خطبة : ( لماذا يتكاسلون عن الصلاة ؟! )

عبدالله البصري
1437/06/19 - 2016/03/28 19:50PM
لماذا يتكاسلون عن الصلاة ؟! 16 / 6 / 1437
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، حِينَ يَضعُفُ الإِيمَانُ في قَلبِ العَبدِ ، يَصِلُ بِهِ التَّقصِيرُ في العِبَادَةِ إِلى الإِخلالِ بِأَركَانِ دِينِهِ وَتَحطِيمِ أَعمِدَتِهِ ، فَلا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد سَقَطَ السَّقفُ وَانهَارَ البِنَاءُ ، وَأَمَّا مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ، وَأَيقَنَ أَنَّهُ مُلاقٍ رَبَّهُ وَمُحَاسَبٌ عَلَى عَمَلِهِ ، لم يُتَصَوَّرْ مِنهُ تَركُ مَا أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيهِ أَوِ التَّهَاوُنَ بِهِ ، وَخَاصَّةً أَعظَمَ أَركَانِ دِينِهِ وَأَقوَى دَعَائِمِهِ بَعدَ الشَّهَادَتَينِ ، أَلا وَهِيَ الصَّلاةُ المَكتُوبَةُ .
وَإِنَّ المَرءَ لَيَعجَبُ أَشَدَّ العَجَبِ ، مِن مُسلِمٍ يَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، ثم هُوَ لا يُقِيمُ لِلصَّلاةِ وَزنًا ، وَلا يُلقِي لها بَالاً ، وَلا يُولِيهَا اهتِمَامًا ، وَإِنَّمَا هِيَ لَدَيهِ بِحَسَبِ الانتِبَاهِ مِن نَومِهِ ، أَوِ الفَرَاغِ مِن شُغلِهِ الدُّنيَويِّ . وَلَولا أَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ في زَمَانِنَا وَرَأَينَاهُ عِيَانًا ، لَمَا ظَنَنَّا أَنَّ مُسلِمًا يَفعَلُهُ أَو يَرضَاهُ لِنَفسِهِ ، أَمَّا وَقَدِ اختَلَّتِ المَوَازِينُ وَالرُّؤَى ، وَاعتَلَّتِ العُقُولُ وَالنُّهَى ، وَحَلَّ بِالكَثِيرِينَ شُؤمُ هَذِهِ الكَبِيرَةِ الشَّنِيعَةِ ، وَأَهلَكُوا أَنفُسَهُم وَخَسِرُوا حَيَاتَهُم ، وَفَرَّطُوا في مُستَقبَلِهِمُ الحَقِيقِيِّ وَضَيَّعُوهُ ، فَإِنَّهُ لَعَجَبٌ أَن يَجِدُوا لِحَيَاتِهِم بَعدَ ذَلِكَ طَعمًا ، أَو يَلقَوا لِعَيشِهِم لَذَّةً ، أَو تَتَنَعَّمَ أَجسَادُهُم بِرَاحَةٍ ، أَو يَحسَبُوا أَنَّهُم عَلَى شَيءٍ وَهُم قَد خَسِرُوا كُلَّ شَيءٍ !
أَيُّهَا المُسلِمُ ، يَا مَن رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا وَبِالإِسلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، أَلَستَ تُؤمِنُ إِيمَانًا رَاسِخًا بِفَرَضِيَّةِ الصَّلاةِ ؟!
أَلا تَعلَمُ أَنَّهَا أَعظَمُ أَركَانِ الإِسلامِ العَمَلِيَّةِ ؟!
أَلم تَأتِكَ الأَخبَارُ الصَّادِقَةُ وَتُنقَلْ إِلَيكَ الآثَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهَا عَهدٌ بَينَ العَبدِ وَبَينَ رَبِّهِ ، إِن حَافَظَ عَلَيهَا دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَإِن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ ؟!
أَلم تَعلَمْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلاةِ مَوعُودٌ بِسَقَرَ وَمَا أَدرَاكَ مَا سَقَرُ ، وَأَنَّ المُؤَخِّرَ لها عَن وَقتِهَا بِسَبَبِ النَّومِ مُتَوَعَّدٌ بِعَذَابِ القَبرِ ؟!
قَالَ – سُبحَانَهُ - : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ "
وَقَالَ – تَعَالى - : " فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخوَانُكُم في الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ "
وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ . إِلاَّ أَصحَابَ اليَمِينِ . في جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ المُجرِمِينَ . مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ . قَالُوا لم نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ بَينَ الرَّجُلِ وَبَينَ الشِّركِ وَالكُفرِ تَركَ الصَّلاةِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " العَهدُ الَّذِي بَينَنَا وَبَينَهُمُ الصَّلاةُ ، فَمَن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " خَمسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى العِبَادِ ، مَن جَاءَ بِهِنَّ لم يُضِيِّعْ مِنهُنَّ شَيئًا استِخفَافًا بِحِقِّهِنَّ ، كَانَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ أَن يُدخِلَهُ الجَنَّةَ ، وَمَن لم يَأتِ بِهِنَّ فَلَيسَ لَهُ عِندَ اللهِ عَهدٌ ، إِن شَاءَ عَذَّبَهُ ، وَإِن شَاءَ أَدخَلَهُ الجَنَّةَ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لا تَترُكِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا ، فَإِنَّهُ مَن تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَد بَرِئَت مِنهُ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُولِهِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ : صَحِيحٌ لِغَيرِهِ . وَقَالَ رَبُّكُم - تَبَارَكَ وَتَعَالى - : " فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا "
وَقَالَ – تَعَالى - : " فَوَيلٌ لِلمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُم عَن صَلاتِهِم سَاهُونَ "
وَفي البُخَارِيِّ مِن حَدِيثِ سَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يُكثِرُ أَن يَقُولَ لأَصحَابِهِ : " هَل رَأَى أَحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيَا ؟ " فَيُقَصُّ عَلَيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَن يُقَصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ : " إِنَّهُ أَتَاني اللَّيلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابتَعَثَاني ، وَإِنَّهُمَا قَالا لِيَ انطَلِقْ ، وَإِنِّي انطَلَقتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَينَا عَلَى رَجُلٍ مُضطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيهِ بِصَخرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يُهوِي بِالصَّخرَةِ لِرَأسِهِ فَيَثلَغُ رَأسَهُ ، فَيَتَدَهدَهُ الحَجَرُ فَيَأخُذُهُ ، فَلا يَرجِعُ إِلَيهِ حَتى يَصِحَّ رَأسُهُ كَمَا كَانَ ، ثم يَعُودُ عَلَيهِ فَيَفعَلُ بِهِ مِثلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى ، قَالَ : قُلتُ لَهُمَا : سُبحَانَ اللهِ مَا هَذَا ؟! " وَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلى أَن قَالَ : " أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيتَ عَلَيهِ يُثلَغُ رَأسُهُ بِالحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ "
أَيُّهَا المُؤَدِّي لِصَلاةِ الفَرِيضَةِ في بَيتِهِ ، الهَاجِرُ لِلمَسَاجِدِ ، المُعرِضُ عَن بُيُوتِ اللهِ ، التَّارِكُ لِلجَمَاعَةِ ، الرَّاغِبُ عَنِ الوُقُوفِ في صُفُوفِ المُؤمِنِينَ أَمَامَ رَبِّ العَالمِينَ ، أَلم تُدرِكْ أَنَّ الصَّلاةَ في الجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الرِّجَالِ في أَصَحِّ قَوليِ العُلَمَاءِ ، وَأَنَّ عِمَارَةَ المَسَاجِدِ بِالطَّاعَةِ مِن عَلامَاتِ أَهلِ الإِيمَانِ وَالخَشيَةِ وَالهِدَايَةِ ، وَأَنَّهُ لا يَجُوزُ تَركُ الجَمَاعَةِ إِلاَّ لِعُذرٍ شَرعِيٍّ ؟!
قَالَ اللهُ – عَزَّ وَجَلَّ - : " إِنَّمَا يَعمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلم يَخشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهتَدِينَ "
وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ . رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ . لِيَجزِيَهُمُ اللهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللهُ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " لَيسَ صَلاةٌ أَثقلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِن صَلاةِ الفَجرِ وَالعِشَاءِ ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَم يَأتِهِ ، فَلا صَلاةَ لَهُ إِلاَّ مِن عُذرٍ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَرَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : أَتى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ لَيسَ لي قَائِدٌ يَقُودُني إِلى المَسجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ في بَيتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلىَّ دَعَاهُ فَقَالَ : " هَل تَسمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟! " فَقَالَ : نَعَم . قَالَ : " فَأَجِبْ " أَفَتَرَاهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يُوجِبُ عَلَى الأَعمَى الَّذِي لا يَجِدُ قَائِدًا أَن يَحضُرَ إِلى المَسجِدِ ، ثم يُرَخِّصَ لِمَن عَافَاهُ اللهُ وَأَنعَمَ عَلَيهِ بِالسَّمعِ وَالبَصَرِ وَأَصَحَّ لَهُ جَسَدَهُ وَقَوَّى جَوَارِحَهُ ؟!
أَيُّهَا المُتَذَبذِبُ في الاهتِمَامِ بِصَلاتِهِ ، يَا مَن تَصَرَّمَت أَيَّامُكَ وَوَلىَّ عُمُرُكَ وَأَنتَ تَتَهَاوَنُ بِصَلاتِكَ ، أَلم تَعلَمْ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ – هُوَ الَّذِي أَمَرَكَ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلاةِ ؟
أَلم يَأتِكَ أَنَّهَا آخِرُ مَا أَوصَى بِهِ النَّاصِحُ الشَّفِيقُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ يُوَدِّعُ الدُّنيَا ؟!
قَالَ – تَعَالى - : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَجُودُ بِنَفسِهِ : " الصَّلاةَ الصَّلاةَ ، وَمَا مَلَكَت أَيمَانُكُم " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
أَيُّهَا المَشغُولُ عَن صَلاتِهِ بِطَلَبِ رِزقٍ أَو جَمعِ مَالٍ ، أَو تَنمِيَةِ تِجَارَةٍ أَوِ انهِمَاكٍ في زِرَاعَةٍ ، أَلا تَعلَمُ أَنَّ الصَّلاةَ سَبَبٌ مِن أَسبَابِ الرِّزقِ ، وَأَنَّ رِزقَكَ بِيَدِ مَن تَتَهَاوَنُ بِطَاعَتِهِ وَتَقطَعُ الصِّلَةَ بِهِ ؟!
قَالَ – تَعَالى - : " فَابتَغُوا عِندَ اللهِ الرِّزقَ وَاعبُدُوهُ وَاشكُرُوا لَهُ إِلَيهِ تُرجَعُونَ "
وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " وَأْمُرْ أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِرْ عَلَيهَا لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقوَى "
إِنَّ تَعَلُّقَكَ بِصَلاتِكَ – أَيُّهَا المُوَفَّقُ - هُوَ سَبَبُ نَجَاتِكَ ، وَدَاعٍ إِلى دُخُولِكَ في السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ ، فَإِنَّهُ قَد ذُكِرَ مِنهُم " رَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
إِنَّكَ – أَيُّهَا العَبدُ الفَقِيرُ إِلى مَولاهُ – بِحَاجَةٍ إِلى مُضَاعَفَةِ أَجرِكَ ، وَجَمعِ الحَسَنَاتِ لِتَوسِعَةِ قَبرِكَ ، وَتَنمِيَةِ مَا يُنجِيكَ يَومَ حَشرِكَ ، وَأَمَّا مَا تَجمَعُهُ مِن دُنيَاكَ ، وَمَا يَشغَلُكَ عَن صَلاتِكَ مِن أَموَالِكَ ، فَإِنَّكَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ رُغمًا عَنكَ ، مُحَاسَبٌ عَلَى حَلالِهِ ، مُعَاقَبٌ عَلَى حَرَامِهِ ، مُؤَاخَذٌ عَلَى مَا أَلهَاكَ مِنهُ عَن طَاعَةِ رَبِّكَ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموَالُكُم وَلا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ "
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " صَلاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاتِهِ في بَيتِهِ وَفي سُوقِهِ خَمسًا وَعِشرِينَ ضِعفًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحسَنَ الوُضُوءَ ثم خَرَجَ إِلى المَسجِدِ لا يُخرِجُهُ إِلاَّ الصَّلاةُ لم يَخطُ خَطوَةً إِلاَّ رُفِعَت لَهُ بها دَرَجَةٌ ، وَحُطَّ عَنهُ بها خَطِيئَةٌ ، فَإِذَا صَلَّى لم تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيهِ ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ ، وَلا يَزَالُ أَحَدُكُم في صَلاةٍ مَا انتَظَرَ الصَّلاةَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَعَن أُبَيِّ بنِ كَعبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصَارِ لا أَعلَمُ أَحَدًا أَبعَدَ مِنَ المَسجِدِ مِنهُ ، كَانَت لا تُخطِئُهُ صَلاةٌ ، فَقِيلَ لَهُ : لَوِ اشتَرَيتَ حِمَارًا تَركَبُهُ في الظَّلمَاءِ وَفي الرَّمضَاءِ ؟ فَقَالَ : مَا يَسُرُّني أَنَّ مَنزِلي إِلى جَنبِ المَسجِدِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَن يُكتَبَ لي مَمشَايَ إِلى المَسجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعتُ إِلى أَهلِي . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " قَد جَمَعَ اللهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَاغنَمُوا أَربَحَ التِّجَارَةِ " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ " " وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ . الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُو رَبِّهِم وَأَنَّهُم إِلَيهِ رَاجِعُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَكُونُوا مِنَ المُصَلِّينَ " الَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم دَائِمُونَ " " وَالَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم يُحَافِظُونَ " وَ" الَّذِينَ هُم في صَلاتِهِم خَاشِعُونَ " تَكُونُوا مِنَ الوَارِثِينَ " الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِردَوسَ هُم فِيهَا خَالِدُونَ " " أُولَئِكَ في جَنَّاتٍ مُكرَمُونَ "
إِنَّهُ لَو عَلِمَ المُحَافِظُ عَلَى الصَّلاةِ مَا لَهُ عِندَ رَبِّهِ مِنَ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ ، وَتَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَرِفعَةِ الدَّرَجَاتِ ، وَمَا يَكسُو وَجهَهُ مِنَ النُّورِ وَيَقَعُ في قَلبِهِ مِنَ الطُّمَأنِينَةِ ، وَمَا يَمتَلِئُ بِهِ صَدرُهُ مِنَ الانشِرَاحِ ، مَا تَرَكَهَا وَلا تَهَاوَنَ بِهَا .
وَتَعَالَوا بِنَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – لِنَأخُذَ حَدِيثَينِ وَنَتَأَمَّلَ مَا فِيهِمَا مِن فَضلٍ وَأَجرٍ وَمَكَاسِبَ وَأَربَاحٍ ، يَنَالُهَا المُحَافِظُونَ عَلَى الصَّلاةِ وَالمُبَكِّرُونَ إِلَيهَا ، لِتَعلَمُوا كَم مِنَ الأُجُورِ الَّتي لَو عَكَفَ أَحَدُنَا عُمُرَهُ كُلَّهُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ في غَيرِ الصَّلاةِ ، مَا كَانَ لِيُحَصِّلَهَا وَلا لِيَظفَرَ بِهَا ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصفَ اللَّيلِ ، وَمَن صَلَّى الصُّبحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيلَ كُلَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن غَسَّلَ يَومَ الجُمُعَةِ وَاغتَسَلَ ، وَبَكَّرَ وَابتَكَرَ ، وَمَشَى وَلم يَركَبْ ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاستَمَعَ وَلم يَلغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَهلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ - " وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ " " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا في الأَرضِ وَابتَغُوا مِن فَضلِ اللهِ وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
المرفقات

لماذا يتكاسلون عن الصلاة.doc

لماذا يتكاسلون عن الصلاة.doc

لماذا يتكاسلون عن الصلاة.pdf

لماذا يتكاسلون عن الصلاة.pdf

المشاهدات 2140 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا