خطبة قصة إبراهيم وهاجر عليهم السلام الشيخ صالح بن محمد باكرمان

شادي باجبير
1444/12/19 - 2023/07/07 12:38PM

خطبة: قصة إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام
للشيخ أبي مجاهد صالح بن محمد باكرمان

                       الخطبة الأولى

        إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

         أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].

        عباد الله، إن في قصة إبراهيم وإسماعيل وهاجر -عليهم السلام- لعبرة عظيمة، وعظة لمن يتعظ، وذكرى لمن يذكر، فيها دروس عظيمة في توحيد الله عز وجل، ومحبته، وفي الاستسلام لله عز وجل، وطاعته.

       إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- هاجر من بلده، هاجر من أور ببابل إلى حران، مهاجراً إلى الله عز وجل، ومعه ابنة عمه وزوجته سارة رحمها الله، وابن أخيه لوط عليه الصلاة والسلام، ثم انطلقوا من حران إلى فلسطين، فاستوطن لوط -عليه الصلاة والسلام- في سدوم وعمورة، وأما الخليل -عليه الصلاة والسلام- فاستوطن الجليل، ثم كانت له مع زوجه سارة رحلة إلى مصر، وفي مصر وجدوا ملكاً طاغية جباراً، لا يرى امرأة جميلة إلا أخذها، وكانت سارة -رحمها الله- من أجمل نساء العالمين، فقال لها إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام-: قولي إن هذا أخي؛ حماية لنفسه.

        فلما دنا منها الملك دعت الله -سبحانه وتعالى- فشل يده، فلم يستطع أن يقرب منها، ثم حاول الثانية، فدعت الله -عز وجل- فشلت يده، ثم الثالثة فشلت يده، فقال: هذه امرأة مباركة. وعظمها، وعظم إبراهيم، وأهداه مالاً عظيماً من البقر ومن غيره من النعم، ومن هنا صار إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- من الأغنياء، وأهداها هاجر رحمها الله.

        واختلفوا في هاجر، منهم من يقول: هي ابنة ذلك الملك، ومنهم من يقول: جارية للملك. وكانت سارة -رحمها الله- عاقرة لا تلد، فأهدت هاجر إلى إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يتخذها سرية؛ لعلها تأتيه بالولد، فاتخذها سرية، وولدت له إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ابنه البكر، فغارت سارة -رحمها الله تعالى- من هاجر، فأمر الله -عز وجل- إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- أن يأخذ هاجر وإسماعيل فيضعهما عند البيت، عند موضع البيت بمكة، بواد غير ذي زرع؛ كرامة لسارة المرأة المؤمنة العظيمة الصابرة، ولِما أراد الله -عز وجل- من حكمة، من إخراج هذه الأمة من إسماعيل وهاجر، ومن إعمار ذلك المكان عند بيته المحرم، فأخذ إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- هاجر وابنها إلى وادي مكة، وكان وادياً ليس فيه ماء، ولم يسكنه أحد، فأخذهم ووضع المرأة والولد في ذلك الوادي، ثم قفى وانطلق، فقالت هاجر -رحمها الله-: لمن تدعنا؟ لمن تتركنا؟ فلم يجبها إبراهيم عليه الصلاة والسلام،  ثم قالت: آلله أمرك بهذا؟ الله أمرك؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يضيعنا الله.

إذا كان الله -عز وجل- هو الذي أمرك، إذن لا يضيعنا سبحانه وتعالى، هذه الكلمة العظيمة من هذه المرأة المؤمنة، المتوكلة على الله عز وجل، الواثقة به.

        انطلق إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبعد أن غاب عن هاجر وابنه دعا الله ﴿رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ﴾ [إبراهيم: ٣٧]. فاستجاب الله -عز وجل- لهذا النداء؛ فنحن الآن نرى أفئدة الناس تهوي إلى مكة، وخيرات الدنيا كلها تهوي إلى مكة، وتأتي إلى مكة.

         ترك عند زوجته وابنه ماء وطعاما، تأكل من الزاد، وتشرب من الماء، وترضع ابنها، حتى إذا ما نفد ذلك الزاد والماء وبكى الغُليِّم انطلقت -رضي الله عنها، ورحمها الله- تريد أن تنظر هل هناك ماء، أو هل من أحد ينقذها، فوجدت أقرب شيء إليها جبل الصفا، مقدم جبل أبي قبيس، فصعدت عليه، ونظرت فلم ترَ أحداً، ولا تسمع إلا صراخ الصغير، فخرجت من جبل الصفا، حتى إذا استبطنت الوادي جرت وسعت سعي المكدود رحمها الله، ولكنها تريد أن تنقذ ابنها، فوجدت أقرب ما يكون إليها المروة، فصعدت على المروة، ونظرت هل ترى من أحد، فلم ترَ شيئاً، ثم خرجت وهرولت حتى استبطنت الوادي، فسعت سعي المكدود نحو الصفا، فعلت ذلك سبعاً، ابتدأت بالصفا، وانتهت بالمروة، وهذا هو أصل السعي بين الصفا والمروة، قال الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ الصَّفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَن حَجَّ البَيتَ أَوِ اعتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَليمٌ﴾ [البقرة: ١٥٨].

        خلد الله -عز وجل- فعل تلك المرأة في ذلك المكان؛ ليذكرنا بهذه القصة العظيمة، قصة التوحيد، وقصة الإسلام والاستسلام والطاعة، قصة التوكل والثقة بالله سبحانه وتعالى، ولما كانت على المروة سمعت صوتاً فقالت: صه. تسكت نفسها، فلم تسمع الصوت، فقالت: أجب إن كان عندك غوث. يعني تنادي صاحب الصوت، فإذا بجبريل -عليه السلام- عند ولدها، قال بجناحه هكذا، فحفر بئر زمزم، والولد يفحس بقدميه على الماء، فذهبت فإذا بالماء ينبع من تحت قدمي إسماعيل عليه الصلاة والسلام، فأخذت تحوض الماء بالتراب، تجمع التراب من أجل أن تحفظ الماء لحاجتها إليه، وهنا يعلق الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فيقول: " رَحِمَ اللَّهُ هَاجَرَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْهَا لَكَانَتْ مَاءً مَعِينًا ". لو أنها لم تحوض زمزم لكانت ماء جاريا، ولكنها طبيعة الإنسان، يخاف مما أمامه.

        ومرت بهم قبيلة جرهم من اليمن، وهم يعلمون أن ذلك المكان ليس به ماء، لكنهم رأوا الطير تحوم فوق ذلك المكان، وقالوا عهدنا ألا ماء في ذلك المكان، فأرسلوا واردهم ورائدهم، فإذا بالماء والمرأة والغلام، فجاءوا إليها، وقالوا: نسكن بقربك. قالت: نعم، ولكن ليس لكم شيء في هذا المكان، الماء ماؤنا. فقالوا: نعم. فسكنت جرهم عند هاجر وإسماعيل، وترعرع إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- في ذلك المكان عند تلك القبيلة العربية، ونطق بالعربية، وتربى على العربية.

        وكان إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يأتيهم بعد كل فترة من الزمان، يأتي على البراق من الشام إلى الحجاز، وفي يوم من الأيام، رأى إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- أنه يذبح ابنه بعد أن كبر وصار يافعاً يستطيع أن يعينه في العمل، رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام، ورؤيا الأنبياء حق، فهذا أمر من الله -عز وجل- أن يذبح ابنه، فما كان من إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- إلا أن يستسلم لأمر الله سبحانه وتعالى، الخليل الذي تخللت محبة الله -عز وجل- في قلبه، الخليل الذي هو أعظم الخلق بعد محمد -صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين- ائتمر لأمر الله، وانقاد لأمر الله، وانطلق لابنه إلى الحجاز، إلى مكة، فقال لابنه ما رأى، وما أُمر به؛ من أجل أن يكون ابنه مستسلماً لأمر الله سبحانه وتعالى، قال كما قال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنّي أَرى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ فَانظُر ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرينَ﴾ [الصافات: ١٠٢]. وإن شاء الله هنا تحقيقاً لا تعليقا.

        فانطلق إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- بإسماعيل ليذبحه، ويتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، فلما كان في طريقه في منى عرض الشيطان لإبراهيم، وقال له: تذبح ابنك؟! هذه رؤيا ربما أخطأت فيها. فرماه بالحجر وطرده، ثم اعترض الشيطان إسماعيل -عليه السلام- وقال له: ألا تعلم أين يذهب بك أبوك؟ إنه يذهب بك لينحرك، ليذبحك. فطرده ورماه بالحجر، ثم انطلق إبليس إلى هاجر، وقال: ألا تعلمين ماذا يفعل إبراهيم؟ إنه يذهب بابنك ووحيدك ليذبحه. فرمته بالحجر، فكان رمي الجمرات تخليداً لتلك الذكرى، الائتمار لأمر الله، والانصراف عن الشيطان، وطرد الشيطان عن أن يقف بين يدي طاعة الرحمن سبحانه وتعالى.

        وانطلق إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- وضجع ابنه كما تضجع الأضحية، كما تضجع البهيمة، وتله للجبين، وأتى بالسكين وأمرَّه على رقبته، ولكنه لم يذبح. ﴿فَلَمّا أَسلَما﴾ استسلما لأمر الله ﴿...وَتَلَّهُ لِلجَبينِ۝ وَنادَيناهُ أَن يا إِبراهيمُ۝قَد صَدَّقتَ الرُّؤيا إِنّا كَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ۝إِنَّ هذا لَهُوَ البَلاءُ المُبينُ﴾ [الصافات: ١٠٣-١٠٦]. هذا هو البلاء العظيم، أن يُؤمر إنسان ليس بذبح نعجه يتقرب بها إلى الله، ولكن بذبح ابنه ووحيده ﴿وَفَدَيناهُ بِذِبحٍ عَظيمٍ﴾ [الصافات: ١٠٧]. أعطاه الله ذبحاً عظيما، كبشاً عظيما، فضحى به فداء لإسماعيل؛ فكان ذلك أصل الأضحية.

الأضحية -عباد الله- هي شكر لله عز وجل، وفداء عن الحياة والروح التي أعطاكها الله سبحانه وتعالى.

هذا هو إبراهيم الخليل، وهذا هو إسماعيل، وهذه هي هاجر، هذه الأسرة الكريمة التي خلد الله عز وجل ذكرها وأعمالها وأفعالها؛ لأن أعمالها وأفعالها توحيد وطاعة، واستسلام لله سبحانه وتعالى؛ لكي نقتدي بهؤلاء في توحيد الله وفي طاعة الله.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

                         الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

        أما بعد، أيها المسلمون عباد الله، لم يزل إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يتفقد تركته المرة تلو المرة، يأتي فيزور هاجر وإسماعيل، كبر إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وتزوج من امرأة من جرهم، أتى إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- مرة، وهذه قصة يحكيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جاء إبراهيم إلى بيت إسماعيل، فإذا بامرأة في البيت زوجة إسماعيل، فقال لها: أين زوجك؟ فقالت: ذهب. أين إسماعيل؟ قالت: ذهب يبتغي لنا[يطلب الأكل والطعام والرزق]. فقال: كيف حالكم؟ قالت: نحن بشر حال. واشتكت له، وكان إبراهيم شيخاً كبيرا، قد تجاوز المائة والأربعين من العمر صلوات ربي وسلامه عليه، فقال لها: إذا جاء إسماعيل فسلمي عليه، وقولي له: جاء شيخ صفته كذا وكذا، وقولي له: غير عتبة بيتك. فلما جاء إسماعيل حكت له المرأة القصة، وقالت: جاءنا شيخ صفته كذا وكذا، يقول: غير عتبة بيتك. فقال إسماعيل: ذاك أبي إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، يأمرني أن أطلقك. فطلقها ثم تزوج امرأة أخرى من جرهم، فجاء إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- يتفقد ذريته فلم يجد إسماعيل، ووجد امرأة أخرى، فسألها عن حالها وعن حالهم، فقالت: نحن بخير بأحسن حال. فدعا لها ولهم، ودعا بالبركة للطعام واللحم والخبز والماء، فبارك الله -عز وجل- فيهم، وقال: إذا جاء إسماعيل قولي له: ثبت عتبة بيتك. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتى من أحد. قالت: نعم، رجل شيخ كبير صفته كذا وكذا، ويقول لك: ثبت عتبة بيتك. فقال: ذاك أبي يأمرني أن أمسك.

        ثم جاء في مرة ثالثة، جاء إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- فوجد إسماعيل جالساً تحت شجرة يبري نبلا، فقام فاستقبله كما يستقبل الابن أباه، ثم قال إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام-: إن الله -عز وجل- أمرني أن أبني بيتاً في هذا المكان. في تلة كانت فيها شجرة عظيمة في موضع الكعبة المشرفة. فقال: تعينني على ذلك. قال: أعينك. فأخذ ووضع أساس البيت، ثم بنياه حتى رُفع البيت، فلما ارتفع البناء قال: ائتني بحجر. فأتى بحجر، فصعد عليه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- يبني، فعلمت قدماه في ذلك الحجر، وذلك هو مقام إبراهيم الذي هو من أعظم الآيات الدالة على عظمة الله، وعلى إبراهيم وأسرة إبراهيم في ذلك المكان، ولا يزال ذلك الحجر موجودا إلى هذه الساعة، مقام إبراهيم ﴿وَإِذ يَرفَعُ إِبراهيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسماعيلُ رَبَّنا تَقَبَّل مِنّا إِنَّكَ أَنتَ السَّميعُ العَليمُ۝رَبَّنا وَاجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُب عَلَينا إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ۝رَبَّنا وَابعَث فيهِم رَسولًا مِنهُم يَتلو عَلَيهِم آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَيُزَكّيهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧-١٢٩].

         فاستجاب الله -عز وجل- لدعوة إبراهيم، وجاء من ذريته محمد -صلوات ربي وسلامه عليه- وأمة الإسلام، فهذه ذرية إبراهيم، وتركة إبراهيم، ودين إبراهيم، وملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي الإسلام ﴿وَمَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إِبراهيمَ إِلّا مَن سَفِهَ نَفسَهُ وَلَقَدِ اصطَفَيناهُ فِي الدُّنيا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحينَ۝إِذ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسلِم قالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العالَمينَ۝وَوَصّى بِها إِبراهيمُ بَنيهِ وَيَعقوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصطَفى لَكُمُ الدّينَ فَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ۝ أَم كُنتُم شُهَداءَ إِذ حَضَرَ يَعقوبَ المَوتُ إِذ قالَ لِبَنيهِ ما تَعبُدونَ مِن بَعدي قالوا نَعبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبراهيمَ وَإِسماعيلَ وَإِسحاقَ إِلهًا واحِدًا وَنَحنُ لَهُ مُسلِمونَ﴾ [البقرة: ١٣٠-١٣٣]. إنه الإسلام، وإنها الفطرة، وإنها ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكان الحبيب -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول -في أذكار الصباح والمساء، يلقن هذه الأمة هذه العقيدة-: " أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ  حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ".

        هذه قصة إبراهيم وإسماعيل وهاجر عليهم السلام فيها عبر عظيمة، أهل التوحيد والاستقامة على التوحيد وترك الشرك، أهل الإسلام والاستسلام والطاعة لله عز وجل، قصة إبراهيم وهو يضحي بابنه، وهذه صارت سنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وسنة هذه الأمة، أن نضحي لله سبحانه وتعالى، فضحوا تقبل الله ضحاياكم، واحرصوا على الأضاحي، واستقيموا على التوحيد، واثبتوا على الطاعة والاستسلام.

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يمن علينا وعليكم بالخير والسداد!

اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد! اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد!

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات! ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار!

اللهم يسر أمورنا، اغفر ذنوبنا، استر عيوبنا، ولِّ علينا خيارنا، اصرف عنا أشرارنا! اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن! اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن! اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن!

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

لتحميل الخطبة صوتية

 

المشاهدات 1511 | التعليقات 0