خطبة في التنبيه على أخطاء من بعض المصلين في صلاتهم

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة في التنبيه على أخطاء من بعض المصلين في صلاتهم

بقلم وتأليف/ صالح بن محمد السعوي

الحمد لله الذي جعل إصلاح الأخطاء من أسباب محو ما وقع من الزلل والاعتياض بحسن العمل.

أحمده تعالى وهو الموفق والمعين للقول الأفضل وأشكره سبحانه والشكر ثناء وتحدث وعمل.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده الرحمة والفضل وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الرسل، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكمل وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه واهتموا بصلاتكم بتحقيق إقامتها بما يصلحها، ويغلق مداخل الشيطان ووساوسه وخطراته فإنه لا يألو جهداً في إغواء الإنسان وإضلاله مهما بلغ إلى ذلك سبيلاً، ومنها حضوره عند شروع المسلم في الصلاة وفي أثناء إقامتها ليفسدها عليه فإن لم يتمكن قنع في الإخلال بها، وقد شُرع لمن خرج من بيته أن يدعو بما ينحي الشيطان عنه، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا خرج الرجلُ من بيتِه فقال : بسمِ اللهِ، توكَّلتُ على اللهِ، لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ، يقالُ له : حينئذ هُدِيتَ وكُفيتَ ووُقِيتَ. فيتنحَّى له الشيطانُ، فيقول له شيطانٌ آخرُ: كيف لك برجلٍ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووُقِيَ" رواه الترمذي وأبو داود وقال محقق جامع الأصول وهو حديث صحيح

وإذا وصل المسجد وأراد دخوله استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ﷺ يقول إذا دخل المسجد: "أعوذُ باللهِ العَظيمِ، وبِوجهِه الكَريمِ، وسُلطانِه القديمِ، مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم" قال: "فإذا قالَ ذلكَ قال الشيطانُ: حُفِظَ منِّي اليومِ" رواه أبو داود وإسناده صحيح.

وعن أبي أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ" رواه مسلم.

ومما ينبغي التذكير به السواك، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ علَى أُمَّتي لَأَمَرْتُهُمْ بتَأْخِيرِ العِشاءِ وبالسِّوَاكِ عند كل صلاة" متفق عليه.

ومن الأخطاء التأخر عن الاصطفاف إذا أقيمت الصلاة عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: "عِبادَ اللهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أوْ لَيُخالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ" رواه مسلم.

ومن الخطأ أن يأتي المسبوق إلى الصلاة يعدو بسرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فلا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وأْتُوهَا تَمْشُونَ، وعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا" متفق عليه، ومن الأخطاء عدم متابعة الإمام في تكبيرة الإحرام.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: رأى رسول الله ﷺ في أصحابه تأخراً فقال لهم: "تَقَدَّمُوا وأْتَمُّوا بي، ولْيَأْتَمَّ بكُمْ مَن بَعْدَكُمْ، لا يزالُ قومٌ يَتأخَّرونَ" رواه مسلم.

ومن الخطأ الصلاة خلف الصف منفرداً، عن وابصة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ "رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة" رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.

ومن الأخطاء عدم تمكين أعضاء السجود في الأرض، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: "أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ ولَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ والشَّعَرَ" متفق عليه.

ومن أشد الخطأ عدم الطمأنينة في الصلاة وقد عدت من أركان الصلاة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي ﷺ فرد وقال: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي ﷺ فقال: "ارْجِعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثلاثاً. فقال: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي. فقال: "إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا" متفق عليه.

ومن الخطأ مسابقة الإمام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "أَما يَخْشَى الذي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمامِ، أنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمارٍ" متفق عليه.

وعن الالتفات في الصلاة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله ﷺ عن الالتفات في الصلاة فقال: "هو اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِن صَلَاةِ العَبْدِ" رواه البخاري، والنهي عن رفع البصر في الصلاة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: "ما بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلى السَّمَاءِ في صَلَاتِهِمْ" فاشتد قوله في ذلك حتى قال: "لَيَنْتَهُنَّ عن ذلكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ" رواه البخاري، ومدافعة المارين بين يدي المصلي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ إلى شيءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فأرَادَ أحَدٌ أنْ يَجْتَازَ بيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فإنْ أبَى فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فإنَّما هو شيطَانٌ» متفق عليه، والنهي عن الشروع في صلاة النافلة بعد الإقامة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فلا صَلاةَ إلَّا المَكْتُوبَةُ" رواه مسلم، تلكم من مهمات الأخطاء ومن أهمته صلاته بحث عما يصلحها.

اللهم بصرنا في دينك وأصلح الزوجات والأولاد والمعلمين والمعلمات وجميع المسلمين.

اللهم أصلح إمامنا وولي عهده والعلماء والأمناء والحراس والمستشارين وشد عضد الجميع لصالح العباد والبلاد.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)) [الكهف الآية ٣٠].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

خطبة أخيرة في التنبيه على أخطاء من بعض المصلين في صلاتهم

الحمد لله منير السبيل للسالكين، وميسر نهج الاستقامة للهداة المهتدين.

أحمده تعالى على سوابغ نعم الدنيا والدين، وأشكره سبحانه والمزيد متحقق للشاكرين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل النبيين والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هداه العالمين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه واعتنوا بصلاتكم وابتغوا ما يصلحها.

وقد جاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه رأى رجلاً صلى ولا يتم ركوعه ولا سجوده فقال: حذيفة: منذ كم تصلي هذه الصلاة. فقال: منذ أربعين سنة. قال حذيفة: ما صليت ولومتَ لمت على غير الفطرة انتهى. والصلاة رأس مال المصلي وإذا لم يهتم المسلم بصلاح صلاته فماذا سيكون اهتمامه بغيرها من العبادات، لأن بصلاحها تصلح سائر الأعمال وهي أول ما يحاسب عليها المسلم وبعدها ينظر بسائر الأعمال.

وخذوا بقول الله سبحانه: ((‎إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) ومن صلى عليه صلاة صلى الله عليه عشراً.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد عدد من صلى وسلم وبارك عليه وعدد من أضاع نصيبه من ذلك.

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بنات نبينا وزوجاته أمهات المؤمنين وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان وعنا معهم أجمعين يا أرحم الرحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وأعذنا من شياطين الإنس والجان، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا بالتوفيق والعون والتسديد، وصلاح البطانة من ولي عهده والعلماء وخيرة المؤمنين المؤتمنين.

اللهم ادفع عنا الغلا والوباء والربا والزنا والزلازل وسوء الفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا واحفظ لنا إيماننا وثبتنا عليه واحفظ قادتنا بالعلم والولاية ورجال الأمن وحراس الحدود والمحارم والحرمات والمرافق والطرق واحم دماءهم وأعراضهم وعتادهم.

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وعم بهذا الدعاء والدينا ولمن أحسن إلينا قولاً وفعلاً.

 واغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.