خطبة قصيرة عن (الغش) للشيخ عبدالله القعود

الفريق العلمي
1436/09/12 - 2015/06/29 07:52AM
[align=justify]الحمد لله

أما بعد: أيها المؤمنون لقد جاء دين الإسلام الحنيف بما فيه خير البشرية وتآمنها وتعاونها على الخير وتعاملها به.

جاء بما يحقق ما يحتاجونه في معاملاتهم من صدق ونصح وإيضاح وبيان وتوفية كيل أو وزن أو زرع أو غير ذلك. يقول سبحانه: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) [الشعراء:181-184] ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما".

وبهذين النصين وأمثالهما من الكتاب والسنة يعلم أن الإسلام جاء بالأمر بالصدق في المعاملة والنصح فيها والنهي عما يخدش ذلك أو يناقضه، فقد حرم في معاملاته التي وضعها لبنيه الغش بجميع أنواعه وألوانه مسمياته، حرمه لما يعلمه تعالى فيه من خطورته العظمى وآثاره النكراء على المجتمع المسلم في معاملاته ومعتقداته, في أمنه وسلوكه في معاشه بل ومعاده، ولا جرم فما وجد في الأمة غش تاجر أو غش صانع أو غش مربي إلا ونخر ذلك في عظمها كما تنخر السوس في الخشب، فإذا انضم إليه فيها غش والٍ أو قاضٍ أو جندي فقل عليها السلام في أعز ما لديها, في عدلها وأمنها في معتقدها وسلوكها في دينها ومعاملتها إن لم يتداركها الله بتقييض مخلصين محتسبين متفانين في خدمة دينها وحماية مجتمعهم من التدلي في مهاوي الأخطار ومسببات الأضرار، ولا جرم فما –وأيم الله- قامت أمة عبر حقب التاريخ المتتالية قياماً تبعه استقرار ورجاء، إلا بالتزامها للنصح والوفاء، وما انحطت أية أمة عبر حقب التاريخ وضاقت معايشها وتنافرت قلوبها بل وتجري على سلطانها إلا بعد أن وجد الغش فيها سافراً تربى عليه الصغار وهرم عليها الكبار، وحفاظاً على كيان الأمة الإسلام وصيانة لها من التدلي والتردي فيها لا تحمد عقباه حرم الإسلام الغش.

يقول الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-: "الدين النصحية" قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ويقول: "من غش فليس منا" ويقول: "يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما" ويقول: "ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة" رواه مسلم، وفي الطبراني بإسناد حسن: "ما من إمام ولا والٍ بات ليلة سوداء غاشاً لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

فاتّقوا الله -عباد الله- وحاربوا الغش حكاماً ومحكومين، أفراداً وجماعات، حاربوه بجهودكم الطيبة وأعمالكم المخلصة، حاربوه بلزوم النصح والصدق في الأمور مهما كانت الأحوال أو وجدت مصالح ظاهرة، فالحق يقول بعد أن أمر بالوفاء في كيل أو وزن (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [هود:86].

وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إن الله هو الغفور الرحيم.
[/align]
المشاهدات 2368 | التعليقات 0