خطبة عيد الفطر 1443ه - خطبة واحدة-
حسام الحجي
اللهُ أَكْبَرُ ما تَهَلَّلَتِ الأَيَّامُ بِمَباهِجِ الأَعيادِ، اللهُ أَكْبَرُ ما أَشْرَقَتْ شُمُوسُ الأَمْجَادِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا صَامَ الصَّائِمُونَ طَاعةً للهِ، اللهُ أَكْبَرُ ما أَفْطَرُوا وشَكَرُوا فَضْـلَهُ ونُعْمَاهُ، اللهُ أَكْبَرُ ما فَرِحَتْ نُفُوسُ المُؤْمِنِينَ بِالعِيدِ وَلُقياهُ.
أمَا بعدُ: فِي يَوْمِكُمْ هَذَا تُعْلَنُ النَّتَائِجُ وَتُوَزَّعُ الْجَوَائِزُ، الْيَوْمَ يَطِيرُ الصَّائِمُونَ فَرَحاً بِالْقَبُولِ وَالْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ، وَيَنْدَمُ الْكُسَالَى النَّائِمُونَ، وَالْعَابِثُونَ اللَّاعِبُونَ عَلَى تَضْيِيعِ مَا فَاتَهُمْ مِنَ الأَزْمَانِ، قَالَ ﷺ ( قَالَ اللهُ: لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لِقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ).
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَأَمَّا فَرَحَهُ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، فَفِيمَا يَجِدُهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ ثَوَابِ الصِّيَامِ مُدَّخَراً.
فَيَا أَيُّهَا الْمَقْبُولُونَ:هَنِيئًا لَكُمْ.
وَيَا أَيُّهَا الْمَرْدُودُونَ: جَبَرَ اللهُ مُصِيبَتَكُمْ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
فِي الْعِيدِ تَتَصَافَى الْقُلُوبُ، وَتَتَصَافَحُ الأَيْدِي، وَيَتَبَادَلُ الْجَمِيعُ التَّهَانِيَ، وَإِذَا كَانَ فِي الْقُلُوبِ رَوَاسِبُ خِصَامٍ أَوْ أَحْقَادٍ فَإِنَّهَا فِي الْعِيدِ تَتَلَاشَى وَتَزُولُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوُجُوهِ الْعُبُوسُ، فَإِنَّ الْعِيدَ يُدْخِلُ الْبَهْجَةَ إِلَى الأَرْوَاحِ وَالْبَسْمَةَ إِلَى الْوُجُوهِ وَالشِّفَاهِ.
الْعِيدُ فُرْصَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ لِيَتَطَهَّرَ مِنْ دَرَنِ الأَخْطَاءِ، فَلَا يَبْقَى فِي قَلْبِهِ إِلَّا بَيَاضُ الأُلْفَةِ وَنُورُ الإِيمَانِ، لِتُشْرِقَ الدُّنْيَا مِنْ حَوْلِهِ فِي اقْتِرَابٍ مِنْ إِخْوَانِهِ وَمُحِبِّيهِ، وَمَعَارِفِهِ وَأَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ، إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَقَدْ بَاعَدَتْ بَيْنَهُمَا الْخِلَافَاتُ، أَوْ قَعَدَتْ بِهِمَا الْحَزَازَاتُ، فَأَعْظَمُهُمَا أَجْرًا الْبَادِئُ أَخَاهُ بِالسَّلَامِ.
الْعِيدُ مُنَاسَبَةٌ طَيِّبَةٌ لِتَصْفِيَةِ الْقُلُوبِ، وَإِزَالَةِ الشَّوَائِبِ عَنِ النُّفُوسِ، وَتَنْقِيَةُ الْخَوَاطِرِ مِمَّا عَلِقَ بِهَا مِنْ بَغْضَاءَ أَوْ شَحْنَاءَ، فَلْنَغْتَنِمْ هَذِهِ الْفُرْصَةَ، وَلْتُجَدَّدِ الْمَحَبَّةُ، وَتَحُلَّ الْمَسَامَحَةُ وَالْعَفْوُ مَحَلَّ الْعَتْبِ وَالْهِجْرَانِ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ، مِنَ الأَقَارِبِ وَالأَصْدِقَاءِ وَالْجِيرَانِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: «وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزّاً».
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
نَحْنُ الْيَوْمَ بِأَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى اجْتِمَاعِ الصَّفِّ وَوَحْدَةِ الْكَلِمَةِ، وَالْوُقُوفِ مَعَ قِيَادَتِنَا ضِدَّ مَنْ يُهَدِّدُ دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَخَيْرَنَا، نَحْنُ بِأَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى الْتِحَامٍ قَوِيٍّ، وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَالتَّعَاوُنِ الْمَطْلُوبِ فِي حِمَايَةِ الدِّينِ وَالْعَقِيدَةِ، وَأَمْنِ هَذَا الْبَلَدِ وَرَخَائِهِ، هَذَا الْبَلَدِ الَّذِي يَعِيشُ أَمْناً وَاسْتِقْرَارًا يَحْسُدُهُ الأَعْدَاءُ عَلَى نِعْمَتِهِ، وَلَنْ يَجِدُوا لِذَلِكَ سَبِيلاً بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ إِنْ نَحْنُ تَمَسَّكْنَا وَاجْتَمَعَتْ كَلِمَتُنَا.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
إِنَّ أَثْمَنَ مَا فِي الأُمَّةِ شَبَابُهَا، فَيَا شَبَابَ الإِسْلَامِ، تَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالِاغْتِرَارَ بِعُمْرِ الزُّهُورِ وَاكْتِمَالِ الْقُوَى.
يَا شَبَابَنا: أَنْتُمْ أَمَلُ الأُمَّةِ الْمُشْرِقُ، وَعُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلِ الْوَضَّاءِ، وَرِجَالُ الْغَدِ الْمُتَلَأْلِئِ، عَلَيْكُمْ بِالْقِيَامِ بِرِسَالَتِكُمْ، قُومُوا بِوَاجِبِكُمْ، وَاعْرِفُوا مَكَانَتَكُمْ، وَتَمَسَّكُوا بِدِينِكُمْ، وَتَلَاحَمُوا مَعَ عُلَمَائِكُمْ، وَاسْلُكُوا الْمَنْهَجَ الْوَسَطَ، فَلَا غُلُوَّ وَلَا جَفَاءَ، وَلَا إِفْرَاطَ وَلَا تَفْرِيطَ.
أَيُّهَا الآبَاءُ: اتَّقُوا اللهَ فِي أَوْلَادِكُمْ، كُونُوا قُدْوَةً لَهُمْ فِي الْخَيْرِ، نَشِّئُوهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالْفَضِيلَةِ وَالْهُدَى، وَالْبُعْدِ عَنِ الرَّذِيلَةِ وَالشَّرِّ وَالرَّدَى.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَدَّعْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، غَيْرَ أَنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تُوَدَّعُ وَلَا تُهْجَرُ، فَلِلَّهِ فِي دَهْرِكُمْ خَيْرَاتٌ وَبَرَكَاتٌ وَأَعْمَالٌ صَالِحَاتٌ، فَمَنْ عَمِلَ طَاعَةً مِنَ الطَّاعَاتِ وَفَرَغَ مِنْهَا، فَعَلَامَةُ قَبُولِهَا أَنْ يَصِلَهَا بِطَاعَةٍ أُخْرَى، وَعَلَامَةُ رَدِّهَا أَنْ يُعَقِبَ تِلْكَ الطَّاعَةَ بِمَعْصِيَةٍ، وَأَنْتُمْ تَسْتَقْبِلُونَ شَهْراً شَرَعَ النَّبِيُّ ﷺ لَكُمْ صِيَامَ سِتٍّ مِنْهُ، قالَ رَسُولَ اللهِ ﷺ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتّاً مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ).
وخَيْرِ مَا تَبْدَأُونَ بِهِ الْعِيدَ صِلَةُ أَرْحَامِكُمْ، وَخَاصَّةً الرَّحِمُ الْقَاطِعَةُ، فَوَصْلُهَا أَعْظَمُ، وَثَوَابُهَا أَجْزَلُ، وَلَا تَنْسَوُا الْمَسَاكِينَ وَالْيَتَامَى وَالأَرَامِلَ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ فَذَلِكَ عَمَلٌ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ، وَثَوَابُهُ جَزِيلٌ وَعَمِيمٌ .
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
أَعْيَادَكُمْ مُبَارَكَةً، وَأَسْعَدَ اللهُ أَيَّامَكُمْ بِالْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ وَأَعَادَكُمْ عَلَى أَمْثَالِهِ وَأَنْتُمْ فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ وَإِيمَانٍ، وَسَخَاءٍ وَرَخَاءٍ وَعِزَّةٍ وَازْدِهَارٍ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.