خطبة عيد الفطر 1446 جيلنا بين نداء البر وجواذب العقوق
عبد الله بن علي الطريف
خطبة عيد الفطر 1446 جيلنا بين نداء البر وجواذب العقوق
الحمدُ لله كثيرًا واللهُ أكبرُ كَبيرًا، وسُبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا، والحَمدُ للهِ وَفَّقَ من شاءَ للطاعةِ والبرِ فكانَ سعيُه مشكورًا، ثم أجزلَ لهم العطاءَ والمثوبةَ فكان جزاؤُهم موفُورًا، نحمدُه سبحانَه ونشكُرُه، ونتوبُ إليه ونستغفِرُه إنه كان حليمًا غفورًا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يُتمُ بنعمتِه الصالحات، ويُجزلُ بفضلِه الهبات، إنه كان بعبادِهِ لطيفًا خبيرًا.. والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابِه والتابعين لهم بإحسانٍ وسلم تسليمًا كثيرًا.. (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] ثُمَ أَمَا بَعْدُ:
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: مِنْ نِعمِ اللهِ علينا أَنْ بلغَنا العيدَ، ووفَقَنَا لإقَامَةِ شَعَائِرِهُ.. في أَمْنٍ وأمانٍ، وأعظمُ شعيرةٍ نُؤدِيها فيه شهودُ اجتماعِ المسلمين لصلاةِ العيدِ، ومشاركتُهم في بركةِ الدعاءِ والخيرِ المتنزلِ على جمعِهم المباركِ، والانضواءُ تحتَ ظِلالِ الرحمةِ التي تغشَى المصلين، والبروزُ لربِ العالمين، إظهارًا لفَقرِ العبادِ لربهم، وحاجتِهم لمولاهم -عَزَّ وَجَلَّ- وتعرُضًا لنفَحاتِ اللهِ وهباتِه التي لا تُحدُ ولا تُعد، وقد حثَّ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جميعَ المسلمين رجالًا ونساءً على حُضورِ صلاةِ العيد حتى المعذوراتِ من النساء، فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». رواه البخاري ومسلم. هذا أمرُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلل أمرَهُ بحضورِ المعذورات من النساءِ، بقوله: "يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ" لِأن شهودَ الخير ودعوةِ المسلمين سببٌ للدخولِ ببركتِها..
فالعيد شعيرةٌ من شعائرِ الإسلامِ ومظهرٌ من أجَلِّ مظاهرِهِ، ففي الأعيادِ تُظهِرُ الأمُمُ زينتَها، وتُعْلِنُ سرورَها، وتُسَرِّي عن نَفْسِها ما يصيبُها من مشاقِّ الحياةِ، فاغتَبِطُوا بعيدِكم، واحمدُوا الله أن بَلَّغَكم إياه، وكبروا الله على ما هداكم، وافرحوا بعيدكم وتبادلوا فيه التهاني.. فعيدُكم مباركٌ وعيدُكم سعيدٌ وأعادَه اللهُ علينَا وعلى الأَمُةِ باليمنِ والبركات.. فَمَا أجملَ العيدَ بفرحِهِ وسرورِهِ.. وما أجملَه إذا اِلْتَمَّتِ الأسرةُ على كبيرِها.. وتَمَامُ سُرورِها معَ الوالدين ففي وجودِهما وبرِّهما تتنزلُ الرحمات وتزيدُ البركات وتزدانُ المجالس وتطيبُ الجَلْسَات.. وهنيئًا لمن كان سَببًا باجتماعِ أسرتِهِ وخَلَفَ عليه بالبركةِ ففي جَمعِهم يتحققُ معنى من معاني العيدِ الكثيرة...
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: صورٌ من البرِّ نشهدُها بمجتمعات المسلمين تسُرُ الناظرين، وتَغْتَبِطُ بها قلوبُ المؤمنين، وتبتهجُ بها نفوسُهم.. وفي المقابل نرى ونسمعُ عن صورٍ من العقوقِ قاتمة، تُورِثُ في النفسِ غمًّا وأسفًا.. وتَفُتُ الكَبِدَ حُرقَةً وألَمًا.. كلُ هذا دَعَانِي لتذكرةٍ عَجْلَى لعلها تورثُ في نفوسِ البارين فرحًا وجذلًا.. وتقرعُ قلوبَ المقصرين فتورثهم رُجُوعًا وبِرًا.. فالعيدُ فُرصةٌ لتصافحِ القلوب، والعودةِ للبرِ المحبوب.. فَبِرُ الوالدين من أهمِ المهِمات، وأعظمِ القُربات، وأَجَلِّ الطاعات، وأوجبِ الواجبات.. وعقوقهما من أكبرِ الكبائر، وأقبحِ الجرائم، وأبشعِ المهلكات؛ وأدلَةُ ذلك في الكتاب والسنة كثيرات.. فقد أمَرَ اللهُ -تَعَالَى- عبادَه وأوصاهم بِبِرِ الوالدين، بأَحْزَمِ لَفْظٍ وأقوى أَمْرٍ، وعطفَهُ على الأمرِ بعبادتِه فَقَالَ: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء:23]
وفي موضعٍ آخر وصى وصيةً حازمةً بالبرِ وربطَهُ بشيءٍ من معاناةِ الوالدة التي لا يُدركُها الأبناء فقال جل في علاه: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) [لقمان:14].
وأخبر الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن برَّ الوالدين من أَفْضَلِ الأعمالِ وأَحَبِها إلى الله؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "سَأَلْتُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟، وفي رواية: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ..» واه البخاري ومسلم. وأخبر بأن برَ الوالدين سببٌ في مدِ العُمر وزيادةِ الرزقِ قَالَ الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ؛ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» رواه أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وصححه شعيب الأرناؤوط وقال الألباني حسن لغيره. بل أخبرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: بأن رِضَى الوَالِدِ من أسبابِ رِضَى الرَّبِّ -سبحانه-، فَقَالَ «رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ» رواه الترمذي وابن حبان وحسنه الألباني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: البر: هو التَّوسعُ في الإحسانِ إلى الوالدين، بالقلب والقول والفعل، والرِّفْقُ بهما طاعةً لله واعترافًا بفضلِهما.. فيدخلُ في البرِّ كلُ عملٍ يجبُ على الأبناءِ فعلُه تجاه الوالدين من الرّعايةِ والعنايةِ، وبذلِ أحسنِ المشاعرِ وأحسنِ الكلامِ وأحسنِ الأفعالِ، وحُسنِ الطاعة، وخَفْضِ الجناح، وبذلِ المال، وطلاقةِ الوجه وحُسنِ المعاشرة، وامتثالِ أمرهما في طاعة الله، وألا يمشي أمامهما، ولا يرفعُ صوتَه فوق صوتِهما، وألا ينشغلُ في مجلِسِهما عن الحديثِ معهما لا بهاتفٍ ولا غيرِه، ومنها ملازمةُ الوالدين في حال حاجتهما لمستشفى أو غيره، وكم هو مؤلم تركُ هذا البرَ للعمال، ولا يَمُنُّ عليهما ببرِّه، ولا بالقيامِ بأمرِهما، ولا ينظرُ إليهما غاضبًا، ولا يُقَطّبُ وجهه في وجهِهما.. هذا بعض بر الوالدين.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: أما لطائف البر فتكون في أمورٍ يسيرة، للطفِها قد تغيب عن بعضنا بحكم الاعتياد على خلافِها، فمن لطائفِ البر: إحسانُ ندائِهما، فليس من البر مناداةُ الوالدين باسمِهما المجرد أو بأبي فلان، وفي الحديث عنه بوصفه بالشايب أو العجوز، ومن أجمل ما ينادى به الوالدان يا أبي يا أمي يا والدي، أو نحوها وكل حسب لهجته.
ومن لطائف البر: طاعتهما ولو أمرا بترك نفل، فقد سُئِلَ الْحَسَنُ فِي الرَّجُلِ تَقُولُ لَهُ أُمَّهُ: أَفْطِرْ أي مِنْ صِيَامِ النَّافِلَة قَالَ: "لِيُفْطِرْ، وَلَهُ أَجْرُ الصَّوْمِ وَالْبِرِّ، وَإِذَا قَالَتْ: لَا تَخْرُجْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَلَيْسَ لَهَا فِي هَذَا طَاعَةٌ هَذِهِ فَرِيضَةٌ".. ومن لطائف البر: فهم حاجة الوالدين والمبادرة بها قبل طلبها.
ومن لطائف البر: الجلوسُ معهما وتناولُ بعض الوجبات معهما، واختيارُ أطايبِ الطعامِ لهما.. وجميلٌ دعوتهما لعشاءٍ في بيتك أو البَرِ أو في مطعمٍ إن كانا يرغبان فيه، قال الحسن البصري لرجل: "تعشَّ العَشَاءَ مع أمك؛ تؤانسُها، وتجالِسُها، وتقرُّ بِك عينُها، أحبُّ إليّ من حجةٍ تطوُّعاً".
ومن لطائف البر: أن تظهر لهما حُسن علاقتك بإخوتِك وأخواتِك، والسكوت عما يصيبُك من أخطائِهم، والتماسُ المعاذيرِ لهم أمامَ والديك، وإبداءُ محاسنِهم، وإخفاءُ مساوئِهم..
ومن لطائف البر: حسن منعهما مما يضُرُهما، فمن الآباء والأمهات من يكون مريضاً بسكر أو ضغط أو غيره، ليكن منعك إياه بلطف وهدوء.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: تلك صور البر وأدلة وجوبه الظاهرة، ثم تجد من بيننا أناسٌ غابت عقولهم، وغَلُظَتْ أكبادُهم، وتصحرت نفوسهم من الإحساس فوقعوا في العقوق والعياذ بالله، والعقوق: كل فعل أو قول يتأذى به الوالدان من ولدهما..
ولقد حذر منه النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشد تحذير وجعله بالدرجة الثانية بعد الشرك بالله تعالى فَقَدْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْكَبَائِرُ؟ قَالَ: «الْإِشْرَاكُ بِاللهِ. قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا كَاذِبٌ.» رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما. وقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةُ مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ، مِنَ الْبَغِيِّ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» رواه البخاري في الأدب المفرد في باب عقوبة العقوق عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وصححه الألباني. وعقوقُ الوالدين أعظمُ قطيعةٍ للرحمِ.. ولقد دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ دُعَاءً مُوجِعًا فَقَالَ: «رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ. قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ» رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.. "ومعنى رَغِمَ أَنْفُهُ: أي صرعه الله لأنفه فأهلكه.. وقيل: أذله الله؛ لأن من ألصق أنفه -الذي هو أشرف أعضاء الوجه- بالتراب الذي هو موطئ الأقدام وأخس الأشياء فقد انتهى من الذُّل إلى الغايةِ القصوى، وتخصيصُه عند الكبرِ بالذكر وإن كان برهما واجبًا على كل حال إنما كان ذلك لشدةِ حاجتهما إليه؛ ولضعفِهما عن القيام بكثيرٍ من مصالحهما".. أهـ مختصرًا ذكره القرطبي رحمه الله.
ولعقوق الوالدين مظاهرُ منها إبكاءُ الوالدين وتحزينُهما سواء بالقول أو الفعل، أو بالتسببِ في ذلك. قَالَ ابْنَ عُمَرَ: "بُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ وَالْكَبَائِرِ" رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني. ومنها نهرُهما وزجرُهما، والإغلاظ عليهما بالقول. قال - تعالى -: (وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء:23]، ومنها التَأففُ من أوامرِهما وكلُ ما يدلُ على الضجرِ أو السخريةِ من قولهما، والعبوسُ وتقطيبُ الجبينِ أمامَهما، والنظرُ إليهما شزرًا، وأمرهما، وعدم الإصغاء لحديثهما، (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) [الإسراء:23] ومن أشدِها شتمُهما قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ» رواه مسلم عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. ومن العقوقِ العظيمِ التعدي عليهما بالضربِ، أو القتلِ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ، فَيُعْتِقَهُ». رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.. ومن أعظمِ العقوقِ إيداعُ الوالدين أو أحدهما دارَ العجزةِ مع قدرةِ أولادِهما على رعايتهما..
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
أَيُها الإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ: هذه بعض المظاهر والصور لعقوق الوالدين، ذلك العمل القبيح، الذي لا يصدرُ من أهلِ المروءةِ والرشادِ.. فما أبعدَ الخيرَ عمن عَقَ والدَيهِ، وما أَقْرَبَ العقُوبةَ منه، وما أسرعَ الشرَ إليه.. فكم خذلَ اللهُ العاقين وعاقبَهم بسببِ عقوقِهم..
أيها الأخوات: كُنَّ عُونًا لأزواجِكِنَّ على البرِ؛ فلَكُنَّ الأثرُ الكبيرُ في حرصِ الأزواجِ عليه.. ويا أيها المقصرون ببرِ والديكم.. هلموا إلى مراد ربكم ورضاه اكسروا حاجز الجفوةِ، وتعوذوا من الشيطان قبل فوات الأوان، فأيام العيد أيامُ صفحٍ وغفران ولحظاتُ ودٍ ونسيان لكل ما حدثَ وكان.
اللهم إنا عبيدُك أتينا لِأَدَاءِ شعيرةٍ عظيمةٍ من شعائرِ دينِك، اللهم لا تَفُضَ جمعَنا الا بذنبٍ مغفورٍ وأجرٍ موفورٍ ورزقٍ واسعٍ وتجارةٍ لن تبور.. اللهم تقبلْ صيامنا وقيمنا وزكاتنا وأعد علينا عيدنا بخير وأمن وأمان.. اللهم وفقْ خادمَ الحرمينِ وولَيَّ عَهْدِهِ للبرِ والتَقوى والعَملِ بما تَرضَى اللهُم سَدد أقوالَهم وأعمالَهم.. اللهم احفظ حماةَ حدودِنا واجزهم عنا خير الجزاء، وأعنهم على صد كل عدوان، ووفق من يحرسُون الأمنَ الداخلِي لكلِ خيرٍ. اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين وكن لهم ناصرًا ومعينًا، اللهم ابسطْ الأمنَ والإيمانَ والسلامةَ والإسلامَ والمحبةَ والوئِامَ على جميعِ بلادِ الإسلامِ.. اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، اللهم صلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...
م...
https://t.me/+iSRXA4HV_oFmMDc0 قناة التلجرام
عبد الله بن علي الطريف
عضو نشطالسلام عليكم قيل لي لماذا انت تخطب خطبة واحدة
وجوابي هذا رأي شيخنا محمد العثيمين وكان يطبقه في آخر حياته رحمه الله ولم يرد أنهما خطبتان في حدييث صحيح وقال شيخنا والأمر فيه سعة .
تعديل التعليق