ المسلمون، فمنهم من دُهشَ فخولط، ومنهم من انعقدَ لسانُه فلم يُطقِ الكلام، ومنهم من قعدَ مكانَه فلم يطقِ القيام، ومنهم من ذُهلَ من هولِ المصيبةِ فأنكرَ أنْ يموتَ الرّسولُ ومنهم عمرُ رضيَ اللهُ عنه، وكانَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه في عوالي المدينةِ فلمّا سمعَ بالخبرِ جاءَ إلى المسجدِ فدخلَ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ وهو مسجًّى في حجرةِ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها فكشفَ عن وجهِه الشّريفِ وقبّلَه بينَ عينيه ثمّ بكى وقال: بأبي أنت وأمّي يا رسولَ اللهِ طبتَ حيًّا وميّتاً، والذي نفسي بيدِه لا يُذيقُك اللهُ الموتتينِ أبداً. ثمّ خرجَ وخطبَ الناّسَ فحمدَ اللهَ وأثنى عليه وقال: ألا من كانَ يعبدُ محمداً صلى الله عليه وسلمَ فإنَّ محمداً قد مات، ومن كانَ يعبدُ اللهَ فإنّ اللهَ حيٌّ لا يموت، قالَ اللهُ تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} فتيقّنَ النّاسُ الخبرَ فضجّوا بالبكاءِ بتصبّرٍ واحتسابٍ من غيرِ جزعٍ ولا نياحة، وقد ضاقت عليهم الأرضُ بما رحبت، كذا فليَجِلَّ الخطبُ ولْيَفْدَحِ الأمرُ* فليس لعينٍ لم يَفِضْ ماؤُها عذرُ. فإنّا للهِ وإنّا إليه راجعون. فما أعظمَها من مصيبةٍ، فكلُّ مصيبةٍ دونَها جَلَل، يقولُ عليه الصّلاةُ والسّلام: يا أيّها النّاسُ أيُّما أحدٍ من النّاسِ أو من المؤمنينَ أصيبَ بمصيبةٍ فليَتَعَزَّ بمصيبتِه بي عن المصيبةِ التي تُصيبُه بغيري، فإنّ أحداً من أمّتي لن يُصابَ بمصيبةٍ بعدي أشدَّ عليه من مصيبتي. اصبرْ لكلِّ مصيبةٍ وتَجَلَدِ * واعلمْ بأنّ المرءَ غيرُ مُخَلَّدِ، وإذا أتتْك مصيبةٌ تَشْجى بها * فاذكرْ مصابَك بالنّبيِّ محمّدِ، لقد انطفأَ السّراجُ والضّياء، وانقطعَ الوحيُ من السّماء، يقولُ أنسٌ رضيَ اللهُ عنه لمّا كانَ اليومُ الذي دخلَ فيه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ المدينةَ أضاءَ منها كلُّ شيء، فلمّا كانَ اليومُ الذي ماتَ فيه أظلمَ منها كلُّ شيء، بطيبةَ رسمٌ للرّسولِ ومَعْهَدُ * منيرٌ وقد تعفو الرّسومُ وتَهْمَدُ، ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمةٍ * بها منبرُ الهادي الذي كانَ يصعدُ، وواضحُ آياتٍ وباقي معالمٍ * وربعٌ له فيه مصلًّى ومسجدُ، بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسْطَها * من اللهِ نورٌ يُستضاءُ ويوقدُ، وما فقدَ الماضونَ مثلَ محمّدٍ * ولا مثلُه حتى القيامةِ يُفقدُ. فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ وأكثروا من الصّلاةِ والسّلامِ عليه وتمسّكوا بدينِه واعملوا بسنّتِه واهتدوا بهديِه، وائتمروا بأمرِه واجتنبوا نهيَه، حتى تلقوه على الحوضِ متّبعينَ غيرَ مبتدعين، وهناك يستقبلُكم بشوقٍ وحنين، ويعرفُكم من آثارِ وضوئِكم غرًّا محجَّلين، فيَسقيكم بيدِه الشّريفةِ من حوضِه شربةً لا تظمؤونَ بعدَها أبدًا، فاللهمّ إنّنا نَشهِدُ أنّه صلى اللهُ عليه وسلمَ قد بلَّغَ الرّسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصحَ للأمّة، وجاهَدَ في اللهِ حقَّ جهادِه حتى أتاه اليقين، وما تركَ خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرَنا منه، وتركَنا على البيضاءِ ليلُها كنهارِها لا يَزيغُ عنها إلا هالك، فاللهمّ اجْزِه عنّا خيرَ ما جزيتَ نبيًّا عن أمتِه، ورسولاً عن رسالتِه، اللهمّ لا تحرمْنا أجرَه ولا تفتنّا بعدَه وثبّتْنا على سنّتِه واحشرْنا في زمرتِه واجعلْنا من أهلِ شفاعتِه واجمعْنا به في عليّينَ مع النّبيّينَ والصّديقينَ والشّهداءِ والصّالحينَ وحسنَ أولئك رفيقًا اللهمّ صلِّ على نبيِّنا محمدٍ ما ذكرَه الذّاكرونَ الأبرار، وصلِّ على محمدٍ ما تعاقبَ الليلُ والنّهار، وصلِّ على محمدٍ وعلى آلِ بيتِه الأطهار، وصلِّ على محمدٍ وعلى المهاجرينَ والأنصار، وصلِّ على محمدٍ وعلى التّابعينَ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ القرار، وسلمْ تسليمًا كثيرًا.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 11/ 3/ 1444هـ