خطبة لماذا نذكر الله ؟

الشيخ السيد مراد سلامة
1442/12/12 - 2021/07/22 15:45PM
خطبة لماذا نذكر الله؟
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد فذِكر الله تعالى أيها الأحباب من أعظم الأعمال الصَّالحة، وهو يَسير على من وفَّقه الله سبحانه، وهو سَبيل التجارة الرَّابحة، وهو التجارة التي تَنفع صاحبَها، وتنجيه في الدنيا والآخرة، هلا سالت نفسك يوما من الأيام لماذا يجب علي ان اذكر الله تعالى ؟ وما هي الثمرات و الفوائد التي ستعود علي في الدنيا و الاخرة ؟ تعال أخي الحبيب لنتعرف على ثمرات ذكر الله تعالى
✍ أولا: اذكر الله لان الله هو ربي الذي رباني بنعمه وهداني إلى طاعته إخوة الإسلام أول سبب من أسباب وجوب ذكر الله انه تعالى هو الذي خلقنا وأوجدنا من العدم ثم هو سبحانه هدانا إلى صراطه المستقيم أخرجنا من ظلمات العدم إلى نور الوجود ومن ظلمات الشرك والكفر إلى نور التوحيد و الإيمان و من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة و الله تعالى امرنا نذكر نعمه علينا في غير ما أية من الآيات و بذكر النعم يذكر و يشكر المنعم سبحانه و تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ‌وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103] وقال تعالى ﴿‌وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة: 7]و قال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9] و قال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ‌اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فاطر: 3] ✍ ثانيا: نذكر الله تعالى لأننا نحبه: ومن أحب شيئا أكثر من ذكره واللهج بالثناء عليه
فمن أحب شيئا أكثر من ذكره بقلبه ولسانه ولهذا أمر الله سبحانه عباده بذكره على جميع الأحوال وأمرهم بذكره أخوف ما يكونون فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون والمحبون يفتخرون بذكرهم أحبابهم وقت المخاوف وملاقاة الأعداء كما قال قائلهم ذكرتك والخطي يخطر بيننا ... وقد نهلت منا المثقفة السمر وقال آخر ولقد ذكرتك والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم فوددت تقبيل السيوف لأنها ... برقت كبارق ثغرك المتبسم وفي بعض الآثار الإلهية إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه فعلامة المحبة الصادقة ذكر المحبوب عند الرغب والرهب وقال بعض المحبين في محبوبه يذكرنيك الخير والشر والذي ... أخاف وأرجو والذي أتوقع ومن الذكر الدال على صدق المحبة سبق ذكر المحبوب إلى قلب المحب ولسانه عند أول يقظة من منامه وأن يكون ذكره آخر ما ينام عليه كما قال قائلهم آخر شيء أنت في كل هجعة ... وأول شيء أنت وقت هبوبي ✍ ثالثا: نذكره سبحانه لأنه أمرنا بذكر و حثنا عليه في غير ما أية من كتابه: فقال الله سبحانه و تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41] و قال تعالى ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ ‌فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200] ✍ رابعا: نذكره لأن ذكره هو به حياة القلوب: واعلموا عباد الله أننا أموات متى غفلنا عن ذكره الله تعالى فاذا ذكرناه دبت الحياة الى القلوب والأرواح عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ"([1]) إِذَا مَرِضْنَا تدَاوَينا بِذِكْركُمُ ♦♦♦ فَنَتْرُكَ الذِّكْرَ أَحْيانًا فَنَنْتَكِسُ
✍ خامسا: نذكره حت يذكرنا: و ليست العبرة أن تذكر و لكن العبرة أن تُذكر قال تعالى: ﴿
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].
اذكروني بالشوق والمحبة أذكركم بالوصل والقربة
اذكروني بالحمد والثناء أذكركم بالمن والجزاء
اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء
اذكروني بالقلوب أذكركم بكشف الكروب
اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص
اذكروني بالافتقار أذكركم بالاقتدار
اذكروني بالإسلام أذكركم بالإكرام
 اذكروني بالاعتراف أذكركم بمحو الاقتراف
اذكروني بصفاء السر أذكركم بخالص البر
اذكروني بالتكبير أذكركم بالنجاة من السعير
اذكروني بترك الجفاء أذكركم بحفظ الوفاء
اذكروني بالجهد في الخدمة أذكركم بتمام النعمة
اذكروني من حيث (أنتم) أذكركم من حيث ( أنا ) .. (ولذكر الله أكبر )
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ اللهُ عز وجل َ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" [[2]].
✍ سادسا: خير الأعمال وأزكاها وأرفعها: اذكر الله تعالى لان ذكره خير الأعمال وأزكاها وارفعها و اعظمها اجرأ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ([3]) قال العز بن عبد السلام في قواعده: هذا الحديث مما يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات، بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، فإذًا الثواب يترتب على تفاوت الرتب في الشرف
. ✍ سابعا: ذكر الله غراسُ الجنة: أتريد الجنان؟
 أتريد غرس النخيل في جنة الجليل جل جلاله ؟ ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يوضح لك أن غراس الجنة ذكر الله عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُ عَذْبٌ مَاؤُهَا طَيِّبٌ تُرَابُهَا، فَأَكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِهَا، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ [الطبراني، وحسنه الألباني]. عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَالَ : سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ» ([4]). ✍ ثامنا: ذكر الله طريق الفلاح: هل تريد أن تكون من المفلحين في الدنيا و الأخرة ها هو الله يأمرك ان تكثر من ذكره حتى تنال الفلاح و النجاح قال تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة:
10]. ✍💚💥🌹 تاسعا: الذكر وراحة القلوب و اطمئنان النفوس
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]
. ✍ عاشرا: ذكر الله ومواجهة الصعاب والأعداء:
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف وقل: "يا الله"، إذا وقعت المصيبة وحلت النكبة وجثمت الكارثة، فنادِ وقل: "يا الله"، إذا ضاق صدرك، واستعسرت أمورك، فنادِ وقل: "يا الله"، إذا أُوصدت الأبواب أمامك، فنادِ وقل: "يا الله". وعن ابن أبي ليلى قال مسدد: حدثنا علي قال: ((شكت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى في يدها من الرحى، فأُتي بسبي، فأتته تسأله فلم تره، فأخبرت بذلك عائشة، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم، فقال: علي مكانكما، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؛ إذا أخذتما مضاجعكما، فسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمَدا ثلاثًا وثلاثين، وكبِّرا أربعًا وثلاثين؛ فهو خير لكما من خادم))[[5]].
✍💚💥🌹 الخطبة الثانية ✍💚💥🌹
الحادي عشر: لأنه وصية نبيِّنا صلى الله عليه وسلم،
لما عزَّ عليه معاذ، وأحس بحبِّه أوْصاه بكثرة الذكر لله عز وجل؛ فعن معاذ بن جبل، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي يومًا، ثم قال: ((يا معاذ، إني لأحبُّكَ))، فقال له معاذ: بأبي وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبك، فقال: ((أوصيك يا معاذ، لا تدَعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))[[6]].
✍ الثاني عشر: ذكر الله أحب الأعمال:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟، قَالَ: ( أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) ([7])
. ✍ الثالث عشر: النجاة من عذاب الله:
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا قَطُّ أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ، مِنْ ذِكْرِ اللهِ" ([8]). وعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الْعَبْدُ آمِنٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ، مَا اسْتَغْفَرَ اللهَ" ([9])
✍ الرابع عشر: التخلص من وساوس الشيطان:
لأن الذكر حِصْنٌ حصينٌ من الشيطان عدوِّ أهل الإيمان، فمن عمله مع أهل الغفلة ما حكاه ربنا عز وجل؛ قال تعالى: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19]. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يَنْجُو مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ" ([10]).  

[1] -أخرجه البخاري (6407)
[2] - البخاري 13/ 384 ومسلم 4/ 2113
[3] - «مسند أحمد» (36/ 397 ط الرسالة):«وأخرجه ابن أبي شيبة 10/300 و13/455، والطبراني في "الدعاء" (1856)»
[4] - أخرجه الترمذي (3464)
[5] - «مسند أحمد» (2/ 354 ط الرسالة):«وأخرجه البخاري (3705) ، ومسلم (2727) (80) ، والبزار (619)»
[6] - «مسند أحمد» (36/ 430 ط الرسالة):«وأخرجه أبو داود (1522) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (109)»
[7] - المعجم الكبير، 20/93) (حسن) انظر حديث رقم: 165 في صحيح الجامع
[8] - أخرجه أحمد 5/ 239 (22429 و 22430) صحيح الجامع (5644)
[9] - المسند الجامع (11125)، وأطراف المسند (6913)
[10] - «صحيح ابن خزيمة» (3/ 195):
المرفقات

1626970152_لماذا نذكر الله.pdf

المشاهدات 1370 | التعليقات 0