خطبة للتشويق للزواج والتنفير من الطلاق .
mhtsb-alajr
خطبة للتشويق للزواج والتنفير من الطلاق .
الخطبة الأولى :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1]. أما بعد :
ففي خطبة نقف معها على سقوط شنيع فضيع تتهاوى فيه اركان بيوت شامخات بعبارات عابثة تستغل حكماً أنزل الله فيه سورة محكمة مبينة حدوده وأحكامه إنها سورة الطلاق .
نحب أن نقد بين يدي الحديث مقارنة بين نظرة الإسلام إلى الزواج وبين النظرة التي يروج لها من خارج أسوار بلاد المسلمين .
فإن بناء الإسلام لتصور المسلم للزواج وأحكامه والمتوافق مع طبيعة وفطرة البشر يخلص بصورة غاية في الجمال والروعة للفتى والفتاة المتشوقين للزواج الشرعي بقلوب فرحة بما من الله عليها من العافية والصحة والقدرة التي يتوجانها بالسعي الحثيث لإقامة بيت الزوجية قوي الأسس متماسك البنيان يحدوه الأمل في سعادة تغمر الدنيا والآخرة ...
إنها حداء الأرواح الطاهرة العفيفة ففي صحيح الإمام البخاري قال باب ضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ وَالوَلِيمَةِ .
يفرحون برحمة الله ويسارعون إلى الزواج لما رغَّب الإسلام في الزواج، ولفت الأنظار إلى ثمراته المرجوَّة وأهدافه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [النحل: 72]، وعدَّه منَّةً ونعمة يمتنُّ بها على عباده، ويلفت أنظارهم للتفكير فيها؛ فقال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وارتضاه الله لأنبيائه ورسله؛ فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38]، وتزوَّج النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر على من رفض الزواج تعبُّدًا، وقال: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» صحيح البخاري (7/ 2)
ويبادر الرجل الشهم لتحصيل أعلى متاع الدنيا كما قال اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» صحيح مسلم (2/ 1090)
يبادر الكرام من الشباب والفتيات إلى الزواج لما في قلوبهم من تصديق لوعد الله بتحصيل الغنى واليسار عن طريق الزواج، فنصوص الشرع واضحة في بيان أن الزواج هو أحد أسباب الحصول على المال والرزق ، فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: "أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "التمسوا الغنى في الباءة"، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "التمسوا الغنى في النكاح" تفسير ابن كثير، 3/ 295.
يحدوهم إلى الحلال قول الرَسُولُ صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ)) الترمذي 3/ 247،
يسابق الطيبون والطيبات للزواج لما فيه من العفة عن الحرام وتهذيب الغريزة وإشباعها بالحلال؛ جمع ابن عباس أولاده حينما بلغوا فقال لهم: "إِنَّكُمْ قَدْ بَلَغْتُمْ ما يَبْلُغُ الرِّجَالُ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ أُزَوِّجَهُ زَوَّجْتُهُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَزْنِ رَجُلٌ قَطُّ إِلَّا نُزِعَ مِنْهُ نُورُ الْإِسْلَامِ، يَرُدُّهُ اللَّهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ، أَوْ يَمْنَعُهُ إِيَّاهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَمْنَعَهُ". سنن سعيد بن منصور، 1/ 165، رقم: (496).
يبادون متشوقين للقاء الرسول صلى الله عليه وسلم حين يباهي بأمته : ((تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ بِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ)). أبو داود، كتاب النكاح رقم: (2050)
تنشرح صدورهم للإنفاق على الزوجة والأولاد؛ تقرباُ إلى الله قال صلى الله عليه وسلم: ((أَفْضَلُ الدِّينَارِ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ)) مسلم، كتاب الزكاة، باب: فضل النفقة على العيال، 2/ 691، رقم: (994).
ومن التقرب إلى الله ما يحتسبه المسلم حين يأتي أهله فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» صحيح مسلم (2/ 697)
يستمتعون بالتربية متذكرين دخول الجنة ومرافقة النبي فيها، قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ)) مسلم، كتاب البر، باب: فضل الإحسان إلى البنات، 4/ 2027، رقم: (2631).
وحتى إذا مات أحدُ أولاده احتسبهم عند الله تعالى وصبر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ، إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ، إِلَّا الجَنَّةُ " صحيح البخاري (8/ 90)
مشروعهم عظيم لا يحصر بحياتهم في الدنيا بل يتأملون الانتفاع بدعاء الولد الصالح وعمله بعد الوفاة فهو من أعظم مقاصد المسلم ؛ وفي الحديث: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)) مسلم، رقم: (1631).
فالأبوان حينما يحسنون تربية أبنائهم، يكونون امتدادًا لعملهم بعد موتهم؛ روى عمرو بن دينار أن ابْنَ عُمَرَ أَرَادَ أَلَّا يَتَزَوَّجَ ، فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ: "أَيْ أَخِي، لَا تَفْعَلْ، تَزَوَّجْ؛ فَإِنْ وُلِدَ لَكَ وَلَدٌ فَمَاتُوا كَانُوا لَكَ أَجْرًا، وَإِنْ عَاشُوا دَعَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ" . أخرجه الشافعي في مسنده، 1/ 273 .
وحتى إذا ابتلي المسلم بتأخر بعض مقاصد الزواج من الذرية وغيرها فإنه مأجور على نيته الصالحة وعلى صبره على ما أبتلي به فعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» صحيح مسلم (4/ 2295)
هذه صورة المشرقة للزواج ومقاصده في الإسلام والتي كان عليها عامة بلاد الإسلام قبل ان تتأثر بموجات التغريب ...
حدثني وأنا في مقتبل العمر قريب لي من كبار السن يقول حين بلغت مبلغ الزواج أي الخامسة أو السادسة من عمره خطب امرأة ممن جمعت أسباب الرغبة فيها فغالوا في المهر بما ليست عندي وقتها فوافقت ثم انطلقت مباشرة بما عندي فاشتريت جملاً وعملت في كراه ما بين مكة وجدة شهرين ممتاليين أيام الموسم فحصت المهر وقدمه وهكذا يتزوجون في سن مبكرة ولا يبلغ الرجل أربعين سنة إلا وأولاده في مقام الرجال وعلى مشارف الزواج فبنو بيوتاً وأسسوا أسراً ممتدة
قارن بين هذا وبين ما يشكوه كثير من الاباء اليوم من أن ابن له أو أكثر قد اتم الدراسة وتوظف وقد وفر له المسكن والسيارة ثم يماطل في الزواج وقد بلغ عمره فوق الثلاثين أو شارف الأربعين .
فالصورة الدارجة بين كثير من الشباب من رجال ونساء صورة مظلمة مليئة بالتشاؤم والسلبية غائبة عنها كل معاني الفأل والرحمة والمودة فضلاً عن التحلي بطلب الأجر والثواب مما جعل كثير من الشباب ينظر إلى أمر الزواج برهاب عميق مليء بالتخوف والتحسب مما يجعلهم يؤخرون ويؤخرون الزواج وكأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ! .
فأول ذلك المبالغة في وضف الزواج بالمقيد للحرية الجالب للمسؤولية
ثم في تهويل أمر الزواج وملي قلب المتزوج بمخاوف لا حقيقة لها فيسمونها ليلة العمر ويلقون في نفسه أن عليه أن يستعد لها استعداد من يريد لقاء الأعداء لا الأحباب والأصدقاء وأن عليه أن يجمع فيها مما يذهب بسمعته إلى الآفاق من اظهار البذخ والمنكرات .
فتتحول النية من قصد حسن ومطلب للأجر وللسعادة والعفة إلى معناً آخر من المفاخرة والمنافسة واظهار ملا يعرف ولا يخطر على بال
حتى لا يخطر ببالك حين ترى وتسمع لاستعدادات بعض الأسر للزواج إلا ما جاء في تفسير الطبري لقوله تعالى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: 47] أَيْ لَا تَكُونُوا كَأَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَالُوا: لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَ بَدْرًا وَنَنْحَرَ بِهَا الْجُزُرَ وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا الْقِيَانُ وَتَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا، أَيْ لَا يَكُونَنَّ أَمْرُكُمْ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَلَا الْتِمَاسَ مَا عِنْدَ النَّاسِ، وَأَخْلِصُوا لِلَّهِ النِّيَّةَ وَالْحِسْبَةَ فِي نَصْرِ دِينِكُمْ، وَمُؤَازَرَةِ نَبِيِّكُمْ، أَيْ لَا تَعْمَلُوا إِلَّا لِلَّهِ وَلَا تَطْلُبُوا غَيْرَهُ " جامع البيان ط هجر (11/ 218)
وينفثون في قلب العروس أن عليها أن تجمع لذلك الزواج وأن تعد لها من أنواع اللباس من أقطار الأرض فتزف كما زعموا زفات فمرة بلباس الغربيات ومرة بلباس الشرقيات وأخرى بلباس الموروث من الجدات ويزف بين يديها العصير ومرة أخرى الورد وأخرى بربط المال وكل ذلك طلباً للشهرة والرياء والسمعة ولا يسمع للعاقل من الآباء والأمهات فماذا ننتظر !
أننتظر البركة وعمار البيوت ..
عن جُنْدب العقيلي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللهُ بِهِ»، صحيح مسلم (4/ 2289)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أي فضحه وكشف أمره وبين عيبه للناس وتبين لهم أنه مرائي والحديث لم يقيد هل هو في الدنيا أو في الآخرة فيمكن أن يسمع الله به في الدنيا فيكشف عيبه عند الناس ويمكن أن يكون ذلك في الآخرة وهو أشد والعياذ بالله وأخزى شرح رياض الصالحين (6/ 351)
لقد كان فيما قدر الله مما ألم بالناس في فترة كورونا ما يؤخذ منه الدرس والعبرة فتمت كثير من الزواجات بيسر وتيسير وقلة تكاليف وتوفيق وحضور للقريب و مباركة كريمة عن بعد من الصديق فلنشجع المعان الحسنة للزواج ونضع أيدينا في أيدي بعض لنتفق على نقاط مهمة يكون لها الأثر العاجل والآجل
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
فإن الله تعالى شرع الشرائع وبين الأحكام والحدود فتعدى كثير من الناس حدود الله في أمر الطلاق متناسين أمر الله تعالى وبيانه الشافي لأحكام الطلاق وبيان مكانه من الشريعة ...
قال تعالى (( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) البقرة
فمن اتخاذ آيات الله هزواً جعل الطلاق على الألسن ممن يمارسه من يستحقون التسمية باللئام فلا ينتظروا أن يقال لهم نعم الرجال
ففي صحيح الإمام البخاري عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها : أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ» فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ» صحيح البخاري (8/ 13)
فأولئك جعلوا الطلاق على ألسنتهم من جملة الفحش الذي يهذون به وفي الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ " سنن الترمذي ت شاكر (3/ 482)
والطلاق له أحكام ومنها :
أن وقوعه إذا لم يكن له مبرر فهو من الظلم للنفس ومن تعدي حدود الله
أنه إن وقع عن تشاور وتدارس فيجب أن يلتزم فيه المسلم بأحكامه ومنها .
أن يكون الطلاق في طهر لم يجامع فيه أو يطلقها وهي حامل.
أن يطلقها طلقة واحدة .
أنه يجب أن يشهد على الطلاق رجلين .
أنه يجب أن يشهد على الرجعة .
أن عدد الطلقات التي يحق اله المراجعة بعدها طلقتين .
أن العدة لمن تحيض ثلاثة قروء ولمن لا تحيض ثلاثة أشهر وللحامل وضع الحمل
وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً سِوَى حَيْضَتِهَا الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَذَلِكَ الطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللهُ»، صحيح مسلم (2/ 1095)
ومن أحكام الطلاق البينة أن المرأة لا تخرج من بيتها ولا تخرج عند وقوع الطلقة الأولى والثانية قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا )
ومن أحكام الطلاق أن الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد منكر لم يكن معروفا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وإنما أمضاه عمر رضي الله عنه عقوبة لمن قاله .
معاشر المسلمين قد سطرت سورة الطلاق أحكامه وفصلت وتوجت تك الأحكام بالوصية بتقوى الله والوعد عليها قال تعالى : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)
ومما بينه الله تعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن الطلاق غير مرغب فيه
قال تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تُكْرِهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] قال الإمام الطبري : وَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ، فَلَعَلَّكُمْ أَنْ تَكْرَهُوهُنَّ، فَتُمْسِكُوهُنَّ، فَيَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فِي إِمْسَاكِكُمْ إِيَّاهُنَّ عَلَى كُرْهٍ مِنْكُمْ لَهُنَّ خَيْرًا كَثِيرًا مِنْ وَلَدٍ يَرْزُقُكُمْ مِنْهُنَّ، أَوْ عَطْفِكُمْ عَلَيْهِنَّ بَعْدَ كَرَاهَتِكَمُ إِيَّاهُنَّ . تفسير الطبري جامع البيان (6/ 538)
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ» صحيح مسلم (4/ 2167)
فكما رغب الله في الزواج فقد رهب من الفراق وجعل الحواجز لمنعه ففي مسند الإمام أحمد عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ " مسند أحمد ط الرسالة (37/ 62)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: « الْمُنْتَزِعَاتُ وَالْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» سنن النسائي (6/ 168) [حكم الألباني] صحيح
ومما يحد من الطلاق معرفة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الخلاف فلنا في رسول الله أسوة حسنة فقد أقسم وهجر أزواجه شهراً صلى الله عليه وسلم ولم يطلق وفي فترة الهجر تقع المراجعة ويفتح آفاق لتدخل المصلحين من الطرفين والله يقول {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 34، 35]
ومما يحد من الطلاق أن ينشأ الأقارب مجلساً للحكم والصلح يتقدم إليه الزوجان عند وجود مشكلة كما قال تعالى {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } [البقرة: 233]
جاء في تفسير الشيخ السعدي رحمه الله في قول الله تعالى : {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} .
أي: وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} أي: رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق. وهذا مستفاد من لفظ "الحكم" لأنه لا يصلح حكما إلا من اتصف بتلك الصفات ، فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه ، فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما. انتهى تيسير الكريم الرحمن (ص: 177)
وفي تنبيه أخير نقول للزوجين أن الطلاق تزاد شناعة وفظاعة آثاره مع وجود الذرية فإن المصاب والضرر يقع أكثره عليهم ويتجرعون آلامه وغصصه ويتشردون بين أيدي من ينتظرون منه لمسة حنان وكأنهم أيتام وكثيراً ما يقع بسبب التفرق للوالدين الابناء فريسة لضعاف النفوس .
ثم اعلموا رحمكم الله : أنه في مِثْلِ هَذهِ الأيَّام ؛ تنتَشِرُ بعضُ الأَمْرَاضِ المَوسِميَّة (كـ الإنْفِلْوَنْزا) ، ووِزَارَةُ الصِّحَّةِ في بِلادِنا المُبارَكةِ ، تَقُومُ مَشْكُورةً بِحَمْلَةِ تَطْعِيمٍ للوقايَةِ مِنْ تِلكَ الأمرَاض ؛ عَمَلاً بِالأسْبَابِ التي تُقِرُّهَا شَرِيعَتُنَا وَتَأْمُرُ بِها .
﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
((اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا، وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا)) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشهد، برقم 969،.
قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون .
المرفقات
1668628016_خطبة للتشويق للزواج والتنفير من الطلاق.docx
1668759508_خطبة للتشويق للزواج والتنفير من الطلاق.docx
1668759524_خطبة للتشويق للزواج والتنفير من الطلاق.pdf