خطبة قصيرة: لكل داءٍ دواء

عايد القزلان التميمي
1442/05/17 - 2021/01/01 06:05AM

الحمد لله الذي بحكمته أنزل الداء، ومن عدله وحكمته وفضله جعل لكل داء دواء. علمه من علمه، وجهله من جهله. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وعلى صحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين

.أما بعد فيا أيها المؤمنون أوصيكم ونفسي بتقوى الله في السر والعلن .

عِبَادَ اللهِ لا يخفى على الجميع أنَّ طَاعَةَ اللهِ صَلاحٌ في الأَرْضِ لِهَذَا أَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِالطَّاعَاتِ ، وَهَذِهِ الطَّاعَاتِ تُرْضِي اللهَ سُبْحَانَهُ لأَنَّهَا شُكْرٌ لَهُ عَلَى نِعَمِهِ الْمُتَوَالِيَاتِ ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَحُثَّ عَلَيْهَا وَأَنْ نَأْمُرَ مَنْ تَرَكَ الطَّاعَةَ أنْ يَعُودَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَتْ مِنْ فَرَائِضِ الدِّينِ كَالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ ، وَأَنْ نُنْكِرَ عَلَى مَنْ رَأَيْنَاهُ يَقْتَرِفُ مَعْصِيَةَ مِنْ الْمَعَاصِي ، لأَنَّ الْمَعَاصِي بِكُلِّ أَنْوَاعِهَا شُرُورٌ وَأَضْرَارٌ وَفَسَادٌ .

وَتَأَمَّل أيها المسلم أَحْوَالَ الأُمَم وَمَا حَلَّ بِهَا مِنْ الْعُقُوبَاتِ بِأَسْبَابِ الذُّنُوبِ قاَلَ تَعَالى : ﴿ فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ   يَظْلِمُونَ ﴾ .

عباد الله : وفي الحديث النبوي الشريف تحذير من عقوبة الإعلان بالمعاصي ومقابلتها بانتشار الأوبئة والأمراض التي تفتك بالبشرية، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشرَ المُهاجِرينَ، خِصالٌ خمْسٌ إذا نزلْنَ بكم -وأعوذُ باللهِ أنْ تُدْرِكوهنَّ-: لم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعْلِنوا بها، إلَّا فشا فيهم الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضَتْ في أسلافِهم الَّذين مَضَوا قبلَهم، ولا انتقَصوا المكيالَ والميزانَ إلَّا أُخِذُوا بالسِّنينَ وشِدَّةِ المؤنةِ وجورِ السُّلطانِ عليهم، ولم يَمْنعوا زكاةَ أموالِهم إلَّا مُنِعُوا القَطْرَ من السَّماءِ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَروا، ولم يَنْقضوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلَّا سلَّطَ اللهُ عليهم عدُوًّا من غيرِهم، فأخَذَ بعضَ ما في أيديهم، وما لم يَحْكمْ أئمَّتُهم بما أنزَلَ اللهُ وتَخيَّروا فيما أنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، إلَّا جعَلَ اللهُ بأْسَهم بينهم. 

) رواه ابن ماجه في السنن.

عباد الله إن الإسلام شرع للناس سبلاً للوقاية والعلاج من الأوبئة والأمراض، ومن هذه السبل الوقائية والعلاجية الاعتماد والتوكل على الله تعالى والإيمان بالقضاء والقدر والإيمان بأنه لن يصيب الانسان إلا ما كتب له , و الدعاء والتضرع لرفع البلاء، و التوبة والاستغفار ورد المظالم والحقوق إلى أهلها و التحصين بالعبادة والأذكار.

عباد الله : لقد أمرنا ديننا الإسلامي إلى ضرورة التداوي وطلب العلاج من الأمراض والأوبئة والاستعانة بالعلاج والأدوية التي يوصي بها ويصفها الأطباء للمريض، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ))

لإن الإسلام ينطلق في مسألة العلاج والتداوي والجوانب الصحية بصورة عامة من منطلق أن الحفاظ على النفس والبدن والعقل والفكر من الضروريات الأساسية التي جاءت الشريعة لأجل الحفاظ عليها، وحمايتها وتنميتها.

وإن مما ينبغي أن نعلمه أن بالشكر والإيمان تدوم وتكثر النِّعم،وبالجحود والعصيان تَحلُّ وتزداد النقم، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) 

بارك الله لي ولكم ....

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام الصابرين وسيد الشاكرين وأفضل المتوكلين. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين

أما بعد فيا أيها المؤمنون لَقَدْ اتَّخَذَتْ بِلَادنَا خُطُوَاتٍ مهمة وضرورية للقاح هذا الوباء هذا بِفَضْلِ اللهِ ثُمِّ حِرْصِ وُلَاةِ أَمْرِنَا، حَفِظَهُمُ اللهُ في المحافظة على صحة المواطنين والمقيمين ، وعلاجهم مجانا ، بل ومن أول الدول في إحضار اللقاحات لعلاج الوباء ، والبدء في توزيعها , ولله الحمد أن الأمر اختياري فمن شاء أخذ اللقاح ومن شاء تركه ، وكل ذلك لا ينافي التوكل على الله ، بل هو من فعل السبب ، وفعل السبب من التوكل على الله .

فاللهم اجعلنا ممن يتوكلون عليك حق التوكل و احفظنا بالإسلام وأدم علينا نعمة الإيمان. واحفظنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل شر وبلاء ومرض .

هذا وصلوا وسلموا على رسول الله .....

 

المرفقات

1609481100_خطبة لكل داء دواء.doc

المشاهدات 2075 | التعليقات 0