خطبة لماذا عاشوراء؟

أبو ناصر فرج الدوسري
1442/01/01 - 2020/08/20 11:42AM
  • أما بعد: فـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

عباد الله: في شهر الله المحرم حدثت أمور عظام على مر التاريخ ومن أعظم ما حدث فيه عندما أغرق الله فرعون وجنوده ونجى موسى عليه السلام وأصحابه.

فأُهلِكَ فرعونَ وقومَه في يوم عاشوراء فصامه اليهود شكراً لله على نجاة موسى وغرقِ فرعونَ.

وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ إلى الْمَدِينَةِ ، وَجَدَ اليَهُودَ فِيهَا يَصُومُونَ العَاشِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَسَأَلَهُم عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوه، وقَالَ (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ) ، فَصَامَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَأَمَرَ الصَّحَابَةَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِصِيَامِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فكان صيامه واجبًا في أول الأمر بعد هجرة النبي ﷺ إلى المدينة، على الصحيح من قولي أهل العلم، لثبوت الأمر بصومه، ولما فُرض رمضان في السنة الثانية من الهجرة نُسخ وجوبُ صومه، وبقي على الاستحباب، ولم يقع الأمر بصوم عاشوراء إلا في سنة واحدة، وهي السنة الثانية من الهجرة حيث فرض عاشوراء في أولها، ثم فرض رمضان بعد منتصفها، ثم عزم النبي ﷺ في آخر عمره في السنة العاشرة على ألا يصومه مفردًا بل يصوم قبله اليوم التاسع، كما سيأتي إن شاء الله وهي صورة من صور مخالفة أهل الكتاب في صفة صيامهم.

عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. رواه البخاري.

فنحن نصوم هذا اليوم إتباعاً لنبينا ﷺ وطمعاً في قبول الأجر والثواب من الله عز وجل.

حيث أن صيامه يكفر صغائر ذنوب سنة كاملة كما قال ﷺ: (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ).

أما ما حدث في مثل هذا التاريخ من بعد حادثة موسى عليه السلام فليس لها علاقة بصيامنا ليوم عاشوراء.

واعلموا انه يسن صيام شهر محرم كله من أوله إلى آخره من أول يوم منه إلى نهايته، يقول النبي ﷺ: (‏أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ) والمعنى أنه يصومه ، ولكن يخص منه يوم التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر لمن لم يصمه كله.

الخطبة الثانية 

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله الله رب العالمين وأن محمد الصادق الأمين، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ). فَمَاتَ ﷺ قَبْلَ ذَلِكَ. 

وَعَلَى هَذَا فَصِيَامُ عَاشُورَاءَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: أَدْنَاهَا أَنْ يُصَامَ وَحْدَهُ، وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ مَعَهُ، وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ وَالْحَادِي عَشَرَ مَعَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وعاشوراء هذه السنة سيكون يوم السبت القادم فمن صام يوم السبت وحده فلا بأس ومن صام الجمعة والسبت فخير وعليه الحديث وإن زاد يوم الأحد فهو الأفضل.

فاحرصوا عباد الله على صيام هذا اليوم واحتسبوا الأجر عند الله تعالى.

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم ﷺ 

كما امركم بذلك ربكم: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ 

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وعليك اللهم بمن انتقص من قدر صحابة رسولك أو رمى زوجاته بما لم يكن فيهن. 

اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك مِنْ زَوالِ نِعمَتِكَ، وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ.

اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، اللهم احفظ ولاة أمورنا وانصر جُنُودَنَا واحم حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ.

اللّهمّ إنّا نسألك أن تؤلِّفَ بين قلوب المسلمين، اللّهمّ اجمع كلمتهم على الحقِّ يا رب العالمين، اللّهمّ اجمع كلمتهم على الكتاب والسنة، اللّهمّ ألِّف بين قلوبهم، ووحِّد صفوفهم، واجمع كلِمَتهم على الحقّ يا ربّ العالمين، اللّهمّ ثبّت أقدامهم وانصرهم على عدوّك وعدوّهم يا ربّ العالمين.

اللّهمّ انصر دينك وكتابك وسنّةَ نبيّك وعبادك المؤمنين، اللّهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمّر اللّهمّ أعداءَك أعداء الدين.

ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ.

وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

https://khutb.blogspot.com/2020/08/blog-post_20.html

المشاهدات 1056 | التعليقات 0