خطبة فضل الصحابة وحقوقهم على الأمة 2

الخطبة الأولى : فضل الصحابة وحقوقهم على الأمة

الحمدُ للـهِ الَّذِي يمْحو الزَّلَل ويصْفح، ويغفر الخَطَل ويسْمح، وأشْهدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللـهُ الْغَنِيُّ الجوادُ مَنَّ بالعطاءِ الواسعِ وأفْسَح، وأشْهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي جاد للـهِ بِنَفْسِهِ ومالِه وأبانَ الحَقَّ وأوْضحَ، صلَّى الله عليه وعلى أصحابه أبي بكرٍ الَّذِي لازَمَهُ حضراً وسفراً ولم يبرح، وعلى عمرَ الذي لم يزلْ في إعْزازِ الدِّينِ يكْدَحُ، وعلى عثمانَ الَّذِي أنفقَ الكثيرَ في سبيلِ اللـهِ وأصْلَحَ، وعلى عليٍّ ابنِ عَمِّهِ وأَبْرَأُ ممَّن يغلُو فيه أو يَقْدح، وعلى بقيةِ الصحابةِ والتابعين لهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليماً.                      أما بعد : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ...

معاشر المسلمين : تحدثنا في الجمعةِ الماضيةِ عن خَيْرِ عِبَادِ اللَّـهِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْـمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمُ السَّابِقُونَ الَّذِينَ تَمَثَّلُوا هَذَا الدِّينَ فِي أَكْمَلِ صُورَةٍ، وَطَبَّقُوا هِدَايَتَهُ عَلَى نَحْوٍ لَا يَتَكَرَّرُ أَبَدًا، مَصَابِيحُ الدُّجَى، وَشُمُوسُ الْـهُدَى، سَادَةُ الْأُمَّةِ وَعُنْوَانُ مَجْدِهَا، رجالٌ صدقوا ما عاهدوا اللـهَ عليه ، وما بدَّلُوا تبدِّيلاً، تكبدوا المشاقَّ، وهجروا الأوطانَ، بِدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَصَلَ الْإِسْلَامُ إِلَى أَطْرَافِ الْأَرْضِ، وَبِجِهَادِهِمْ وَتَضْحِيَاتِهِمْ قَامَ صَرْحُ الدِّينِ، وَانْهَدَمَ شِرْكُ الْـمُشْرِكِينَ .

أولئك قومٌ شَيَّدَ اللـهُ فَخْرَهُمْ        فما فَوْقَهُ فَخْرٌ وإنْ عَظُمَ الْفَخْرُ

فما يستطيعُ الفاعلون فِعَالَـهُمْ          وإنْ حاولوا في النائباتِ وَأَجْمَلُوا

إِنَّهُمْ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّـهِ صلى الله عليه وسلم ، مناقبُهم عاليةٌ ، ومواقفُهم غاليةٌ، وتاريخُهم معطرٌ، وسبقُهم للخيراتِ مبكرٌ، تَسَوَّرُوا الْعِزَّ وَالشَّرَفَ، وَتَبَوَّؤُوا الْفَخْرَ وَالسَّنَا، كَانُوا فِي الْـحَيَاةِ أَوْلِيَاءَ، وَبَعْدَ الْـمَمَاتِ أَحْيَاءً، رَحَلُوا إِلَى الْآخِرَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهَا، وَخَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَهُمْ بَعْدُ فِيهَا.

قَوْمٌ اخْتَصَّهُمُ اللَّـهُ بِصُحْبَةِ خَلِيلِهِ وَحَبِيبِهِ، وَاصْطَفَاهُمْ رَبُّهُمْ بِتَبْلِيغِ رِسَالَةِ نَبِيِّهِ، أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّـهِ (فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)

شَهِدَ لـهم ربُّهم أنَّهم مؤمنونَ حقاً وكفى باللـهِ شهيداً ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْـمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَـهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) .

من ذا يناسقُهم من ذا يطابقُهم    من ذا يسابقُهم في العزِ والكرمِ

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: لَمْ تَشْهَدِ الْبَشَرِيَّةُ أَبَدًا أَنْ تَآلَفَ قَوْمٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَسَبٍ وَلَا مُصَاهَرَةٍ وَلَا مُرَابَطَةِ دَمٍ وَعَنْ طَوَاعِيَةٍ وَاخْتِيَارٍ إِلَّا فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّـهِ ، وَلَمْ يَظْهَرِ الْإِيثَارُ وَالْكَرَمُ فِي أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا ظَهَرَ فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّـهِ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَحَقُّوا الثَّنَاءَ الْعَاطِرَ مِنْ رَبِّهِمْ بِقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) فَرَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

إخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ مَعْرِفَةَ قَدْرِ الصَّحَابَةِ وَمَا لَـهُمْ مِنْ شَرِيفِ الْـمَنْزِلَةِ وَعَظِيمِ الْـمَرْتَبَةِ مِنْ أُولَى الْـمُهِمَّاتِ الْـمُتَعَلِّقَةِ بِصَلَاحِ الْعَقِيدَةِ وَاسْتِقَامَةِ الدِّينِ؛ وَلِذَا كَانَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ يُؤَكِّدُونَ فِي كُتُبِ الْعَقَائِدِ عَلَى مَكَانَةِ الصَّحَابَةِ فِي الْأُمَّةِ، وَيَذْكُرُونَ فِي ذَلِكَ فَضْلَهُمْ وَفَضَائِلَهُمْ وَأَثَرَهُمْ وَآثَارَهُمْ، مَعَ الدِّفَاعِ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ وَحِمَايَةِ حِيَاضِهِمْ؛ إِذِ الدِّفَاعُ عَنْهُمْ دِفَاعٌ عَنْ رَسُولِ اللَّـهِ صلى الله عليه وسلم ، فَهُمْ بِطَانَتُهُ وَخَاصَّتُهُ، وَدِفَاعٌ أَيْضًا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَهُمْ حَمَلَتُهُ وَنَقَلَتُهُ، والطَّعْنُ فِيهِمْ طَعْنٌ فِي الدِّينِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَنَا عَنْ طَرِيقِهِمْ، وَنَقَلُوهُ لَنَا بِكُلِّ أَمَانَةٍ وَإِخْلَاصٍ .

وإنَّ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ أُصُولًا يَجِبُ عَلَى المسْلِمِ اِعْتِقادُهُا، وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهَا :

أَوَّلُها: سَلَامَةُ الْقُلُوبُ مِنَ الْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْبُغْضِ وَسَلَامَةُ الْأَلْسُنِ مِنَ الطَّعْنِ وَاللَّعْنِ وَالسَّبِّ لِأَصْحابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم . فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّـهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُظْهِرْهُ فَإِنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَوْمَئِذٍ كَكَاتِمِ مَا أَنْزَلَ اللَّـهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ابنُ ماجةْ وغيرِه

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ :«إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا يَذْكُرُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسُوءٍ فَاتَّهِمْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ».

وقد كفَّر الإمامُ مالكٌ من أبغض الصحابةَ، واستدلَّ بقولِه تعالى(لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلكُفَّارَ)، وذلك لأنَّ اللَّـهَ جعل الصحابةَ مُغِيظِين للكفَّارِ، فكلُّ مَن أغاظه الصحابةُ فهو كافرٌ.

الْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يُرَتِّبُونَ الصَّحَابَةَ فِي الْفَضْلِ بِحَسَبِ خَيْرِيَّتِهِم وَسَبْقِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهادِ وَالْهِجْرَةِ، فَأَفْضَلُهُمُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَيَلِيهِ فِي الفَضْلِ: الفَارُوقُ عُمَرُ، وَيَلِيهِ ذُو النُّورَيْنِ: عُثمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَيَلِيهِ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَيَلِيهِمْ بَقِيَّةُ العَشَرَةِ الـمُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، ثُمَّ بَعْدَ الْعَشَرَةِ أَهْلُ بَدْرٍ، ثُمَّ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، ثُمَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، ثُمَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، وَيُقَدِّمُونَ المهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ، وَهَكَذَا بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللـهِ صلى الله عليه وسلم وَآلِ بَيْتِهِ وَأَزْوَاجِهِ لَـهُمُ المَنَاقِبُ الجَمَّةُ وَالْفَضَائِلُ الْكَثِيرَةُ.

الْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْإِمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ من قتالٍ، وَذَلِكَ بِالْكَفِّ عَنِ الْبَحْثِ فِيهِ، وَعَدَمِ الْـخَوْضِ فِيهِ، وَأَنَّ فِعْلَهُمْ ذَلِكَ دَائِرٌ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْأَجْرَيْنِ، فَهُمْ إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ فَلَهُمْ أَجْرٌ أَيْضًا، فَطَرِيقُ السَّلَامَةِ هُوَ السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ، قال ﷺ:«إِذَا ذُكِرَ أَصْحابِي فَأَمْسِكُوا » الطبراني . وَهَذَا الْأَصْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَمْ يُنَازِعْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ.

الْأَصْلُ الرَّابِعُ: مَحَبَّةُ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالْإِيمانُ بِأَنَّهُنَّ أَزْواجُهُ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ المؤْمِنِينَ؛ وأجمعَ علماءُ الإسلامِ من أهلِ السنَّةِ قاطبةً على أنَّ من طعنَ في عائشةَ بما برأها اللـهُ منه فهو كافرٌ مكذبٌ لما ذكره اللـهُ من براءتِها في سورةِ النَّور. الْأَصْلُ الْـخَامِسُ: مَحَبَّةُ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَوَلِّيهِمْ، وَحِفْظُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللـهِ ﷺ فِيهِمْ، حَيْثُ قَالَ: «أُذَكِّرُكُمُ اللـهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» م.

ألا فاتَّقُوا اللـهَ عبادَ اللهِ ، وَاعْرِفُوا قَدْرَ صَحَابَةِ رَسُولِكُمْ  وَفَضْلَهُمْ،  فهم حملةُ الشريعةِ ، ورواةُ السنَّةِ ، وإجلالـهُم إجلالٌ لميراثِ النبوةِ .

بارك الله لي ...

 

الخطبة الثانية

الْـحَمْدُ لِلَّـهِ ...أَمَّا بَعْدُ:

فيا عِبَادَ اللَّـهِ: مِنْ حُقُوقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَيْنَا: التَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ وَالتَّرَضِّي عَنْهُمْ وَالِاسْتِغْفَارُ لَـهُمْ؛ ولَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِالْـجَمِيلِ، وَنُرَبِّي أَنْفُسَنَا وَأَبْنَاءَنَا عَلَى حُبِّهِمْ وَتَوَلِّيهِمْ وَنُصْرَتِهِمْ  "والمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ".

 وَمِنْ حُقُوقِهِمْ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَوَلَّاهُمْ، وَنُحِبَّهُمْ وَنُنْزِلَـهُمْ مَنَازِلَـهُمْ، فَإِنَّ مَحَبَّتَهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، وَحُبَّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَقُرْبَةٌ إِلَى الرَّحْمَنِ، وَبُغْضَهُمْ عِصْيَانٌ وَطُغْيَانٌ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: «وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا نُفْرِّطُ فِي حُبِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَبْغَضُ مَنْ يَبْغَضُهُمْ، وَبِغَيْرِ الْحَقِّ يَذْكُرُهُمْ، وَلَا نَذْكُرُهُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِيْنٌ وَإِيْمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ » أ. هـ.

وَذَكَرَ الْـحُمَيْدِيُّ أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ « التَّرَحُّمَ عَلَى أَصْحَابِ مُحُمَّدٍ ﷺ كُلِّهِمْ، فَإِنَّ اللـهَ قَالَ: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ )، فَلَمْ نُؤْمَرْ إِلَّا بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، فَمَنْ سَبَّهُمْ أَوْ تَنَقَّصَهُمْ أَوْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَيْسَ عَلَى السُّنَّةِ .. » أ.هـ   

عِبَادَ اللَّـهِ: أهلُ السنَّة وسطٌ في أصحابِ رسولِ اللـهِ صلى الله عليه وسلم بين الروافضِ والخوارجِ: فالرافضةُ غلَوْا في عليٍّ وأهلِ البيت رضي الله عنهم، ونصَبوا العداوةَ لجمهورِ الصحابةِ، وكفَّروهم ومَن والاهم، وكفروا من قاتل عليًّا.

ومما زَعَمَهُ الرَّافِضَةُ أَنَّ الصَّحَابَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ ارْتَدُّوا إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ مَا أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ إِلَّا نِفَاقًا؛ لِأَطْمَاعٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَمَصَالِحَ ذَاتِيَّةٍ، وَكُتُبُهُمْ مَلِيئَةٌ بِمِئَاتِ الرِّوَايَاتِ الصَّرِيحَةِ فِي تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ وَشَتْمِهِمْ وَلَعْنِهِمْ، بَلْ جَعَلُوا مِنَ الطَّعْنِ فِيهِمْ دِيَانَةً يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى رَبِّهِمْ تَعَالَى زُلْفَى -قاتلهم الله أني يؤفكون-.

 والخوارجُ قابلوا الرافضةَ فكفَّروا عليًّا ومعاويةَ ومن معهما من الصحابةِ رضي الله عنهم ، والنواصبُ نصبوا العداوةَ لأهلِ البيت، وطعنوا فيهم.

قال أبو زُرْعَةَ الرَّازيُّ: «إذا رأيتَ رجلاً يَنْتَقِصُ أحداً من أصحابِ رسولِ اللـهِ صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زِنْدِيقٌ، وذلك أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم عندنا حقٌّ، والقرآنَ حقٌّ، وإنما أَدَّى إلينا هذا القرآنَ والسُّننَ أصحابُ رسولِ اللَّـهِ، وإنما يريدون أن يَجْرَحُوا شُهُودَنا؛ ليُبطلوا الكتابَ والسُّنَّةَ، والجَرْحُ بهم أَولى، وهم زَنَادِقَةٌ» أ.هـ .

عباد الله: النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوصى بصحابتِه خيراً، وأمر بالإحسانِ إليهم، فقال «استوصوا بأصحابي خيراً»، وقال: «أحسنوا إلى أصحابي» أخرجهما أحمدُ وغيرُه .

فهل من سبَّ أحداً من الصحابةِ أوِ انتقصَه استوصى به خيراً، وهل أحسنَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

ثم صلوا ...

المرفقات

1645425001_خطبة فضل الصحابة وحقوقهم على الأمة-نوااف-2.doc

1645425001_خطبة فضل الصحابة وحقوقهم على الأمة-نوااف-2.pdf

المشاهدات 290 | التعليقات 0