خطبة عيد الفطر 1444

عبدالله البصري
1444/09/29 - 2023/04/20 22:03PM

عيد الفطر   1444

الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ " اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسلِمُونَ " " اِتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَولاً سَدِيدًا يُصلِحْ لَكُم أَعمَالَكُم وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم " " اِتَّقوا اللهَ وآمِنُوا بِرَسُولِهِ يؤتِكم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَلْ لَكُم نُورًا تَمشُونَ وَيَغفِرْ لَكُم" " اِتَّقوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ " اِتَّقُوا اللهَ وَافرَحُوا ، فَيَومُكُم هَذَا يَومُ فَرَحٍ بِطَاعَةِ اللهِ " قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ " وَ" لِلصَّائِمِ فَرحَتَانِ يَفرَحُهُمَا : إِذَا أَفطَرَ فَرِحَ بِفِطرِهِ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَومِهِ " يَفرَحُ بِفِطرِهِ لإِكمَالِهِ العِدَّةَ ، وَتَوفِيقِ اللهِ لَهُ لِلطَّاعَةِ ، وَلِشُعُورِهِ ثِقَةً بِاللهِ بِعَفوِهِ عَنهُ بَعدَ اجتِهَادِهِ في طَاعَتِهِ ، وَأَمَّا فَرَحُهُ عِندَ لِقَاءِ رَبِّهِ ، فَبِمَا يَجِدُهُ عِندَهُ تَعَالى مِن ثَوَابِ الصِّيَامِ مُدَّخَرًا مُوَفَّرًا ، وَقَد قَالَ سُبحانَهُ : " كُلُوا وَاشرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسلَفتُم في الأَيَّامِ الخَالِيَةِ " وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : " وَنُودُوا أَنْ تِلكُمُ الجَنَّةُ أُورِثتُمُوهَا بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ " وَفي الحَدِيثِ " كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضِعفٍ ، قَالَ اللهُ تَعَالى : إِلاَّ الصَّومَ فَإِنَّهُ لي وَأَنَا أَجزِي بِهِ " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، صُمتُم بِأَمرِ اللهِ لَكُم إِيمَانًا وَاحتِسَابًا ، وَقُمتُم طَمَعًا في الأَجرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا ، فَهَنِيئًا لَكُمُ التَّوفِيقُ لِلطَّاعَةِ ، وَهَنِيئًا لَكُم كُلُّ وَقتٍ تَفَرَّغتُم فِيهِ لِلتَّعَبُّدِ وَالتَّهَجُّدِ ، وَرَبُّكُم قَد وَعَدَكُم وَهُوَ لا يُخلِفُ المِيعَادَ فَقَالَ : " فَاستَجَابَ لَهُم رَبُّهُم أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنكُم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى بَعضُكُم مِن بَعضٍ " وَقَالَ تَعَالى : " وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم " وَقَالَ سُبحَانَهُ : " مَا عِندَكُم يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ . مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ " أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد دُعِيتُم إِلى الصِّيَامِ فَصُمتُم ، وَرُغِّبتُم في القِيَامِ فَقُمتُم ، وَعَمَرتُم شَهرَكُم بِالقُرآنِ وَالإِحسَانِ ، وَسَابَقتُم إِلى البَذلِ في كُلِّ مَيدَانٍ ، فَهَنِيئًا لَكُم ، اليَومَ تُفطِرونَ فَتَفرَحُونَ ، وَغَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ فَرحَتُكُم الكُبرى عِندَ لِقَاءِ رَبِّكُم ، وَإِنَّ ظُهُورَ المُجتَمَعِ بِصُورَةٍ مُشرِقَةٍ في شَهرِ رَمَضَانَ ، وَعِمَارَةَ أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ بِالصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَقِرَاءَةِ القُرآنِ وَالإِحسَانِ ، وَالكَفَّ فِيهِ عَنِ المَعَاصِي وَالآثَامِ وَالأَذَى وَالعُدوَانِ ، وَحِفظَ الأَلسُنِ وَالأَعيُنِ وَالآذَانِ ، إِنَّ هَذَا لَدَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ الخَيرِيَّةِ في هَذِهِ الأُمَّةِ ، وَقُوَّتِهَا وَقُربِ قُلُوبِهَا مِن رَبِّهَا ، وَأَنَّ رِيَاحَ التَّغيِيرِ وَإِنْ هَبَّت أَوِ اشتَدَّت ، لا تَزِيدُهَا إِلاَّ ثَبَاتًا وَرُسُوخًا ، وَإِقبَالاً عَلَى اللهِ وَطَمَعًا فِيمَا عِندَهُ ، وَحَتى وَإِنْ هِيَ تَلَوَّثَت بِشَيءٍ مِن غُبَارِ الذُّنُوبِ وَأَوضَارِ المَعَاصِي ، وَحَتى وَإِنْ هِيَ مَرَّت بِهَا سَحَائِبُ الفِتَنِ أَو أَمطَرَتهَا بِوَابِلٍ من مُلهِيَاتِهَا وَشَوَاغِلِهَا ، فَإِنّ ذَلِكَ سُرعَانَ مَا يَنجَلِي عَنهَا بِمُرُورِ مَوسِمٍ مِن مَوَاسِمِ الخَيرِ بها ، وَتَذكِيرِ صَالِحِيهَا وَوَعظِ وَاعِظِيهَا ، وَرُؤيَةِ المُتَأَخِّرِ مِنهَا لِلمُتَقَدِّمِ فَيَقتَدِيَ بِهِ ، وَتَشَبُّهِ المُقَصِّرِ بِالسَّابِقِ فَيَلحَقَ بِهِ " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقُوا إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُبصِرُونَ " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ، لَئِن تَهَذَّبَتِ النُّفُوسُ بِالصِّيَامِ وَالقِيَامِ ، وَزَكَتِ القُلُوبُ بِالقُرآنِ وَالعَطَاءِ وَالإِحسَانِ ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ يَتَزَاحُمُونَ عِندَ بَابِ الخُرُوجِ عَلَى فَكِّ القُيُودِ الَّتي سُلسِلُوا بها خِلالَ أَيَّامِ الشَّهرِ ، رَغبَةً في مَسحِ أَيِّ أَثَرٍ مِن خَيرٍ كَسِبَهُ المُسلِمُ ، وَحِرصًا عَلَى نُكُوصِهِ عَلَى عَقِبِهِ بَعدَ إِذْ هَدَاهُ اللهُ ، فَلْنَتَنَبَّهْ عِبَادَ اللهِ ، وَلْنَحذَرْ مِن أَن تَزِلَّ قَدَمٌ بَعدَ ثُبُوتِهَا ، وَلْنَصبِرْ وَلَنَثبُتْ ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ الرُّجُوعِ بَعدَ رَمَضَانَ إِلى ارتِضَاعِ ثَديِ الهَوَى مِن بَعدِ الفِطَامِ ؛ فَإِنَّ مَن تَرَكَ شَيئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيرًا مِنهُ وَ" إِن يَعلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمَّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ حَسَناتِكُم هِيَ زادُكُم ، وهِيَ ذُخرُكُم لِمَعادِكُم ، فَاحفَظُوهَا ولا تُضِيعُوهَا ، وَارعَوهَا وَلا تُبَدِّدُوهَا ، فَإِنَّ كُلَّ كَرِيمٍ مَمدُوحٌ ، إِلاَّ كَرِيمًا جَادَ بحَسَناتِهِ ، وَكُلَّ سَخِيٍّ مَحمُودٌ ، إِلا َّسَخِيًّا بَقُرُباتِهِ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " إنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتي مَن يَأتي يَومَ القِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأَتِي وَقَد شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعطَى هَذَا مِن حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِن حَسَناتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَت حَسنَاتُهُ قَبلَ أَن يُقضَى مَا عَلَيهِ أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيهِ ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ . اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَئِن كَانَتِ الوَصِيَّةُ بِالثَّبَاتِ بَعدَ رَمَضَانَ عَلَى مَا اكتَسَبَهُ المُؤمِنُ فِيهِ مِن الخَيرِ لازِمَةً ، فَإِنَّهَا في هَذَا الزَّمَانِ أَلزَمُ وَأَوجَبُ ؛ إِذْ هُوَ زَمَنُ القَبضِ عَلَى الَجمرِ ، وَالثَّبَاتُ فِيهِ مِن أَعظَمِ مَا يُضَاعَفُ بِهِ الأَجرُ ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " يَأتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِم عَلَى دِينِهِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمرِ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَاثبُتُوا ، وَاستَقِيمُوا عَلَى الصِّرَاطِ وَالزَمُوا جَادَّةَ الحَقِّ ، وَلا يَغُرَّنَّكُم مَن حَادَ أَو تَرَاجَعَ ، أَو جَزِعَ فَوَاقَعَ عَاجِلَ الشَّهَوَاتِ ، أَو زَاغَ وَضَلَّ إِذْ خَالَطَت قَلبَهُ فِتَنُ الشُّبُهَاتِ ، فَإِنَّ كُلَّ النَّاسِ في خُسرِ . إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

 

 

الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَأَطِيعُوهُ وَاحمَدُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَاستَغفِرُوهُ ، وَاذكُرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُم وَكَبِّرُوهُ ، اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، الرَّجُلُ والمرأَةُ في شَرِيعَةِ اللهِ كُلُّهُم مأَمُورُونَ مُكَلَّفُونَ ، وَبِعَامَّةِ أَحكَامِ الشَّرِيعَةِ مُخَاطَبُونَ ، وَمَن أَحسَنَ مِنهُم فَلَهُ مِنَ اللهِ وَعدٌ بِالثَّوَابِ ، وَمَن أَسَاءَ فَهوُ مُخَوَّفٌ بِأَلِيمِ العِقَابِ " فَاستَجَابَ لَهُم رَبُّهُم أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنكُم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى بَعضُكُم مِن بَعضٍ " وَإِنَّ طَرَائِقَ الأَهوَاءِ شَتَّى مُختَلِفَةٌ ، وَكُلُّهَا عُوجٌ مُتَعَرِّجَةٌ ، وَأَمَّا طَرِيقُ اللهِ فَهُوَ وَاحِدٌ مُستَقِيمٌ ، فَالزَمُوا طَرِيقَ اللهِ فَإِنَّ مَصِيرَنا إِلَيهِ ، وَلا تَغتَرُّوا بِمَن انحَرَفَ عَنهُ وَإِن كَانَ مَعَ النَّاسِ فَإِنَّما ذَاكَ وَبَالٌ عَلَيهِ ، قَالَ سُبحَانَهُ : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ " وَقَالَ جَلَّ وَعَلا : " وَإِنْ تُطِعْ أَكثَرَ مَن في الأَرضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ "  وَقَالَ تَعَالى : " وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِذَا عُدتُم مِن صَلاتِكُم بِفَضلِ اللهِ غَانِمِينَ ، وَرَجَعتُم إِلى بُيُوتِكُم سَالِمِينَ ، فَعُودُوا بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ ، وَارجِعُوا بِنُفُوسٍ طَيِّبَةٍ ، صِلُوا مَن قَطَعَكُم ، وَأَعطُوا مَن حَرَمَكُم ، وَأَحسِنُوا إِلى مَن أَسَاءَ إِلَيكُم ، وَتَذَكَّرُوا مَن نَسِيَكُم ، وَافعَلُوا الخَيرَ وَقَدِّمُوهُ ابتِغَاءَ وَجهِ رَبِّكُم ، فَالعِيدُ فُرصَةٌ عَظِيمَةٌ لِلتَّسَامُحِ وَالتَّصَافي ، وَنُقطَةٌ لِلعَودَةِ إِلى التَّآلُفِ وَالتَّآخِي ، فَعِيشُوا المَحَبَّةَ وَالصَّفَاءَ ، وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم وَاهنَؤُوا بِعِيدِكُم ، وَأَدُّوا إِلى النَّاسِ مَا تُحِبُّونَ أَن يُؤَدُّوهُ إِلَيكُم ، وَلا تُفَوِّتُوا فَرحَةَ العِيدِ أو تُمِيتُوهَا بِضِيقِ العَطَنِ وَالصُّدُورِ ، وَقِصَرِ النَّظَرِ وَعَدَمِ احتِسَابِ الأُجُورِ ، وَكُونُوا لِمَا عِندَ اللهِ أَعظَمَ رَجَاءً وَفِيمَا أَعَدَّهُ أَعظَمَ أَمَلاً " وَلْنَحمَدِ اللهَ الَّذِي جَمَعَ لَنَا في شَهرِ رَمَضَانَ بَينَ غَيثِ القُلُوبِ وَغَيثِ الدِّيَارِ بِنُزُولِ الأَمطَارِ ، وَلْنَشكُرْهُ تَعَالى عَلَى عُمُومُ الخِصبِ بَعدَ طُولِ الجَدْبِ ، وَكَمَا ابتُلِينَا بِالشِّدَّةِ فَصَبَرنَا ، فَلْنَعلَمْ أَنَّنَا الآنَ مُبتَلُونَ بِالرَّخَاءِ ، وَلْنُقَيِّدِ النِّعَمَ بِدَوَامِ الحَمدِ وَالشُّكرِ لِلمُنعِمِ سُبحَانَهُ ، بِلُزُومِ طَاعَتِهِ وَذِكرِهِ ، وَلْنَحذَرْ تَبدِيدَ النِّعَمِ وَالإِسرَافَ وَالتَّبذِيرَ ، وَلْنُحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَينَا . اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

عِبَادَ اللهِ ، قَدِ اجتَمَعَ لَكُم في يَومِكُم هَذَا عِيدَانِ ، عِيدُ الفِطرِ وَيَومُ الجُمُعَةِ ، وَقَد وَقَعَ ذَلِكَ في عَهدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " قَدِ اجتَمَعَ في يَومِكُم هَذَا عِيدَانِ ، فَمَن شَاءَ أَجزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ ، وإِنَّا مُجَمِّعُونَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَعَلَى هَذَا أَيُّها المُسلِمُونَ فَإِنَّهُ يَسُوغُ لِمَن حَضَرَ صَلاة العيدِ أَن يَترُكَ الجُمُعَةَ وَيُصَلِّيَ ظُهرًا في بَيتِهِ أَو مَعَ بَعضِ إِخوَانِهِ إِذَا كَانوُا قَد حَضَرُوا صَلاةَ العِيدِ ، وَإِن صَلَّى الجُمُعَةَ مَعَ النَّاسِ كَانَ هَذَا أَفضَلَ وأَكمَلَ .

وَأَخِيرًا أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، اِعلَمُوا وَتَذَكَّرُوا إِنَّ لِرَبِّكُم في دَهرِكُم نَفَحَاتِ وَفُرَصًا لأَعمَالٍ صَالِحَاتٍ ، وَأَنتُم تَوَدِّعُونَ صِيَامَ رَمَضَانَ الوَاجِبَ ، فَقَد شَرَعَ لَكُم نَبِيُّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ صِيَامَ سِتٍّ مِن شَوَّالٍ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي أَيُّوبَ الأَنصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَن صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ " اللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ ، اللهُ أَكبَرُ وَللهِ الحَمدُ .

المرفقات

1682017387_خطبة عيد الفطر 1444.docx

1682017392_خطبة عيد الفطر 1444.pdf

المشاهدات 1151 | التعليقات 0