(خطبة) فضل يوم عرفة ويوم النحر وبعض أحكام الأضحية
خالد الشايع
خطبة عن فضل يوم عرفة والعيد ، وبيان شيء من أحكام الأضحية
5/12/1444
إن الحمد لله ( خطبة الحاجة )
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله عز وجل وأعلموا أنكم في أيام هي من أيام الله ، وهي أيام يذكر فيها اسم الله كثيرا وتعظم شعائرُه ، ويفد الحجيج إلى بيته ابتغاء مرضاته ، وتغفر فيها الذنوب وتستر العيوب ، وتعتق رقاب من النار ، وغيرها من الفضائل والخيرات ، وتضمن الباقي منها أياما عظيمة ، وهي يوم عرفة وأيام العيد ، فاعملوا بالصالحات لتكونوا من المفلحين .
معاشر المسلمين : يوم عرفة وما أدراك ما يوم عرفة ، إنه يوم فاضل أنعم الله به على عباده ليحط عنهم زللَهم ، ويرفأ خلتَهم ، ويضاعف به حسناتِهم ، وهو يوم تسكب فيه العبرات ، وتقال فيه العثرات ، وما رؤي الشيطانُ أحقرُ ولا أصغر منه في يوم عرفة ، ولقد حث المصطفى r غير الحاج على صيامه ، ليدرك بعضا مما سبقه به حجاج بيت الله من الفضائل ، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة قال r : (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية و مستقبلة ) وإني لأعجب من مسلم ليس لديه عذر يتخلف عن صيام يوم عرفة وقد علم مافيه من الثواب ، غير أنه يطيع نفسه الأمارة بالسوء ، ومن فضل يوم عرفة أن الله عز وجل يدنو من عباده في موقف عرفة ، كما يليق به ويباهي بهم الملائكة أخرج مسلم في صحيحه من حديث عائشة قال r : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة و إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ماذا أراد هؤلاء ؟ ) قال ابن عبد البر وهذا يدل على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران أهـ
ومن فضائل يوم عرفة أن الله يستجيب الدعاء في ذلك اليوم وهو يوم دعاء وتضرع ، أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو قال r : (خير الدعاء يوم عرفة و خير ما قلت أنا و النبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير ) وهذا يرجى للمسلمين جميعا وليس لأهل الموقف فقط ، فيوم عرفة يوم عظيم الفضل ، فكم في هذه الأيام المقبلة من الخيرات والنفحات ، فألحوا بالدعاء ، وسلوا ربكم الكريم ، وأعظموا الرغبة ، فإن الله لا مكره له
ومن فضائل يوم عرفة أن الله أتم على عباده النعمة بإكمال دينه ، حيث أنزل على رسوله في يوم عرفة قوله ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) الأية
فالله الله عبد الله ، والحرص الحرص على الطاعة في هذا اليوم العظيم ، واحذر أن تكون من المحرومين .
أيها المؤمنون : ومن الأيام الفاضلة في هذه العشر المباركة يوم النحر وما أدراك ما يوم النحر ، إنه يوم العيد ، يوم الحج الأكبر ، وهو أفضل أيام السنة على الإطلاق أخرج أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن قرط قال r ( إن من أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القر ) سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أيهما أفضل يوم الجمعة أو يوم النحر ؟
فقال: يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ويوم النحر أفضل أيام العام .
وكذا قال ابن القيم رحمهما الله تعالىسبوع أ
.
إذا كان الأمر على ذلك فهل يسوغ للمسلم أن يتكاسل عن العمل الصالح فيه ؟ بل إن بعض الناس هداهم الله ليفتتح هذا اليوم أو ليلته بالمحرمات ، وذلك كحلق اللحية للتجمل زعموا ، وكسماع الغناء والملاهي ، وكذلك لربما ترك الصلاة مع المسلمين في صلاة العيد ، وهي واجبة على الأعيان من الذكور على الصحيح من أقوال أهل العلم كما يفتي به شيخُنا ابن باز غفر الله له ، وهو الذي دل عليه الدليل كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم عطية قالت أمر رسول الله r النساء أن يخرجن لصلاة العيد حتى إنه أمر الحُيّض وذوات الخدور ، وأن يخرجن يشهد الخير ودعوة المسلمين ، وأمر الحُيّض أن يعتزلن المصلى ) .
أيها المسلمون : إذا كان المصطفى r أمر النساء والحُيّضَ وذواتِ الخدور أن يخرجن وخصهن ببعض الخطبة ، أفيليق بنا أن نتخلف عنها ؟
عباد الله : إن صلاة العيد من الشعائر الظاهرة التي لا ينبغي للمسلم التخلف عنها لما فيها من الفوائد العظيمة ، فضلا عن إسقاط الفرض عن النفس فهي نبراسٌ للوحدة الإسلامية ، ورجحانٌ لكفة العدل بين المسلمين ، فلا طبقية ولا عرقية مهما تباعدت البلدان ، وتمايزت اللغات ، فالدين واحد ، والرب واحد ، والقبلة واحدة ، فلو تأملنا ذلك لعلمنا كم في هذه الشعيرة من إرهابٍ للعدو وعزةٍ للمسلمين خصوصا عند ضعفهم ، وكم فيها من الغيظ لأعدائهم .
اللهم وفقنا للخيرات وجنبنا المعاصي والمنكرات ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس :
ومن الأعمال الصالحة التي تختص بها هذه الأيام ، الأضحية ، كما قال تعالى ( فصل ربك وانحر) وقوله ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير ) وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم وضحى أصحابه، وعبادة النحر وإهراق الدم لله عبادة عظيمة ولهذا من صرفها لغير الله فقد أشرك وخرج من الملة .
وعُّد يوم النحر أفضل أيام الدنيا لكثرة مايراق فيه من الدماء لله .
فمن كان قادرا على الأضحية فلا ينبغي له أن يتركها ، وهي سنة وليست بواجبة ، بل قال الإمام أحمد رحمه الله : من لم يكن عنده قيمة الأضحية ويرجو سدادا ، فلا بأس أن يقترض ويضحي ، وعليه أن يمسك عن شعره وظفره وبشرته من نيته للأضحية بعد دخول شهر ذي الحجة ، حتى يضحي ، لما رواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة قال صلى الله عليه وسلم (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) وفي لفظ ( فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا حتى يضحي) ومن أخذ جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه ومن أخذ متعمدا فليتب إلى الله وليمسك فيما بقي ، وبهذا أفتى شيخنا ابن باز قدس الله روحه .
وليتخير من الأضاحي ما كان أنفع للفقراء ، وليذبحها بنفسه إن استطاع ، وإن لم يستطع فليشهد ذبحها ، وليأكل منها وليتصدق ، قال تعالى ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) وكما فعل صلى الله عليه وسلم .
ووقت الذبح من بعد صلاة العيد ويمتد على الصحيح إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، والذبح يوم العيد أفضل ، ليكون في عشر ذي الحجة ويكون في يوم النحر .
والسنة لمن أراد أن يضحي أن لا يأكل شيئا بعد الفجر حتى يصلي ثم يرجع ويأكل من أضحيته
كما يجوز لمن كان عنده أضاحٍ كثيرة كالوصايا ونحوها ، أن يرسل بها للبلاد المنكوبة التي فيها من المجاعة ما الله به عليم عن طريق المنصات الرسمية ، فهم في حاجة ماسة لا يرون اللحم ولا يعرفونه . وبهذا أفتى شيخنا ابن باز قدس الله روحه .
ولتكن أضحيتك خالية من العيوب التي تمنع من إجزائها ، كالعوراء البين عورها ، والعرجاء البين عرجها ، والعجفاء التي لا تنقي ، والمريضة البين مرضها .وما كان أشد من ذلك ، أما ما كان أقل منها عيبا فيجزئ مع الكراهة .
اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك يارب العالمين
المرفقات
1687441530_خطبة عن يوم عرفةويوم النحر وشيء من أحكام الأضاحي.docx