خطبة : ( فأنذرتكم نارًا تلظى )

عبدالله البصري
1439/11/13 - 2018/07/26 20:02PM
فأنذرتكم نارًا تلظى    14 / 11 / 1439
 
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " اشتَكَتِ النَّارُ إِلى رَبِّهَا فَقَالَت : يَا رَبِّ أَكَلَ بَعضِي بَعضًا ؛ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَينِ ، نَفَسٍ في الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ في الصَّيفِ ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمهَرِيرِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَشتَكِي النَّاسُ في هَذِهِ الأَيَّامِ مِن شِدَّةِ مَا يَجِدُونَهُ مِن حَرَارَةِ الجَوِّ ، فَيَلزَمُ بَعضُهُم بَيتَهُ مُعظَمَ النَّهَارِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ يَسِيرَةٍ ، وَيَلجَأُ آخَرُونَ إِلى المَصَايِفِ وَالبِلادِ البَارِدَةِ ، هُرُوبًا مِن نَفَسٍ مِن أَنفَاسِ جَهَنَّمَ ، وَتَاللهِ مَا في ذَلِكَ مِن بَأسٍ وَلا هُوَ بِعَيبٍ ، وَلَكِنَّ العَيبَ الشَّدِيدَ وَالخَسَارَةَ الكَبِيرَةَ أَن يَحرِصَ المَرءُ عَلَى اتِّقَاءِ حَرِّ نَفَسٍ يَسِيرٍ مِن أَنفَاسِ جَهَنَّمَ في الدُّنيَا ، ثم تَرَاهُ في غَفَلَةٍ شَدِيدَةٍ عَنِ اتِّقَاءِ حَرِّهَا الشَّدِيدِ في يَومِ الوَعِيدِ ، مَعَ أَنَّهُ قَد أُنذِرَ وَحُذِّرَ مِنَ النَّارِ وَخُوِّفَ بِهَا ، وَأُمِرَ رَحمَةً بِهِ أَن يِتَّقِيَهَا وَيَتَّقِيَ حَرَّهَا ، قَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " فَأَنذَرتُكُم نَارًا تَلَظَّى " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِن تَحتِهِم ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكَافِرِينَ " وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ "  وَعَنِ النُّعمَانِ بنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَخطُبُ يَقُولُ : " أَنذَرتُكُمُ النَّارَ ، أَنذَرتُكُمُ النَّارَ " حَتَّى لَو أَنَّ رَجُلاً كَانَ بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ مِن مَقَامِي هَذَا ، حَتَّى وَقَعَت خَمِيصَةٌ كَانَت عَلَى عَاتِقِهِ عِندَ رِجلَيهِ . رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وعَن أَبي هُرَيرَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : لَمَّا أُنزِلَت هَذِهِ الآيَةُ " وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقرَبِينَ " دَعَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قُرَيشًا فَاجتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ : " يَا بَني كَعبِ بنِ لُؤَيٍّ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا بَني مُرَّةَ بنِ كَعبٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا بَني عَبدِ شَمسٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا بَني عَبدِ مَنَافٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا بَني هَاشِمٍ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا بَني عَبدِ المُطَّلِبِ أَنقِذُوا أَنفُسَكُم مِنَ النَّارِ ، يَا فَاطِمَةُ أَنقِذِي نَفسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لا أَملِكُ لَكُم مِنَ اللهِ شَيئًا " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد فَقِهَ العُقَلاءُ وَعَلَى رَأسِهِمُ الأَنبِيَاءُ وَالمُتَّقُونَ شِدَّةُ حَرِّ جَهَنَّمَ وَعِظَمَ البَلاءِ بِدُخُولِهَا ، فَكَانُوا مِنهَا مُشفِقِينَ ، وَمِن حَرِّهَا خَائِفِينَ ، وَبِصَرفِهَا عَنهُم دَاعِينَ ،  قَالَ – تَعَالى - : " إِنَّ في خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولي الأَلبَابِ . الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقتَ هَذَا بَاطِلًا سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدخِلِ النَّارَ فَقَد أَخزَيتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن أَنصَارٍ "  وَقَالَ – تَعَالى - : " وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ . الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " وَقَالَ – تَعَالى - : في وَصفِ عِبَادِ الرَّحمَنِ : " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا . إِنَّهَا سَاءَت مُستَقَرًّا وَمُقَامًا " وَقَالَ - تَعَالى – في وَصفِ المُكرَمِينَ : " وَالَّذِينَ هُم مِن عَذَابِ رَبِّهِم مُشفِقُونَ " وَقَالَ - تَعَالى – في وَصفِ حَالِ المُتَّقِينَ بَعدَ دُخُولِهِمُ الجَنَّةَ : " قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبلُ فِي أَهلِنَا مُشفِقِينَ . فَمَنَّ اللهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِن قَبلُ نَدعُوهُ إِنَّهُ هُوَ البَرُّ الرَّحِيمُ " وَقَد كَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا مَا يَستَعِيذُ مِنَ النَّارِ ، وَيَأمُرُ بِذَلِكَ في الصَّلاةِ وَغَيرِهَا ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : كَانَ أَكثَرُ دُعَاءِ النَبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : اللهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيُ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَلِّمُهُم هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ ، يَقُولُ : " قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ القَبرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ المَحيَا وَالمَمَاتِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَفي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ وَابنِ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَن جَابِرٍ –رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ : " كَيفَ تَقُولُ في الصَّلاةِ ؟ " قَالَ : أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، أَمَا إِنِّي لا أُحسِنُ دَندَنَتَكَ وَلا دَندَنَةَ مُعَاذٍ . فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " حَولَهَا نُدَندِنُ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنَتَّقِ النَّارَ بِطَاعَتِهِ وَفِعلِ أَوَامِرِهِ وَتَركِ نَوَاهِيهِ ؛ فَإِنَّ اللهَ حَقٌّ وَوَعدَهُ حَقٌّ ، وَقَولَهُ حَقٌّ وَلِقَاءَهُ حَقٌّ ، وَالجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ " وَقُلِ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَن شَاءَ فَلْيُؤمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكفُرْ إِنَّا أَعتَدنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِم سُرَادِقُهَا وَإِن يَستَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالمُهلِ يَشوِي الوُجُوهَ بِئسَ الشَّرَابُ وَسَاءَت مُرتَفَقًا . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً . أُولَئِكَ لَهُم جَنَّاتُ عَدنٍ تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ يُحَلَّونَ فِيهَا مِن أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلبَسُونَ ثِيَابًا خُضرًا مِن سُندُسٍ وَإِستَبرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَت مُرتَفَقًا "
 
 
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - وَأطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِذَا كَانَ أَحَرُّ مَا نَجِدُهُ في الصَّيفِ نَفَسًا مِن أَنفَاسِ جَهَنَّمَ ، فَكَيفَ تَكُونُ جَهَنَّمُ نَفسُهَا ؟! وَعَلَى أَيِّ دَرَجَةٍ تَكُونُ حَرَارَتُهَا ؟! قَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " سَيَصلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ " وَقَالَ – تَعَالى - : " فَأَنذَرتُكُم نَارًا تَلَظَّى " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " تَصلَى نَارًا حَامِيَةً " وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ " وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا - : " إِنَّهَا تَرمِي بِشَرَرٍ كَالقَصرِ . كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفرٌ " وَقَالَ – تَعَالى - : " وَمَا أَدرَاكَ مَا الحُطَمَةُ . نَارُ اللهِ المُوقَدَةُ " وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " وَإِذَا الجَحِيمُ سُعِّرَت " وَفي الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ النُّعمَانِ بنِ بَشِيرٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : سَمِعتُ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ : " إِنَّ أَهوَنَ أَهلِ النَّارِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ تَوضَعُ في أَخمَصِ قَدَميهِ جَمرَةٌ يَغلي مِنهَا دِمَاغُهُ " وَفِيهِمَا أَيضًا مِن حَدِيثِ أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : " نَارُكم جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءًا مِن نَارِ جَهَنَّمَ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنْ كَانَت لَكَافِيَةً . قَالَ : " فُضِّلَتْ عَلَيهِنَّ بِتِسعَةٍ وَسِتِّينَّ جُزءًا ، كُلُّهُنَّ مِثلُ حَرِّهَا " مَاذَا نُرِيدُ فَوقَ هَذَا الوَصفِ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ؟! نَارٌ حَامِيَةٌ ، مُوقَدَةٌ مُسَعَّرَةٌ ، تَلَظَّى وَيَحطِمُ بَعضُهَا بَعضًا ، ذَاتُ لَهَبٍ وَشَرَرٍ عَظِيمٍ هُوَ أَكبَرُ مِنَ الجِمَالِ ، وَالجَمرَةُ مِنهَا إِذَا وَطِئَ عَلَيهَا الرَّجُلُ جَعَلَ دِمَاغُهُ يَغلِي ، فُضِّلَت عَلَى نَارِ الدُّنيَا بِتِسعَةٍ وَسِتِّينَ مَرَّةً ، وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ ، أَيُّ نَارٍ هَذِهِ يَا عِبَادَ اللهِ ؟! إِنَّهَا وَاللهِ لَنَارٌ عَظِيمَةٌ ، ذَاتُ حَرَارَةٍ شَدِيدَةٍ ، فَأَينَ إِيمَانُنَا بِمَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ؟! أَلا يَكفِي مَا وُصِفَ لَنَا مِن حَرِّهَا لأَن تَحيَا قُلُوبُنَا ؟! أَلا نَخَافُ خَوفًا حَقِيقِيًّا وَنَفزَعُ مِن هَذَا العَذَابِ الَّذِي لا تَتَحَمَّلُهُ الجِبَالُ ؟! إِنَّ خوفًا لا يَحمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى أَدَاءِ الفَرَائِضِ وَاجتِنَابِ المَحَارِمِ ، وَيَبعَثُ نَفسَهُ عَلَى التَّشمِيرِ وَالتَّزَوُّدِ مِنَ النَّوَافِلِ وَالانكِفَافِ عَنِ المَكرُوهَاتِ ، إِنَّهُ وَرَبِّي لا يُعَدُّ خَوفًا صَادِقًا ، بَل هُوَ نَوعٌ مِن مُخَادَعَةِ النَّفسِ وَالاغتِرَارِ ، قَد يَكُونُ هُوَ الطَّرِيقَ إِلى دُخُولِ تِلكَ النَّارِ ، وَالهَلاكِ فِيهَا وَالخَسَارِ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَا رَأَيتُ مِثلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا ، وَلا مِثلَ الجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا " رَوَاهُ التَّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . وَصَدَقَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – فَوَاللهِ مَا تَرَى عَينُ المُؤمِنِ اليَومَ عَجَبًا كَمِثلِ مُسلِمٍ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ، وَيُصَدِّقُ أَنَّ أَمَامَهُ جَنَّةً وَنَارًا ، يَتَأَذَّى مِن حَرَارَةِ الصَّيفِ وَلا يَتَحَمَّلُهَا لَحَظَاتٍ مَعدُودَةً ، ثُمَّ هُوَ يَنَامُ عَنِ الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَةِ ، مُمَتِّعًا نَفسَهُ بِفِرَاشٍ وَثِيرٍ تَحتَ مُكَيِّفِهِ ، ثم لَعَلَّهُ أَن يَفجَأَهُ المَوتُ وَهُوَ تَارِكٌ لِلصَّلاةِ أَو مُتَكَاسِلٌ عَنهَا ، فَتَكُونَ النَّتِيجَةُ العَذَابَ المُضَاعَفَ في النَّارِ وَالوَيلَ الشَّدِيدَ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " فَوَيلٌ لِلمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُم عَن صَلاتِهِم سَاهُونَ " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - : " فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ ؛ فَإِنَّ مَن ضَيَّعَ الصَّلاةَ فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضيَعُ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا اجعَلْنَا مُقِيمي الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّاتِنَا ، وَتَقَبَّلْ دُعَاءَنَا ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَابُ .
المرفقات

نارا-تلظى-2

نارا-تلظى-2

نارًا-تلظى

نارًا-تلظى

المشاهدات 1408 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا