خطبة عيد الفطر 1446, أثرُ وأجرُ الابتسامة والكلمة الطيبة.
أحمد بن ناصر الطيار
الحمد لله الذي جعل لنا في الإسلام عيداً، وأجزل لنا فيه فضلاً ومزيداً، وتفضَّل علينا بإكمال شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مالكُ الدنيا ويومِ الدين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, الذي هدى الخلق إلى الصراط المستقيم، وأخرجهم من حفرة النار إلى دار النعيم، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً تامّين إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله , الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أمة الإسلام: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى في السراء والضراء, والعافيةِ والبلاء.
معاشر المسلمين: إننا نحمد الله تعالى يوم أنْ سهَّل علينا صيامَ شهرِ رمضان, ويسَّر لنَا قيام ليلِه بفضلِه ومنّتِه, فنحمده سبحانه ونشكره, ونسأله شكرَ نعمته, ودوام مِنْحَتِه.
معاشر المسلمين: إنّ من كرم الله وجزيلِ عطائه, أنه يُثيب على بعض الأعمال اليسيرة السهلة أجورًا عظمية, ومن ذلك الابتسامة الصادقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ", ومن أعظم بركاتها وأثرها: أنها تكون غالبًا مصحوبةً بكلمة طيبة, فالذي يبتسم في وجه غيره غالبا ما يقول له كلمة طيبة, كالتحية والسلام, والكلمةُ الطيبة صدقة, كما قال ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
ومن أعظم شؤم العُبوس أو اختفاءِ الابتسامة: أنه يمنع الكلمة الطيبة غالبًا, فلا يكاد العابس يتفوَّه بكلمة طيبة.
والابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة سهلة لا تُكلف المسلم أيّ جهد وعمل, ومع ذلك فأجرها عظيم جدًّا.
فربما ابتسمتَ في اليوم خمسين مرة, وتكلّمت بخمسين كلمةٍ طيبة, فيُكتب لك أجرُ مائة صدقة, ولو سمعت أنّ أحدًا يتصدق في اليوم مائة مرة لَتعجّبت كثيرًا، ولا يُحرم من هذا الفضل الكبير العظيم إلا محروم.
فأكثِر من الصدقات بكثرة كلماتك الطيبة, وابتساماتك الصادقة, ولا تحرم غيرك السرور والأنس والسعادة بإسماعهم كلامًا جميلا منك, ورؤيتهم لوجهك المشرق بالابتسامة الصادقة, ولا تحرم نفسك اللذة والأنس والأجر عند إدخالك السرور على غيرك.
والابتسامة والكلمة الطيبة ليست سُلُوكًا نكسب بهما وُدّ الناس, وإنما هما عبادةٌ نتقرّب بها إلى الله تعالى.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله , الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أمة الإسلام: إنَّ البشاشةَ تجلب السعادة على الْمُبتسم نفسِه, وعلى من يراه أو يُقابِله.
فأمَّا السعادةُ التي يجدها الْمُبتسم, فهي الراحة النفسيّة, والثناءُ العطر الذي يسمعه منَ الناس, والحفاوةُ والمحبّةُ التي تزرعها البشاشة في قلوب الآخرين.
وأما أثر الابتسامة على الآخرين, فهو أمرٌ لا يحتاج إلى دليل, فانظر إلى حالك أثناء مُقابلتك لأصحاب البشاشة والابتسامة, تجد نفسك سعيدًا مسرورًا, ولو كنتَ قبل ذلك مهمومًا, وتُحس بالحياة تدُبّ في جسدك, بل إنّك تنسى مرضك عند رؤيتك لهم.
نسأل الله تعالى, أنْ يجعل عيدنا عيداً مُباركاً على جميع المسلمين, وأنْ يُعجل بالفرج عنهم, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
الحمد لله المبدئِ المعيد، الفعالِ لما يريد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الملكُ الديان، وأشكره سبحانه في كل حين وآن، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الْمبعوثُ بالرحمة والإحسان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه كرامِ النفوس والأبدان، والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
أخي المسلم: إنّ الكلامَ الطيب اللين, وإبداءَ المشاعر الطيبةِ للناس, وتَعاهُدَهم بذلك: من أعظم أسباب دوام العشرة, وتقوية روابط الأخوة, وذَهاب الضغائن والخواطر السلبية من النفوس.
احرصْ على حفظِ القلوب مِن الأذى ... فرجوعُها بعد التَّنافر يَعْسُر
إنَّ القلوبَ إذا تنافر وُدُّها ... مثلُ الزجاجةِ كسرها لا يُجْبَرُ
اجعل هذا العيد السعيد بدايةَ رَسْمِ البَشَاشَةِ في وجهك, وبدايةَ كرمِ لسانك بالكلام الطيب, وإن كنت لم تعتد على ذلك فحاول وصابر, فالحلم بالتحلم, والصبر بالتصبر.
اللهم تقبّل منَّا إنك أنت السميع العليم, واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.
اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً, وتفرقنا من بعده معصوماً, ولا تجعل فينا ولا من بيننا شقيًّا ولا محروماً.
اللهمَّ انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، وخُصَّ أهلَ فلسطين والسودان, اللهمَّ انصر دينك وكتابك وسنَّة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهمَّ أصلح أحوال المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.
الله وفق وليَّ أمرنا ووليّ عهده لما تحبّ وترضا.
اللهمَّ إنَّا نسألك رضاك والجنَّة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهمَّ اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسر أمورنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أن التواب الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1743206385_خطبة عيد الفطر 1446 أثرُ وأجرُ الابتسامة والكلمة الطيبة.pdf