خطبة في الطهارة والالتزام بالنظافة العامة
صالح محمد السعوي
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة في الطهارة والالتزام بالنظافة العامة
بقلم وتأليف/ صالح بن محمد السعوي
الحمد لله الذي أمر بالطهارة، ومداومة النظافة، وإماطة الأذى عن الطرق والأماكن العامة.
أحمده تعالى ولا يحصى ثناء عليه، وأشكره سبحانه وبالشكر تتحقق الزيادة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللطيف بعباده.
وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الذي بلغ القرآن والسنة.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيرة الأمة وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه واعلموا أنه مما يتطلب من الإنسان في هذه الحياة الطهارة والنظافة واللياقة في البدن والملبس والبقعة للصلاة والملتقيات في البيوت والمجامع والأسواق، وربنا يحب المطَّهرين من الأرجاس والأنجاس، قال عز وجل: ((لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) [التوبة الآية ١٠٨].
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها" رواه مسلم.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "مفتاحُ الصَّلاةِ الطَّهورُ وتحريمُها التَّكبيرُ وتَحليلُها التَّسليمُ" رواه الترمذي وابن ماجه وقال محقق جامع الأصول حديث صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: "ما من مسلمٍ يتطهَّرُ فيتمُّ الطهورَ الذي كتب اللهُ عليه، فيُصلِّي هذه الصلواتِ الخمسِ، إلا كانت كفارةً لما بينها" متفق عليه.
وجاء النهي عن البول في الماء والاغتسال منه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: "لا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ منهِ" متفق عليه.
ونظافة الأعضاء تجمع الطهارة والنظافة وتكفير الخطايا.
عن عبد الله الصنابحي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إذا توضأ العبدُ فمَضْمَضَ؛ خَرَجَتِ الخَطَايا من فِيهِ، فإذا اسْتَنْثَرَ؛ خَرَجَتِ الخَطايَا من أَنْفِهِ، فإذا غسل وجهَه؛ خَرَجَتِ الخَطايَا من وجهِهِ، حتى تَخْرُجَ من تَحْتِ أشفارِ عَيْنَيْهِ، فإذا غَسَلَ يَدَيْهِ؛ خَرَجَتِ الخَطَايَا من يديه حتى تخرج من تَحْتِ أظفارِ يَدَيْهِ، فإذا مَسَحَ برأسِهِ؛ خَرَجَتِ الخَطَايَا من رأسِهِ حتى تَخْرُجَ من أُذُنَيْهِ؛ فإذا غَسَلَ رِجْلَيْهِ؛ خَرَجَتِ الخَطَايَا من رِجْلَيْهِ، حتى تَخْرُجَ من تَحْتِ أظفارِ رِجْلَيْهِ، ثم كان مَشْيُهُ إلى المسجدِ وصلاتُه نافِلَةً" رواه النسائي وابن ماجه والحاكم والحديث صحيح لغيره.
والطهارة والنظافة لم يقتصر فيها الإسلام للصلاة ومس المصحف وتناول الطعام وإنما تكون في جميع أحوال الإنسان ومن ذلك إماطة الأذى عن الطريق وقد جاء ذكره ضمن شعب الإيمان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "الإيمانُ بضعٌ وسبعون شُعْبَةً أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً أفضلُها قولُ: لا إلهَ إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ، والحياءُ شعبةٌ مِن الإيمانِ" رواه البخاري ومسلم.
ومن مكفرات أخطاء الأعضاء رفع الأذى عن الطرق والمجامع مع الذكر والاستغفار.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال: "خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِن بَنِي آدَمَ علَى سِتِّينَ وثَلاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فمَن كَبَّرَ اللَّهَ، وحَمِدَ اللَّهَ، وهَلَّلَ اللَّهَ، وسَبَّحَ، واسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وعَزَلَ حَجَرًا عن طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ شَوْكَةً، أوْ عَظْمًا عن طَرِيقِ النَّاسِ، وأَمَرَ بِمَعروفٍ، أوْ نَهَى عن مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلكَ السِّتِّينَ والثَّلاثِمِائَةِ فإنَّه يَمْشِي وقدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ" رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له" الحديث متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "عُرِضَتْ عَلَيَّ أعْمالُ أُمَّتي حَسَنُها وسَيِّئُها، فَوَجَدْتُ في مَحاسِنِ أعْمالِها الأذَى يُماطُ عَنِ الطَّرِيقِ، ووَجَدْتُ في مَساوِي أعْمالِها النُّخاعَةَ تَكُونُ في المَسْجِدِ، لا تُدْفَنُ" رواه مسلم.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "إن اللهَ تعالى طيبٌ يحبُّ الطيبَ، نظيفٌ يحبُّ النظافةَ، كريمٌ يحبُّ الكرمَ، جوادٌ يحبُّ الجودَ، فنظفوا أفنيتَكم ولا تَشَبَّهوا باليهودِ" رواه السيوطي في الجامع الصغير وهو حديث صحيح.
وجاء النهي عن التخلي في المواقع التي هي في مصلحة الناس في مجالسهم وطرقهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "اتَّقُوا اللَّاعَّنَيْن" قالوا: وَما اللَّاعَّنَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ ﷺ: "الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ" رواه مسلم.
أدلةٌ تنهضُ همم النفوس للأخذ بالطهارة ودوام النظافة ورفع الأذى عن الناس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "حَقٌّ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يومًا يَغْسِلُ فيه رَأْسَهُ وجَسَدَهُ" متفق عليه.
اللهم طهر قلوبنا وأبداننا وأقوالنا وأعمالنا عن كل مالا يرضيك وعم بذلك النساء والأولاد والمسلمين عامة.
اللهم أصلح إمامنا وولي عهده والعلماء والأمناء والمستشارين واجمعهم على الهدى يا رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)) [الفرقان الآية ٤٨].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
خطبة أخيرة في الطهارة والالتزام بالنظافة العامة
الحمد لله الذي جعل كف الأذى ورفعه مما يزيدُ في الإيمان، ويغنم به العفو والغفران.
أحمده تعالى وهو المحمود المثنى عليه بكل لسان وأشكره سبحانه وهو المتفضل بالزيادة لذوي الشكران.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريم المنان، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله للإنس والجان
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي التعقل والاتزان وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" متفق عليه
ومن المعلوم أننا نحب من يرحمنا ويحسن إلينا ويكف إساءته عنا وما دمنا كذلك فإنه يتحقق منا أن لا نؤذي غيرنا لا بقول ولا بعمل ولا بفعل ومن ذلك ألا نرمي النفايات في الطرق والشوارع والساحات والحدائق وأن نزيل ما تدلى من أشجار المزارع على المساجد والشوارع والمواقع التي يستفيد منها الناس في المنافع العامة أو أن يكون فيها مضرةٌ للجيران ومضايقة عليهم في متفسحاتهم، ولنأخذ بقول الله عز وجل: ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ومن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات، اللهم صل عليه وسلم وبارك بعد الأنفس والأنفاس وجريات الأغذية في الأبدان.
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الستة الباقين من العشرة المفضلين وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين وعن سائر الصحابة والتابعين وعنا ومهم أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وشياطين الإنس والجان واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاء وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً وخص إمامنا وولي عهده بالتوفيق والعون والتسديد وصلاح البطانة من العلماء وخيرة المؤمنين الصالحين المصلحين. اللهم ادفع عنا الغلا والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.
اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيئ الأسقام.
اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وعم بالصلاح الزوجات والأولاد والمربين والمربيات وجميع المسلمين.
اللهم أحفظنا واحفظ أمننا والقائمين عليه والمرابطين على الحدود والمنافذ والحرمات والمحارم.
اللهم اغفر لنا وارحمنا واغفر لوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ((رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)) [الحشر الآية ١٠].