خطبة لشهر ربيع الأول عن توحيد الله (الاعتقاد)

محب آل البيت
1433/03/12 - 2012/02/04 05:56AM
خطبة لشهر ربيع الأول عن توحيد الله (الاعتقاد)1
عنوان الخطبة : ربط النوازل بالقضاء والقدر



30984_1238787726.jpg إنما يدور الأيام في العالم بوجه عام العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص تختلف أنظار الناس تجاه هذه الأحداث فمنهم من ينظر إليها نظرة مادية محضة بعيدة عن ربطها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله
ربط النوازل بالقضاء والقدر

العناصر:
1- نظرة الناس للأحداث 2- أهمية الإيمان بالقدر 3- طغيان فرعون 4- قواعد هامة في باب القدر

إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلا له يضلل فلا هادي له وأشهد أن الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله .
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))سورة آل عمران (102).
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) سورة النساء آية (1).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة وكل بدعة ضلالة في النار.
إنما يدور الأيام في العالم بوجه عام العام العربي والإسلامي على وجه الخصوص تختلف أنظار الناس تجاه هذه الأحداث فمنهم من ينظر إليها نظرة مادية محضة بعيدة عن ربطها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله الله عليه وسلم بعيدة عن ربطها بالإيمان بالله عز وجل ونظرة أخرى تربطها بمنهاج الله عز وجل وسنتة في التغير في هذا الكون ومنهم من ينظر إليها نظرة متشائمة ومنهم من ينظر إليها بتفاؤل و يرى أنما هو آت هو خير بإذن الله عز وجل وهذا التفاوت في النظر يرجع إلى وجوب الإيمان بالقضاء والقدر في قلوب هؤلاء الناس أما أولئك لا يؤمنون بشيء اسمه قدر ولا يؤمنون بأقدار الله عز وجل الماضية في هذا الكون وأن كل شيء إنما يجري بقضاء الله تعالى وقدره قال الله تعالى :((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) سورة القمر آية (49).
أولئك الذين لا يؤمنون بقضاء الله تعالى وقدره وينظرون إلى الأحداث نظرة مادية وبالتالي فنظرتهم إلى الأمور في الغالب نظرة تشاؤمية ومن الناس ينظر إليها بتفاؤل وإن كان عنده نقص في الإيمان بقضاء الله وقدره.
ولكن الخلاصة هنا أن الإيمان بقضاء الله وقدره إذا ترسخ في القلب يظهر على الجوارح ويورث اطمئنانا في القلب ورضى بقضاء الله وقدره فنجد من الناس من ينسب هذه الأحداث إلى الطبيعة تارة ونجد من يربط هذه الأحداث إلى التقليد تارة أخرى إلى الاستنساخ تارة أخرى ومنهم من ينظر إلى هذه الأحداث على أنها شغب وعلى أنها وعلى أنها.
لكن في المقابل أولئك الذين أطمئنت قلوبهم بالإيمان وعلموا أن من الإيمان بالله عز وجل الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره خيره و شره حلوه ومره وأنه لا يؤمن إنسان بالله تعالى حق الإيمان حتى يؤمن بقضاء الله عز وجل خيره وشره عاجله وآجله فها هنا ستكون النظرة أخرى وستكون النفوس مطمئنة لأن ما يفعله الله تعالى لحكمة علمناها أو لم نعلمها .
وإنني أريد في هذه الدقائق القليلة أن أضع لأخواني بعض القواعد الهامة في هذا الجانب.
أما القاعدة الأول:
فإنه يجب علينا أن نؤمن بأن علم الله تعالى شامل للغائب والحاضر لما حصل وسيحصل.
قال الله سبحانه : ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) سورة الأنعام آية (59).
فإذا علم هذا واستقر في القلوب واطمأنت النفوس المؤمنة واطمأنت كذلك بأن ما يحدث إنما هو بعلم الله تعالى و اطلاعه فلماذا الخوف ولماذا الارتباك ويجب علينا ألا نتراجع فسنة الله تعالى ماضية لا يمكن أن يوفقها أحد بحال من الأحوال.
تجد من الناس من إذا نزلت نازلة بدأ يقلق ويضطرب كل هذا لا يمكن أن يثمر شيئا بل الثمرة الصحيحة في كيفية التعامل مع هذه النوازل إذا كنا نؤمن بقضاء الله تعالى وقدره فيجب علينا أن نحسن التعامل وأن نفقه هذه النوازل ونفقه كيفية التعامل مع هذه النوازل لا أننا نصادمها أو نتركها تمضي ذلك لأنها وفق قضاء الله تعالى وقدره فإن القدر إذا نزل يمكن أن يدفع بالقدر وما عليك إلا أن تستنفر قواك من أجل مدافعة هذه المخاطر وهذه النوازل وبعد ذلك فلا يكون إلا ما أراده الله تعالى فكما أنه لك إرادة فالله تعالى له إرادة وإذا اتفقت إرادة الله ومشيئته مع إرادتك ومشيئتك تحقق الأمر المحمود وإلا فلا يتحقق في النهاية إلا ما شاء الله تعالى و أراده ((وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) سورة التكوير آية (29).
القاعدة الثانية:
أنه لا يحدث في هذا الكون من خير أو شر إلا بإذن الله وإرادته ومشيئته فلا يتصور ولا يتخيل أن يحدث شيء بدون إرادته سبحانه وتعالى وأن الخلق مهما خططوا ومهما فعلوا فلن يحدث إلا ما أراده الله تعالى : ((إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ )) سورة هود آية(107).
وقال تعالى : ((وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)) سورة الرعد آية (11).
والله تعالى يفعل ما يريد فإذا نزلت نازلة فلنتذكر أن ذلك بإرادة الله تعالى فلا تجزع لأنك تأوي إلى ركن شديد ومع هذا كما سبق لا نجنح إلى الركود بل لابد من العمل فلا نقف مكتوفي الأيدي بل لا بد من موافقة النوازل.
القاعدة الثالثة :
أن ما يجري في هذا الكون إنما لهو لمصلحة نعلمها أو لا نعلمها والله تعالى يقدر المقادير لحكمة الله تعالى لا يقدر شيئا عبثا قال الله تعالى : ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ )) سورة الأنبياء آية (16).
وقال تعالى : ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)) سورة المؤمنون آية (115).
والمؤمنون يقولون : ((رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) سورة آل عمران آية (191).
القاعدة الرابعة:
أن الله تعالى لا يقدر شرا محضا ليس فيه خير بل كل قدر وأن ظهر لنا أنه شر المحض فإن فيه من الخير ما لا نعلمه وفيه من ادخار المصلحة مالا يعلمه إلا الله تعالى كتكفير السيئات ورفع الدرجات وكذلك تمحيص المؤمنين وكشف مخططات الأعداء وفضح الظالمين إلى غير ذلك ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو يقول ممجدا لربه عز وجل ((والشر ليس إليك))[1]
بل إن الجن حينما خاطبوا إخوانهم قالوا متأدبين مع الله عز وجل : ((وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً )) سورة الجن آية(10).
فنسبوا الخير إلى الله عز وجل وتأدبوا مع الله عز وجل فلم ينسبوا الشر إليه وإلا فكل ما يجري في هذا الكون إنما هو خلق لله عز وجل إن خيرا وإن شرا ولنا أن نعرف الحكمة من خلق إبليس فإبليس شر محض لكن من وراء خلقه حكم عظيمة منها : ابتلاء المؤمنين النظر فيمن يطيع الله تعالى وفيمن يعصيه سبحانه.
القاعدة الخامسة: أن الله تعالى يفعل في خلقه ما يشاء فهو لا يسأل عمل يفعل وهم يسألون لأنه هو الخالق وهو المالك وهو المتصرف وهو المدير سبحانه وتعالى وبالتالي فلا يحق لنا بل يحرم علينا أن نسأل الله عز وجل أو أن نتضجر من أقدار الله عز وجل فتقول لماذا قدر الله تعالى علينا كذا وكذا ؟.
فالخلق خلقه ونحن عباده وهو يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى .
القاعدة السادسة :
أن الله تعالى حكم عدل وأنه حرم الظلم عل نفسه وحرمه على عباده فهو لا يرضى عن الظلم ولا يرضى عن الظالمين قال تعالى: ((يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً )) سورة الكهف آية (49).
وقال الله تعالى: ((وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ )) سورة فصلت آية (46).
وقال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً )) سورة النساء آية (40).
فإذا نزلت نازلة فلا تسيء الظن بالله تعالى بل كن دائما متفائلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن و الله تعالى يقول في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء))[2]
إذا ظننت بالله خيرا وظننت بأقدار الله تعالى خيرا فسيكون الخير وإذا ظننت سوء فلا يكون لك إلا ما ظننت فعليك أن تحسن الظن بالله عز وجل والله تعالى سينصر المسلمين ولو بعد حين.
القاعدة السابعة :
إن الله تعالى رحيم بالمؤمنين كتب على نفسه الرحمة وأن رحمته سبقت غضبه وما يقدرة الله تعالى لنا فهو من رحمته لأننا لا نعلم ما يخبأه الله سبحانه من الخير.
القاعدة الثامنة :
كل ما سوى الله مخلوق فالعباد و أعمالهم خلق لله عز وجل: ((اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ )) سورة الزمر آية(62).
وقال الله تعالى :((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )) سورة الصافات آية (96).
وفي الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم :((إن الله تعالى صانع كل صانع و صنعته))[3]
القاعدة التاسعة :
الأقدار والأيام دول ودوام الحال من المحال وأقدار الله تعالى ماضية على المؤمنين كما هي ماضية على الكافرين كما هي ماضية على الأبرار فيه ماضية كذلك على الفجار وأن التدافع بين الخير والشر سنة ماضية إلى يوم القيامة قال الله تعالى :((وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)) سورة آل عمران (140).
القاعدة العاشرة :
الصبر على أقدار الله عز وجل قال الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) سورة آل عمران آية (200).
وقال تعالى : ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ )) سورة البقرة آية (45).
ولنعلم أن الله تعالى يجزي الصابرين جزاء حسنا.
قال الله تعالى : ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ )) سورة محمد آية (31).
وقال الله تعالى: ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156))) سورة البقرة الآيات ((155-156).
وأما في الآخرة فإن لهم الجزاء الأوفى قال سبحانه : ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) سورة الزمر آية (10).
فيا أيها الإخوة المؤمنون:
إنما يدور في هذا الكون فيه من الخير العظيم و فيه من الخير العميم العاجل والآجل للمؤمنين ولا تظنوا أنما يدور إنما هو شر محض فكم ارتفع من الظلم على كثير من الناس وكم بان للناس للحق وكم عرف الناس سنن الله عز وجل في هذا الكون وكم تقوى من أيمان وكم من الحكم التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.



الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
فمن القواعد في هذا الباب أيها الإخوة الكرام:
أن أهل الظلم لا بقاء لهم بل إن نهايتهم أقبح نهاية قال الله تعالى : ((فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) سورة الأنعام آية (45).
ها أنت ترى عروش هؤلاء الظلمة تتهاوى وتتساقط وكانوا يظنون أنفسهم كما قال فرعون :((أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى )) سورة الانشقاق آية(24).
وقال: ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ )) سورة القصص آية(38).
سواء كان هذا بلسان الحال أو كان بلسان المقال وتصرفوا في حريات الناس وفي تدينهم وتصرفوا كذلك في كل صغيرة وكبيرة ونهبوا خيرات البلاد وجوعوا وأفقروا العباد لكن نهايتهم كانت شر نهاية ((فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )) سورة النمل آية (52).
أين القصور التي كانوا يسكنونها ها هي اليوم تصفق نوافذها وتصفق أستارها ليس فيها عين تطرف وليس فيها نفس واحدة .
إنها عبرة للمعتبرين لو دخلت في إحدى هذه والقصور لعرفت أنهم كانوا يظنون أنهم من المخلدون وما كان أحد منهم يظن أنه سيطاح به و أنه سيبغض من العالم كله وأنه سيصبح شريدا طريدا وأنه سوف تحل به من الأسقام والأمراض وسيصبح بعد ذلك الغنى في فقر مدقع يتسكع ويطلب مأوى يأوي إليه ويطلب لقمة أو حبة دواء هذا الظالم الطاغية الذي ما كان ينظر إلى الملايين من الناس المرضى والجوعى الذين لا يجدون مسكنا ولا يجدون طعاما ولا يجدون شرابا ها أنت ترى هؤلاء الطغاة وهؤلاء الظلمة يقطعون الخدمات الأساسية عن أولئك الذين يطالبون بحقوقهم ويطالبون برفع الظلم عنهم كما يفعل طاغية ليبيا القذافي الذي يقطع المياه والإمدادات والموارد التنموية عن الملايين من الناس كل هذا لماذا؟
من أجل أن يبقى عرشه من أجل أن يبقى ملكه؟
من أجل أن يبقى يمتص خيرات هذا الشعب لينعم هو ومقربوه.
وأما الشعب فليذهب إلى الجحيم . هل علمتم أن رئيسا أو حاكما يقتل أبناء بلده ؟ هل علمتم حاكما مسلما يدعي الإسلام يشعل الطائفية في أوساط قومه؟ هل علمتم من حاكم يدعي الإسلام يؤلب القوى الدولية على قومه بحجة الإرهاب وغيره؟ و الله ما علمنا هذا أبدا ولم كل هذا من أجل أن يحافظ على كرسيه .
ألا تكفي هذه المدة؟ ألا تكفي تلك المليارات من الدولارات واليورهات التي سلبوها ونهبوها؟ والليالي حبالى يلدن كل عجيب والتاريخ سوف ينبئ الأمة وسوف ينبئ الناس عما فعله هؤلاء من كان يظن أن أولئك الذين يسفكون الدماء وينتهكون الأعراض أولئك الذين يعلقون الأحرار من أرجلهم ثم يسومونهم سوء العذاب من كان يظن أن أولئك الذين يأتون بنساء المسجونين إلى السجون ويفعلون بهن الفاحشة أمام أولئك المظلومين في مصر أنه في يوم من الأيام سيزج بهم في السجون وسوف يقيدون بالأغلال؟.
هكذا أيها الإخوة :
إن هؤلاء الظالمين أعمارهم قصيرة وأن الظلم لا يدوم وأن نهايتهم ستكون نهاية مرة .
القاعدة الحادية عشرة :
أنه يجب على كل مؤمن أن يؤمن أن دين الله تعالى له العاقبة وأنه سينتصر إن عاجلا وأن آجلا وما هذه الإرهاصات في العالم العربي الإسلامي إلا مقومات أنا موقن أن هناك مرحلة ما بين هذا الحكم الجبري القائم تحت وطأة الحديد والنار وما بين الحكم العادل الإسلامي هنالك برزخ وهنالك وقت سوف يمهد لهذا الدين من أجل أن يحكم هذه الأرض ويسود عليها ومصداق ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم :((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت))[4]
ويتساقط واحدا تلو الآخر مهما حاول هؤلاء أن يغطوا مهما حاول هؤلاء أن يسترضوا أو يدفعوا شيئا من أموالهم أو ربما أحيانا يشترون ذمما .
لكن هذه الأموال التي ينفقونها وهؤلاء الأنصار المشترين سيكونون وبالا على هؤلاء كما قال الله عز وجل (( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) سورة الأنفال آية (36) .
مع فارق الشبه.
القذافي على سبيل المثال رشا رؤساء دول و وزراء من أجل أن يمنع الحظر الجوى عنه ثم أخذت أمواله ونفد الخطر الجوي وهذا انتصار لأولئك الشرفاء والمظلومين الذين ظل هذا الطاغية أكثر من أربعين عاما يظلمهم ويطغي عليهم لكن العاقبة بإذن الله تعالى ستكون للمؤمنين وستكون لدين الله عز وجل قال سبحانه : ((وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ (173))) سورة الأنبياء الآيات (171-173).
إن جند الله عز وجل سيغلبون بإذن الله عز وجل وسيمكن الله عز وجل لهذا الدين بإذن الله .
والحمد الله رب العالمين.

[1] – مسلم 1/534

[2] – صحيح ابن حبان 2/401

[3] – صحيح وضعيف الجامع الصغير 7/105

[4] – السلسلة الصحيحة 1/34





رابط الخطبة : http://almaqtari.net/?p=591
المشاهدات 4373 | التعليقات 0