خطبة لشهر ربيع الأول عن توحيد الله (الاعتقاد)2

محب آل البيت
1433/03/12 - 2012/02/04 06:23AM
خطبة بعنوان :الإيمان والكفر في معتقد أهل السنة والجماعة
%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%81%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D8%AF-%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9.jpgخطورة التسرع في التفكير، ذم الجهل، ليس كل من يعذر بالجهل عارٍ عن الإثم، حكم الخطاب لا يثبت في حق المكلف إلا بعد البلاغ، العذر بالجهل والمعلوم من الدين بالضرورة، الإيمان الظاهر لا يستلزم الإيمان الباطن، الرجل يجتمع فيه كفر وإيمان، الفرق بين كفر النوع وكفر العين …
خطبة بعنوان:(الإيمان والكفر في معتقد أهل السنة والجماعة)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) سورة آل عمران آية (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71))) سورة الأحزاب الآيات (70-71).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
فإن مما لا شك فيه ولا ريب أن منهح التلقي عند أهل السنة والجماعة عند السلف الصالح هو الكتاب والسنة وإجماع الأمة ثم القياس المعتبر عند أهل ألعلم وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال ((ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا ومن هي يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي ))[1] وقد كان من منهج السلف الصالح أن فهم الكتاب والسنة يجب أن يكون وفق منهج الصحابة رضي الله عنهم – فمفهوم الكتاب والسنة يجب أن نفهمه كما فهمه سلف هذه الأمة وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فلا يجوز لأحد أن يحدث فهماً لم يفهمه سلف الأمة فإن هذا محض ابتداع وما افترقت الفرق وخرجت عن المنهج الحق إلا نتيجة زللها في الفهم ففهمت الآيات والأحاديث فهماً مستقلاً بعيداً عن فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم – فخرجت الخوارج واعتزلت المعتزلة وظهرت الأشاعرة والقدرية ومن نحا نحوهم كل هؤلاء لأنهم لم يضبطوا فهم بفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم – ولا تزال الفتن تظهر في أوساط هذه الأمة ويغذي هذه الفتن أعداء الله تبارك وتعالى – وكذلك الضالون والمضلون الذين لم يرتضوا بنهج السلف الصالح- رضي الله عنهم – ونحن في العالم الإسلامي نعاني من الطوائف التي تنتسب لهذا الدين نعاني من الروافض والصوفية وال أشاعرة ومن غيرهم من أرباب الفرق الضالة وهكذا أيضاً ظهرت على هذه الأمة محنة قديماً وهي محنة العلمانية والقومية فهذه أيضاً تحاول أن تنسب نفسها إلى الإسلام والحاصل أن هذه الفرق جميعها مجتمعة من أجل إيجاد الخلخلة في أوساط هذه الصحوة المباركة وتريد من وجودها أن تعصف بهذه الأمة عصفاً شديداً بحيث لا تقوم لهذا الدين قائمة ونحن لا نشك ولا نرتاب أن الفرق الضالة القديمة السبئية ومثل الصوفية ومثل الروافض أن هذه كلها من صنائع ودسائس اليهود والنصارى وغيرهم لهدم الإسلام من الداخل لأنهم ما استطاعوا أن يهدموا أو يواجهوا هذه الأمة وهذا الدين من الخارج فأوجدوا هذه الجماعات وتلك الأفكار من أجل أن تكون معولاً هداماً بيد أعداء الله تعالى تهدم هذا الدين من داخله وظهرت ظاهرة في هذه الأيام المتأخرة في هذا البلد ظهر أفراد ينهجون نهج التكفير منطلقين من خلال ما ذكره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله تعالى – القاعدة الثالثة من نواقض الإسلام وهي قاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر مثله وهؤلاء في الحقيقة حينما نراهم نجد أنهم حدثاء أسنان ليسوا ممن أن يوصف من طلبة العلم لم يشهد لهم بقدم في حقل الدعوة إلى الله تعالى – وإنما شباب متحمس متهور شغف بغرائب المسائل يريد من الناس أن يوجهوا الأنظار إليه يريد من الشباب أن يلتفوا حوله يريد أن يكون لنفسه جماعة فنهجوا هذا النهج المعوج فكفروا المسلمين بل بدءوا بآبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم وهلم جر . وصار كل من يعتنق هذا الفكر يجب عليه أن يهاجر على دار الإسلام حتى جاء بعض الشباب إلى بعض الدعاة إلى الله عز وجل – قالوا : الحمد لله الذي بصرنا بالإسلام لقد أسلمنا منذ أسبوع فقط هذه الظاهرة إذا لم تواجه ويوفق في وجهها خاصة من الشباب من الذين لهم تأثير في مناطقهم فإن هذا الشرر يوشك أن يصبح ناراً بل بركاناً فيجب أن يواجه وأن يقضي عليه في مهده لأن هذه الجماعة ظهرت في مصر قديماً وصار لها صولة وجولة وكفرت المجتمع بكله وهذه الطوائف أحياناً قد تنبت وتظهر نتيجة الضغوط وقد تظهر من خلال جماعات عاملة في الساحة وقد تظهر وتخرج من السجون وقد تظهر مجرد شرار من الواقع تظهر هذه الجماعات بهذه الأفكار فجماعة التكفير والهجرة ما خرجت إلا من غياهب السجون لما وجدوا وعانوا من الحكام في ذلك الزمان من القهر والضغط والتعذيب خرجوا بالتكفير ووجدت كذلك جماعة قديماً اسمها جماعة التبين والتوقف وهي لا تشهد لأحد بإسلام ولا بكفر تتوقف حتى تناقش هذا وتناقش هذا ثم يتبين من خلال المناقشة هو مسلم أو لا لكن هؤلاء يعني كفروا المجتمع وكفروا كل من لم يأخذ بفكرهم وهذه القاعدة التي ذكرها محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى- ولها أدلتها المتكاثرة وضعها للكفار الأصليين ولم يضعها لمن وقع في الكفر أو وقع في الضلال عن جهل أو لم تبلغه الحجة أو أنه وقع في هذا نتيجة التأويل أو ما شاكل ذلك فهذه القاعدة قاعدة صحيحة فلا شك أن الذي لا يكفر الكافر الأصلي فإنه مكذب بالقرآن ومن كذب بالقرآن كفر ما في إشكال في هذه القاعدة لكن أقول أيها الإخوة أتكلم في هذه الجلسة في عدة محاور : 1- خطورة التسرع بالتكفير 2- ذم الجهل 3- ما كل من يعذر بالجهل عار عن الإثم 4- حكم الخطاب لا يثبت على المكلف إلا بعد البلاغ 5- العذر بالجهل والمعلوم من الدين بالضرورة 6- الإيمان الظاهر لا يستلزم إيمان الباطن 7- الرجل يجتمع فيه كفر وإيمان 8- التفريق بين كفر النوع وكفر العين 9- حكم من سب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو سب الدين 10- وحكم الاستهزاء بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم أو بشيء من الشرع 11- أدلة القرآن والسنة على ثبوت العذر بالجهل 12- ذكر طائفة من أهل العلم الذين قالوا بالعذر بالجهل 13- أقوال بعض الأئمة في المسألة 14- أدلة المخالفين والرد عليها .
أما النقطة الأولى وهي خطورة التسرع بالكفر ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم – أنه قال (( إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما))[2] وقال أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم (( … ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله))[3] وقال أيضاً صلى الله عليه وآله وسلم (( … ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه))[4] ومعنى الأحاديث أن من قال ذلك لمن لم يعرف منه إلا الإسلام ولم تقم له شبه في زعمه أنه كافر فإنه يكفر بذلك أي رجع عليه تكفيره فكأنما كفر نفسه لكونه كفر من هو مثله فالتسرع بالتكفير قضية خطرة لأنه إن كان على خلاف ما قال هذا المكفر فإن هذا التكفير يحور على صاحبه لأنه كفر مثله ولم يستحق التكفير فيرجع التكفير عليه . أما النقطة الثانية : وهي ذم الجهل حينما نقول العذر بالجهل فلا يعني هذا بالضرورة أننا نمدح الجهل ونقول للناس كونوا جهالاً بل إن الجهل في حد ذاته منقصة ومسبة ومذمة ويكفي في ذمة أن الجاهل الذي يعرف عن نفسه أنه جاهل يحاول أن ينفي الجهل عن نفسه ولذلك الجهل يعتبر من الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب الآثام والذنوب قال يوسف عليه السلام ((…وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ)) سورة يوسف آية (33) يعني أن الجاهل يقع في معصية الله تعالى وأم عمل المعاصي إنما هي من أعمال الجاهلين . وقال سبحانه وتعالى ((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)) سورة النساء آية (17) قال قتادة رحمه الله : أجمع الصحابة رضي الله عنهم – أن كل ما عصي الله تعالى فهو جهالة . وقال علي رضي الله عنه – كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه كل من لا يحسنه ويفرح به إذا نسب إليه وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه .
قال الشاعر : وفي الجهل قبل الموت موت لأهله وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم وليس لهم حتى النشور نشور .
النقطة الثالثة : ما كل من يعذر بالجهل عارٍ من الإثم من الناس من يعذر بجهله فلا يأثم ولا يعاقب على فعلته لا في الدنيا ولا في الآخرة بل ولا يخرج من ملة الإسلام وهذا إذا أتى بشيء من الكفر العملي أو اعتقد كفراً جاهلاً به ومن الناس من يعذر بجهله أي لا يكفر ولا يعاقب على هذا الذنب الذي ارتكبه لكنه يعاقب على تقصيره في طلب العلم الواجب عليه وذلك كما عذر عثمان رضي الله عنه – تلك المرأة الحبشية التي ارتكبت الزنا وادعت أنها تجهل الحكم فلم يقم عليها الحد وكذلك عمر رضي الله عنه – أناس زنوا بالشام واعتذروا أنهم لا يعرفون الحكم فلم يقم عليهم الحد فالبلاغ على كل حال والنذارة مناط أحكام الدنيا والآخرة لهذا أيضاً عمر رضي الله عنه – لم يقم الحد على الذين تأولوا في شرب الخمر لم يقم عليهم الحد قال العلامة ابن حزم رحمه الله – في قوله تعالى (( .. وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) سورة الإسراء آية (15). قال : فصح أنه لا عذاب على كافر أصلاً حتى تبلغه نذارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – وقال الشنقيطي–رحمه الله – إن الله تعالى لا يعذب أحداً من خلقه لا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث إليهم رسولاً ينذر ويحذر .
المسألة الرابعة : حكم الخطاب لا يثبت على المكلف إلا بعد البلاغ بمعنى هل الأحكام الواردة في الآيات والأحاديث بمجرد نزولها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم – تلزم الأمة أو لا بد من أن تبلغهم فهموها على غير المراد فهموها على أنها الحبل الأبيض والحبل الأسود ولذلك كانوا يحطون في أرجلهم خيط أبيض وخيط أسود ويظلون يأكلون ويشربون وإذا بالشمس ترتفع وما زالوا يأكلون ويشربون فلما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يخبرونه بفهمهم أنكر عليهم هذا الفهم وقال : إنما هو سواد الليل وبياض الفجر .
شاهدنا أيش هو ؟ شاهدنا من هذا المثال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم – لم يأمرهم بالقضاء مع أنهم ضلوا يأكلون ويشربون حتى صار الأكل والشرب ممنوعاً لكن نظراً لأنه نتج عن تأويل لم يأمرهم بالإعادة . مثال آخر : ما حصل لعمر وعمار رضي الله عنهما – حينما أجنبا وهما في سفر أما عمر رضي الله عنه فظن أنه لا بد من الماء ولذلك انتظر حتى وجد الماء أما عمار رضي الله عنه – فظن أنه يمكن أن يتيمم بل يتمرغ كما تمرغ الدابة وظن أنه لا بد أن يصل الغبار إلى كل عضو من جسده كالماء فتمرغ كما تمرغ الدابة وصلى عمر رضي الله عنه لم يصل فما جاءا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم – قال لهما : كان يكفيكما أن يفعل كذا وضرب بيديه صلى الله عليه وآله وسلم – على الأرض ثم مسح على وجه وكفيه فلم يأمر عمار بالإعادة ولم ينهر عمر رضي الله عنه – مثال آخر : حينما تكلم معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه في الصلاة ومعلوم أن الكلام في الصلاة يبطلها لكن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم – بالانتهاء عن الكلام ولم يبلغ هذا الحكم لمعاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه – فحينما انتهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم –من الصلاة دعاه وقال له : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ولم يقل له اقض صلاتك فهذا دليل على أن الخطاب لا يثبت في حق المكلف إلا إذا بلغه . مثال آخر ك لما زيد في صلاة الحضر كانت الصلاة ركعتين ركعتين ثم زيدت في الحضر وأقرت في السفر لما زيد في الحضر كان أناس غير موجودين وإنما هم في أطراف المدينة هم مثلاً في البراري ومنهم من كان في الحبشة واستمروا يصلون ركعتين ركعتين على ما هو معتاد هؤلاء الذين ظلوا يصلون ركعتين ركعتين هل قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – كفرتم لأنكم ما صليتم الذي يصلي الآن الظهر في حال الإقامة ركعتين ويصلي العصر ركعتين ويصلي العشاء ركعتين هذا مسلم ما صلى هذا هل قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – كفرتم طيب هل قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أعيدوا صلاتكم في هذه المدة كلها لم يقل لهم هذا وهذا فيه دليل على أن الخطاب لا يثبت في حق المكلف إلا بعد البلاغ . ولما فرض رمضان في السنة الثانية من الهجرة لم يبلغ الخبر لأهل الحبشة حتى فات الشهر ولم يأمرهم صلى الله عليه وآله وسلم- بالقضاء فهذه المسألة واضحة إن شاء الله تعالى .النقطة الخامسة : العذر بالجهل والمعلوم من الدين بالضرورة. ما المقصود بالمعلوم من الدين بالضرورة ؟ أي الذي لا يجهله عالم ولا عامي وهو أمر نسبي يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فمثلاً : الأماكن التي يظهر فيها الإسلام وينشر فيه العلم وتشرق فيه شمس الشريعة ويكثر فيه العلماء العاملين الذين يبلغون دين الله ويقيمون الحجة على العباد في مثل هذه المواطن لا يعذر أحد بالجهل ولذلك لا تعجب إذا قرأت في كتب علماء نجد أنهم لا يعذرون أحداً بالجهل بالتوحيد لا تستغرب لأن دعوة التجديد في جانب العقيدة بالذات أنطلق من هنالك من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك العلماء المتوافرون الموجودون العلم منتشر الذين يقيمون الحجج على الناس متواجدون متوافرون سلطهم العلمية موجودة بمعنى أنهم ممكنون فلا تستعجب إن قرأت في كتبهم أو سمعت منهم أنه لا عذر لأحد في جهل التوحيد لكن هل هذا الحكم يسري على من كان في اليمن على من كان في مصر على من كان في المغرب لا يسري بدليل ما سيأتي من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب نفسه والعجيب أيها الإخوة أن هؤلاء الناس يأخذون قولاً واحداً من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله – ويتركون أقوالاً كما أنهم يحتجون بهذه القاعدة التي وضعها لما لا يحتجون أيضاً بالأقوال الأخرى التي تنسف ما ذهبوا إليه وسيأتي الإشارة إلى هذا فنقول إن الأماكن التي يشرق فيها العلم ويتوافر فيها العلماء بدليل أنه إلى عهد قريب بل إلى الآن لا يستطيع أهل البدعة أن يرفعوا عقيرتهم في تلك البلاد وإن ظهر أهل الضلال وعلى رأسهم كان في القديم زين دحلان والآن محمد علوي المالكي لكن مع هذا لا يستطيعون أن يرفعوا أصواتهم لا يستطيعون أن يؤدوا طقوسهم كما يريدون إنما كل ذلك من وراء حجب ومن وراء ستر ويخشون أن يبلغ إلى السلطات ما يقومون به من الضلال أما في الأماكن التي تغيب فيها شمس الشريعة ويصير أهل الحق قليلون وصوتهم لا يصل إلى الناس كلهم لابد من إعذار الناس بجهلهم .
النقطة الثالثة : وهي أن الظاهر لا يستلزم إيمان الباطن نحن إذا حكمنا لشخص بالإسلام أو بالإيمان الظاهر فلا يعني أن نحكم له بالإيمان الباطن كذلك فنحن نحكم له بالظاهر أما الباطن فنحن نكله إلى الله عز وجل – فلا ننقب عنهم ولا نستطيع أن نصل إليه فهو إلى الله تعالى – وحين نقول نحكم عليه بالظاهر بمعنى أننا نطبق عليه الأحكام الظاهرية نقول أنه مسلم نناحكه نصلي عليه إذا مات ندفنه في مقابر المسلمين نورثه وأولاده يرثونه هذا هو المقصود من الأحكام الظاهرة لكن الأمور الباطنة هل نحكم عليه بالإيمان الباطن هذه قضية إلى الله سبحانه وتعالى فأقول لا نعني إذا حكمنا للشخص بالإسلام أو بالإيمان أننا نحكم له بدخول الجنة وسلامة الباطن من الشرك بالله تعالى بل هذا كله مرتبط بالأحكام الدنيوية .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – الإيمان الظاهر الذي تجري عليه أحكام الدنيا لا يستلزم الإيمان في الباطن .
النقطة السابعة : الإنسان يجتمع فيه كفر وإيمان قال ابن القيم رحمه الله – الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان وشرك وتوحيد وتقوى وفجور ونفاق وإيمان وهذا من أعظم أصول أهل السنة وخالفهم فيه أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والقدرية ومسألة خروج أهل الكبائر من النار وعدم تخليدهم فيها مبنية على هذا الأصل وقد دلت عليه السنة والقرآن والفطرة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم – قال تعالى ((وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ )) سورة يوسف آية(106) فأثبت لهم إيمان به سبحانه مع الشرك ((قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) سورة الفتح آية (14) فهنا هم أرادوا لأنفسهم منزلة عالية فالله تعالى قال : لا الإيمان ما قد دخل قلوبكم ما زلتم في مرتبة دنيا وهي الإسلام فأثبت لهم إسلاماً وأثبت لهم طاعة لله تعالى – وطاعة لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم – مع نفي الإيمان عنهم وهذا المقصود به الإيمان المطلق الذي يستحق اسمه بمطلقه . نأتي الآن إلى النقطة الثامنة : وهي التفريق بين كفر النوع وكفر العين والمقصود بهذا أن جنس هذا العمل أو نوع هذا العمل عمل كفري لكن هل تكفر من وقع فيه أم لا تكفر من وقع فيه بعينه ؟ إنما يمكن أن تقول : من فعل كذا فهو كافر لكن لا تقول فلان بن فلان كافر حتى تقيم الحجة وتنتفي الشبة . قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله – في مجموع الفتاوى المجلد الثالث صفحة 345 قال: إن القول قد يكون كفراً فيطلق القول بتكفير صاحبه ويقال من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذي قاله لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها وهذا كما في نصوص الوعيد . قال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً)) سورة النساء آية (10) طيب أكل واحد مال اليتيم نقول له أنت في جهنم وبئس المصير ليس هذا منهج أهل السنة والجماعة وهذه الآية تلزمهم أن يقولوا مثل هذا القول لكن نحن نقول : كما قال سلفنا الصالح أن من أكل أموال اليتامى هذا جزاؤه أو يستحق هذا الوعيد لكن هذا الإنسان قد يتوب قد يشفع له شافع قد تكون له حسنات ماحية تمحو هذا الذنب قد يغفر الله تعالى له ويتجاوز عنه فلهذا مثل هذه الأدلة ونحوها لا يجوز أن يحكم على شخص بعينه أنه من أهل النار إنما هذا العمل كفري ومن فعله فهو كافر غير ما تقول فلان كفر وفلان صار كافراً إلا إذا أقمت عليه الحجة ودحضت عنه الشبة فهذا في هذه الحال لا بأس أن يجرى عليه حكم الله سبحانه وتعالى .
المسألة التاسعة : حكم من سب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسب الدين . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – إن الساب إن كان مسلماً فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم وحكا الإجماع إسحاق بن راهويه وغيره لأن هذا الذي يسب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ويسب الدين هذا في الحقيقة لو كان عنده إيمان ما تجرى على سب الله تعالى – أو سب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو سب الدين فهذه المسألة بالإجماع أن من ارتكب هذا العمل لأنها معلومة من الدين بالضرورة يعرفها العالم والعامي ولا يجهلها أحد من الناس لأن هذا يعني دليل على أنه ليس في قلبه أدنى إيمان أما الاستهزاء بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم – أو بشيء من الشرع فيذكر العلماء عند هذه الآية قول الله تعالى ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ))
سورة التوبة آية (66) قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله – فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنما تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد له يعني مع هذا لم يعذرهم ولم يقبل حجتهم ولا عذرهم من غير اعتقاد له بل إنما كنا نخوض ونلعب وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر ولا يكون هذا إلا ممن شرك صدراً بهذا الكلام ولو الإيمان في قلبه لمنعه أن يتكلم بهذا الكلام .
المسألة العاشرة : الأدلة القرآنية على ثبوت العذر بالجهل . الدليل الأول قول الله تعالى (( …وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) سورة الإسراء آية (15) قال الحافظ ابن كثير فيها إخبار عن عدل الله تعالى وأنه لا يعذب أحداً إلى بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسل وإنزال الكتب إليه ونحو هذا الكلام أيضاً الشنقيطي رحمه الله تعالى صاحب أضواء البيان . الدليل الثاني قول الله تعالى (( قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنْ اهْتَدَى)) سورة طه آية (135) الدليل الثالث قوله تعالى (( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) سورة النساء آية (165)
الدليل الرابع قوله تعالى (( … كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ)) سورة الملك الآيات (8- 9) قال الشنقيطي رحمه الله هذه الآية تدل على أن الله تعالى لا يعذب بالنار أحداً إلا بعد أن ينذره في الدنيا .
الدليل الخامس قوله تعالى (( … وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ…)) سورة الأنعام آية (19)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلوغ لقوله تعالى لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ…)) سورة الأنعام آية (19) وقوله (((( …وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) سورة الإسراء آية (15) وقوله ((لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) سورة النساء آية (165) وقال ومثل هذا في القرآن متعدد بين سبحانه أنه لا يعاقب أحداً حتى يبلغه ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – ولا يعذبه الله على ما لا يبلغه فإذا لم يعذبه على ترك الإيمان لأنه ما كلن مؤمناً كيف يعذبه وهو تارك للإيمان مع عدم إتيان الرسول إليه وإيصال البلاغ إليه إذا كان لا يعذبه لترك الإيمان فكيف يعذبه في قضية جزئية فإذا لم يعذبه على ترك الإيمان إلا بعد بلوغ الحجة فإنه لا يعذبه على بعض شراعه إلا بعد البلوغ .
الدليل السادس : قوله تعالى (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) سورة التوبة آية(115) قال ابن كثير رحمه الله يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة وحكمه العادل إنه لا يضل قوماً بعد إرسال الرسالة إليهم حتى تكون قد قامت عليهم الحجة .
المسألة الحادية عشر : أدلة السنة على العذر بالجهل . الحديث الأول عن حذيفة
: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فقال لأهله إذا أنا مت فخذوني فذروني في البحر في يوم صائف ففعلوا به فجمعه الله ثم قال ما حملك على الذي صنعت ؟ قال ما حملني إلا مخافتك فغفر له))[5] هذا الرجل أيش الذي حصل منه هو عنده إيمان لكنه شك في قدرة الله تعالى وتأويل لئن قدر الله علي أي لأن ضيق الله علي هذا كما قال شيخ الإسلام وسيأتي أنه تحريف للأدلة عن مواضعها قال شيخ الإسلام هذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى وإنكار معاد الأبدان وإن تفرقت كفر لكنه مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلاً بذلك ضالاً بهذا الظن مخطئا فغفر الله له ذلك والحديث صريح في أن الرجل طمع ألا يعيده إذا فعل ذلك وأدنى ذلك أن يكون شاكاً في المعاد وذلك كفر إذا قامت حجة النبوة على منكره حكم بكفره وهو بين في عدم إيمانه بالله تعالى قال ومن تأول إن قدر أي ضيق لقد أبعد النجعة وحرف الكلم عن مواضعه هذا دليل واضح قوي أن الله تعالى عذر هذا الرجل على جهله مع أنه كان عنده إخلال في المعتقد وظن أن الله تعالى لن يقدر على جمعه بعد أن تفرق هذا التفرق . الدليل الثاني : قالت عائشة ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى قال قالت لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال ما لك ؟ يا عائش حشيا رابية قالت قلت لا شيء قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير قالت قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي ؟ قلت نعم فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم قال فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي فقال إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قالت قلت كيف أقول لهم ؟ يا رسول الله قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون))[6] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – فهذه عائشة أم المؤمنين سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم – هل يعلم الله كل ما يكتم الناس فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم – نعم وهذا يدل على أنها لم تكن تعلم ذلك ولم تكن قبل معرفتها بأن الله تعالى عالم بكل شيء يكتمه الناس كافراً . لأن هؤلاء إذا جهل شخص شيء من التوحيد ما يعذرونه لأن قضايا التوحيد ما فيها سفاط يجهل يقع فيها كافر خلاص انتهى فلم تكن قبل هذا كافرة ما كانت تعلم ولذلك ما قال لها صلى الله عليه وآله وسلم تشهدي من جديد ادخلي في الإسلام من جديد قال رحمه الله وأن الإقرار بعد قيام الحجة من أصول الإيمان إذا قامت الحجة على هذا وبلغك الدليل صار الإيمان لأن الله تعالى يعلم كل ما يدور في أنفس الناس من قضايا الإيمان صار أن الله تعالى على كل شيء قدير من قضايا الإيمان يكفر الإنسان بإنكارها وأن الإقرار بذلك بعد قيام الحجة من أصول الإيمان وإنكار علمه بكل شيء كإنكار قدرته على كل شيء .
الدليل الثالث (( أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال هل تمارون في القمر ليلة بدر ليس دونه حجاب ) . قالوا لا يا رسول الله قال ( فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ) . قالوا لا قال فإنكم ترونه كذلك يحشر الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبع فمنهم من يتبع الشمس ومنهم من يتبع القمر ومنهم من يتبع الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل وكلام الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان ) . قالوا نعم قال ( فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدرعظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار فكل ابن أدم تأكله النار إلا أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل بين الجنة والنار وهو آخر أهل النار دخولا الجنة مقبل بوجهه قبل النار فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيقول هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك ؟ فيقول لا وعزتك فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل به على الجنة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم قال يا رب قدمني عند باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت ؟ فيقول يا رب لا أكون أشقى خلقك فيقول فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره ؟ فيقول لا وعزتك لا أسأل غير ذلك فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت فيقول يارب أدخلني الجنة فيقول الله ويحك يا بن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهد والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت ؟ فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة فيقول تمن فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله عز وجل من كذا وكذا أقبل يذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة رضي الله عنهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله ) . قال أبو هريرة لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله ( لك ذلك ومثله معه ) . قال أبو سعيد إني سمعته يقول ( ذلك لك وعشرة أمثاله))[7] فالذين سألوا هذا السؤال كانوا يجهلون عقيدة الرؤية حتى سألوه فلم يكونوا كفاراً قبل معرفتها ولم يؤمروا بتجديد إسلامهم بل عذرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – وعلمهم الحق ومسائل التوحيد كثيرة متشعبة تحتاج إلى علم وسؤال أهل العلم ويتفاوت الناس فيها وبعضها يشترك فيها العامي وطالب العلم والعالم وبعضها يعرفها طالب العلم دون العامي وبعضها لا يعرفها إلا العلماء المتخصصون في هذا الجانب . فما هو الضابط الذي يضبط مثل هذه المسائل ؟ وبأي حد يكفر من جهل شيئاً منها ؟ وهلا يصير العبد مسلماً حتى يتعلم كل هذه المسائل ؟ هذا أمر عظيم في الحقيقة بل هؤلاء أنفسهم على مذهبهم الذين لا يعذرون بالجهل كفار على معتقدهم لأنك يمكن أن تسأله سؤالاً لا يستطيع الإجابة عليه فإذا لم يستطع الإجابة عليه صار أيش ؟ جاهلاً وإذا صار جاهلاً واحد + واحد = اثنين انتهى . لكن يقال هذا جهل من هؤلاء الإخوة وتسرع في مثل هذه المسائل وضغط الواقع زاد عليهم فطلع الضغط إلى الدماغ فتأثروا بهذا الفكر نسأل الله العافية . الدليل الرابع : عن أبي واقد الليثي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا يا رسول الله أجعل لنا ذات أنوط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم))[8] وهذه المقالة مقالة كفرية لأنهم كانوا يتبركون بهذه الشجرة يربطون عليها الأسلحة يعتقدون أنهم لما يفعلوا هكذا يأتي لهم النصر فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم هذه المقالة وشنع عليهم هذا القول وبين لهم أن هذه المقالة مقالة كفرية قال: كما شبهها بها لقد قلتم كما قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام – اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فالشاهد من هذا أنه صلى الله عليه وآله وسلم – لم يكفرهم لم يكفرهم بأعيانهم وإنما أخبرهم بأن هذه المقولة خطرة وأنها تشابه مقولة بني إسرائيل أو يقيم عليهم حد الردة على قول من لم يعذر بالجهل في مسائل التوحيد ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم عذرهم بجهلهم وأخبرهم أنما سألوه هو الكفر بعينه وهو ما سألت بنو إسرائيل موسى- عليه السلام – فكفر مقالتهم ولم يكفر أعيانهم . الدليل الخامس :
عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب . حتى لايدري ماصيام ولا صلاة ولا نسك . ولا صدقة . وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة . فلا يبقى في الأرض منه أية . وتبقى طوائف من الناس والشيخ الكبير والعجوز . يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله . فنحن نقولها ) فقال له صلة ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة . ثم ردها عليه ثلاثا . كل ذلك يعرض عنه حذيفة . ثم أقبل عليه في الثالثة فقال ياصلة تنجيهم من النار . ثلاثا))[9] لكن هذا ليس فيه دليل للمرجئة انتبهوا لأن هؤلاء أساساً هكذا لا يعلمون شيئاً وجدوا على هذه المقولة أما إنه شخص يقول : لا إله إلا الله ويترك شرائع الإسلام ويترك العمل ويقال خلاص ويفتى بهذا الدليل لا لكن هذا دليل إعذار هم بالجهل لأنه درس الإسلام ما في أهل العلم ما في بلاغ فأصبحوا يقولوا هذه الكلمة فهذه تنفعهم . أما ما يتمسك به أهل الإرجاء فهذا غير صحيح لا من قريب ولا من بعيد وهذا على كل حال دليل على العذر بالجهل في حالة رفع العلم وفشو الجهل . الدليل السادس عن الربيع بنت معوذ قالت (( دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين))[10] نهاها عن هذا القول لكنه لم يكفرها بل عذرها بجهلها ولو أن إنساناً اعتقد أن شخصاً يعلم الغيب وقد بلغته الحجج هذا لا شك أنه يصير كافراً خارجاً من دين الإسلام . الدليل السابع عن بن عباس قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت قال جعلت لله ندا ما شاء الله وحده))[11] فهذا الرجل سوى بين مشيئة الله ومشيئة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – وهذا كفر لقوله أجعلتني لله نداً ومع ذلك لم يكفره هذا ما يتعلق بأمر المعتقد يا إخوة بين له أن هذا خطأ لا يجوز أن يقول هذا القول لكنه لم يكفره هذه الأدلة فيما يتعلق بالعقيدة وهذه هي مربط الفرس عند القوم يقولون مثلاً مسائل العقيدة لا عذر فيها لأحد لكن هذه أدلة واضحة بينة في مسائل المعتقد وأن الشرع عذر هؤلاء الناس وفرق بين كفر المقالة وبين تكفير المعين فهذا يحتاج إلى أن تقيم عليه الحجة وتدحض عنه الشبه أما في أمور الحلال والحرام فهنالك أدلة منها :ما جرى لماعز رضي الله عنه –
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ((أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( أبك جنون ) . قال لا قال ( فهل أحصنت ) . قال نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( اذهبوا به فارجموه))[12] لماذا سأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم – من أجل أن يعلم أنه يعلم الحكم أو يجهله أبلغه أم لم يبلغه عن السائب بن يزيد قال كنت قائما في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال اذهب فأتني بهذين فجئته بهما قال من أنتما أو من أين أنتما ؟ قالا من أهل الطائف قال لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم))[13] قال الحافظ بن حجر رحمه الله وفيه المعذرة لأهل الجهل إذا كان مما يخفى عليه مثله . نأتي الآن إلى ذكر العلماء الذين يقولون العذر بالجهل هؤلاء على رأسهم إمام السنة الشافعي رحمه الله وابن أبي العز الحنفي والإمام الطحاوي والحافظ الذهبي وابن حزم وابن رشد والقرطبي والشاطبي وال شوكاني والحافظ بن حجر وغيرهم كثير ومنهم أيضاً ابن تيمية رحمه الله – أنا أذكر قول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكلام محمد بن عبد الوهاب لأن هؤلاء يجلون هؤلاء العلماء يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إني من أعظم الناس نهياً أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطئها وذلك يعم المسائل الخبرية القولية في العقيدة والمسائل العملية بل قال ولو سجد رجل لرجل على أن هذا من الدين لا يكفر حتى يبين له كما في حديث معاذ رضي الله عنه – : – لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه و سلم . قال ( ما هذا يا معاذ ؟ ) قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم . فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فلا تفعلوا . فإني لو كنت آمرا أحد أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . والذي لزوجها . والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه))[14] قلت ولهذا لم يكفر أحد من العلماء أهل السنة الأشاعرة مثلاً بتأويلهم للصفات وهذا باب عظيم من أبواب العقيدة لذلك ما أحد كفرهم لأنهم متأولة. أما العلامة ابن القيم فقال : الأصل الثاني أن العذاب يستحق بسببين أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بموجبها الدليل موجود ممكن أن تأخذ هذا الدليل لكنه أعرض والسبب الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة موجبها قال : فالأول يسمى كفر إعراض والثاني كفر عناد وأما كفر الجهل وهذا هو الشاهد مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل انتهى من طريق الهجرتين . أما شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهذا الذين يحتجون بقاعدته قال : إذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على قبة عبد القادر الجيلاني والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالها لأجل جهلهم وعدم من يفهمهم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا ولن يكفر ويقاتل سبحانك هذا بهتان عظيم وكانوا ينسبون إليه أنه يقول الذي لا يهاجر إلينا كافر . أما أدلة المخالفين وهي على كل حال النقطة الأخيرة استدلوا بقول الله تعالى ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) سورة الأعراف آية(174) قالوا : هذا ميثاق قد أخذه الله تعالى على عباده من ظهر آدم وانتهت القضية ويكفي بأخذ هذا الميثاق لما شهدوا ألست بربكم قالوا بلى يكفي أن يعرفوا أمور التوحيد وأن يعرفوا ربهم قالوا إن الناس يمكن أن يهتدوا إلى أمور التوحيد دقيقها وجليلها صغيرها وكبيرها بمجرد أخذ هذا الميثاق لكن أيها الإخوة يرد عليهم بأن مآل هذا القول الذي تقولونه أن الله تعالى لما أنزل الكتب وأرسل الرسل كان عابثاً ما فائدة إرسال الرسل وإنزال الكتب ؟ خلاص أخذ عليهم الميثاق ليش يرسل الله تعالى الرسل ما كان في داعي لهذا الأمر ثم إن الناس ينسون يحتاجون إلى من يذكرهم ولذلك قال الله تعالى (((( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) سورة النساء آية 165 فاستدلالهم على كل حال بهذه الآية ليس بصحيح بل إن قولهم هذا من أبطل الباطل ولذلك أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب ليقطع الحجة والعذر على الناس مع أنه أخذ عليهم الميثاق وهم في ظهور آدم عليه السلام – أما من السنة فاستدلوا بثلاثة أدلة الحديث الأول: عن عائشة قالت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه ؟ قال لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين))[15]
الحديث الثاني عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي ؟ قال في النار فلما قفى دعاه فقال إن أبي وأباك في النار))[16] والحديث الثالث ضعيف فلم أتعرض له والجواب على هذا أن هذه الأحاديث إنما وردت في الكفار الأصليين وأن الاحتجاج بمثل هذه الأدلة إنما هو إعمال للقياس ولا يجوز بحال أن نقيس المسلم الذي وقع بشيء من الكفر جهلاً بالكافر الأصلي فهذا على كل حال قياس فاسد أولاً الشيء الثاني أنه في مقابل النصوص التي ذكرناها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدل دلالة قاطعة بينة على الإعذار بالجهل قال شيخ الإسلام ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبه انتهى من الفتاوى ج15/ ص500 لذلك هؤلاء الناس الآن يريدون أن يكلفوا الناس فوق طا
المشاهدات 2620 | التعليقات 0