خطبة : فوائد الزكاة وزكاة بهيمة الأنعام

عايد القزلان التميمي
1436/06/27 - 2015/04/16 14:28PM
بسم الله الرحمن الرحيم
تنفيذا لما ورد إلينا من إدارة الأوقاف بتخصيص آخر خطبة من شهر جمادى الآخرة عن أهمية أداء الركن الثالث من أركان الإسلام ( الزكاة ) وتوعية المواطنين بموعد خروج عوامل جباية زكاة بهيمة الأنعام للعام 1436 هـ وسيكون خروجهم يوم الاثنين القادم بمشيئة الله الموافق الأول من رجب .
ولذلك تم إعداد هذه الخطبة فأسأل الله أن ينفع الكاتب والقاريء والسامع إنه سميع مُجيب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة : فوائد الزكاة وزكاة بهيمة الأنعام

الحمد لله الذي جعل الزكاة قرينة الصلاة، وجعلها لأهل الإيمان من أجلّ الأعمال وأكرم الصفات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحب المتقين، ويجزي المتصدقين، ولا يضيع أجر المحسنين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خير البرية الذي كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ويحث على بذل الفضل في العسر واليسر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ جل وعلا، وأن نقدمَ لأنفسِنا أعمالاً تبيضُ وجوهَنا يوم نلقى اللهَ،(( يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))

عباد الله يقول الله تعالى : ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))

وقال تعالى في وصف المؤمنين الصالحين (( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))

عباد الله من تلك الآيات يتضح لنا أن ديننا الإسلامي يحث على التكافل الاجتماعي وأن الإنسان لا يعيش مستقلا بنفسه ، منعزلا عن غيره ، وإنما يتعاون مع أفراد المجتمع الآخرين في أمور الحياة ، وفي شؤون المجتمع .

والتكافل في الإسلام ، يعني التزام القادر من أفراد المجتمع تجاه الآخرين من غير القادرين .



عباد الله : وتظهر الزكاة التي هي أحد أركان الإسلام ،وفريضته الاجتماعية ، أول صور التكافل الاجتماعي في الإسلام , وهي أحد أركان الإسلام الخمسة التي لا يستقيمبناؤه إلا عليها، لقول النبي)) بُني الإسلام علىخمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،وصوم رمضان، وحج البيت ((متفق على صحته .

فمن فوائد الزكاة : تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير، لأن النفوس مجبولة على حبمن أحسن إليها.

ومنها: تطهير النفس وتزكيتها، والبعد بها عن خلق الشح والبخل، كما أشار القرآنالكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةًتُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا

ومن فوائد الزكاة تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة.

ومن فوائد الزكاة: استجلاب البركة كما قال تعالى: وَمَاأَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

وقول النبي صلىالله عليه وسـلم في الحديث الصحيح((قَالَ اللَّهُ أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْك)) إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة.

عباد الله : وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها، قال الله تعالى: ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَيُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَيُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْوَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْتَكْنِزُونَ((

فكل مال لا تُؤدَّى زكاته فهو كنز يُعَذَّبُ بِهِ صَاحبَه يوم القيامة، كما دل على ذلكالحديث الصحيح عن النبيأنه قال)) مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ)) ثم ذكر النبيصاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤٌدي زكاتها،وأخبر أنه يُعَذَّبُ بِهَا يوم القيامة.

أيها المؤمنون : والزكاة تجب في أربعة أصناف: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، والسائمة منبهيمة الأنعام، والذهب والفضة، وعروض التجارة.

ولكل من الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه.

والصحيح من أقوال العلماء: أن الدَّين لا يمنع الزكاة

وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغتالنصاب وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول،لعموم الأدلة، مثل قول النبيفي حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن((فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ))

عباد الله : وقد أوضح الله سبحانه وتعالى في كتابه الكـــريم أصناف أهل الزكاة، قال تعالى )) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِوَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِوَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِوَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ))

وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه وتعالىلعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده، من يستحق منهم للزكاة ومن لا يستحق.

عباد الله : واتباعاً لسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعث جُبَاة الزكاة إلى المكلفين في مكان وجودهم، واقتداءً بهدي خلفائه الراشدين - رضي الله عنهم - ومن سار على نهجهم في جباية زكاة بهيمة الأنعام، فقد حرص ولاة الأمر في هذه البلاد ـ وفقهم الله ـ على تطبيق هذه الشعيرة المباركة سنوياً من خلال تجهيز وإخراج عوامل جباية زكاة بهيمة الأنعام حيث تقرر خروج عوامل جباية زكاة بهيمة الأنعام لهذا العام في يوم الاثنين القادم الموافق اليوم الأول من شهر رجب إن شاء الله.

بارك الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية / الحمد لله الذي فرض الزكاة تزكية للنفوس وتنمية للأموال ورتب على الإنفاق في سبيله خلفا عاجلا وثوابا جزيلا في المآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكبير المتعال، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي حاز أكمل صفات المخلوقين وأجل الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما. كثيرا أما بعد : فيا عباد الله

وهناك مسائل مهمة تتعلق بزكاة الأنعام، ومنها أن المواشي المختلطة لعدة أشخاص تجب فيها الزكاة أيضاً إذا بلغت بمجموعِها النصاب، ولو كان نصيب كل شخص وحده دون النصاب، فالمعتبر مجموعِها، ولكن بشروط: أن يستمر الاختلاط حولاً كاملاً، في مراح واحد -أي مبيتها ومأواها-، وكذا مرعاها ومشربها، وموضع حلبها، والفحل الذي يطرقها واحد فلا يكون لماشية كل شخص فحلٌ مستقل.

دليل كل ما سبق قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ولا يُجمع بين متفرِّق، ولا يُفرَّق بين مجتمع؛ خشية الصدقة، وما كان مِن خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية)) رواه البخاري وغيره.

ومسألة أخرى وهي أن المعلوفة من الماشية كل الحول أو أكثر لا تجب فيها الزكاة، إلا أن يدفعها صاحبها متبرعاً فتؤخذ منه، وأما إن علم أنه يقصد من دفعها ليس التبرع وإنما ليستفيد من وثيقة الزكاة التي تعطى له لأغراض دنيوية فلا يجوز أخذ الزكاة منه , لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان.

ولكن يُتنبه هنا إلى أن الاتجار بالماشية المعلوفة وإن كان يُعْفِي صاحبَها من زكاةِ الأنعام، إلا أنه يلزمه فيها أن يُخْرِج زكاة عروض التجارة، بأن تُقَوَّم ماشيتُه عند الحول، ويُخْرِج رُبْعَ عُشْرِ قيمتها.

فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ عمال جباية الزكاة وَالصِّدْقِ فِيْمَاتُخْبِرُهُمْ بِه , وَلَكِنْ هُنَا تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ : وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الإِبِلِ أَقْيَامُهَا غَالِيَةٌ جِدَّاً ، وَهُوَ مَاتُسَمَّى بِإِبِلِ الْمزَايِنِ ، فَهَذِهِ فِي الْوَاقِعِ تُعْتَبَرُ عُرُوضَتِجَارَةٍ ، فَعَلَيْكَ أَنْ تُخْرِجَ زَكَاتَهَا حَسْبَ قِيمَتِهَا .

أيها المؤمنون:

وعلى صاحب الماشية أن يخرج زكاتها طيبة بها نفسه، وليحذر من الحيل التي إن خَفِيَت على عمال الزكاة , فلن تخفى على الله تعالى، ولْيُعْلَم أنه ما نقص مال من صدقة، بل تزيده.



عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات

خطبة عن فوائد الزكاة وزكاة بهيمة الأنعام.docx

خطبة عن فوائد الزكاة وزكاة بهيمة الأنعام.docx

المشاهدات 3740 | التعليقات 0