خطبة في فضل يوم الجمعة

صالح محمد السعوي
1447/06/23 - 2025/12/14 21:00PM

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة في فضل يوم الجمعة

 

بقلم/ صالح بن محمد السعوي

 

الحمد لله الذي فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، ومن به على أمة الإسلام.

أحمده تعالى على تواصل الإنعام، وأشكره سبحانه وبالشكر يتحقق المرام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام.

وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل مبعوث من الأنام.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الفضلاء الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واغنموا من الله بهذا اليوم المبارك يوم الجمعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ” رواه مسلم.

وعن أبي لبابة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ الجمعةِ سيِّدُ الأيَّامِ وأعظمُها عِندَ اللهِ، وهوَ أعظَمُ عندَ اللهِ من يومِ الأضحَى ويومِ الفِطرِ، وفيه خَمسُ خلالٍ : خلَق اللهُ فيهِ آدمَ وأهبَط اللهُ فيهِ آدمَ إلى الأرضِ وفيهِ توفَّى اللهُ آدمَ وفيه ساعةٌ لا يَسألُ اللهَ فيها العبدُ شيئًا إلَّا أعطاهُ إيَّاهُ؛ ما لَم يسأَل حرامًا وفيهِ تقومُ السَّاعةُ، ما من مَلَكٍ مُقرَّبٍ، ولا سماءٍ، ولا أَرضٍ، ولا رياحٍ، ولا جبالٍ، ولا بَحرٍ؛ إلَّا وهنَّ يشفقْنَ مِن يومِ الجمُعةِ" رواه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد حسن وحسنه الألباني.

ويوم الجمعة من خصائص هذه الأمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِنَا، ثُمَّ هذا يَوْمُهُمُ الذي فُرِضَ عليهم، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فيه تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، والنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ" متفق عليه.

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "أضَلَّ اللَّهُ عَنِ الجُمُعَةِ مَن كانَ قَبْلَنا، فَكانَ لِلْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ، وكانَ لِلنَّصارَى يَوْمُ الأحَدِ، فَجاءَ اللَّهُ بنا فَهَدانا اللَّهُ لِيَومِ الجُمُعَةِ، فَجَعَلَ الجُمُعَةَ، والسَّبْتَ، والأحَدَ، وكَذلكَ هُمْ تَبَعٌ لنا يَومَ القِيامَةِ، نَحْنُ الآخِرُونَ مِن أهْلِ الدُّنْيا، والأوَّلُونَ يَومَ القِيامَةِ، المَقْضِيُّ لهمْ قَبْلَ الخَلائِقِ" رواه مسلم.

وليوم الجمعة خصائص، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ في السَّاعَةِ الأولى فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن راحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن راحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن راحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجاجَةً، ومَن راحَ في السَّاعَةِ الخامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فإذا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ" متفق عليه.

وفي رواية: "إِذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ وقَفَتِ المَلَائِكَةُ علَى بَابِ المَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ" متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: "مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ" رواه مسلم.

وفي يوم الجمعة ساعة الإجابة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ في الجمعةِ لساعةٌ لا يوافِقها عبدٌ مسلمٌ، وهو قائمٌ يُصلِّي، يسأل اللهَ شيئًا إلا أعطاه إيَّاه" متفق عليه.

ونهى ﷺ عن أذى المتقدمين للصلاة بتخطي رقابهم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلاً دخل المسجد يَوْمَ الجُمُعةِ ورسول الله ﷺ يخطب فجعل يَتخطَّى النَّاسِ فقال رسول الله ﷺ: "اجلِسْ فقدْ آذَيْتَ وآنَيْتَ" رواه ابن ماجه وصححه الألباني وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فرجة لا يوم الجمعة ولا غيره لأن هذا من الظلم والتعدي لحدود الله انتهى.

نسأل الله أن يوفقنا ويعيننا على طاعته وابتغاء مراضيه ويمن علينا بالصلاح والهداية للذراري والنساء، ويكتب الإيمان في قلوبهم ويؤيدهم بروح منه.

اللهم أصلح إمامنا واحفظه وانصر به الدين وأصلح ولي عهده والعلماء والأمناء والحراس والمستشارين وشد عضده بهم يا رب العالمين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [الجمعة الآيتان ٩،١٠].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

خطبة أخيرة في فضل يوم الجمعة

 

الحمد لله الذي هدى المؤمنين، وأعانهم على القيام بشرائع الدين.

أحمده تعالى أنه خص يوم الجمعة للمسلمين.

وأشكره سبحانه والفضل منه للشاكرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين.

وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين والمرسلين.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هداة العالمين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه واقدروا ليوم الجمعة قدره ولا تصيروه كغيره من الأيام فإن قدره عند خيار المؤمنين كبير إذ لا مثيل له في الأيام، لما خص به من خصائص كثيرة تقدم ذكر بعضها، والمقام لا يتسع لاستيفائها.

وقد بسطها ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد يحسن الرجوع إليه، وخذوا أيها المؤمنون بوصية رسول الله ﷺ بقوله: «احضُروا الذِّكرَ، وادنوا من الإمامِ؛ فإنَّ الرَّجُلَ لا يزالُ يتباعَدُ حتَّى يؤخَّرَ في الجنَّةِ، وإن دخَلها» رواه أبو داود وأخرجه الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

واعلموا أن من خصائص يوم الجمعة كثرة الصلاة على رسول الله ﷺ وقراءة سورة الكهف، والاشتغال بصلاة النافلة والذكر وقراءة القرآن حتى يحضر الإمام، وتحري ساعة الإجابة، ومن دخل المسجد فلا يتخطى رقاب الناس ويكتفي بما تنتهي به الصفوف، وإذا شرع الإمام في الخطبة وجب على الحاضرين الإنصات لها.

قال عليه الصلاة والسلام: "قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَومَ الجُمُعَةِ أنْصِتْ، والإِمَامُ يَخْطُبُ، فقَدْ لَغَوْتَ" متفق عليه.

وقال ﷺ: "مَن مَسَّ الحَصَى فقَدْ لَغا" رواه مسلم.

وينهى عن تشميت العاطس ورد السلام، ومن دخل في أثناء الخطبة فلا يجلس حتى يصلي ركعتين بإيجاز وكذلك من دخل في أثناء الأذان فليشرع بصلاة الركعتين من غير متابعة المؤذن ليتمكن من سماع الخطبة من أولها ومن أدرك ركعة في صلاة الجمعة فإذا سلم الإمام فليقم وليأتي بركعة ثم ليسلم ومن لم يدرك ركعة فليتمها بنية الظهر أربع ركعات. ويسن لمن صلى الجمعة أن يصلي بعدها أربع ركعات بسلامين قبل الخروج من المسجد.

ولتكن القلوب حاضرة، والأسماع صاغية، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

وصلوا على المبعوث رحمة للعالمين، والله يقول: ‎((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ومن صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشرًا.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد بعد ما سمعت الأذنان وأبصرت العينان ووعت القلوب.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين، وعن جميع الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، واجعلنا ممن تبعهم واحشرنا في زمرتهم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا بالتوفيق والحفظ والعون والتسديد، وأصلح له البطانة من ولي عهده والعلماء وخيرة المؤمنين.

اللهم احفظ لنا إيماننا وأمننا وقادتنا وعلماءنا ودعاتنا ورجال أمننا وحراس الحدود والمنافذ والمحارم والحرمات والمرافق واحم دماءهم وأعراضهم وعتادهم واغفر لمن مات منهم.

اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة ولوجهك خالصة ولا تجعل لأحد فيها شيئاً.

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعفو عنا وأكرمنا ولا تهنا، واغفر لوالدينا ولمن دلنا عليك ورغبنا فيما عندك، ولمن أحسن إلينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات وأنت أرحم الراحمين ((رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)) [الحشر الآية ١٠].

((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [البقرة الآية ٢٠١].

المشاهدات 40 | التعليقات 0