خطبة : ( لا يدخل الجنة إلا المؤمنون )
عبدالله البصري
لا يدخل الجنة إلا المؤمنون 19/ 10/ 1443 هـ
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، بَينَ حِينٍ وَآخَرَ ، يَمُوتُ مِن غَيرِ المُسلِمِينَ مَن يَمُوتُ وَيُقتَلُ مِنهُم مَن يُقتَلُ ، مِمَّن يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدَّمَ لِلعَالَمِ خَيرًا ، أَو أَظهَرَ بِالضُّعَفَاءِ رِفقًا ، أَو كَانَت لَهُ مَوَاقِفُ دَافَعَ فِيهَا عَنِ المَظلُومِينَ ، أَو أَبدَى حَمَاسَةً ودَعَمًا لِقَضَايَا المُسلِمِينَ ، وَهُنَا يَخرُجُ في وَسَائِلِ الإِعلامِ أَوِ التَّوَاصُلِ مَن يُبدِي الحُزنَ لِمَوتِهِ ، أَو يُظهِرُ التَّوَجُّعَ لِقَتلِهِ ، أَو يَأسَى عَلَى فِرَاقِهِ وَرَحِيلِهِ ، وَهَذَا وَإِن كَانَ جُزءٌ مِنهُ طَبِيعِيًّا وَمَقبُولاً ، إِذِ النُّفُوسُ مَجبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَن أَحسَنَ إِلَيهَا وَالحُزنِ لِفَقدِ مَن عَطَفَ عَلَيهَا ، فَإِنَّ مِن غَيرِ الطَّبِيعِيِّ وَلا المَقبُولِ في شَرعِنَا ، أَن تَظهَرَ في هَذِهِ الأَحوَالِ تَصَرُّفَاتٌ تُخَالِفُ مَا تَقتَضِيهِ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، وَبِهَا تَختَلُّ العَقِيدَةُ الصَّحِيحَةُ ويَنقُصُ التَّوحِيدُ أَو يُنقَضُ مِن أَصلِهِ.
نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن يَمُوتَ أَو يُقتَلَ يَهُودِيٌّ أَو نَصرَانيٌّ أَو مُلحِدٌ أَو بُوذِيٌّ ، أَو غَيرُهُم مِمَّن لا يَشهَدُ شَهَادَةَ الحَقِّ وَلا يُؤمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، أَو يَدَّعِي أَنَّهُ يُؤمِنُ بِاللهِ لَكِنَّهُ لا يُؤمِنُ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، ثم تَجِدَ مَن يَتَرَحَّمُ عَلَيهِ وَيَدعُو لَهُ ، أَو يَصِفُهُ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ ، بَل وَأَشَدُّ مِن ذَلِكَ أَن تَرَى مَن قَد يُصَلِّي عَلَيهِ صَلاةَ المَيِّتِ ، أَو يَتَصَدَّقُ عَنهُ أَو يَعتَمِرُ لَهُ ، فَيَا للهِ مِن غُربَةِ الدِّينِ وَجَهلٍ حَلَّ بِالمُسلِمِينَ ، وَيَا للهِ مِن سُقُوطِ الوَلاءِ وَالبَرَاءِ مِنَ القُلُوبِ وَانتِكَاسِهَا ، وَجَمعِهَا المُتَضَادَّاتِ وَالمُتَنَاقِضَاتِ !!!
وَإِذَا كَانَ اليَهُودِيُّ وَالنَّصرَانيُّ وَالكَافِرُ بِرَبِّهِ المُكَذِّبُ لِرَسُولِهِ ، يُدعَى لَهُ بِالرَّحمَةِ وَيُصَلَّى عَلَيهِ ، وَيُظَنُّ أَنَّهُ قَد يَدخُلُ الجَنَّةَ ، فَمَاذَا بَقِيَ لِلمُؤمِنِينَ المُوَحِّدِينَ ، الَّذِينَ يَشهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ؟! " أَفَنَجعَلُ المُسلِمِينَ كَالمُجرِمِينَ . مَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ " " أَفَمَن كَانَ مُؤمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَستَوُونَ . أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم جَنَّاتُ المَأوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخرُجُوا مِنهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُم ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ".
وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ ثم يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ ، إِلاَّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ " هَذَا هُوَ كَلامُ أَعلَمِ النَّاسِ بِرَبِّهِ وَهَذَا حُكمُهُ الَّذِي أَقسَمَ عَلَيهِ ، مَن لم يُؤمِنْ بِهِ فَهُوَ مِن أَهلِ النَّارِ ، فَكَيفَ يَسُوغُ لِمُؤمِنٍ أَن يُخَالِفَهُ فَيَدعُوَ لِكَافِرٍ بِالرَّحمَةِ أَوِ الجَنَّةِ ، أَو يَصِفَهُ بِأَنَّهُ شَهِيدٌ ، بَل كَيفَ يَجرُؤُ عَلَى الاستِغفَارِ لَهُ وَاللهُ تَعَالى يَقُولُ : " مَا كَانَ لِلنَّبيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَستَغفِرُوا لِلمُشرِكِينَ وَلَو كَانُوا أُولي قُربى مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحَابُ الجَحِيمِ . وَمَا كَانَ استِغفَارُ إِبرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَوعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنهُ إِنَّ إِبرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ".
وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت : قُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ ، ابنُ جُدعَانَ ، كَانَ في الجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيُطعِمُ المِسكِينَ ، فَهَل ذَاكَ نَافِعُهُ ؟! قَالَ : " لا يَنفَعُهُ ، إِنَّهُ لم يَقُلْ يَومًا رَبِّ اغفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ " وَحَتى لا يَظُنَّنَّ ظَانٌّ أَنَّ اللهَ يُضِيعُ أَعمَالَ هَؤُلاءِ وَهُوَ الحَكَمُ العَدلُ سُبحَانَهُ ، فَقَد قَالَ سُبحَانَهُ : " مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمَالَهُم فِيهَا وَهُم فِيهَا لا يُبخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيسَ لَهُم في الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ . أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وَيَتلُوهُ شَاهِدٌ مِنهُ وَمِن قَبلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحمَةً أُولَئِكَ يُؤمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكفُرْ بِهِ مِنَ الأَحزَابِ فَالنَّارُ مَوعِدُهُ فَلا تَكُ في مِريَةٍ مِنهُ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يُؤمِنُونَ " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللهَ لا يَظلِمُ مُؤمِنًا حَسَنَةً ، يُعطَى بها في الدُّنيَا وَيُجزَى بها في الآخِرَةِ ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بها للهِ في الدُّنيَا ، حَتى إِذَا أَفضَى إِلى الآخِرَةِ لم تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجزَى بها " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
فَالمُؤمِنُ يُعطَى بِحَسَنَاتِهِ خَيرًا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ، وَيُجزَى بها دُخُولَ الجَنَّةِ وَالنَّعِيمَ المُقِيمَ ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَإِنَّ مِن عَدلِ اللهِ أَنَّهُ يُوَفِّيهِ جَزَاءَ حَسَنَاتِهِ في دُنيَاهُ ، فَيَنَالُ مَا يَطمَحُ إِلَيهِ مِن مَدحٍ وَذِكرٍ ، وَيُحَصِّلُ مَا تَشتَهِيهِ نَفسُهُ وَيَتَمَتَّعُ بِهِ في دُنيَاهُ ، وَأَمَّا في الآخِرَةِ فَإِنَّهُ تَعَالى لا يَجزِيهِ بها شَيئًا ، لأَنَّهُ لم يَأتِ بِشَرطِ رِضَا رَبِّهِ عَنهُ ، الَّذِي بِهِ يَدخُلُ الجَنَّةَ ، وَهُوَ الإِيمَانُ بِهِ وَتَركُ الشِّركِ وَالكُفرِ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ ، إِنَّهَا عَقِيدَةٌ لا شَكَّ فِيهَا أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ، لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ المُؤمِنُونَ ، وَلا يَتَقَبَّلُ اللهُ إِلاَّ مِنَ المُتَّقِينَ ، وَأَمَّا المُشرِكُونَ وَالكُفَّارُ فَهُم أَهلُ النَّارِ ، قَالَ تَعَالى " وَلَقَد أُوحِيَ إِلَيكَ وَإِلى الَّذِينَ مِن قَبلِكَ لَئِن أَشرَكتَ لَيَحبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ " وَقَالَ تَعَالى : " وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَني إِسرَائِيلَ اعبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُم إِنَّهُ مَن يُشرِكْ بِاللهِ فَقَد حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنصَارٍ " وَقَالَ تَعَالى : " وَنَادَى أَصحَابُ النَّارِ أَصحَابَ الجَنَّةِ أَن أَفِيضُوا عَلَينَا مِنَ المَاءِ أَو مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الكَافِرِينَ " وَقَالَ تَعَالى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهلِ الكِتَابِ وَالمُشرِكِينَ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُم شَرُّ البَرِيَّةِ " وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : " إِنَّ اللهَ يُدخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأكُلُونَ كَمَا تَأكُلُ الأَنعَامُ وَالنَّارُ مَثوًى لَهُم ".
وَفي الصَّحِيحَينِ وَغَيرِهِمَا عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِلالاً فَنَادَى في النَّاسِ : " إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ نَفسٌ مُسلِمَةٌ " وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ مِن حَدِيثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَومُ خَيبَرَ أَقبَلَ نَفَرٌ مِن صَحَابَةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم َفَقَالُوا : فُلانٌ شَهِيدٌ ، فُلانٌ شَهِيدٌ ، حَتى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا : فُلانٌ شَهِيدٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " كَلاَّ ، إِنِّي رَأَيتُهُ في النَّارِ في بُردَةٍ غَلَّهَا أَو عَبَاءَةٍ " ثم قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " يَا بنَ الخَطَّابِ ، اِذهَبْ فَنَادِ في النَّاسِ إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ المُؤمِنُونَ " قَالَ : فَخَرَجتُ فَنَادَيتُ أَلا إِنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ المُؤمِنُونَ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ مُؤمِنٌ ، وَأَنَّهُ تَعَالى لا يَتَقَبَّلُ أَيَّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِلاَّ مِنَ مُسلِمٍ " وَمَن يَبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ دِينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ".
اللَّهُمَّ أَحيِنَا مُسلِمِينَ ، وَأَمِتْنَا مُسلِمِينَ ، وَأَلحِقْنا بِالصَّالِحِينَ ، غَيرَ خَزَايَا وَلا مَفتُونِينَ ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ فَاستَغفِرُوهُ ...
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ مِمَّا يَجِبُ أَن يَعقِدَ عَلَيهِ المُؤمِنُ قَلبَهُ وَلا يَعتَقِدَ غَيرَهُ ؛ لأَنَّهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيهِ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَأَجمَعَ عَلَيهِ عُلَمَاءُ الإِسلامِ ، أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَن يُدعَى لِلكَافِرِ الَّذِي مَاتَ عَلَى الكُفرِ بِالمَغفِرَةِ وَالرَّحمَةِ ، وَلا أَن يُصَلَّى عَلَيهِ أَو يُحَجَّ عَنهُ أَو يُعتَمَرَ ، أَو يُظَنَّ أَنَّهُ مِن أَهلِ الجَنَّةِ تَأَثُّرًا بِمَا يُرَدِّدُهُ بَعضُ الجَهَلَةِ وَالمُنَافِقِينَ القَائِلِينَ : وَمَا يُدرِيكُم ، فَلَعَلَّهُ قَد أَسلَمَ قَبلَ أَن يَمُوتَ ؟! وَهَذَا وَاللهِ مِن تَلبِيسِ الشَّيطَانِ ، وَلَو صَدَّقنَاهُ وَأَخَذنَا بِهِ ، لَمَا تَرَكنَا كَافِرًا إِلاَّ وَدَعَينَا لَهُ بِالرَّحمَةِ وَصَلَّينَا عَلَيهِ وَرَجَونَا لَهُ الجَنَّةَ ، لَكِنَّنَا وَللهِ الحَمدُ عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ ، وَآيَاتُ الكِتَابِ وَأَقوَالُ نَبِيِّنَا بَينَ أَيدِينَا بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ ، قَالَ تَعَالى لِنَبِيِّهِ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : " وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنهُم مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُم فَاسِقُونَ " وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : " إِنَّ اللهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ "
وَمِن سَاقِطِ القَولِ الَّذِي يُلقِيهِ بَعضُ الجَهَلَةِ عَلَى أَهلِ التَّوحِيدِ أَن يَقُولُوا لَهُم : وَهَلِ الجَنَّةُ مُلكٌ لَكُم فَتُدخِلُوا فِيهَا مَن شِئتُم وَتَمنَعُوا مِنهَا مَن لا تُحِبُّونَ ؟! فَيُقَالُ لِهَؤُلاءِ : لَيسَتِ الجَنَّةُ مُلكًا لَنَا وَلا هِيَ مُلكًا لَكُم ، وَلَكِنَّ مَالِكَهَا سُبحَانَهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَ دُخُولَهَا عَلَى المُشرِكِينَ فَقَالَ : " إِنَّهُ مَن يُشرِكْ بِاللهِ فَقَد حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنصَارٍ " وَمِن تَلبِيسِ بَعضِ مَن يَقرَأُ الآيَاتِ قِرَاءَةً نَاقِصَةً أَن قَالَ : كَيفَ لا يَرحَمُ اللهُ الكُفَّارَ وَرَحمَتُهُ وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ ؟! فَيُقَالُ لِهَذَا : اِقرَأِ الآيَةَ كَامِلَةً لِتَتَّضِحَ لَكَ الصُّورَةُ وَيَكمُلَ التَّصَوُّرُ ، فَقَد قَالَ تَعَالى : " وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ فَسَأَكتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤمِنُونَ . الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكتُوبًا عِندَهُم في التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعرُوفِ وَيَنهَاهُم عَنِ المُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَالأَغلالَ الَّتي كَانَت عَلَيهِم فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ " وَقَالَ تَعَالى في آيَةٍ أُخرَى : " وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِن رَحمَتي وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ " اللَّهُمَّ أَرِنَا الحَقَّ حَقًّا وَارزُقْنَا اتِّبَاعَهُ ، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارزُقْنَا اجتِنَابَهُ ، وَلا تَجعَلْهُ مُلتَبِسًا عَلَينَا فَنَضِلَّ ، وَاجعَلْنَا لِلمُتَّقِينَ إِمَامًا .
المرفقات
1652864771_لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.docx
1652864778_لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق