خُطبَةُ فِي سُورَةِ الإِخْلاَص

بندر المقاطي
1436/01/18 - 2014/11/11 19:42PM
خُطبَةُ فِي سُورَةِ الإِخْلاَص


) الخُطْبَةُ الأُوْلَى(

الْحَمْدُ لِلَّـهِ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ، وَلَهُ النِّعْمَةُ وَالفَضْلُ، وَلَهُ المُلْكُ وَالحَمْدُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ وَالمَجْدُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَإِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَأَشْهَدُأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيراً. أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِوَصِيَّةِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ للأَوَلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ، للأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينِ، )وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اِتَقُوا الله(، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ الله، فِإِنَّ تَقْوَى اللهِ هِيَ الحَيَاةُ، وَهِيَ طَوْقُ النَّجَاةِ، فِي يَوْمٍ عَظِيْمٍ الكُلُّ سَيَلْقَاهُ، ) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِيْنَ اتَقُوا وَنَذَرُ الظَالِمِيْنَ فِيْهَا جِثِياً(.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ:
إِنَّ مِنْ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا، أَنْ أَنْزَلَ لَنَا كِتَابَاً، وَجَعَلَهُ شِرْعَةً وَمِنْهَاجَاً لِحَيَاتِنَا، وَسُنَّةً وَسَبِيْلاً لِجَمِيْعِ أُمُورِنَا، تَعَبَدَنَا بِتِلاَوَتِهِ وَتَدَبُّرِهِ، وَالتَّفَكُرِ فِي آيَاتِهِ، وَالعَمَلِ بِأَحْكَامِهِ، وَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَجْزَلَ ثَوَابٍ وَأَجْرَاً وَفِيْراً.
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ:
وَمِنْ هَذَا البَاب، دَعُونِي وَإِيَّاكُمْ فِي هَذِهِ الخُطْبَةِ، نَعِيْشُ لَحَظَاتٍ، وَنَقِفُ وَقَفَاتٍ، مَعَ سُورَةٍ كَرِيْمَةٍ مِنْ كِتَابِ رَبِّنَا جَلَّ وَعَلاَ، لِنَعْرِفَ فَضْلَهَا وَنَتَأَمَلَ وَنَتَدَبَرَ في آيَاتِهَا الشَّرِيْفَةِ، فَهِيَ نِسْبَةُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَصِفَةُ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ، مَنْ أَحَبَّهَا أَحَبَّهُ الله، وَمَنْ أَحَبَّهَا أَدْخَلَتْهُ وَسَاقَتْهُ إِلى الَجنَّةِ، سُورَةٌ عَظِيْمَةٌ قَاَلَ عَنْهَا النَّبِيُّ e: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآن).

وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ذَاتَ يَوْمٍ لأَصْحَابِهِ: (أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟) فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: أَيُّنَا يُطَيْقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ!، فَقَالَ e: (اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثَ القُرْآنِ).


نَعَمْ أَيُّهَا الكِرَامُ:
إِنَّهَا سُورَةُ )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(، سُورَةُ الإِخْلاَصِ، سُورَةُ التَّنْزِيْهِ وَالتَّوْحِيْدِ، سُورَةٌ نَزَلَ بِهَا جِبْرِيْلُ u حِيْنَمَا جَاءَ المُشْرِكُونَ إِلى رَسُولِ اللهِ e، وَسَأَلُوهُ سُؤَالَ تَعَنُتٍ وَاسْتِهْزَاءٍ، لاَ سُؤَالَ حُبٍّ لِلْعِلْمِ وَاسْتِرْشَاداً بِهِ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَدُ انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ؟، فَأَنْزَلَ اللهُ: )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ(.
)قُلْ( لَهُمْ يَا مُحَمَدُ قَوْلاً جَازِمَاً بِهِ، مُعْتَقِدَاً لَهُ عَارِفاً بِمَعْنَاهُ، )هُوَ اللهُ أَحَدٌ( هُوَ الأَحَدُ المُنْفَرِدُ بِالكَمَالِ، الَّذِي لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى، وَالصِّفَاتِ الكَامِلَةِ العُلْيَا، وَالأَفْعَالِ المُقَدَّسَةِ، الَّذِي لاَ نَظِيْرَ لَهُ وَلاَ مَثِيْلَ.
)اللهُ الصَّمَدُ(: أَيْ المَقْصُودِ فِي جَمِيْعِ الحَوَائِجِ، فَأَهْلُ العَالَمِ العُلْوُيِّ وَالسُفْلِيِّ مُفْتَقِرُونَ إِلَيْهِ غَايَةَ الافْتَقَارِ، يَسْأَلُونَهُ حَوَائِجَهُمْ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ فِي مَهَمَاتِهِمْ، لأَنَّهُ الكَامِلُ فِي أَوْصَافِهِ، العَلِيْمُ الَّذِي كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، الحَلِيْمُ الَّذِي كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، الرَّحِيْمُ الَّذِي كَمُلَ فِي رَحْمَتِهِ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ، وَمِنْ كَمَالِهِ أَنَّهُ )لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ( لِكَمَالِ غِنَاهُ سُبْحَانَهُ، )وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ( لا في أَسْمَائِهِ وَلا في أَوْصَافِهِ وَلا في أَفْعَالِهِ، فَتَبَارَكَ رَبُّنَا وَتَعَالى وَتَقَدَّسَ.


أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَنَّ النَّبِيَّ e بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ في صَلاتِهمِ،ْ فَيَخْتِمُ بـــ )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلكَ للنَّبِيِّ e، فَقَالَ: (سَلُوهُ لأَيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذَلكَ؟) فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ e: (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ تَعَالى يُحِبُّهُ).
وَعَنْ أَنَسٍ t قَاَلَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُهُمْ في مَسْجِدِ قُبَاءَ، فَكَانَ كُلَّمَا فَرَغَ مِنَ الفَاتِحَةِ قَرَأَ بِـــ )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(، ثُمَّ قَرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيُّ e أَخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: ( يَا فُلانُ وَمَا حَمَلَكَ عَلَى لُزُوْمِ هَذِهِ السُّورَةَ في كُلِّ رَكْعَةٍ؟)، قَاَلَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ e: (حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ)رواه البخاري.
أَحِبَّتِي فِي الله:
إِنَّهَا سُورَةٌ مُبَارَكَةٌ، كَانَتْ سَبَبَاً لِمَحَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ أَحَبَّهَا، وَأَسْكَنَتْ مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهَا النَّعِيْمَ الَّذِي لاَ يَفْنَى.
بَلْ إِنَّ مَنْ قَرَأَهَا حِيْنَ يُمْسِي وَحِيْنَ يُصْبِحُ كَفَتْهُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ، فَعَنْ عَبْدُاللهِ بْنِ خُبَيْبٍ t قَاَلَ: قَاَلَ لِي رَسُولُ اللهِ e: ( اْقْرَأْ )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ( وَالمُعَوِذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِيْنَ تُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَاتٍ تَكْفِيْكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ)رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالتِّرْمِذِيَّ.
عِبَادَ اللهِ:
فَاقْرَؤُوا هَذِهِ السُّورَةَ الحَافِظَةَ لِمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا، وَاجْعَلُوهَا في كُلِّ أَوْقَاتِكُمْ، وَسَائِرِ أَحْوَالِكُمْ، كَمَا كَانَ نَبِيُّكُمْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَدْ كَانَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ يَقْرَأُ بِهَا عِنْدَ نَومِهِ، وَفي مَسَاءِهِ وَفي صَبَاحِهِ، وَفي أَدْبَارِ صَلَوَاتِهِ، وَكَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ في يَدَيْهِ بِــ )قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(وَالمُعَوِذَاتِ، وَمَسَحَ بِهَا رَأْسَهُ وَسَائِرَ جَسَدَهِ الشَّرِيْفِ.
فَاقْرَؤُوهَا بِتَدَبُرٍ وَتَفَكُرٍ، اقْرَؤُوهَا بِتَمَعُنٍ وَتَعَبُّدٍ، اقْرَؤُوهَا فَهَا أَنْتُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَضْلَهَا وَعَرَفْتُمْ أَجْرَهَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِبُنَا إِلى حُبِّكَ، يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ


فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ،،
المرفقات

خُطبَةُ في سورة الإخلاص.pdf

خُطبَةُ في سورة الإخلاص.pdf

خُطبَةُ في سورة الإخلاص.doc

خُطبَةُ في سورة الإخلاص.doc

المشاهدات 8063 | التعليقات 6

جزاك الله خيرا


الآية فيها سقط آمل التنبه وأعتذر لكم أحبتي

(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِيْنَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اِتَقُوا الله).


وإيّاك شيخ شبيب


جزاك الله خيرا على هذه الخطبه الطيبه ونتمنى
ان تكمل الخطبه الثانيه


حياك الله أخي عبد أبو محمود
الخطبة الثانية عامة وهي موجودة مع الأولى في المرفقات
وفقك الله


http://www.youtube.com/watch?v=D02vqRC5MAc